أخبار عاجلةاقتصاد دولي

هل العالم مقبل على حروب تجارية في 2022؟

حذر رئيس الضرائب المنتهية ولايته في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، والذي كان العقل المدبر للإصلاحات الأكثر جذرية لضرائب الشركات منذ ما يقرب من قرن من الزمان، من أن الولايات المتحدة وأوروبا تخاطران بإحياء الحروب التجارية وتواجهان خسائر تقدر بمئات المليارات من الدولارات إذا أخفقتا في تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه العام الماضي.
ودعمت نحو 136 دولة اتفاقاً ذا شقين يهدف إلى معالجة الغضب العام من عدم قيام الشركات متعددة الجنسيات بدفع نصيبها العادل من الضرائب، لكن التقدم في كلتا ركيزتي الإصلاحات توقف على رغم حسابات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تظهر أن الحكومات يمكن أن تجمع أكثر من 150 مليار دولار كضرائب إضافية سنوياً من أكبر الشركات في العالم.
وقال باسكال سانت أمانز الذي كان رئيس قسم الضرائب في المنظمة التي تتخذ من باريس مقراً لها على مدى العقد الماضي نقلاً عن «فايننشال تايمز»، «أرى بعض المخاطر الجسيمة للتدابير الأحادية، بالتالي العقوبات التجارية، في وقت تتعهد فيه الدول الحليفة سياقاً سياسياً صعباً قد لا يرغب في إشعال حروب تجارية بسبب قضية ضريبية». ومن غير المرجح أن يحقق أحد الإجراءات، الذي يسعى إلى إجبار أكبر 100 شركة متعددة الجنسيات في العالم على إعلان الأرباح ودفع مزيد من الضرائب في البلدان التي يمارسون فيها أعمالهم، دعماً كافياً في مجلس الشيوخ الأميركي ليتم تنفيذه قبل الموعد النهائي الذي تفرضه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في منتصف عام 2023.
المخاطرة الأميركية وعملاق التكنولوجيا
ومع ذلك، قال سانت أمانز إن الولايات المتحدة ستسجل في النهاية، أو أنها تخاطر بإعادة عمالقة التكنولوجيا العملاقة لديها إلى سيناريو يواجهون فيه شبكة ضرائب منفصلة على الخدمات الرقمية من بلدان متعددة.
واضاف، «البديل سيئ للغاية»، مضيفاً أنه يتوقع أن تمتد مثل هذه الضرائب إلى ما وراء شركات التكنولوجيا الكبرى إلى الشركات متعددة الجنسيات في قطاعات أخرى مثل صناعة الأدوية.
وكانت الولايات المتحدة قد هددت في الماضي بفرض عقوبات على الدول الأوروبية التي فرضت ضرائب على الخدمات الرقمية. كما توقف الجزء الآخر من اتفاق العام الماضي، الذي يفرض حداً أدنى بنسبة 15 في المئة على معدلات ضرائب الشركات الفعالة التي تؤثر على جميع الشركات متعددة الجنسيات التي تزيد إيراداتها على 750 مليون يورو (745.6 مليار دولار). كما حاولت الولايات المتحدة تقديمه في وقت سابق من هذا العام، لكنها تجاهلت عناصر مهمة من القواعد، بينما واجهت بروكسل معارضة من الدول الأعضاء بولندا والمجر.
ويحاول الاتحاد الأوروبي إدخال الحد الأدنى من الإصلاح الضريبي في قانون الاتحاد الأوروبي، لكن هذا يتطلب موافقة بالإجماع من الدول الأعضاء وتواصل بودابست الاعتراض. وقال سانت أمانز إن الإجراء «احتجز كرهينة». وأضاف، «يبدو أن المجر تسعى إلى إطلاق بعض أموال الاتحاد الأوروبي التي أوقفتها مفوضية الاتحاد الأوروبي بسبب قضايا سيادة القانون».
ويتشكك عديد من المتخصصين في مجال الضرائب في أن الصفقة ستحولها إلى قوانين قانونية وطنية أخرى دون دعم من ولايات قضائية مهمة مثل الولايات المتحدة والاقتصادات الأوروبية الكبرى.
ويصر سانت أمانز على أن تنفيذ الاتفاقية «لم يفقد الزخم»، وأن العناصر ستبدأ في التشريع في أوروبا في غضون «شهرين». وأضاف لن يمنع رفض المجر الدول الأعضاء الأكبر في الكتلة من المضي قدماً في الخطة من خلال تقديم تشريعات وطنية خاصة بها.
وأشار إلى أنه إذا لم يكن هناك اتفاق ستتحرك الدول، قائلاً «سوف يتحركون من جانب واحد، لأنهم يستطيعون ذلك. هذا هو تقييمنا القانوني والسياسي»، منوهاً بأن ألمانيا لمحت في الأشهر الأخيرة إلى أنها مستعدة للقيام بذلك بمفردها إذا لزم الأمر. وجادل بأن المستثمرين سيدعمون قاعدة ضريبية أوسع، قائلاً إن الأسواق أرسلت إشارة واضحة بأن محاولة رئيسة الوزراء البريطانية السابقة ليز تراس لتحويل بريطانيا إلى «سنغافورة على نهر التيمز» منخفضة الضرائب «لم تكن الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله».
وجاء الاتفاق بعد سنوات من المفاوضات المضنية بقيادة سانت أمانز التي غادر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الاثنين.
في حين ادعى منتقدون مثل مجموعة ضغط شبكة العدالة الضريبية أن القواعد الضريبية الدنيا تميز ضد البلدان ذات الدخل المنخفض، والتي لديها عدد قليل من الشركات متعددة الجنسيات الكبرى التي يوجد مقرها هناك.
وجادل سانت أمانز بعكس ذلك، قائلاً إن الحد الأدنى للضريبة سيولد «إيرادات كبيرة جداً» للبلدان النامية لأنه سيجبرها على وضع حد للحوافز الضريبية المنخفضة «المهدرة» لإغراء الشركات بالتأسيس هناك. ويتمثل أحد الشواغل المركزية للشركات والإدارات الضريبية في أن القواعد معقدة للغاية في حين قدرت «أوديتور أي واي»، وهي مراجعة مستقلة للضوابط الداخلية وأنظمة إدارة الامتثال والمخاطر الأخرى، أن الشركة ستحتاج إلى الحصول على نحو 200 نقطة بيانات من الشركات التابعة حول العالم لمعرفة ما إذا كان هناك مزيد من الإيرادات المستحقة بموجب قواعد الحد الأدنى للضرائب العالمية، مشيرة إلى أن هذا سيحتاج إلى «قدر هائل من العمل»، وفقاً لقائد السياسة الضريبية للمجموعة كريس سانجر.
ويعمل مسؤولو منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حالياً على التوجيه الإداري لتبسيط عملية التنفيذ، لكنهم لم يقدموا تقديرات لمقدار الكلفة التي ستكلفها الشركات للاستعداد.
وكان سانت أمانز قد خطط في الأصل للمغادرة عندما تم التوصل إلى الاتفاق في الخريف الماضي، لكنه بقي لمساعدة الأمين العام الجديد ماتياس كورمان المعين في يونيو (حزيران) من العام الماضي على إطلاق أعمال التنفيذ.
وتعرض سان أمانز لانتقادات من تحالف الشفافية المالية، وهي شبكة من مجموعات الحملات بعد أن تبين أنه سينضم إلى المستشارين برونزويك. ونفى سانت أمانز، بحسب ما أوردته الصحيفة، وجود «باب دوار» بين منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والقطاع الخاص، قائلاً إنه لم ينضم إلى شركة ضرائب ولا يعمل نيابة عن العملاء مع صاحب العمل السابق. وتساءل «ما الواقع المعاكس؟ إنني أموت في وظيفتي ولا يمكنني فعل أي شيء آخر».
وتعد الصفقة هي الإصلاح الضريبي الأكثر جذرية منذ أن وضعت عصبة الأمم أول معاهدة نموذجية لها لمنع الازدواج الضريبي في عام 1928. وقد قدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية سابقاً أنها ستجلب 150 مليار دولار إضافية سنوياً من الضرائب من الشركات متعددة الجنسيات، لكنها ستنشر قريباً تحديثاً التقديرات التي قال عنها سانت أمانز أنها ستظهر «أرقاماً أكبر بكثير».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى