اقتصاد دولي

ما معدل الفائدة المطلوب لعودة المستثمرين الأجانب إلى مصر؟

كشف تقرير حديث، أن اتجاه البنك المركزي المصري نحو تثبيت أسعار الفائدة خلال الاجتماع الأول للجنة السياسة النقدية في العام الحالي قبل أيام، تسبب في صدمة للمستثمرين في الأسواق الناشئة، إذ كانوا يتوقعون قيام البنك المركزي بزيادة أسعار الفائدة تمهيداً لعودتهم إلى السوق المصرية.
ووفق محللي وكالة «بلومبيرغ»، فقد خالف البنك المركزي المصري التوقعات الأسبوع الماضي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في تحد لتوقعات المحللين الذين رجحوا زيادة لا تقل عن 100 نقطة أساس عقب التخفيض الأخير للجنيه المصري في يناير (كانون الثاني) الماضي. وقال البنك المركزي المصري في بيان للجنة السياسة النقدية، إنه يبقي أسعار الفائدة دون تغيير بينما ينتظر رؤية التأثير الكامل لزيادات في أسعار العائد 300 نقطة أساس في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قبل مواصلة تشديد السياسة النقدية.
وخلال الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، أقرت الإبقاء على أسعار الفائدة كما هي دون تغيير، وذلك في أول اجتماع للجنة السياسة النقدية خلال عام 2023، إذ ثبتت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 16.25 في المئة و17.25 في المئة، على الترتيب، في حين كانت أغلب التوقعات قبل اجتماع اللجنة، تشير إلى احتمالية رفع أسعار الفائدة بين واحد أو اثنين في المئة، في ظل تشديد السياسة النقدية على مستوى العالم، وضمن الإجراءات الهادفة لكبح جماح التضخم.
مكاسب الدولار تقفز لـ 92.89 في المئة:- في ما يتعلق بأزمة الدولار والجنيه المصري التي بدأت في مارس (آذار) من العام الماضي، سجل الدولار مكاسب مقابل الجنيه المصري بلغت نسبتها 92.89 في المئة بعدما قفز سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء من مستوى 15.77 جنيه إلى نحو 30.42 جنيه في الوقت الحالي. على صعيد تحركات البنك المركزي المصري في سوق الصرف، فقد كان أول تحرك خلال الاجتماع الاستثنائي الذي عقد في مارس الماضي، إذ تقرر زيادة سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري بنسبة 25.2 في المئة بعدما رفع سعر الصرف من مستوى 15.77 جنيه إلى نحو 19.64 جنيه.
وكان التحرك الثاني في الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، إذ تقرر رفع سعر صرف الدولار بنسبة 22.8 في المئة ليقفز سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء من مستوى 19.74 جنيه إلى نحو 24.25 جنيه وجاء التحرك الثالث في الأول من ديسمبر، حينما تقرر رفع سعر صرف الدولار بنسبة 12.2 في المئة ليزيد سعر صرف الورقة الأميركية إلى مستوى 27.20 جنيه. وفي الرابع من يناير الماضي، جاء التحرك الأكبر والأخير، إذ تقرر رفع سعر صرف الدولار بنسبة 11.8 في المئة ليرتفع الدولار الأميركي من مستوى 27.20 جنيه إلى نحو 30.42 جنيه في الوقت الحالي.
ارتفاعات متتالية بعائدات الدين المحلي:- وكشف التقرير، أن عائدات الدين المحلي ارتفعت بشكل حاد منذ تخفيض قيمة العملة في أوائل يناير الماضي، وأدى تراجع الطلب إلى ارتفاع العائد على أذون الخزانة لأجل عام واحد بأكثر من 400 نقطة أساس خلال الأسابيع الأربعة الماضية إلى مستوى قياسي بلغ 22.1 في المئة، وفي الوقت الحالي، يتجاوز منحنى العائد بالكامل 22 في المئة تقريباً، باستثناء أذون أجل 3ثلاثة أشهر، والسندات أجل 10 سنوات التي انخفض فيها العائد دون مستوى 22 في المئة. لكن في الوقت نفسه، فإن المعدلات الحقيقية تظل متدنية، إذ تظل العائدات منخفضة على أساس معدل حسب التضخم وفي ظل ارتفاع الأسعار المحلية، وقد بلغ معدل التضخم السنوي في المدن المصرية أعلى مستوى في خمس سنوات عند مستوى 26.5 في المئة خلال شهر يناير الماضي، وهو ما أدى إلى تقليص العائدات الحقيقية لمستثمري المحافظ.
الجنيه المصري يقاسي الأمرين… تراجع القيمة وخفض التصنيف:- وكانت بيانات البنك المركزي المصري كشفت أن الاستثمارات في محفظة الأوراق المالية في مصر، شهدت تخارج غير المقيمين لتسجل صافي تدفق إلى الخارج بلغ نحو 2.2 مليار دولار، وذلك بالتزامن مع السياسات النقدية الانكماشية التي ينتهجها البنك المركزي الأميركي والتي تؤدي بدورها إلى نزوح الأموال الساخنة من الأسواق الناشئة، لتسفر الفترة من يوليو (تموز) وحتى سبتمبر (أيلول) من العام الماضي عن فائض كلي في ميزان المدفوعات بلغ نحو 523.5 مليون دولار. وكشف «المركزي المصري»، عن ارتفاع العجز في ميزان داخل الاستثمار بمعدل 16.8 في المئة ليسجل نحو 4.5 مليار دولار مقابل نحو 3.9 مليار دولار، وهو ما جاء نتيجة ارتفاع مدفوعات الاستثمار بنحو 815.4 مليون دولار، لتسجل نحو 4.8 مليار دولار، مقارنة مع نحو أربعة مليارات دولار بسبب الأرباح المحققة للاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، والفوائد المدفوعة عن الدين الخارجي كما ارتفعت متحصلات دين الاستثمار بنحو 163.8 مليون دولار لتسجل نحو 275.8 مليون دولار، مقارنة مع نحو 112 مليون دولار، وذلك كنتيجة أساسية لارتفاع الفائدة على ودائع المقيمين لدى البنوك في الخارج.
المستثمرون ينتظرون أسعار فائدة أعلى:- لكن المستثمرين يريدون معدلات أعلى، إذ شعروا بخيبة أمل من قرار البنك المركزي بتثبيت أسعار الفائدة، حسبما قال إدوين غوتيريز رئيس قطاع الديون السيادية للأسواق الناشئة في شركة «أبردن» في لندن، وتابع «نعتقد أنه قرار خاطئ في السياسة النقدية، وبالتأكيد سيدفع بعض المستثمرين إلى إعادة التفكير».
في مذكرة بحثية حديثة، كشفت «كولومبيا ثريد نيدل إنفستمنتس»، أن «المفاجأة الحذرة لا يسعها إلا أن تثير الشكوك حيال التزام البنك السيطرة على التضخم، وهي مجرد سبب إضافي للمستثمرين لانتظار مزيد من الوضوح قبل العودة مجدداً إلى السوق المحلية».
وحتى الشهر الماضي فقط كان المستثمرون يتحدثون عن شراء السندات مجدداً، لكنهم يتحركون بحذر بعد تثبيت البنك المركزي المصري لأسعار الفائدة الأسبوع الماضي.
قرار التثبيت «ربما يكون قد أوقف الزخم الأخير لقرارات السياسة النقدية، التي بدأت في تهيئة الظروف بصورة مبدئية لتجارة فائدة جذابة على الجنيه»، وفقاً لما كتبه محللون استراتيجيون في بنك «غولدمان ساكس» في مذكرة بحثية حديثة.
في الوقت نفسه، يتوقع المحللون أن يتحرك البنك المركزي في الاجتماعات المقبلة استجابة لارتفاع التضخم، ويعتقد بنك أبو ظبي التجاري أن أسعار الفائدة سترتفع بمقدار 300 نقطة أساس أخرى خلال النصف الأول من العام الحالي. جاءت التعليقات بعد يوم واحد من خفض وكالة «موديز» التصنيف الائتماني لمصر من «B2» إلى «B3»، وهو أول خفض لتصنيف مصر الائتماني منذ 2013، محذرة من أن الانتقال إلى مصادر أكثر استدامة للتدفقات لن يحد من نقاط الضعف الخارجية للبلاد بين عشية وضحاها. وأضافت المذكرة البحثية «بينما قد يستقر الوضع، لا تتوقع موديز أن تنتعش السيولة في مصر ومراكزها الخارجية بسرعة». وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كانت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، قد أعلنت تخفيض نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري إلى سلبية بسبب ما وصفته بتزايد جوانب الضعف الخارجي، وقالت إن مزيداً من الضغوط قد تؤدي إلى خفض لتصنيف البلاد، والشهر الماضي، أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني لمصر عند «B» مع نظرة مستقبلية مستقرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى