اقتصاد خليجي

السعودية تعول على قطاع التأمين في تنمية الإيرادات غير النفطية

تواصل السعودية تقدمها في تنمية القطاعات غير النفطية من أجل جذب مزيد من الشركات الاستثمارية العالمية وفقاً لرؤية 2030، الرياض اتخذت قبل أيام قراراً وزارياً يقضي بإنشاء كيان مستقل تحت مسمى “هيئة التأمين” لرفع نسبة مشاركة التأمين في الناتج المحلي غير النفطي من 2.09 في المئة إلى المتوسطات العالمية التي تتراوح بين ستة إلى سبعة في المئة.

وبعد أن تجاوزت أرباح القطاع الأعلى نمواً في السوق السعودية أرقاماً قياسية خلال النصف الأول لعام 2023 جاءت موافقة مجلس الوزراء في الـ16 من أغسطس (آب) الجاري على إنشاء كيان مستقل يتمتع باستقلال مالي وإداري، ويرتبط تنظيمياً برئيس مجلس الوزراء.

ووفقاً للقرار ستتولى الهيئة المنشأة حديثاً “الاختصاصات المتعلقة بقطاع التأمين التي تمارس قبل صدور القرار من البنك المركزي السعودي ومجلس الضمان الصحي، وذلك وفق خطة انتقالية”.

مرحلة جديدة

الرئيس التنفيذي لشركة CAIS للخدمات الاكتوارية سليمان بن معيوف قال لـ”اندبندنت عربية” إن الهدف الأبرز من استقلالية هيئة التأمين هو دخول القطاع في مرحلة تطوير جديدة من خلال توحيد جهات الإشراف والمراقبة ولجان الفصل والصلح، ومواكبة التطور التقني في صناعة التأمين عالمياً.

هذه المرحلة ستواجه عديداً من التحديات في ضوء اندماج مجلس الضمان الصحي التعاوني والإدارة العامة للرقابة على التأمين في البنك المركزي إلى هيئة وكيان واحد مستقل، إذ إن هناك حاجة إلى توحيد الأنظمة واللوائح والتعاميم الصادرة بما يخص التأمين.

ويعتقد بن معيوف أنها “خطوة ستمر بمراحل عدة من ضمنها الدراسة والتقييم القانوني لتتماشى هذه الأنظمة واللوائح من الوضع الجديد”، ويتوقع الرئيس التنفيذي أن تستغرق تلك المرحلة الجديدة لقطاع التأمين نحو ستة إلى سبعة أشهر، إذ إن هناك جهات عدة وشركات ومنشآت تندرج تحت مظلة المشرعين السابقين، وسيكون لزاماً التنسيق بينها وبين الكيان الجديد لضمان سير الأعمال بسهولة ويسر ومتناغم.

ويرتبط تقدم ترتيب السعودية في المؤشرات المالية العالمية المتعلقة بالتأمين بجذب الشركات الاستثمارية العالمية، كما يقول بن معيوف. ويضيف “نسبة مشاركة التأمين في الناتج المحلي غير النفطي في السعودية بلغت 2.09 في المئة، وهناك حاجة ماسة إلى زيادتها إلى المتوسطات العالمية التي تتراوح بين ستة وسبعة في المئة”.

وفي شأن غياب الوعي التأميني في بعض المنتجات، ومن ضمنها تأمين الحماية والادخار (الحياة)، قال سليمان “في حاجة إلى تنظيم وتشريع يقنن مثل هذه التغطيات التأمينية، وهذه التغطيات يجب أن تكون من ضمن مزايا الفرص الوظيفية لاستقطاب الكوادر البشرية للشركات، وهي برامج ترغب الكوادر في الانضمام لكيانات لديها تنوع في المزايا لضمان المستقبل الوظيفي”.

أحلام تتحقق

في صحيفة المال المتخصصة في الاقتصاد وقطاع الأعمال كتب بن معيوف “كممارس للتأمين أمضى جل حياته في هذا القطاع أستطيع القول بكل ثقة إن الهدف الأبرز من إنشاء هيئة للتأمين هو النهوض بصناعة التأمين على الصعد كافة، بما يتماشى مع المتغيرات المحلية والعالمية في ظل التطور التقني والرقمي، بعد مرحلة التأسيس ووضع الأنظمة واللوائح واللجان ومراكز التحكيم”.

وأضاف أنها مرحلة تحد جديدة في قطاع التأمين “بعد عقدين من الزمن تحت ازدواجية الإشراف والمراقبة من جهتين رقابيتين مستقلتين”، خاتماً مقالته بأن هيئة التأمين هو حلم يتحقق.

خلق وظائف

وعلق وزير المالية السعودي محمد الجدعان على منصة “إكس” على القرار بقوله إن “إنشاء الهيئة يدعم رفع مساهمة القطاع في الاقتصاد وزيادة خلق الوظائف وتشجيع الاستثمار”، وخلال فعاليات ندوة التأمين السعودي التي أقيمت العام الماضي في نسختها السادسة، شدد الجدعان على أهمية قطاع التأمين بالنسبة إلى الاقتصاد بوصفه إحدى ركائز برنامج تطوير القطاع المالي.

وأشار خلال الندوة التي نظمتها لجنة التأمين السعودي إلى توجه الحكومة لتعزيز قدرة شركات التأمين التنافسية، ورفع مساهمتها في الناتج المحلي، مبيناً أن هذا الأمر سينعكس إيجاباً على القطاع في خلق كيانات تأمينية كبيرة قادرة على المنافسة والنمو.

ووصف الوزير الدعم الحكومي لقطاع التأمين بأنه “مشجع جداً”، ويدفع القطاع نحو النمو وتطوير بيئته التنظيمية، مؤكداً أن هناك فرصاً استثمارية كبيرة متاحة.

وقطاع التأمين يحتاج إلى كيانات وشركات كبيرة قادرة على التوسع، بحسب الجدعان الذي أشاد بالدور القائم بين البنك المركزي السعودي وهيئة السوق المالية في إدارة عملية الاستحواذ، لافتاً النظر إلى اكتمال اندماج أربع شركات، إضافة إلى اندماجات أخرى معلنة في مراحل استكمال الإجراءات النظامية.

وترحب السعودية بفتح فروع أجنبية لشركات التأمين أو الاستثمار بشركات محلية، وفقاً للجدعان.

قطاع واعد

من جهته أوضح محافظ البنك المركزي السعودي أيمن السياري أن القرار يأتي داعماً لتحقيق تطلعات بلاده بتطوير قطاع التأمين الواعد في السعودية، ليكون ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني، ويعزز من منظومة إدارة المخاطر.

وتوقع السياري أن يسهم وجود كيان مستقل في تعزيز كفاءته ورفع مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي غير النفطي، ومواكبة تطورات صناعة التأمين حول العالم.

وأشار إلى أن الهيئة الجديدة ستكمل مسيرة البنك المركزي السعودي في تطوير قطاع التأمين بتوفير البيئة المناسبة، لخلق كيانات تأمينية قوية قادرة على المنافسة والنمو، ودعم استقرار قطاع التأمين على نحو خاص، والاقتصاد الوطني بشكل عام، وضمان عدم التأثير في مصالح المستفيدين وحملة الوثائق.

وأضاف المحافظ أن قطاع التأمين شهد تحت مظلة البنك المركزي السعودي عديداً من التطورات في البنية التشريعية والتنظيمية والفنية، بما فيها مواكبة تطورات التقنية المالية، وتقديم الخدمات والمنتجات المبتكرة، إضافة إلى إطلاق مبادرات تعنى بدعم المراكز المالية للشركات، وتطوير كوادر وطنية فنية متخصصة.

بناء الشراكات

واعتبر المتحدث الإعلامي باسم قطاع التأمين عادل العيسى أن “القرار سيكون داعماً للمواهب السعودية، إضافة إلى رفع نسب التوطين، وبناء الشراكات وتشجيع الاندماجات، وجذب الاستثمارات، وتمكين الكيانات العاملة فيه من خلال التوسع وتقديم خدمات جديدة مثل منتجات الادخار، وتوثيق روابط التعاون والتكامل مع هيئات تنظيم قطاع التأمين على مستوى المنطقة والعالم”.

التأمين الصحي

بحسب تقرير البنك السعودي المركزي شهد قطاع التأمين نمواً بنحو 26.9 في المئة عام 2022 ليبلغ إجمالي الأقساط المكتتبة 53 مليار ريال، إذ شهد كل من التأمين الصحي والمركبات وتأمين الحماية والادخار ارتفاعاً ملحوظاً في إجمالي الأقساط المكتتبة.

ويمثل التأمين على المركبات والتأمين الصحي 79.1 في المئة من إجمالي أقساط التأمين المكتتبة في عام 2022، ويعد التأمين الصحي بشقيه الإلزامي والاختياري أكبر أنشطة التأمين حجماً في عام 2022، وبلغت حصته 59.7 في المئة من إجمالي الأقساط المكتتبة، واحتل التأمين على المركبات المرتبة الثانية بنسبة 19.4 في المئة من إجمالي أقساط المركبات المكتتبة.

وارتفعت نسبة المبيعات من خلال المواقع الإلكترونية لشركات التأمين ومنصات وساطة التأمين الإلكترونية من 7.5 في المئة عام 2021 إلى 9.9 في المئة خلال 2022.

كما أظهر التقرير ارتفاع عمق قطاع التأمين من الناتج المحلي غير النفطي في عام 2022 ليصل إلى 2.09 في المئة مقارنة بـ1.91 في المئة عام 2021، نتيجة إلى الارتفاع الملحوظ في إجمالي الأقساط المكتتبة، كذلك حافظ معدل الخسارة الإجمالية للقطاع على ثباته عند 83.4 في المئة لعام 2022.

وأوضح تقرير البنك المركزي السعودي بلوغ أرباح قطاع التأمين 689 مليون ريال خلال عام 2022، مقارنة بصافي خسارة بلغ 47 مليون ريال في 2021، إذ تحسن دخل عمليات التأمين.

كما أشار التقرير إلى ارتفاع نسبة التوطين في شركات التأمين، إذ بلغت 79 في المئة عام 2022، مقارنة بـ77 في المئة خلال 2021.

ويهدف إنشاء الهيئة إلى تنظيم قطاع التأمين والإشراف والرقابة عليه بما يدعمه ويعزز فاعليته ولتنمية الوعي التأميني وحماية حقوق المؤمن لهم والمستفيدين واستقرار قطاع التأمين، والمساهمة في الاستقرار المالي وتعزيز قطاع التأمين وتنميته، والعمل على ترسيخ مبادئ العلاقة التعاقدية التأمينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى