اقتصاد كويتي

الجمعية الاقتصادية توجه رسالة مفتوحة إلى مجلس الوزراء القادم..

في إطار الاحداث السياسية والاقتصادية المتلاحقة التي تمر بها البلاد منذ فترة ليست ببسيطة، وجهت الجمعية الاقتصادية الكويتية رسالة مفتوحة إلى مجلس الوزراء القادمة قالت فيها:

 

نكتب هذا البيان ونحن مدركون حالة الإحباط العام من اللامبالاة التي تسود المشهد السياسي حيث أطلقت الجمعية الاقتصادية الكويتية على مر الظروف المتعاقبة صرخات إلى عدم تعريض المال العام لتفويت أي منافع اقتصادية وكذلك إلى الذود عن المال العام لان لها حرمة وحمايتها واجب على كل مواطن.

فما نسعى له دوماً في بياناتنا المتعاقبة لهو “نهجُ وقيمُ وسعيٌ قديم لأبناء الكويت الأوفياء للمحافظة على ثروات الوطن وموارده، وآن الأوان لهذا النهج أن يورًّث لجميع أطياف المجتمع وعلى رأسهم جمعيات النفع العام كل وفق اختصاصه” كما وصفه المرحوم الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح – رحمه الله –

 

أولاً: الموازنة العامة للدولة 2023/2024

أصدرت وزارة المالية مسودة الموازنة الأولية للسنة المالية 2023/2024، والتي تقدر تسجيل عجز مالي للمرة الثانية على التوالي يبلغ 6.8 مليارات دينار (13% من الناتج المحلي الإجمالي)، نتيجة لارتفاع مخصصات النفقات البالغة 26.3 مليار دينار (+11.7% مقارنة بالموازنة السابقة) ووصول الإيرادات إلى 19.5 مليار دينار (-16.9% مقارنة بالموازنة السابقة). وعلى هذا انخفضت الإيرادات النفطية بنسبة %19.5 من 21.3 مليار دينار لتصبح 17.1 مليار دينار.

وعلى ذلك من المتوقع أن الموازنة تحقق فائضاً صغيراً جداً بنهاية المطاف، يصل الى نحو 600 مليون دينار (1% من الناتج المحلي الإجمالي) في حال ثبات أسعار النفط على الوضع الحالي (90 دولارا للبرميل مقابل 70 دولارا للبرميل)، ولكن على حسب المتغيرات ففي حال النزول عن 70 دولار فالعجز يصل لأكثر من 6 مليار. وعلى الرغم من أن الارتفاع المتوقع للنفقات الحكومية سيدعم الطلب على المدى القريب، إلا أنه يضيف أيضا إلى ضغوط الاستدامة المالية على المدى الطويل، خاصة في سياق استمرار الاعتماد المفرط على العائدات النفطية المتقلبة (88% من إجمالي الإيرادات).

ولا يمكننا الالتفات عن عامل مهم وهو أن من ركائز العيش الكريم هي التعليم والصحة والبنية التحتية بحيث مقارنةً بحجم الميزانية الغير مسبوق في مصاريفها فإن 122.4 مليون دينار فقط خصصت لتغطية تكاليف الأدوية في وزارة الصحة و35 مليون دينار للصرف على هندسة الطرق وصيانة الطرق السريعة ومقارنتها بإمور لا ينتفع بها عموم مكونات الشعب والمجتمع وهو بيع الاجازات، بحيث أن زيادة بقيمة 481.8 مليون دينار نتيجة قرار البدل النقدي لرصيد بيع الإجازات على بند المصروفات، وهذا يشكل ضعف مبلغ الأدوية وصيانة الطرق مجتمعين.

 

وما لا يمكن أن نلتقت عنه أيضاً وهو أن ارتفاع أسعار النفط اليوم من خلال الحرب الروسية – الأوكرانية غير مستدامة وبالنظر لآخر 5 سنوات فإن اختلالات الميزانية واضحة ولا يمكن إغفالها. وتشير تقارير ديوان المحاسبة وكذلك تقارير اقتصادية أخرى على ان هناك عدم جدية واضح من وزارات الدولة في الإسراع بتنفيذ المشاريع المدرجة ضمن خطة التنمية بميزانية الدولة وهذا يضخم العجز ويضعف وتيرة الانجاز. وكذلك الأخطاء الجسيمة من وزارات الدولة في تقدير مشاريعها (مثال وزارة الصحة) أخطأت بتقدير إيرادات الضمان الصحي للوافدين وتم تسجيله 110,000 د.ك وهي في الحقيقة 110,000,000 د.ك!

ومن الواضح عجز الحكومة في تحصيل إيراداتها من الشركات والافراد البالغة 2.2 مليار دينار، وكذلك من الشركات التي تماطل في دفع الضرائب منذ 2009! ولا يمكننا الالتفات عن عدم الجدية في الالتفات الى تحصيل الغرامات الجزائية على الشركات المتعثرة من تنفيذ المناقصات الحكومية.

ثانياً: المحافظة على الأموال العامة:

ما ينطبق على الأحداث التي تلت إستحواذ بيت التمويل الكويتي وبنك الأهلي المتحد هو أشبه بالكلمات المتقاطعة بحيث يعجز التفكير المنطقي عن حله. لا يخفى على أحد بأنه مَرّ بيت التمويل الكويتي على مدى أكثر من 44 عاما بمراحل مميزة في مسيرته الممتدة منذ بدأ العمل عام 1978، وهذا بفضل الرقابة الفاعلة للمال العام من الجهات الحكومية منذ التأسيس. لذلك تابعنا في الجمعية الاقتصادية الكويتية الرأي العام المُشكل مما حدث في الجمعية العمومية لبيت التمويل الكويتي وإستوقفتنا عدة نقاط لا يمكن تفويتها يجب أن تكون واجباً على وزيري المالية والعدل القادمين.

مسؤولية الجمعية الاقتصادية الكويتية هي دعم جميع الآراء المبنية على أسس اقتصاديه سليمة لمواضيع مطروحة على الساحة ونشر الوعي الاقتصادي السليم وتثقيف الشارع العام للمواضيع الاقتصادية والتي لها بالغ الأثر على عموم المساهمين بشكل عام وأهمهم وأولهم ومالا ندخر جهداً في الدفاع عنه هو المال العام. لذا من الواجب علينا أن نقول هذه النقاط الأساسية إستشعاراً لروح المسؤولية الوطنية..

 

  • صحيح أن هدف الدولة الرئيسي هو الرقابة الفاعلة على المال العام وليس إدارته، وصحيح أيضاً بأن هذه الرقابة تُحتم وجود تمثيل لنسبة المال العام المستثمر من الدولة. لذلك وجب علينا للمحافظة على المال العام وجود تمثيل حقيقي للنسب المعلنة بكامل هيئاتها، ولا يعني وجود جهة أو جهتين في مجلس الإدارة بأن كامل الجهات ممثلة، فلكل جهة منهم اهتماماته ولكل منهم كذلك رقابته الفاعلة. وفي هذا السياق ندعو مجلس الوزراء القادم على أن الموضوع لا يخص فقط التمثيل الحكومي في بيت التمويل الكويتي ولكن في كل الشركات المساهمة التي تملك فيها الدولة حصصاً في رؤوس أموالها. وهذا من باب الضمان لأموال الشعب ولنا جميعاً على عدم استخدام مسألة المراكز المالية للضغوط غير الاقتصادية، مما يجعل البعض تحت الرقابة الدائمة ويتم التغاضي عن البعض الآخر.
  • لا يخفي على أحد المتغيرات السريعة على الساحة الاقتصادية العالمية والتحديات الناتجة على الاقتصاد بشكل عام، ونشد على يد كل من يسعى لحماية المال العام عن طريق لجان تحقيق في مدى وجود ضرر على المال العام في أي جهة، ولكن الأصل في لجان التحقيق هو الحيادية ولا يجب للجنة تحقيق مشكلة لتدارس الضرر على المال العام في أي قضية كانت أن يكون فيها أعضاء – مع كامل الاحترام لشخوصهم الكريمة – لهم رأي معلن في القضية واجبة البحث ألا وهي الإندماج! وهذا بحد ذاته ينسف مبدأ الحيادية في أحد بنود التحقيق المهمة ولا يعطي للتقرير الذي سيصدر أي أهمية إعتبارية في هذا الجزء ألا وهو الاستحواذ، كون الحيادية مفقودة.

 

ختاماً، كان للجمعية وقفات عديدة وصرخات متتالية لعقلية الهدر التي تُدار فيها الأمور في البلد في العقدين الماضيين، فالهدر ليس بالضرورة أن يكون مالي ولكنه أيضاً يكون إداري. وبهذا الصدد تود الجمعية التذكير إلى بيانها الصادر بهذا الخصوص بتاريخ 13 أكتوبر 2017، والذي كان أساسه إبعاد الجرعة السياسية والخطاب السياسي عن الرأي الفني الاقتصادي وذلك تحقيقاً لمصلحة المال العام والمساهمين بصورة عادلة وقيمة مضافة للاقتصاد.

وختاما يجب علينا أن نتوقف عن سياسة تبديد ثروة هذا الوطن فهي ليست ملكية خاصة لأحد حتى يتغذى على ثروة البلد ومستقبل أجياله. وختاماً ندعو في الجمعية الاقتصادية الكويتية رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد النواف الصباح بأن يكون له موقف من هذا الاختلال بميزان الرقابة على المال العام الذي يجب أن لا يستمر.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى