اقتصاد دولي

ماذا يعني قانون العلاقات الخارجية الجديد في الصين للشركات الأجنبية؟

تملك الجغرافيا السياسية تأثيراً أكبر من القوانين الجديدة، بالنسبة إلى الشركات الأجنبية في الصين، وفقاً للمحللين.

وكانت العلاقات قد تدهورت بين الولايات المتحدة والصين على مدى السنوات العديدة الماضية، بعد عقود من المشاركة المتزايدة، في حين لم يستأنف الحوار رفيع المستوى الذي يتجاوز المستوى الرئاسي إلا جزئياً هذا العام مع زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى بكين، ووزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين أخيراً.

وقال الشريك في” بيركينز كويي”، ومقرها بكين وواشنطن، مايكل هاوس لشبكة “سي أن بي سي”، “هذا يشكل خطراً على الأعمال التجارية الأميركية، فالبيئة الحالية تفسح المجال لمزيد من المناسبات إذ قد يختار منظم أو شخص ما في الحكومة في الصين اتخاذ إجراءات غير شفافة”.  وأضاف “وعندما لا تكون هناك فرصة حقيقية للحكومتين للتحدث عن سبب هذا الإجراء أو محاولة قراءته على المستوى الحكومي بشكل أفضل حول الدافع وراء هذه الأنواع من الإجراءات، يصبح ذلك ضاراً بالأعمال التجارية الأميركية”.

وأشار إلى أنه “عندما يتعلق الأمر بالصناعات فإن التكنولوجيا المتقدمة وعلاقاتها بالجيش تشكل مصدر قلق للولايات المتحدة والصين، بينما تتحمل القطاعات الأخرى أخطاراً أقل”.

القوانين الجديدة 

ويوسع قانون التجسس الجديد الذي أصدرته الصين أخيراً تعريف “أعمال التجسس” ليشمل “السعي إلى التوافق مع منظمة تجسس” ومحاولات الحصول بشكل غير قانوني على البيانات المتعلقة بالأمن القومي، وفقاً لترجمة باللغة الإنجليزية على موقع “تشاينا لو ترانزليت”، وهو موقع إلكتروني لتسهيل الاتصال بين المتخصصين القانونيين الصينيين والأجانب من خلال تقديم ترجمات مجانية للوثائق القانونية من وإلى الصين.

كما دعا القانون “جميع مستويات” الحكومة في الصين إلى تثقيف وإدارة الاحتياطات الأمنية ذات الصلة، وفقاً للترجمة.

وتشير ترجمة موقع “الويب” لقانون العلاقات الخارجية إلى أن المنظمات الأجنبية في الصين “يجب ألا تعرض الأمن القومي الصيني للخطر، أو تضر بالمصلحة العامة للمجتمع، أو تقوض النظام العام المجتمعي”.

ويعد الأمن القومي أولوية متزايدة للصين، إذ دخل قانونان جديدان، أحدهما في شأن التجسس والآخر في شأن العلاقات الخارجية، حيز التنفيذ في أول يوليو (تموز) الجاري، وهما يحتويان على عبارات شاملة مثل “أسرار الدولة” التي يمكن تفسيرها من قبل السلطات المحلية والمركزية.

ومما زاد من مخاوف أولئك الذين يفكرون في ممارسة الأعمال التجارية في الصين الأنباء في وقت سابق من هذا العام عن ثلاث غارات صينية على شركات استشارية دولية مع القليل من التفسير العام.

فمن الناحية القانونية البحتة، قال الزميل الأول في مركز “بول تساي” الصيني بكلية الحقوق بجامعة ييل، جيريمي داوم، إن التغييرات التشريعية نفسها لا تزيد من الأخطار على الشركات الأجنبية في الصين.

وأضاف داوم “إن مناخ العلاقات الدولية الحالي والضغوط السياسية المتنافسة قد يجعلان بعض الشركات تعيد تقييم تحليل الكلفة والعائد في قبول أخطار ممارسة الأعمال التجارية في الصين”.

مداهمة السلطات الصينية شركات أميركية 

وجاءت أنباء القوانين الصينية الجديدة في الوقت الذي تصدرت فيه تقارير التحقيقات الصينية في شأن الشركات الأجنبية عناوين الصحف العالمية في الفترة من مارس (آذار) إلى مايو (أيار) الماضيين.

داهمت السلطات الصينية مكتب شركة “مينتز غروب” والتي تساعد الشركات الأميركية في الصين في حل مشكلاتها، وزارت مكتب شركة الاستشارات الأميركية “باين أند كومباني” في شنغهاي، وحققت السلطات الصينية أيضاً مع شركة الاستشارات الدولية “كابفيجن بارتنرز”، وفقاً لـ”رويترز”.

وليس من الواضح إلى أي مدى كانت التحقيقات مكثفة، أو ما الذي دفع التحقيقات بالضبط على رغم الارتباط العام بالأمن القومي، في وقت لم تظهر أي تقارير أخرى عن مداهمات مماثلة لشركات أجنبية كبرى منذ ذلك الحين، لكن الغموض لا يزال يشكل مصدر قلق للشركات.

ويعتبر النهج الصيني للأمن القومي أكثر دفاعية ومحلية بينما تفاهمات الولايات المتحدة عالمية للغاية. وقال رئيس غرفة التجارة الأميركية في الصين مايكل هارت إنه تحدث عن مداهمات الشركات في اجتماعاته مع المسؤولين الصينيين.

وأضاف هارت “هذه واحدة من حالات انقطاع الاتصال التي نسمعها عادة، فطالما أنك لا تفعل أي شيء غير قانوني فلا داعي للقلق”. وأضاف “لكن من غير الواضح لنا ما فعلته هذه الشركات واعتبر أنه غير قانوني من وجهة النظر الصينية، ونحن نواصل الدعوة إلى مزيد من الشفافية”.

وكان بلينكن ويلين التقيا مع الشركات الأميركية في الصين خلال زيارتهما هذا العام.

في وقت تواجه الشركات أيضاً تدقيقاً متزايداً من جانب الولايات المتحدة، وكان وفد من لجنة مجلس النواب الأعمال التجارية الصينية ناقش ذلك في اجتماعه مع المديرين التنفيذيين لشركات التكنولوجيا رفيعة المستوى والإعلام الأميركية في كاليفورنيا في أبريل (نيسان) الماضي.

الأمن القومي 

تم الاستشهاد بمصطلح الأمن القومي بشكل متزايد من قبل الحكومتين الأميركية والصينية في قيود جديدة للشركات خلال السنوات القليلة الماضية.

وبالنسبة إلى الشركات في الصين، فإن القلق الأكبر هو أن كل شيء من الغذاء إلى الطاقة يتم منحه زاوية أمنية، بحسب ما قال رئيس غرفة التجارة الأوروبية في الصين، ينس إيسكيلوند، في إفادة صحافية في منتصف يونيو (حزيران) الماضي.

وقال إيسكيلوند “أعتقد أن هذا يخلق حالة من عدم اليقين في شأن الحدود الدقيقة بين ما يندرج تحت الاختصاص الأمني وشيء يمكننا أن نعمل به كشركات تجارية عادية”.

الاختلافات الثقافية واللغوية 

وتلعب الاختلافات الثقافية واللغوية دوراً أيضاً، إذ قال الشريك في “أنجيي أند بورد” في بكين، أليكس ليانغ “النهج الصيني للأمن القومي أكثر دفاعية ومحلية بينما تفاهمات الولايات المتحدة عالمية للغاية”.

وأضاف “على سبيل المثال، تركز الصين بشكل عام على ما إذا كانت المعلومات الحساسة يتم تسريبها عبر الحدود، بينما تركز الولايات المتحدة عادة على ما إذا كان حلفاؤها يقدمون التكنولوجيا لمنافسيها وبعض الدول المستهدفة”.

دور القانون ونظم المحاكم في أميركا والصين 

إلى جانب أن دور القانون ونظام المحاكم لهما أيضاً أوضاع مختلفة اختلافاً جذرياً في الولايات المتحدة والصين، إذ تحاول بكين بناء نظامها القانوني في السنوات الأخيرة، لكن الحكومة يحكمها حزب واحد.

وأشارت شركة المحاماة الأميركية متعددة الجنسيات ومقرها في سياتل، واشنطن، “بيركينز كووي هاوس” إلى أنه نظراً إلى أن المحاكم الأميركية قادرة على كبح جماح ما يفعله جزء الإنفاذ من الحكومة، يمكن لشركة صينية إجراء نزاع قانوني حول الإجراءات التي يحركها الأمن القومي وهو أمر يصعب على شركة أجنبية القيام به في الصين.

وأشارت إلى أن الشركات الأجنبية في الصين يمكنها أيضاً التفكير في إجراء مزيد من الحوار مع المنظمين المحليين، بحيث يكون لديهم فهم أفضل لما تفعله الشركة وكيف تسهم في الاقتصاد.

واجتمعت وزارة التجارة الصينية الأربعاء الماضي مع شركات الأدوية الأجنبية، وقالت إنها ستعقد موائد مستديرة منتظمة مع الشركات الأجنبية لدعم عملياتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى