اقتصاد دولي

الضرائب سلاح أميركا لاصطياد مستثمري العملات المشفرة

تكثف الحكومة الأميركية من خطواتها لإخضاع مستثمري العملات المشفرة للقوانين الضريبية، بعد ما يقرب من 15 عاماً منذ بدء تداول الـ”بيتكوين”.

واقترحت وزارة الخزانة قواعد جديدة أول من أمس الجمعة مستهدفة عنصرين أساسيين، الأول هو أن تسد ثغرة التهرب الضريبي أمام مستثمري العملات المشفرة منذ أكثر من 15 عام عند بيع أصولهم الرقمية، أما العنصر الثاني يتعلق بتبسيط الفوضى الضريبية المعقدة للأشخاص الذين يحاولون اتباع القانون.

ومع تنفيذ المقترحات الجديدة بالكامل، سيتعامل المستثمرون عند تبادل العملات المشفرة مثل “كوين بيز” مع دائرة الإيرادات الداخلية بطريقة مشابهة للوسطاء الذين يتعاملون مع محافظ أسهم المستثمرين وصناديق الاستثمار المشتركة، على أن ترسل بورصات العملات المشفرة تقارير سنوية في النموذج 1099 إلى مصلحة الضرائب الأميركية وإلى دافعي الضرائب موضحاً فيها إجمالي العائدات من المعاملات بداية من عام 2026 للسنة الضريبية 2025.

في وقت لاحق، سيتم الإبلاغ عن المبلغ الذي دفعه العملاء مقابل الأصول، والمعروف باسم “أساس الكلفة”، إذ تمثل مكاسب رأس المال الفرق بين سعر البيع وأساس الكلفة، بالتالي سيواجه المستثمرون ضرائب اتحادية تصل إلى 23.8 في المئة.

في غضون ذلك قالت جمعية “بلوكتشين” التي تتحدث نيابة عن العشرات من شركات العملات المشفرة بما في ذلك منصة التداول “كراكن”، إن “القواعد المقترحة يمكن أن تساعد تجار العملات المشفرة على الامتثال لقوانين الضرائب، إذا نفذت بشكل صحيح”، ولكن في الوقت نفسه أعربت عن قلقها من الصعوبة التي ستواجه بعض المنصات الرقمية عند الإبلاغ عن معلومات العملاء إلى مصلحة الضرائب.

الارتباك الضريبي للعملات المشفرة

منذ ظهورها قبل 15 عاماً تمثل العملات المشفرة تحدياً أمام مصلحة الضرائب ودافعي الضرائب، خصوصاً أن الحكومة لا تملك نافذة واضحة على استثمارات العملات المشفرة لدافعي الضرائب، إذ إن أسماءهم غير مرفقة بشكل مباشر، إضافة إلى أن مصلحة الضرائب الأميركية لا تحصل دائماً على تقارير من منصات التداول.

هذا التعتيم يمثل جزءاً من جاذبية العملات المشفرة لدى بعض المستثمرين، بينما تسبب ذلك بأزمة لآخرين، إذ إن تتبع العملات المشفرة التي تم شراؤها على منصات مختلفة ونقلها بين محافظ مختلفة إلى كوابيس ضريبية، حتى مع دفع ما عليهم من المستحقات.

إلى ذلك تبلغ بعض منصات التداول بالفعل عن عائدات مبيعات العملات المشفرة للعملاء إلى مصلحة الضرائب الأميركية، ولكن في حالة عدم معرفتهم بقيمة المبلغ الذي دفعه العميل لشراء عملة مشفرة، فيمكن أن يظهر أساس الكلفة على أنه (صفر دولار)، كما يقول محامو الضرائب والمحاسبون، في حين قد تنظر مصلحة الضرائب بعد ذلك إلى جميع عائدات المبيعات على أنها ربح، وترسل خطاباً شديد اللهجة يفيد بأن سجلاتها لا تتطابق مع ما أبلغ عنه دافع الضرائب، وتسعى إلى الحصول على أموال أكثر بكثير مما يعتقد الشخص أنه مستحق.

من جانبه قال الشريك في شركة “ريد سي بي إيه” روبرت توبي لصحيفة “وول ستريت جورنال”، إن “أحد عملائه في مدينة نيويورك تلقى ما يسمى بإشعار المطابقة الضريبية للعملات المشفرة العام الماضي”، مضيفاً “وفقاً للمطابقة بلغت أرباح العميل عن عام 2021 نحو 150 ألف دولار في حين لم يجن أي أموال من تداول العملات المشفرة”.

وقال توبي “تم حل المشكلة بعد نحو أربعة أشهر من الرسائل والمكالمات الهاتفية إلى مصلحة الضرائب الأميركية، وتجميع معاملات العملات المشفرة الخاصة بالعميل وتقديم نموذج ضريبي مصحح”.

الإبلاغ عن عائدات التشفير

تهدف القواعد الجديدة المقترحة إلى منع تكرار مثل هذه الحالات مع توفر مزيد من التقارير من خلال منصات التداول.

وتظهر الدراسات باستمرار أن الالتزام الضريبي يزداد عندما تكون لدى مصلحة الضرائب الأميركية معلومات مستقلة عن دخل دافعي الضرائب.

القواعد الجديدة ستطبق وفقاً لقانون عام2021 الذي يتطلب من الوسطاء الإبلاغ عن مبيعات العملات المشفرة إلى مصلحة الضرائب الأميركية.

وتشير التقديرات إلى تطبيق تلك القواعد بجدية التي ستدر نحو 28 مليار دولار على مدى عقد من الزمن.

وبموجب القواعد سيطلب من وسطاء العملات المشفرة مثل “كوين بيز” و”كراكين” تقديم تقارير حول إجمالي عائدات معاملات العملات المشفرة بداية من عام 2026، كما سيطلب منهم في العام التالي البدء في إعداد التقارير على أساس الكلفة، ولكن فقط للأصول المشتراة بداية من 2023، كما أن القواعد لا تغير ما هو خاضع للضريبة، بل فقط كيفية الإبلاغ عنه.

كما قد تتطلب القواعد من البورصات نقل المعلومات على أساس الكلفة عندما يقوم العميل بتغيير الوسطاء، ولكن على المدى القريب، قد يكون هناك مزيد من المشكلات المرتبطة بتتبع تلك البيانات.

من جانبه قال الرئيس التنفيذي لشركة “كريبتو تاكس أوديت” المتخصصة في مساعدة مستثمري العملات المشفرة على حل مشكلاتهم الضريبية، كلينتون دونيلي “لقد ظهر مقدمو خدمات الطرف الثالث لمساعدة مستثمري العملات المشفرة على تتبع معاملاتهم وإعداد ضرائبهم، ولكن عند إضافة تلك المعاملات عل كلفتهم المالية، فإنهم غالباً ما يصدرون أرقاماً مختلفة تماماً”.

وقال دونيلي إن “أحد عملائه متداول يومي في بورتوريكو، قدر إجراء نحو 300 معاملة عملات مشفرة في عام 2021″، مستدركاً “لكن في السنة الضريبية نفسها، قدم 13 من مقدمي خدمات الطرف الثالث أعداداً مختلفة من المعاملات، تتراوح بين 170 إلى 26538، مع إجمالي مكاسب رأسمالية تتراوح بين 69449 دولاراً إلى 79835 دولاراً”.

وأضاف دونيلي “هناك كثير من الأشياء على طول الطريق التي تنقطع عندما تستخدم إحدى تلك الخدمات عبر الإنترنت، بالتالي هذه أزمة”.

قلق ممثلي صناعة العملات المشفرة

ويعني الجدول الزمني الطويل لتنفيذ القواعد الجديدة أن الحكومة ستتخلى عن بعض الإيرادات في عامي 2023 و2024 مع إتاحة الوقت للبورصات لبناء أنظمة الامتثال الضريبي المطلوبة.

وتنطبق القواعد المقترحة على الأصول الرقمية الأخرى مثل الرموز غير القابلة للاستبدال، كما ستنطبق كذلك على ما يسمى بـ”منصات التمويل اللامركزي” التي تستخدم البرمجيات لربط المشترين والبائعين للعملات المشفرة مباشرة بدلاً من توجيه طلباتهم من خلال بورصة مثل “كوين بيز”.

من جانبهم أعرب ممثلو صناعة العملات المشفرة عن قلقهم في شأن خطة وزارة الخزانة الأميركية لإخضاع منصات التمويل اللامركزي للقواعد، إذ قال رئيس صندوق التعليم اللامركزي، ميلر وايتهاوس ليفين الذي يدافع عن منصات التمويل مثل “يونيسواب”، إن “اقتراح مصلحة الضرائب الأميركية مربك، ومضلل”، مضيفاً أنها “تحاول تطبيق أطر تنظيمية مبنية على وجود وسطاء لا وجود لهم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى