مقالات اقتصادية

“اتفاقيات ضخمة”.. ما الذي تريده اليابان من الخليج..

كتب أسامة صالح

في تطور جديد على صعيد التعاون الاقتصادي بين اليابان ودول مجلس التعاون الخليجي ، وقعت الحكومة اليابانية مؤخراً حزمة من الاتفاقات مع المملكة العربية السعودية وسلطنة عٌمان تتعلق بعدد من القطاعات في مقدمتها الطاقة النظيفة.

وجاءت الاتفاقيات الجديدة خلال زيارة بدأها وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني نيشيمورا ياسوتوشي، مؤخراً، بهدف توطيد التعاون الاقتصادي تحديداً.

وكان ياسوتوتشي، قال في مؤتمر صحفي إن المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان مهمتان في مجال الطاقة، وإنه يسعى لتعزيز استقرار سوق النفط العالمية وتأمين إمدادات مستقرة من الغاز المسال.

وأضاف أنه “يعتزم أيضاً السعي للتعاون، في مثل مجالات الهيدروجين والأمونيا الجديدة”.

وتعتبر السعودية أكبر مورّدي النفط الخام إلى اليابان، لكونها تمدها بنحو 40% من وارداتها النفطية، وقد استقبلت طوكويو في 2020، أول شحنة أمونيا زرقاء في العالم، وكانت قادمة من الرياض بغرض استخدامها في إنتاج الكهرباء.

كما وقَّعت المؤسسة الوطنية اليابانية للنفط والغاز والمعادن، في أكتوبر 2022، مذكرة تعاون مع “أرامكو” السعودية، من أجل تطوير الهيدروجين والأمونيا.

وكانت شركة “إينيوس” اليابانية، وهي أكبر شركة تكرير في البلاد، أعلنت سابقاً أنها وقّعت مذكرة تفاهم مع “أرامكو” في مارس 2021، للنظر في تطوير سلسلة توريد الهيدروجين والأمونيا الخالية من ثاني أكسيد الكربون، مع تسريع الجهود لتطوير أعمال إنتاج الهيدروجين ونقله وبيعه.

اتفاقيات كبيرة مع المملكة العربية السعودية
خلال الزيارة التي استمرت يومين، عقد البلدان منتدى للطاقة وآخر للاستثمار ووقعا خلالهما أكثر من 15 اتفاقاً للتعاون في مجال الاقتصاد الدائري للكربون وإعادة تدويره، وأيضاً في مجال الهيدروجين النظيف والأمونيا ومشتقاتها.

كما وقعا 15 اتفاقية لتعزيز الاستثمار المتبادل بين البلدين، بحضور قرابة 400 مستثمر من الجانبين بينهم 150 مستثمراً يابانياً يمثلون كبرى الشركات الرائدة في طوكيو.

وتعتبر اليابان ثالث أكبر شريك تجاري للمملكة، حيث بلغ حجم التجارة الخارجية بين البلدين 38.4 مليار دولار في 2020.

وتشمل الواردات اليابانية إلى الرياض منتجات أهمها السيارات والأجهزة الكهربائية وقطع الغيار، فيما تعد المملكة أكبر مصدر للبترول لليابان.

واحتلت اليابان المرتبة الخامسة من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة، حيث بلغ عدد المشروعات 83 مشروعاً، تشمل البتروكيماويات والأدوية والأجهزة الكهربائية والمنسوجات والخدمات المالية وغيرها، بإجمالي تمويل يقدر 15 مليار دولار، وفق صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية.

اتفاقيات في سلطنة عُمان
كما وقع وقع الوزير الياباني مع سلطنة عمان، على تمديد “مذكرة تفاهم في مجال النفط الخام والغاز الطبيعي والطاقة النظيفة”.
كما وقعت الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال 3 اتفاقيات مع شركات يابانية لتوريد الغاز الطبيعي المسال، اعتباراً من عام 2025.

وكان مصدر حكومي ياباني قال لوكالة “رويترز” ذكر، إن شركتي “ميتسوي” و”إتوتشو” اليابانيتين للتجارة، وشركة “جيرا”، أكبر شركات توليد الكهرباء في اليابان، تعتزمان إبرام اتفاق أساسي مع الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال لتوريد الغاز عبر عقود طويلة الأمد.

وذكر المصدر أن شركات أخرى تتفاوض أيضاً مع الشركة العمانية من أجل عقود محدودة المدة، مضيفاً أن “مشتريات اليابان من الغاز الطبيعي المسال الياباني قد تصل إلى ثلاثة ملايين طن إذا نجحت المناقشات”.

واستوردت اليابان 1.9 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال من عمان في 2021، تمثل 2.6% من إجمالي وارداتها من الغاز الطبيعي المسال.

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة “Japan news”، فقد توصلت الشركات اليابانية الثلاث إلى اتفاق أساسي لشراء 2.35 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً من عمان لمدة 10 سنوات تقريباً اعتباراً من عام 2025.

وأضافت :تم تصميم الصفقة لتأمين مصدر مستقر للغاز الطبيعي المسال وسط مخاوف بشأن الإمدادات في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

ووفقاً للصحيفة “تُجري العديد من الشركات اليابانية الأخرى محادثات مع عمان بشأن إمدادات الغاز الطبيعي المسال. وإذا تم التوصل إلى اتفاق”.

ومن المتوقع أن يصل المبلغ الإجمالي لمشتريات الغاز الطبيعي المسال من قبل الشركات اليابانية من سلطنة عمان إلى 3 ملايين طن سنوياً، بحسب الصحيفة اليابانية.

وأبرزت وسائل الإعلام اليابانية تصريحات نيشيمورا أكد خلالها أن واردات الغاز الطبيعي المسال من سلطنة عمان “مفيدة لليابان إلى حد كبير من حيث استقرار الإمدادات”.

وكان نيشيمورا إن الغاز الطبيعي المسال العماني “يقع قبالة مضيق هرمز، مما يجعله أقل عرضة للتأثر بالعوامل الجيوسياسية”.

علاقة اقتصادية محورية
ويرى الخبراء الاقتصاديين أن “اليابان دولة محورية في العالم لأنها ثالث أقوى الاقتصادات رغم أنها تواجه منافسة كبيرة من الهند والصين وغيرهما” و أن “الاقتصاد هو محور العلاقات اليابانية الخليجية تاريخياً”.

وأن “اليابان تعتمد على الاستيراد في كل ما تستلزمه صناعاتها وفي مقدمة ذلك النفط والغاز، التي تستورد نحو 90% منه من دول الخليج، فيما تعتمد الأخيرة على الشركات اليابانية في العديد من الأنشطة الاقتصادية والواردات”.

ويعتقد بان “الحظر الاقتصادي الأمريكي على إيران زاد اعتماد اليابان على دول الخليج فيما يتعلق بإمدادات الطاقة أو إيجاد فرص عمل كبيرة لشركاتها، بينما ترى دول الخليج أن إيران ستمثل منافساً قوياً على الشركات اليابانية في حال تم رفع الحظر”.

وبالتالي، فإن “دول الخليج تخشى أن يؤدي التعاون الياباني الإيراني إلى تراجع اعتماد طوكيو على دول الخليج في أمور بينها النفط الذي تستورد حصة كبيرة منه من الخليج حالياً”.

ولتجاوز هذه المخاوف، تعمل دول الخليج على توثيق العلاقات مع اليابان وتوسيع مجالات التعاون لتجاوز مراحل التذبذب التي يشهدها التبادل التجاري بين البلدين من حين لآخر، كما يقول الخبراء الاقتصاديين .

ويعتقد بأن “الهدف الرئيسي من هذه التحركات هو توسيع التعاون في مجالات الطاقة النظيفة بقوة مع كل دول الخليج وخصوصاً السعودية التي تضع مشروعات ضخمة مثل “نيوم” على رأس أولوياتها”.

كما “إن دولاً مثل سلطنة عمان وقطر والإمارات العربية، هي الأخرى تمثل العديد من مقومات النجاح الاقتصادي في أكثر من مجال، وهو ما يجعل اليابان حريصة على حصة شركتها في هذه الدول التي تحترم المنتج الياباني جداً”.

وستشهد “السنوات المقبلة مزيداً من التعاون بين اليابان ودول مجلس التعاون الخليجي عموماً، خصوصاً في مجالات الطاقة والتكنولوجيا، ما لم تدخل إيران على الخط حال رفع العقوبات عنها”.

العلاقات اليابانية الخليجية
وترتبط دول مجلس التعاون الخليجي بعلاقات متينة مع اليابان بعضها يرجع لأكثر من 60 عاماً وأخرى وصلت لدرجة الشراكة الكاملة خاصة على الصعيد الاقتصادي والتجارة والاستثمارات المتبادلة.

وتُعتبر اليابان ثالث أكبر اقتصاد في العالم، وهي أيضاً ثالث أكبر اقتصاد صناعي بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين، إلا أنها تفتقر إلى الموارد الطبيعية اللازمة لتأمين استمرارية إنتاجها الصناعي والتكنولوجي.

كما إن اليابان هي أكبر مستورد في العالم للغاز الطبيعي المسال، وثالث أكبر مستورد للمنتجات النفطية والنفط الخام في العالم.

ووصل حجم الصادرات الخليجية إلى اليابان إلى أرقام قياسية، فارتفع من قرابة 55.8 مليار دولار في العام 2016 إلى 91.7 مليار دولار في العام 2018، قبل أن يعود للانخفاض مجدداً، في العام 2020، إلى نحو 54 مليار دولار بسبب تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي بشكل عام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى