اقتصاد كويتي

كل الخطط لتنويع مصادر الدخل جاءت نتائجها صفر

اوضح التقرير ان الكويت بلد مالية عامة ومالية عامة غير مستدامة، تعتمد بشكل شبه كلي على بيع أصل ناضب واستبداله بنقد، ذلك النقد ساهم في تمويل نفقاتها العامة بمعدل 90% على مدى 60 عاماً، وكان تمويله للنفقات العامة بنسبة 87% للحقبة الأولى، وارتفع إلى 93% للحقبة الثانية ثم 88% للحقبة الثالثة، وانتهى بنسبة 90% للحقبة الرابعة.

ذلك يعني أن الهدف الثابت في كل خطط التنمية وبرامج الحكومة وهو تنويع مصادر الدخل، جاءت نتائجه صفر أو أدنى قليلاً، فقد اختارت الإدارة العامة للبلد مبدأ اقتسام ثروتها الناضبة بدلاً من تنميتها.

مبدأ اقتسام ثروة البلد هدفه خائب وهو شراء استقرار الكراسي، ولكن حتى هذا الهدف الخائب لم يشتر استقرار الحكومات المتعاقبة، ولنا في استقالتها الأسبوع الفائت مثال قريب لحكومة أنفقت 4 مليار دينار كويتي في شراء الولاءات، بينما استقراراها يضمنه الحصافة والإنجاز.

وحتى لو تغاضينا عن تبني سيناريو بات مؤكد حول ضعف مستقبلي لأسعار وإنتاج النفط، يتضح بالأرقام بأن سيناريو مكرر أو استنساخ للماضي لإدارة المالية العامة على خطورته الجسيمة، بات أمراً مستحيلاً.

وفي سيناريو مخفف سوف نعتمد اسقاط من التاريخ على المستقبل لنمو النفقات العامة بدءاً من معدل متواضع وهو 18.2 مليار دينار كويتي وهو معدل الإنفاق السنوي للسنوات الخمسة عشر الفائتة، وسوف نتبنى معدل لنمو تلك النفقات هو الأدنى في السيناريوهات التاريخية السابقة، أو زيادة بنحو 62% للسنوات الخمسة عشر القادمة، حينها سوف تحتاج الكويت إلى إيرادات نفطية بحدود 30 مليار دينار كويتي بحلول السنة المالية 2036/2037.

الأمر أكثر استحالة لو اعتمدنا نفقات الأساس بمستوى السنة المالية الحالية البالغة 23 مليار دينار كويتي، وفق هذا السيناريو، تحتاج الكويت إلى 37 مليار دينار كويتي لتغطية نفقاتها العامة بحلول السنة المالية 2036/2037، والأمر سوف يكون أسوأ لو اعتمدنا سيناريو أكثر احتمالاً للتحقق وأخذنا في الاعتبار الضغوط المؤكدة على أسعار وإنتاج النفط.

ذلك سوف يقود الكويت إلى خيارين، الخيار الأول هو السحب من احتياطي الأجيال القادمة، وهو خيار يعني تآكل يتسارع لأصله مع انحدار متصل لإيراداته، والخلاف يبقى حول وقت نضوبه كما حدث لسيولة الاحتياطي العام سابقاً، وليس حتميته.

الخيار الثاني هو دخول مصيدة الاقتراض من السوق العالمي، وبمرور الوقت يكبر بند أصل سداد القروض وفوائدها ضمن مكونات الإنفاق العام، والنماذج الفاشلة في العالم حولنا التي تبنت هذا السيناريو أكثر من أن تعد، ومعها تفقد البلد استقلاليتها واستقرارها.

السياسات المالية للكويت قادتها للأسف إلى حصاد لعنة مواردها بدلاً من نعمتها، واستمرار تلك السياسات على خرابها بات مستحيلاً، ومن أجل بعث الأمل في احتمالات الإصلاح، سوف نفترض أن السياسات المالية السابقة جاءت نتيجة سوء تقدير حكومي في معظمها وليس سوء نية.

وسوف نفترض أيضاً بأن توجهات الغالبية النيابية مصدرها نقص في الحقائق والمعلومات، أو ضعف ثقة في الحكومة وفيما تقدمه من بيانات، لذلك نتمنى الوصول إلى توافق جناحي الإدارة العامة على تسمية جهة أو جهات محايدة، ولتكن أجنبية، لا علاقة لها بحيثيات السياسة المحلية، ولتعمل لهما اسقاط رقمي مبسط على المستقبل لمعرفة كم هي التكاليف الباهظة التي سوف يدفعها غالبية الشعب حال اصطدام الكويت بحائط، فقرارهما اليوم هو الحد الفاصل ما بين ازدهار أو دمار البلد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى