اقتصاد دولي

أسعار الفائدة والضوابط تهددان أكبر نشاط تمويل غير مصرفي في مصر!

فرضت قرارات البنك المركزي المصري بزيادة أسعار الفائدة بنحو 8% خلال الربع الأول من العام الحالي، بجانب ضوابطه الجديدة التي تلزم البنوك بحدود تمويلية لشركات التأجير التمويلي، قيودا على أكبر نشاط تمويل غير مصرفي في مصر، وهددت فرصه في تحقيق معدلات نمو قياسية جديدة خلال العام الحالي.

شهد الطلب على عقود التأجير التمويلي تراجعا ملحوظا مؤخراً، نتيجة لارتفاع تكلفة التمويل من ناحية، وضوابط البنك المركزي من ناحية أخرى، والتي قلصت من المعروض التمويلي المتاح للنشاط، بحسب متعاملين في القطاع تحدثوا مع “العربية Business”.

التأجير التمويلي هو عقد اتفاق بين المؤجر والمستأجر، يمنح الحق للأخير في استخدام أصل معين مملوك للمؤجر خلال فترة محددة، ومقابل هذا الحق يوافق المستأجر على دفع أقساط دورية للمؤجر، وفي نهاية مدة العقد يحق للمستأجر أن يتملك الأصل المؤجر بقيمة متبقية (في أغلب الأحيان تكون وحدة واحدة من العملة).

كان التأجير التمويلي واحداً من أسرع الأنشطة نمواً خلال السنوات العشر الماضية، حيث كان يحقق معدلات نمو سنوية تتجاوز 50%، بعد تنظيمه.

ويعد التأجير التمويلي ثاني أكبر نشاط تمويل غير مصرفي في مصر بعد إصدارات الأسهم، إذ بلغت قيمة العقود التمويلية التي تم إبرامها خلال عام 2023 نحو 117.5 مليار جنيه، مثلت نحو 13.2% من إجمالي التمويل غير المصرفي في البلاد، والذي بلغ 893.5 مليار جنيه خلال العام الماضي، بحسب تقديرات الهيئة العامة للرقابة المالية.

أزمة تمويل

من جانبه، قال رئيس شركة الأولى للتمويل العقاري، المالكة لشركة التعمير للتأجير التمويلي، أيمن عبد الحميد، إن قطاع التأجير التمويلي يواجه حاليا تحديات عدة في الحصول على التمويل اللازم، في ظل ارتفاع تكلفة الائتمان وقواعد البنك المركزي الجديدة بتحديد شريحة من الائتمان البنكي لتمويل شركات التأجير التمويلي شاملة حجم الاستثمار في عمليات التوريق، بجانب أزمة التدفقات الأجنبية التي حدت من تنفيذ عقود لبعض الأنشطة.

وأضاف عبد الحميد لـ “العربية Business” أن الفترة الحالية تشهد إعادة ترتيب كل من البنوك والشركات لخططها التمويلية في ضوء السيولة المتاحة للنشاط، لذا؛ فإن عقود التأجير التمويلي الجديدة لشركته التابعة تشهد حالة من الركود.

وفي نهاية فبراير الماضي، حدد البنك المركزي المصري سقفا لتمويل البنوك لشركات التأجير التمويلي، بألا يتجاوز إجمالي التسهيلات الائتمانية المباشرة وغير المباشرة والاستثمارات في محافظ التوريق لشركات التأجير التمويلي نسبة 5% من إجمالي محفظة القروض والتسهيلات الائتمانية للبنك، وبشرط ألا يتجاوز 1% للشركة الواحدة.

وقال البنك المركزي المصري عند إصدار تعليماته الجديدة، إن الضوابط تستهدف إحكام الرقابة على التمويل المقدم لشركات التأجير التمويلي والحد من المخاطر المصاحبة له.

خطط حذرة لتمويل العملاء

دفعت ضوابط البنك المركزي المصري الجديدة، شركات التأجير التمويلي العاملة في البلاد لتبني خطط توسعية حذرة، تستهدف خلق حالة توازن بين ارتفاع المخاطر بسبب الاضطرابات الاقتصادية الحالية وارتفاع معدلات التضخم، وبين معدلات النمو المستهدفة لنشاط الشركات، وفقا لرؤساء شركات تأجير تمويلي تحدثت معهم “العربية Business”.

بدوره، قال رئيس شركة “بي أم” للتأجير التمويلي، التابعة لبنك مصر، هشام شتا، إن جميع أنشطة التسليف التي تعتمد على البنوك في توفير التمويلات اللازمة تتوقف تكلفتها على الأوضاع الاقتصادية، لذا؛ فإن أي ارتفاع في تكلفة الإقراض أو خفض للفائدة البنكية، ينعكس بالتبعية على تكلفة الاقتراض بهذه الشركات.

وأوضح شتا أن أغلب عقود التأجير التمويلي تكون متوسطة الأجل، أي بفترات تمويل تتراوح بين 3 و5 سنوات، وهو ما يستلزم من الشركات إجراء دراسات دقيقة وفقا لتوقعات مؤشرات الاقتصاد، قبل اتخاذ القرارات التمويلية.

“أصبحنا كشركة أكثر تحوطا عند إبرام عقود تأجير تمويلي جديدة بمختلف القطاعات تفاديا للمخاطر المحتملة” وفقا لرئيس الشركة.

من جانبها، قالت مسؤولة في إحدى شركات التأجير التمويلي، فضلت عدم ذكر اسمها، إن الطلب على عمليات التأجير التمويلي تراجع بشكل ملحوظ الفترة الحالية، مقارنة بالفترات السابقة، نتيجة لارتفاع تكلفة التمويل من ناحية، وقواعد البنك المركزي من ناحية أخرى، والتي قلصت من المعروض التمويلي المتاح للنشاط.

نقود مصرية - (آيستوك)
نقود مصرية – (آيستوك)

وأوضحت أن قواعد التمويل البنكية التي قلصت الشريحة التمويلية المتاحة لنشاط التأجير التمويلي أو الاستثمار في عمليات التوريق الخاصة بشركاته رفعت التكلفة بشكل أكبر، وخاصة على الشركات غير التابعة لبنوك.

“نتوقع انكماشا في نمو محافظ التأجير التمويلي خلال الفترة المقبلة، وتأثر بعض القطاعات الاقتصادية التي تعتمد على عمليات التأجير التمويلي في توفير السيولة والعمليات الاستثمارية الخاصة بها”، بحسب المسؤولة.

وترى المسؤولة أن البحث عن آليات تمويل مختلفة أقل تكلفة هو سبيل الشركات للتوسع في النشاط، كالإقدام على عمليات زيادة في رؤوس الأموال أو البحث عن قنوات تمويل دولية، خاصة بعد تحسن النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى