اقتصاد دولي

«فوز أردوغان» يقلق المستثمرين ويهوي بالليرة التركية قبل جولة الإعادة

سجلت الليرة التركية مستوى قياسياً منخفضاً قبل جولة انتخابات رئاسية حاسمة، غداً الأحد، ويبدو أنها تفقد جاذبيتها بشكل متزايد بالنسبة إلى المستثمرين القلقين مما ستؤول إليه الأوضاع إذا بقي رجب طيب أردوغان على رأس السلطة.
أدت السياسات غير التقليدية التي دعا إليها الرئيس البالغ من العمر 69 عاماً بهدف تحقيق النمو، إلى هبوط قيمة الليرة بنسبة 80 في المئة على مدى السنوات الخمس الماضية وتكريس مشكلة التضخم وانهيار ثقة الأتراك في عملتهم.
ولعبت السلطات منذ أزمة 2021 المؤلمة دوراً عملياً متزايداً في أسواق الصرف الأجنبي لدرجة أن بعض خبراء الاقتصاد صاروا الآن يناقشون علناً ما إذا كان لا يزال من الممكن اعتبار أن الليرة قد جرى تعويمها بشكل حر.
لا شيء سوى التراجع:- وأصبحت تحركات الليرة اليومية صغيرة بشكل غير طبيعي وتتجه في الغالب إلى اتجاه واحد هو التراجع، وصارت شركات التصدير ملزمة الآن ببيع 40 في المئة من عائدات النقد الأجنبي للبنك المركزي، في حين أن خطة حماية الودائع المصرفية من تقلبات سعر الصرف، التي ساعدت في القضاء على اضطرابات عام 2021، لا تزال حائط دفاع حاسماً رغم احتمال أن يكون باهظ الكلفة. قال مدير ديون الأسواق الناشئة لدى «جي. أي. أم لإدارة الأصول» بول مكنامارا «الشيء الأساسي هو الإبقاء على (قيمة) الليرة بشكل مصطنع». ووضع المودعون نحو 33 مليار دولار في حسابات مصرفية محمية بموجب الخطة في الشهرين الماضيين ليصل المجموع إلى 121 مليار دولار، أي ما يقرب من ربع الودائع التركية بأكملها. وقال مكنامارا «بشكل أساسي، من المستحيل إيجاد حل سهل وجيد لكل ذلك».
خلافات وراء الستار:- قالت مصادر مطلعة بالحكومة تحدثت لـ»رويترز» في الأيام الماضية، إن خلافاً يدور حالياً حول التمسك بالاستراتيجية الاقتصادية الحالية التي تعطي الأولوية لأسعار الفائدة المنخفضة أو التحول إلى سياسات تقليدية بدرجة أكبر بعد الانتخابات. وحدت الإدارة الوثيقة لليرة من انخفاضها إلى ما يزيد قليلاً على اثنين في المئة منذ الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية قبل أسبوعين، لكن أشارت أسواق رئيسة أخرى إلى مخاوف قوية من أن أردوغان لن يغير مساره.
وارتفعت كلفة تأمين ديون تركيا ضد التخلف عن السداد 40 في المئة، وهبطت السندات الدولية بما تراوح بين 10 و15 في المئة، وسجلت مقاييس التقلبات الرئيسة في سوق العملات الأجنبية على مدى عام واحد مقبل أو يزيد مستويات قياسية مرتفعة. يقول الأستاذ بمعهد «ماساتشوستس للتكنولوجيا» دارون عاصم أوغلو، إن المشكلة تكمن في مزيج السياسات واحتياطات العملات الأجنبية والذهب المتضائلة، و»أنا مقتنع بأن ما لدينا الآن لا يمكن أن يستمر».
لماذا تفضل موسكو أردوغان على أوغلو؟:- وتساءل قائلاً «حسابات الليرة المحمية بالدولار، هل هي ذات صدقية؟»، مشيراً إلى كلفتها المحتملة على الحكومة في حالة حدوث أزمة كاملة وحقيقة أن أسعار الصرف الموازية تعرض الآن على نطاق واسع في الأسواق التركية بسبب الطلب على الدولار. سيناريو أزمة التسعينيات:- وأضاف «إننا نعود إلى التسعينيات»، في إشارة إلى مرحلة سبقت واحدة من أشد أزمات تركيا، التي بلغت ذروتها في هبوط حاد لقيمة العملة في عام 2001. تتجه الأنظار الآن إلى احتياطات العملات الأجنبية والليرة مع تجاوزها مستوى 20 مقابل الدولار، وهي أحدث محطة رئيسة في رحلة هبوطها الطويلة. وقال عاصم أوغلو، إن من الصعب التكهن بما إن كانت ستحدث أزمة أو توقيت حدوثها، ومن المتوقع أن يعزز الموسم السياحي القوي الاحتياطات مرة أخرى على المدى القصير، كما أن خزائن الدولة تلقت في الآونة الأخيرة تدفقات من دول خليجية «صديقة» وروسيا أيضاً. تراجع جديد لليرة:- وفي الفترة التي سبقت الانتخابات، توقع محللون لدى «جيه. بي مورغان» أن تنخفض الليرة إلى مستوى 30 مقابل الدولار من دون تحول واضح نحو سياسات تقليدية. ويفترض هؤلاء المحللون الآن أن أردوغان يضمن النصر، الأحد، وسيفي بوعوده في حملته الانتخابية بزيادة الدخل وإعادة بناء البلاد بعد زلزال فبراير (شباط).
ويشعر بعض المستثمرين بالقلق من أنه إذا تعافت السوق مرة أخرى، فقد تلجأ السلطات إلى مزيد من ضوابط رأس المال الصارمة، وهو أمر قالت الحكومة مراراً، إنها لا تدرسه بينما تسعى إلى سد فجوة التمويل الخارجي البالغة 230 مليار دولار أو 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. واعتمدت الحكومة على مدى سنوات على أسواق الإقراض بالليرة الدولية لدرجة أن بيانات بنك إنجلترا المركزي تظهر أن التداول في المراكز الرئيسة مثل لندن تقلص إلى أقل من 10 مليارات دولار في اليوم في المتوسط من 56 مليار دولار في عام 2018. وأدى الخلل المتزايد في سوق العملات إلى انحسار التفاؤل الذي جلب في السابق عديداً من الاستثمارات الأجنبية إلى تركيا. وعن ذروة ازدهار عمليات الاندماج والاستحواذ في القطاع المصرفي، قال عاصم أوغلو «لم يكن ينظر إلى تلك الأصول على أنها أصول رخيصة، بل كان ينظر إليها على أنها جواهر». ورداً على سؤال عن الوضع الذي يواجهه أردوغان الآن، على افتراض فوزه، قال «لا أرى بالضرورة مخرجاً سهلاً».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى