اقتصاد دولي

فيتش تخفض تصنيف أميركا الائتماني للمرة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات

خفضت وكالة “فيتش” التصنيف الائتماني للحكومة الأميركية، بعد أسابيع من وصول الرئيس بايدن والجمهوريين في الكونغرس إلى شفا تخلف تاريخي عن السداد، محذرين من عبء الديون المتزايد والخلل السياسي في واشنطن.

ويعد الخفض، وهو الأول من قبل شركة تصنيف ائتماني كبرى منذ أكثر من عقد، دليلاً على أن المناوشات السياسية المتكررة على نحو متزايد حول الشؤون المالية للحكومة الأميركية تعيق توقعات السوق العالمية لـلخزانة البالغة 25 تريليون دولار. ويقف تصنيف “فيتش” في الولايات المتحدة الآن عند “AA +”، أو بدرجة واحدة أقل من أعلى درجة “AAA”.

 ولعبت سمعة أميركا في تقديم سندات الخزانة بشكل موثوق دوراً لا غنى عنه في الأسواق العالمية باعتبارها ملاذاً آمناً يقدم عوائد خالية تقريباً من الأخطار، كما تعد سندات الخزانة بمثابة معيار حاسم لعائدات الأسهم والسندات الأخرى، لأن المستثمرين يطالبون عموماً بعوائد أكبر على أي أوراق مالية أخرى يشترونها. فيما يعتقد قلة من المستثمرين أن تخفيض تصنيف “فيتش” سيشكل تحدياً فورياً لهذا الدور.

ومع ذلك، فهذه هي المرة الأولى التي تخفض فيها شركة تصنيف تقييمها الرئيس لميل الحكومة الأميركية إلى دفع فواتيرها في الوقت المحدد منذ تخفيض وكالة “ستاندارد آند بورز” في عام 2011 تصنيفها بدرجة واحدة دون الدرجة الأولى، وجاء هذا القرار في أعقاب مواجهة أخرى متوترة في شأن سقف الديون في الكونغرس.

 فيما تواصل وكالة “موديز”، العضو الآخر في ثلاث شركات تصنيف أميركية كبيرة، إعطاء الولايات المتحدة أقوى تقييم لها.

تآكل في الحوكمة

وقالت وكالة “فيتش” أمس الثلاثاء إن خفض التصنيف يعكس “تآكلاً في الحوكمة” في الولايات المتحدة مقارنة باقتصادات المستوى الأعلى الأخرى على مدى العقدين الماضيين.

وقالت الوكالة “المواجهات السياسية المتكررة للحد من الديون وقرارات اللحظة الأخيرة قوضت الثقة في الإدارة المالية”.

من جانبهم انتقد مسؤولو إدارة بايدن قرار “فيتش”، وألقوا باللوم على إدارة ترمب في مشكلات الحوكمة، وقالوا إن الولايات المتحدة ليست معرضة لخطر فقدان مدفوعات ديونها.

وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين في بيان “التغيير الذي أجرته وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية المعلن تعسفي ويستند إلى بيانات قديمة”.

ارتفاع العجز الأميركي والانزلاق نحو الركود

وكان الكونغرس الأميركي أقر تشريعاً يعلق حد الاقتراض الحكومي في أوائل يونيو (حزيران) الماضي، قبل أيام فقط من الموعد النهائي الذي حددته يلين في أن الحكومة قد تكون غير قادرة على دفع جميع فواتيرها في الوقت المحدد.

وجاء الحل الوسط النهائي، الذي وضع أسقفاً للإنفاق الفيدرالي ورفع حد الدين لمدة عامين تقريباً، بعد أشهر من الجمود بين الديمقراطيين والجمهوريين. وطالب الجمهوريون بتخفيضات في الإنفاق في تكرار لاشتباكات سابقة في شأن الاقتراض الحكومي التي قاومها الديمقراطيون لأشهر، وخلال المأزق، قالت “فيتش” إنها تدرس تخفيض تصنيف الولايات المتحدة.

وأضافت “فيتش” إنها تتوقع أن يرتفع عجز الحكومة العامة إلى 6.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2023 من 3.7 في المئة العام الماضي. وقالت وكالة التصنيف الائتماني إن نمو العجز المتوقع يعكس ضعف الإيرادات الفيدرالية الدورية ومبادرات الإنفاق الجديدة وارتفاع أعباء الفائدة، وتتوقع “فيتش” أن ينزلق الاقتصاد الأميركي إلى الركود في وقت لاحق من هذا العام.

ويعتمد المستثمرون المؤسسيون والمتداولون اليوميون على حد سواء على التصنيفات الائتمانية لتقييم أخطار عدم تمكن كبار المقترضين مثل الحكومات والشركات من الوفاء بالديون المستحقة عليهم، وعادة ما تعد حكومة الولايات المتحدة، التي تترأس أكبر اقتصاد في العالم والمسؤولة عن عملتها الأكثر أهمية، من بين أكثر المقترضين أماناً في أي مكان. غالباً ما تفكر البنوك والشركات في جميع أنحاء العالم في سندات الخزانة الأميركية كما لو كانت موثوقة وسيولة مثل النقد في فرضية تعتمد على الثقة المقدسة في قدرة الحكومة على دفع فواتيرها.

وقال كبير الاقتصاديين في “ويلمنغتون ترست”، لوك تيلي، لـصحيفة “وول ستريت جورنال”، إنه من غير المرجح أن تتراجع البنوك والمستثمرون فجأة عن اعتمادهم على الخزانة كمؤشر للملاذ الآمن بعد إجراءات وكالة تصنيف واحدة، لكنه أشار إلى أن تحركات مثل “فيتش” تقلل تدريجاً الثقة التي تضعها الأسواق المالية العالمية في الجدارة الائتمانية للحكومة الأميركية.

وقال تيلي في مقابلة في مايو (أيار) الماضي، عندما كانت الولايات المتحدة تواجه تخلفاً وشيكاً عن السداد “روما لم تبن في يوم واحد، ولم تنهر في يوم واحد أيضاً، ولكن إذا كان الطرفان (يقصد الجمهوريين والديمقراطيين) في واشنطن سيجبران المستثمرين على إعادة التفكير في ما إذا كانت الولايات المتحدة ستدفع فواتيرها، فإن المستثمرين سيفعلون ذلك بالضبط”.

وأضاف “على المؤسسات ذات التصنيف المنخفض تعويض المستثمرين بمدفوعات فائدة أعلى مقابل امتياز الاقتراض”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى