مقالات اقتصادية

ظهرت في النفط ومؤسسات خليجية.. ما آثار أزمة انهيار البنوك

كتب أسامة صالح 

خسائر بمؤسسات مالية خليجية وتراجع أسعار النفط، نتيجة انهيار بنكين أمريكيين، تبدو ملامح لمستقبل مخيف لا سيما مع التأثير العالمي للاقتصاد الأمريكي الذي يعتبر الأقوى عالمياً.

والثلاثاء 14 مارس، هبطت أسعار النفط بأكثر من 4% إلى أدنى مستوى لها في 3 أشهر، بعد ما أثاره تقرير التضخم بالولايات المتحدة وانهيار بنكين أمريكيين في الآونة الأخيرة.
وهذا أدنى مستوى إغلاق لكلا الخامين القياسيين منذ التاسع من ديسمبر الماضي، وأكبر انخفاض بالنسبة المئوية في يوم واحد منذ أوائل يناير، وفق وكالة “رويترز”.

وفي اليوم التالي تراجعت أسعار النفط الخام لتسجل مستويات نهاية عام 2021، وسجلت أسعار العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت تسليم مايو تراجعاً بنسبة 5% أو 3.7 دولارات إلى 73.6 دولاراً للبرميل.
ودفع انهيار بنك “سيليكون فالي” ثم بنك “سيجنتشر” أسهم البنوك للهبوط؛ إذ شعر المستثمرون بالقلق بشأن السلامة المالية لبعض المصارف.

انهيار بنكين وأزمة لثالث
يعدّ بنك “سيليكون فالي” المصرف الأمريكي الـ16 من حيث حجم الأصول، التي تجاوزت 209 مليارات دولار في نهاية العام الماضي، فيما بلغ حجم ودائع البنك أكثر من 175 مليار دولار.

يشكّل إفلاس “سيليكون فالي”، الذي أعلن الجمعة (10 مارس 2023)، أكبر انهيار لمصرف في الولايات المتحدة منذ الأزمة المالية عام 2008.

ونشاط “سيليكون فالي” كان يرتكز على الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، ويستثمر الأموال التي يودعها أصحاب تلك الشركات في السندات الأمريكية طويلة الأجل.
الأحد (12 مارس 2023) وبعد يومين فقط من إغلاق بنك سيليكون فالي، أعلنت إدارة الخدمات المالية في ولاية نيويورك الأمريكية، استحواذها على بنك “سيجنيتشر”، ونقلت وصايته إلى المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع.

وبنك “سيجنيتشر” يعد أحد أكبر وجهتين في الولايات المتحدة لشركات العملات المشفرة، كان لديه نحو 88.59 مليار دولار من الودائع اعتباراً من 31 ديسمبر 2022، وقد استحوذت إدارة الخدمات المالية في نيويورك على البنك.

ويعتبر إغلاق أكبر بنكين للعملات الرقمية في غضون أيام قليلة؛ بمثابة انتكاسة كبيرة في النمو المستقبلي للأصول الرقمية، حيث اعتاد البنكان تشغيل أنظمة “blockchain” رائدة سمحت بالتحويلات التجارية الفورية داخل وخارج العملات المشفرة على مدار الساعة.

أما بنك “كريدي سويس”، فقد تراجعت أسهمه أكثر من 30 في المئة إلى مستوى قياسي جديد، الأربعاء 15 مارس، بعدما قال المساهم الرئيس فيه إنه لن يقدم مزيداً من المساعدة المالية للعملاق المصرفي السويسري المتعثر.

وتجلّت المصاعب التي عاناها البنك في نتائج العام بأكمله، إذ أعلن عن خسارة صافيةٍ قدرها 7.3 مليارات فرنك سويسري (7.9 مليارات دولار) لعام 2022.

وسحب عملاء “كريدي سويس” قدراً قياسياً من الأموال في الربع الرابع من العام الماضي، وسط تدهور الثقة في البنك، الذي اختتم أسوأ عام له منذ الأزمة المالية العالمية بخامس خسارة فصلية على التوالي.

أسواق النفط
ويقول احد الخبراء الاقتصاديين إن انخفاض النفط ليست له علاقة مباشرة بانهيار البنوك.
ويرى أن التأثير الأكبر سيكون يوم 22 مارس، حيث يعقد “الفيدرالي الأمريكي” جلسته التي سيبحث فيها زيادة الفائدة على الدولار.
وأضاف: “كان حديث رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أمام الكونغرس الأمريكي باستمرار التشدد في السياسة النقدية وبحدة أكبر؛ وهذا ما جعل الدولار يتحرك بشكل عام على الرغم من وجود ضغط على مستوى النفط، إضافة للحديث عن رفع إنتاج النفط في كثير من الدول” وأن “هذه المواضيع هي التي تكون مؤثرة أكثر على أسعار النفط”.

وهناك ضغط وتأثير على البورصات في العالم، وهناك تخوف لدى كثير من المودعين، خاصة لدى النظام المصرفي الأمريكي الذي يعتبر الأكثر ثقة، ومن ثم تكون الثقة المصرفية في العالم متضعضعة”.

ورأينا بمجرد الحديث عن بنك سيليكون فالي ارتفع البيتكوين بنحو 6 إلى 7%. واضحٌ أن البديل سيكون العملات الرقمية إذا استمر الوضع على ما هو عليه”.
ويوجد هناك 4 أو 5 بنوك جرى الحديث عن أزمة قد تمر بها، “وهذه الفترة ستكون صعبة قليلاً على المستثمرين بمعظم أدوات الاستثمار”.

تداعيات الانهيار
أبرز التداعيات التي تجلت حتى الآن، تمثلت في خسائر كبيرة لعديد من المصارف على مستوى قيمة أسهمها في البورصات العالمية، بآسيا وأوروبا.

ومن هذه البنوك “سوسيتيه جنرال” الفرنسي الذي خسر نحو 4.49% من قيمته في البورصة، فيما خسر البنك الألماني “دويتشه بنك” نحو 7.35% من قيمته في البورصة.
وفي بريطانيا خسر “باركيز بنك” 4.69%، إضافة إلى خسارة مصرف “يو بي إس” السويسري نحو 4.35% من قيمته في البورصة.

وخليجياً ألحقت الأزمة خسائر بثلاث مؤسسات مالية خليجية تعتبر ضمن أكبر المستثمرين في “كريدي سويس”، وهي: البنك الأهلي السعودي، ومجموعة العليان السعودية، وجهاز قطر للاستثمار.

وبحسب ما ذكرته وكالة “بلومبيرغ الشرق”، الأربعاء (15 مارس 2023) بلغت الخسائر السوقية غير المحققة للمؤسسات الثلاث ما يصل إلى 7.4 مليارات فرنك (8 مليارات دولار)، بالاعتماد على متوسط تكلفة شراء سهم البنك السويسري، وسعر إغلاق السهم يوم الأربعاء عند 1.69 فرنك.

البنوك الخليجية
بينما يرى أحد الخبراء الاقتصاديين أن انهيار البنوك الأمريكية له تأثير سلبي على البنوك وأسواق المال في العالم وليس فقط في الولايات المتحدة؛ وذلك لقوة الاقتصاد الأمريكي باعتباره أكبر اقتصاد في العالم، وأيضاً لكون النظام المصرفي للدولة من أكثر الأنظمة رقابة وانتشاراً وتعاملاً وانكشافاً على معظم دول العالم.

ومن ثم أن هذه الضغوط، على مستوى بنك مثل “سيليكون فالي”، بلا شك سيكون لها كثير من التداعيات على مستوى كثير من المستثمرين.
هناك أكثر من نوع من التأثر، بحسب عقل، مثل التأثر المباشر؛ وهو ما يتعلق ببعض البنوك والجهات الموجودة في بعض دول الخليج التي أعلنت أن لديها بعض التعاملات والانكشافات مع هذا البنك.

تلك العلاقة سيكون لها تأثير مباشر على أعمال هذه المؤسسات الخليجية، ولكن التأثير لن يكون بأرقام ضخمة لا تتحملها هذه المؤسسات المالية، بل العكس فالأرقام تؤكد أنها غير مؤثرة بشكل كبير”.

ويشير إلى أن بعض الشركات التي تعمل مع البنوك الأمريكية الخاسرة ستتأثر، ولكن يوجد عدد قليل من هذه الشركات التي تعمل في الخليج”.

ولقد رأينا مع سقوط بنك سيليكون فالي كيف كان هناك ضغط غير طبيعي على النظام المصرفي الأمريكي. ويوم الخميس الماضي (9 مارس الجاري)، كان هناك انخفاض يفوق الـ50% من القيمة السوقية لنحو 10 بنوك أمريكية، ورأينا بنوكاً في أوروبا وآسيا تنخفض بشكل واضح حتى في الأسواق الخليجية”.

وهذا ساهم بشكل أساسي، في ضغوطات غير مسبوقة على أسواق المال تركزت بانخفاضات قوية بدأت من وول ستريت وامتدت لمعظم أسواق العالم”.
وبالفكرة والمعطيات نفسها، فإن البنوك لديها استثمارات في شركات النفط وكثير من الأدوات الاستثمارية، وهذا التخوف من الإيداعات البنكية وعملية التخوف من البنوك، خاصةً البنوك الكبيرة مثل سيليكون فالي، سيؤثر بشكل مباشر على كثير من الشركات التكنولوجية المتوسطة والصغيرة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى