اقتصاد دولي

الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية

كان العام 2022 من أصعب الفترات التي مر بها الاقتصاد العالمي، فبعد تداعيات الجائحة التي عصفت بالنمو العالمي على مدار العامين الماضيين، شهد 2022 بداية حرب في أوروبا وموجة أخرى من تفشي فيروس كوفيد-19 في الصين، الأمر الذي أثر سلباً على سلاسل التوريد وأدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار في كافة أنحاء العالم. وفي إطار المساعي الرامية لكبح التضخم، شرعت البنوك المركزية في كافة أنحاء العالم في تشديد السياسة النقدية ورفعت أسعار الفائدة إلى مستويات لم نشهدها منذ 15 عاماً. كما ارتفع الدولار الأمريكي مقابل معظم عملات الأسواق الناشئة الرئيسية الأخرى ووصل مؤشر الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوياته المسجلة في 20 عاماً.

 

الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية

بدأ أكبر صراع عسكري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية في 24 فبراير 2022 عندما زحفت القوات الروسية إلى الأراضي الأوكرانية في أعقاب إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدء “عمليات عسكرية خاصة” في أوكرانيا. ونتج عن هذا الصراع عواقب وخيمة امتد أثرها خارج حدود القارة الأوروبية. وحاولت الولايات المتحدة بالتعاون مع حلفائها الأوروبيين والعالميين إضعاف الاقتصاد الروسي من خلال فرض العقوبات وتقييد الأنشطة التجارية. ونتج عن ذلك انخفاض الصادرات الروسية من النفط والغاز، مما أدى إلى زيادة أسعار الطاقة وساهم في ارتفاع معدلات التضخم. بالإضافة إلى ذلك، تأثرت بشدة صادرات أوكرانيا من المنتجات الزراعية، والتي تعتبر بالغة الأهمية في أجزاء متعددة من العالم، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية. وترافق انقطاع سلسلة التوريد الناتج عن ذلك إلى جانب الاضطرابات المرتبطة بـتداعيات تفشي فيروس كوفيد-19 (خاصة بالنسبة للسلع القادمة من الصين) مع زيادة أسعار الشحن وتكاليف التأمين، مما أدى إلى تفاقم أزمة التضخم العالمي.

 

تداعيات الحرب تنعكس على أوروبا 

واجهت منطقة اليورو رياحا معاكسة عصفت بها بشدة وشعرت بالعبء الأكبر من تبعات الحرب الروسية الأوكرانية. وعلى الرغم من الاعتماد الكبير على الغاز الروسي وضع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلفاؤها حداً أقصى لسعر صادرات الطاقة الروسية. وقد أدت تلك الخطوة إلى زيادة الضغوط التضخمية وذلك نظراً لأن دول منطقة اليورو اضطرت لإيجاد مصادر أخرى للطاقة بتكلفة أكبر بكثير. بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية بشكل كبير مع انخفاض الصادرات الأوكرانية وارتفاع أسعار الأسمدة إلى مستويات قياسية. ونتيجة لذلك، وصل معدل التضخم في منطقة اليورو إلى 10.7% في أكتوبر 2022. وتمثلت استجابة البنك المركزي الأوروبي في رفع سعر الفائدة الرئيسي بوتيرة تراكمية بلغت 250 نقطة أساس منذ يوليو 2022، مما أدى إلى الخروج من سياسة أسعار الفائدة السلبية للمرة الأولى منذ العام 2014، ليصل سعر الفائدة إلى 2.50% في فبراير 2023.

 

المملكة المتحدة واضطراب القيادات السياسية

تعرضت المملكة المتحدة لعدد لا يحصى من المشاكل على مدار العام 2022، بما في ذلك أزمة الطاقة والركود الناجم عن التضخم وفوضى القيادات السياسية. وعلى خلفية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ووجدت المملكة المتحدة نفسها في مواجهة أزمة غاز وكهرباء أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم الذي بلغ ذروته عند مستوى 11.1% في أكتوبر 2022. ورفع بنك إنجلترا سعر الفائدة 10 مرات متتالية ليصل إلى 4.0% في فبراير 2023. وأدى ارتفاع معدلات التضخم ورفع سعر الفائدة في وضع الأسر في المملكة المتحدة في موقف صعب وسط تصاعد الضغوط على القوة الشرائية. ونتج عن ذلك انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% في الربع الثالث من العام 2022. من جهة أخرى، استمر نقص العمالة في أعقاب انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في المساهمة في زيادة الضغوط التضخمية مع استمرار صعوبات توظيف مرشحين اكفاء. في ذات الوقت، مرت الأسواق في المملكة المتحدة بعام سادت خلاله التقلبات المتزايدة. حيث أدت الفوضى السياسية الناجمة عن وفاة الملكة إليزابيث وتعيين ثلاثة رؤساء وزراء متتالين خلال فترة قصيرة لا تتجاوز بضعة أشهر إلى زيادة حالة عدم اليقين وإثارة الذعر بين صفوف المستثمرين. وأدت كارثة الميزانية المصغرة التي طرحتها رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس في شهر سبتمبر الماضي إلى تراجع معدلات الثقة في أسواق المملكة المتحدة، مما أدى إلى تداول الجنيه الاسترليني أمام الدولار الأمريكي عند أدنى مستوياته المسجلة وصولاً إلى 1.0384. وبعد التراجع عن تلك السياسات وتعيين ريشي سوناك في منصب رئيس الوزراء الجديد، ارتفع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي ووصلت تداولاته إلى حاجز 1.2300. وفي ظل توقعات حدوث الركود والضغوط التضخمية والحاجة إلى استعادة الثقة في السوق، سيتعين على قادة ومسؤولي البنك المركزي في المملكة المتحدة بذل المزيد من الجهد لتحقيق الغايات والأهداف الموضوعة.

 

استجابة الاحتياطي الفيدرالي

ارتفع معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياته المسجلة في 40 عاماً، وبلغ ذروته عند مستوى 9.1% في يونيو 2022. واضطر مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى اتخاذ تدابير قوية وذلك نظراً لأن رفع سعر الفائدة مبدئياً بمقدار 25 نقطة أساس و50 نقطة أساس في مارس ومايو لم تسفر عن أي نتائج في كبح التضخم. تبع ذلك تطبيق أربع زيادات متتالية في أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، وزيادة إضافية بمقدار 50 نقطة أساس في العام 2022، و25 نقطة أساس أخرى في العام 2023، مما أدى إلى وصول سعر الفائدة الفيدرالية إلى 4.75% في فبراير 2023. وارتفعت قيمة الدولار الأمريكي بنسبة 12% خلال العام، بينما بدأت سوق الأسهم في اتخاذ اتجاهاً سلبياً. وشهدت عائدات السندات نمواً ملحوظاً، إذ قفزت عائدات سندات الخزانة لأجل 10 سنوات من 1.6% إلى 3.9% في العام 2022. وعلى الرغم من المؤشرات المشجعة التي أكدت مؤخراً أن خطة مجلس الاحتياطي الفيدرالي تعمل بشكل جيد، إلا أن أوضاع سوق العمل ظلت مقيدة مع اقتراب معدل البطالة من أدنى مستوياته القياسية التي بلغت 3.5%. وأخيراً، أقرت الولايات المتحدة قانون خفض التضخم وقانون الرقائق والعلوم المعروف باسم (CHIPS). وتسبب الأول في إحداث حالة من التوتر مع حلفاء واشنطن في الاتحاد الأوروبي حيث تجذب الإعفاءات الضريبية والاعانات الموجهة للجهات المصنعة التي تتبني الطاقة النظيفة في مجال إنتاج السيارات الكهربائية وغيرها من المنتجات الصديقة للبيئة للعمل في الولايات المتحدة مقارنة بأماكن أخرى، في حين أدى القانون الآخر إلى زيادة إنتاج الرقائق داخل الولايات المتحدة وسط تصاعد التوترات بين الصين وتايوان.

 

الين يفقد مكانته كعملة ملاذ آمن

عانى الاقتصاد الياباني من اضطرابات شديدة في العام 2022، حيث وصل التضخم إلى أعلى مستوياته خلال عقد من الزمان، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث من العام، هذا إلى جانب سياسات البنك المركزي غير المتوقعة. وكان بنك اليابان أحد البنوك المركزية الوحيدة على مستوى العالم التي واصلت اتباع سياسة نقدية تيسيريه خلال فترة ارتفاع معدلات التضخم. إذ ارتفع معدل التضخم الأساسي إلى 4%، فيما يعد أعلى المستويات المسجلة في 40 عاماً. وفي ذات الوقت، انكمش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث من العام 2022 تحت وطأة ضغوط التضخم العالمية وتراجع الين الياباني. وفي وقت ما خلال أكتوبر 2022، وصلت تداولات زوج الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني في حدود 150.00. إلا أنه في ديسمبر، فاجأ بنك اليابان الأسواق بتعديل سياسة منحنى العائد ورفع سقف عائدات السندات لأجل 10 سنوات وسمح لها بالتداول 50 نقطة أساس أعلى أو أقل من مستوى 0% المستهدف. وعلى الرغم من تأكيد محافظ البنك المركزي هاروهيكو كورودا بأن التعديل لن ينتج عنه تغيير محوري للسياسة النقدية، إلا أن الأسواق بدأت في التكهن بأن بنك اليابان قد يضطر إلى تبني نظرة أكثر تشدداً تجاه سياساته. وانخفض الدولار الأمريكي إلى ما دون مستوى 130.00 ين بعد أن فشل البنك المركزي في السيطرة على المضاربات. وتعنى تلك التطورات أن العملة التي تفضلها الأسواق كملاذ الآمن منذ فترة طويلة بدأت تفقد وضعها في ظل وصول معدلات التضخم إلى مستويات قياسية، هذا إلى جانب الانكماش الاقتصادي الصادم، وسياسات البنك المركزي غير المؤكدة التي أدت إلى تعزيز أنشطة المضاربة وحالة عدم الاستقرار التي عاصرها المشاركين في السوق.

 

الصين وسياسات “صفر كوفيد”

عانى ثاني أكبر اقتصاد في العالم من تزايد حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19 وما نتج عن ذلك من عمليات إغلاق مقيدة للغاية. كما تبع ذلك صدور أحد أسوأ قراءات النمو، إذ نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3% مقارنة بالمستوى المستهدف والمحدد بنسبة 5.5%. كما أدت سياسة “صفر كوفيد” إلى تعرض سلسلة التوريد العالمية للمزيد من الاضطرابات، وتراجعت قيمة العقارات، وضعف الطلب الاستهلاكي، وتصاعدت وتيرة حرب الرقائق مع الولايات المتحدة. وطبقت إدارة الرئيس جو  بايدن المزيد من الإجراءات الصارمة وفرضت عدد من القيود الإضافية على الشركات الصينية التي تحصل على التكنولوجيا اللازمة لإنتاج أو شراء الرقائق من الولايات المتحدة أو حلفائها. إلا أن تدابير الإغلاق المقيدة وضعف الطلب على الطاقة ساهما في تخفيف الضغوط التضخمية العالمية في النصف الثاني من العام، وذلك نظراً لانخفاض طلب الصين على النفط مما أدى بدوره إلى تراجع أسعار الطاقة. وأخيراً، فإنه بالإضافة إلى إعادة ظهور التحديات على الساحة، سيراقب القادة في بكين الإحصاءات السكانية، إذ تقلص عدد سكان الصين لأول مرة منذ العام 1961 في إشارة على أن الأمور قد تكون أكثر سوءاً خلال الفترة القادمة.

 

نظرة على تداول العملات الأجنبية – عدم وضوح الرؤية مع زيادة التقلبات

تراجع أداء الدولار الأمريكي مع عدم وجود اتجاه واضح – اتجاه محايد إلى هبوطي إلى حد ما

شهد الدولار الأمريكي أداءً قوياً بوتيرة غير مسبوقة على مدار العشرة أشهر الأولى من العام 2022. إذ ارتفع بنسبة 19% مقابل سلة من العملات الرئيسية في ظل الحرب التي شنها الاحتياطي الفيدرالي ضد التضخم واتساع فروق أسعار الفائدة مقارنة بالعملات الرئيسية الأخرى. وعزز الدولار جاذبيته كعملة آمنة في ظل حالة عدم اليقين تجاه النمو العالمي الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، والفوضى السياسية في المملكة المتحدة، وتدابير الصين لاحتواء تفشي فيروس كوفيد-19. إلا أن الدولار بدأ يتخلى عن بعض مكاسبه بنهاية العام بعد تراجع الضغوط التضخمية وتصاعد النداءات التي تطالب مجلس الاحتياطي الفيدرالي باتباع سياسات أقل تشدداً. ومع تلاشي العوامل التي تعزز الوضع القوي للدولار، نتوقع أن يكون المسار متقلباً حتى نهاية العام 2023، وذلك في ظل قيام الاحتياطي الفيدرالي بإعادة ضبط سياساته النقدية، ومع قيام البنوك المركزية الأخرى باللحاق بركب دورات رفع أسعار الفائدة، مما يحد من ارتفاع عائد الدولار. وفي الوقت الذي يعتبر فيه تطبيق الاحتياطي الفيدرالي لسياسات الأقل تشدداً من أبرز العوامل الجوهرية التي تؤدي إلى انخفاض الدولار، إلا أنه يجب أن تكون البيئة الاقتصادية العالمية جذابة بما يكفي لسحب الأموال بعيداً عن الولايات المتحدة. وما يزال هذا الأمر يعتبر من التحديات، حيث تستمر التوقعات في الميل نحو الركود أو تسجيل الاقتصاد العالمي لمعدل نمو ضعيف. وبالتالي، نحتفظ بنظرة محايدة بشأن الدولار الأمريكي، مع إمكانية تراجعه قليلاً خلال الأشهر القليلة القادمة. إلا أنه على الرغم من ذلك، من المتوقع ايضاً زيادة حدة التقلبات على مدار العام.

 

اليورو – انتعاش متواضع – واتجاه صعودي محدود

بدأ اليورو تداولات العام الحالي بأداء أقوى وسط شتاء أكثر اعتدالاً ومخاطر ركود ضعيفة، إلى جانب تطبيق البنك المركزي الأوروبي لسياسات أكثر تشدداً. بالإضافة إلى ذلك، ساهم استقرار أسعار الغاز على خلفية تلاشي مخاوف نقص الإمدادات في تخفيف الضغوط على اليورو. ومن المتوقع أيضاً أن يساهم رفع الصين مؤخراً لتدابير احتواء فيروس كوفيد-19 في دعم العملة الموحدة. إلا أن العوامل الرئيسية التي دفعت زوج اليورو الدولار للانخفاض ما تزال قائمة إلى حد كبير. ويبدو أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي عازم على دفع أسعار الفائدة بالدولار الأمريكي لتخطى مستوى 5% لكبح التضخم، وقد ترتفع أسعار الطاقة وسط مخاطر إعادة تصعيد الوضع الروسي الأوكراني. إلا أنه على الرغم من ذلك، نتوقع أن يتأخر المركزي الأوروبي في رفع سعر الفائدة مقارنة بدورة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خلال العام الحالي، مما يوفر دعماً كافياً لليورو لينهي تداولات العام 2023 عند مستوى أعلى قليلاً. 

 

الجنيه الإسترليني – الأساسيات الضعيفة تؤدي إلى توقع بانخفاض الجنيه الإسترليني 

بعد التراجع الكبير الذي شهده الجنيه الإسترليني في سبتمبر تمكن من استعادة بعض مكاسبه مجدداً على خلفية اتباع خطة مالية تتسم بالمصداقية وضعف أداء الدولار. وتواجه المملكة المتحدة طريقاً صعباً، حيث تمر البلاد بفترة عصيبة، لكنها ضرورية، من الضبط المالي الذي يتضمن تقليص الإنفاق بوتيرة مرتفعة وتطبيق الزيادات الضريبية على نطاق واسع لاستعادة المصداقية والثقة. وقد يساهم ضعف الدولار في تعافي الجنيه الإسترليني، ولكن من المتوقع أن يؤدي ضعف العوامل الأساسية المحلية، مثل خطر الركود التضخمي وارتفاع أسعار المستهلكين وتداعيات انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي، إلى زيادة الضغوط على الجنيه الإسترليني في العام 2023.

 

الين الياباني – امكانية تغيير مسار السياسات – اتجاه تصاعدي

كان الاختلاف الصارخ في السياسة النقدية بين مجلس الاحتياطي الفيدرالي وبنك اليابان هو المحرك الرئيسي لارتفاع الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني خلال العام الماضي. وتفترض وجهات النظر أن حاكم بنك اليابان، هاروهيكو كورودا، سيواصل تطبيق سياساته التيسيريه. إلا أن فترة ولاية كورودا سوف تنتهي في 8 أبريل 2023 مما أدى إلى تكهنات بشأن خليفته وما إذا كانت سياسات المرشح الجديد اقل تيسيراً. وربما قد بدأ بنك اليابان في التحول إلى موقف أكثر تشدداً بعد أن سمح لعائدات السندات اليابانية لأجل 10 سنوات بالارتفاع إلى 0.5% مقابل 0.25% في وقت سابق. كما تشير التوقعات إلى أنه ربما نشهد مزيداً من الاسترخاء لسياسات التحكم في منحنى العائد خلال العام الحالي، بالتزامن مع المراجعات التصاعدية لتوقعات التضخم التي يصدرها البنك المركزي، مما يفسح المجال لتحقيق الين الياباني للمزيد من المكاسب في العام 2023.

 

الجنيه المصري – اتجاه هبوطي

تراجع الجنيه المصري بشكل كبير خلال العامين الماضيين، إذ أدت الجائحة والحرب الروسية الأوكرانية واضطرابات سلسلة التوريد إلى خفض تدفقات رأس المال الأجنبي ودفع التضخم للارتفاع. كما ساهم رفع البنوك المركزية العالمية الكبرى لسعر الفائدة في زيادة الضغوط التي يتعرض لها الجنيه المصري، حيث تحول ميزان المخاطر مقابل العوائد لصالح العملات الأخرى. وتم تحرير سعر صرف الجنيه المصري مرتين خلال العام الماضي بصفة رئيسية، فيما قد يعزى للتأهل للحصول على التمويل من صندوق النقد الدولي لسد فجوة التمويل الكبيرة. وبصفة عامة، يفرض برنامج صندوق النقد الدولي قيوداً على تدخل البنك المركزي في سوق العملات الأجنبية بهدف الوصول إلى التزام طويل الأجل بنظام فوري لتداول العملات الأجنبية. وسوف يؤدي انخفاض قيمة الجنيه المصري إلى استنفاد القوة الشرائية على المدى القصير، مما يزيد من تكلفة الواردات. إلا أنه على المدى الطويل، تهدف الإصلاحات المقترنة بضعف الجنيه المصري إلى دعم رأس المال الأجنبي وزيادة جاذبية الاستثمارات في البلاد. وتشير التقديرات إلى أن الجنيه المصري سيظل واقعاً تحت الضغوط على المدى القريب، وقد يصل إلى مستويات منخفضة جديدة، طالما ظل الطلب على العملات الأجنبية أعلى بكثير من العرض. وعلى هذا النحو، نرى تزايد فرص ضعف الجنيه المصري، إلا أنه سيكون من الصعب للغاية تقدير معدل التوازن النهائي في هذا الوقت.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى