اقتصاد دولي

هل يلجأ «المركزي المصري» إلى إجراءات جديدة لخفض التضخم؟

كشف أكبر مسؤول عن السياسات المالية والنقدية في مصر أن البنك المركزي المصري لم ولن يتردد في استخدام السياسة النقدية للوصول إلى هدفه للتضخم، وأوضح محافظ البنك المركزي المصري حسن عبدالله، في تصريحات على هامش اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أن ارتفاع أسعار الفائدة لا يمكن أن يفعل شيئاً يذكر لاحتواء التضخم المدفوع بشكل رئيس بقضايا الإمدادات، وتابع، لن نتردد في فعل المزيد، لكننا بحاجة إلى توخي الحذر الشديد وسعر الفائدة ليس الأداة الوحيدة.
ويأتي ارتفاع معدل التضخم في ظل الخسائر المتلاحقة التي تطارد الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي الذي تمكن من تحقيق مكاسب تتجاوز 96 في المئة خلال العام الأخير، إذ ارتفع سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء من مستوى 15.77 جنيه، في مارس (آذار) 2022، إلى مستوى 30.90 جنيه في الوقت الحالي.
وأشار محافظ البنك المركزي المصري إلى أن جزءاً كبيراً من التضخم لدينا مستورد وكثير منه بسبب مشكلات الإمداد، وتابع «ليس فقط أسعار التوريد، ولكن مشكلات العرض بما في ذلك التراكم الذي نتج من بعض اللوائح السابقة، وهذا في حد ذاته لا ولن تتم معالجته من خلال أسعار الفائدة، وما تم إنجازه اليوم ضخم للغاية ونحن مستعدون لعمل المزيد، ومع ذلك يجب النظر إلى المسألة برمتها وليس السياسة النقدية فقط». ويستهدف البنك المركزي المصري تضخماً بنسبة سبعة في المئة بزيادة أو نقصان نقطتين مئويتين بحلول الربع الرابع من العام المقبل، لكن وفق البيانات الرسمية، فقد ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة سنوية بلغت 32.7 في المئة خلال شهر مارس الماضي، وهي الأعلى منذ نحو ست سنوات.
«النقد» يستعد لمراجعة الإجراءات المصرية
في الوقت نفسه، قال مسؤول في صندوق النقد الدولي إن مصر وصندوق النقد الدولي لم يتفقا بعد على موعد للمراجعة الأولية بموجب حزمة مالية بقيمة ثلاثة مليارات دولار تم توقيعها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ويخضع صرف الحزمة في إطار برنامج 46 شهراً لثماني مراجعات، كان تاريخ أولها 15 مارس 2023، حسبما ورد في تقرير خبراء الصندوق الذي نشر في ديسمبر. وفي تصريحات على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين، قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور إننا في حوار منتظم مع السلطات من أجل التحضير للمراجعة الأولية، وبدأت الاستعدادات لها، وعندما نكون والسلطات مستعدين سنعلن موعدها، وأوضح أنه من بين الأولويات أن تتبنى مصر سعر صرف مرناً، وخفض التضخم باستخدام أدوات السياسة النقدية بخاصة أسعار الفائدة وفتح مساحة أكبر للقطاع الخاص من خلال تكافؤ الفرص مع الشركات الحكومية.
وعلى خلفية الأزمات التي خلفتها المكاسب القياسية للدولار مقابل الجنيه المصري، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري خلال العام المالي 2022- 2023 إلى 3.7 في المئة، من مستوى توقعات سابقة بلغ أربعة في المئة في تقديرات يناير (كانون الثاني) الماضي، ويعد هذا الخفض الرابع للنمو المتوقع لاقتصاد مصر خلال العام المالي، وهو أقل من تقديرات الحكومة لنمو الناتج المحلي الإجمالي للعام المالي الجاري عند 4.2 في المئة، وسبق أن توقع الصندوق أن ينمو الاقتصاد بنسبة خمسة في المئة ثم خفض توقعاته إلى 4.8 في المئة خلال تقرير شهر يوليو (تموز) الماضي، ثم إلى أربعة في المئة في يناير الماضي، قبل تخفيضه الحالي. كما خفض صندوق النقد توقعاته للنمو خلال العام المالي المقبل 2023-2024 إلى خمسة في المئة، مقارنة بتوقعات صادرة في يناير الماضي عند 5.3 في المئة، لكن توقعات الصندوق لا تزال أعلى من مستهدفات الحكومة التي توقعتها في مشروع الموازنة العامة الذي أقره مجلس الوزراء عند 4.1 في المئة، فيما رفع الصندوق توقعاته لمعدل التضخم في مصر خلال العام المالي الجاري إلى 21.6 في المئة في المتوسط، مقارنة بتوقعات سابقة صدرت، في يناير الماضي، عند 14.8 في المئة، كذلك رجح أن يرتفع متوسط معدل التضخم في 2023- 2024 إلى 18 في المئة مقابل توقعات سابقة بارتفاع بنسبة 8.7 في المئة. ووفق البيانات الرسمية، فقد ارتفع التضخم السنوي في مصر إلى 33.9 في المئة، خلال شهر مارس الماضي، مقابل 32.9 في المئة، خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، فيما سجل في المدن المصرية مستوى 32.6 في المئة مقابل 31.9 في المئة، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر. ضرورة بناء نظام ضريبي عالمي عادل:- وعلى هامش الاجتماعات، أكد محمد معيط وزير المالية المصري أن تنفيذ الإصلاحات الضريبية الدولية يساعد الاقتصادات الناشئة على تحمل الصدمات العالمية الراهنة الناتجة من جائحة «كورونا» والحرب في أوروبا وارتفاع معدلات التضخم لمستويات غير مسبوقة من خلال زيادة حصتها من الإيرادات الضريبية، على نحو يمكنها من توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين وتلبية تطلعاتهم التنموية وتحسين مستوى معيشتهم، والارتقاء بالخدمات المقدمة إليهم، وأوضح أن التحديات الضريبية الدولية مثل نقل الأرباح والتآكل الضريبي تعد خطراً كبيراً على عائدات الحكومات وجهود التنمية، ونتطلع إلى مواجهتها بأنظمة أكثر تطوراً وحوكمة، اتساقاً مع الجهود الدولية المستمرة على مدى العقود الماضية لإعادة تشكيل الهيكل الضريبي الدولي بطريقة تضمن بناء نظام ضريبي عالمي عادل.
وأشار إلى أن حكومة بلاده تتطلع إلى تطبيق قواعد دولية أكثر قدرة على معالجة التحديات الضريبية الناتجة من رقمنة الاقتصاد على نحو يسهم في الحفاظ على الحقوق الضريبية للشعوب وتعبئة الموارد الكافية لتحقيق النمو العادل وتلبية أجندة التنمية المستدامة الطموحة، وأوضح معيط أن المبادرات الضريبية الدولية الكبرى، بخاصة مشروع مجموعة العشرين ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وغيرها من المقترحات الهادفة لإصلاح الإطار الضريبي الدولي من خلال إجراء تغييرات جوهرية على القواعد الضريبية الدولية، انعكست في فرض حد أدنى للضرائب بنسبة 15 في المئة من أنشطة الشركات متعددة الجنسيات، بحيث تدفع حصة عادلة من الضرائب أينما كانت تعمل وتدر أرباحاً بمختلف دول العالم، وبين أن التوظيف الأمثل للتكنولوجيا الحديثة في الإدارات الضريبية الدولية يحقق قدراً أكبر من العدالة الضريبية في العالم، لافتاً إلى ضرورة بناء القدرات التكنولوجية للدول النامية لتنفيذ القواعد الضريبية الدولية، وتعد القدرات التقنية المنخفضة واحدة من التحديات التي قد تؤدي إلى خسارة كثير من الفوائد الناتجة من المبادرة الضريبية العالمية الجديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى