اقتصاد دولي

الاسترليني يعاني أكبر هبوط أسبوعي منذ مطلع 2023

هبطت قيمة العملة البريطانية، الأسبوع الماضي، بقوة في أكبر هبوط أسبوعي بسعر صرف الجنيه الاسترليني منذ فبراير (شباط) الماضي، بعد صدور بيانات اقتصادية رسمية تشير إلى بدء تراجع الارتفاع في معدلات التضخم، بالتالي احتمال أن يرفع “بنك إنجلترا” (المركزي البريطاني) أسعار الفائدة بمعدلات أقل مما كان متوقع سابقاً.

وانخفض سعر صرف الجنيه الاسترليني خلال الأسبوع بنسبة اثنين في المئة تقريباً ليقترب من مستوى 1.28 دولار للجنيه الاسترليني، كما انخفض أيضاً أمام العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) ليصل إلى 1.15 يورو للجنيه.

كان سعر صرف الاسترليني ارتفع من قبل في الفترة الماضية إلى قرب 1.32 دولار للجنيه، ليصبح في تقدير المحللين في السوق أفضل العملات أداءً بين الدول الـ10 الكبرى، إلا أن ذلك تغير بقوة مع إعلان أرقام التضخم، الجمعة، وتعديل السواق تقديراتها لارتفاع أسعار الفائدة البريطانية.

مع ذلك، يظل سعر صرف الاسترليني أفضل مما كان عليه قبل عام تقريباً، حين انهارت قيمته ليقارب الدولار في سبتمبر (أيلول) 2022 حين تم تداوله عند 1.03 في المئة.

كان ذلك عقب إعلان رئيس الوزراء وقتها ليز تراس ميزانيتها التكميلية متضمنة تخفيضات ضريبية هائلة دون مصدر لتمويلها، والتي أدت إلى كارثة اقتصادية في بريطانيا وفقدان الأسواق ثقتها في الاقتصاد البريطاني.

عمليات بيع كبيرة

كان المستثمرون أقبلوا على شراء العملة البريطانية بكثافة، مما رفع سعر صرفها في الفترة الماضية مع توقعات بمواصلة “بنك إنجلترا” في رفع أسعار الفائدة بوتيرة أكبر وأسرع من بقية البنوك المركزية المماثلة مع استمرار معدلات التضخم مرتفعة، بالتالي قدرت الأسواق أن الفائدة على الاسترليني ستتجاوز نظيرتها على الدولار واليورو بفارق كبير.

على رغم ارتفاع سعر صرف الجنيه الاسترليني لفترة قصيرة بنهاية الأسبوع، الجمعة الماضي، بعد صدور أرقام مبيعات التجزئة في بريطانيا، والتي أظهرت زيادة واضحة في يونيو (حزيران) الماضي، فإنه مع إصدار مكتب الإحصاء الوطني أرقام مؤشر أسعار المستهلكين، الجمعة، شهد الجنيه الاسترليني عمليات بيع كبيرة ما هوى بقيمته.

وأظهرت الأرقام الرسمية البريطانية، الجمعة، تراجع معدلات التضخم إلى نسبة 7.9 في المئة في يونيو الماضي من نسبة 8.7 في المئة في مايو (أيار) السابق له، وجاء التراجع في معدلات التضخم أكبر من توقعات السوق، إذ قدر مسح لوكالة “رويترز” قبل صدور أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن ينخفض معدل التضخم إلى نسبة 8.2 في المئة.

على رغم أن معدلات التضخم تظل مرتفعة، وتقارب أربعة أضعاف المستهدف من قبل “بنك إنجلترا” عند نسبة اثنين في المئة، فإن التراجع الكبير الشهر الماضي ربما يعني أن التضخم في بريطانيا وصل إلى ذروته وأخذ في الانخفاض، بالتالي عدلت الأسواق توقعاتها لرفع “بنك إنجلترا” أسعار الفائدة فيما تبقى من هذا العام.

كانت توقعات الأسواق أن يواصل البنك المركزي رفع سعر الفائدة حتى سقف 6.75 في المئة، لكنها الآن تتوقع أن تكون ذروة أسعار الفائدة عند أقل من ستة في المئة، أي بزيادة أقل من نقط مئوية عن سعرها الحالي عند خمسة في المئة، مما أدى إلى عمليات البيع الكبيرة للجنيه الاسترليني، إذ إن الفائدة عليه قد لا ترتفع بقدر كبير كما كان متوقعاً قبل أسابيع.

دعم الجنيه

ونقلت وكالة “بلومبيرغ” عن مدير استراتيجية الاقتصاد الكلي العالمية بشركة “أوكسفورد إيكونوميكس” خافيير كورموميناس قوله “بلغ الاسترليني أعلى مستوياته. المفاجآت الاقتصادية التي دعمت الجنيه بدأ تأثيرها في الانحسار”.

أما مديرة استراتيجية أسعار الصرف لدى مصرف “رابو بنك” جين فولي فقالت إن “ما شهدناه منذ صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين في الأسبوع الجاري هو مجرد اختبار واقعي. لا أعتقد أن هناك سبباً لتوقع الأسواق عودة الاسترليني إلى ما كان عليه”.

وتتوقع الأسواق الآن ألا يستعيد الجنيه الاسترليني قيمته السابقة فيما تبقى من هذا العام، بل إن مدير أبحاث العملات في بنك “أتش أس بي سي” دومينيك بيرنينغ، توقع في مقابلة مع وكالة “رويترز” أن هبوط الاسترليني في الأسبوع الماضي “سيستمر لفترة”. وأضاف “ستجعل قراءات معدلات التضخم من الصعب على (بنك إنجلترا) الاستمرار في التشديد النقدي بقوة كما توقعت الأسواق في الآونة الأخيرة، بخاصة مع ما تشير إليه بيانات النشاط للشهر الماضي من ضعف في الاقتصاد”.

يبدو توجه السوق في بريطانيا إلى مزيد من الضغط على سعر صرف الاسترليني جلياً مع توقع بقية القطاعات أن تصل أسعار الفائدة في البلاد إلى ذروتها قريباً، وحتى لو استمرت أسعار الفائدة مرتفعة لفترة قبل أن يبدأ “بنك إنجلترا” في خفضها، فإنها في الغالب لن تتجاوز ستة في المئة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى