اقتصاد دولي

إضراب عمالي تاريخي يهز صناعة السيارات في أميركا

إضراب تاريخي بدأته نقابة العمال في أكبر ثلاث شركات سيارات في الولايات المتحدة هي “فورد” و”جنرال موتورز” و”ستيلانتس”، بعد فشلها في التوصل إلى اتفاق مع إدارات الشركات.

ويعتبر الإضراب أول تحرك منسق من العمال للمطالبة بزيادة الأجور، ويعكس تصاعد الغضب بين الطبقة العمالية ضد موجة الغلاء والتضخم في أميركا، كما يعتبر أول تحرك ضد الزيادات المتواصلة للرؤساء التنفيذيين في الشركات الأميركية، إذ يطالب المضربون بتعديل أجورهم لمواكبة الزيادات نفسها للتنفيذيين.

مطالب وتداعيات اقتصادية

تشمل مطالب النقابة زيادة في الأجور نسبتها 40 في المئة، وزيادة الأجور والمخصصات لصغار الموظفين لتقليص الفجوة بينهم وبين أولئك الأكثر خبرة، الذين يتلقون حالياً نحو 32 دولاراً في الساعة، ولهذا الإضراب تداعيات كثيرة على الاقتصاد الأميركي، إذ يدر قطاع السيارات نحو تريليون دولار كل عام، أي ما يقرب من خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لتحالف صناعة السيارات.

وتحتوي صناعة السيارات على نحو 9.6 مليون وظيفة، بحسب بيانات التحالف الذي أشار في تقرير الصناعة الخاص به، إلى أن “أكثر من 220 مليار دولار من الإيرادات الفيدرالية وعائدات الولايات يتم توليدها سنوياً من خلال تصنيع وبيع وصيانة السيارات”.

الثلاثة الكبار

ويطلق على “جنرال موتورز” و”فورد” و”ستيلانتس” لقب “الثلاثة الكبار” في شركات صناعة السيارات الأميركية ولديها مرافق إنتاج في منطقة ديترويت بولاية ميشيغان، حيث جرى الإضراب، وتقوم هذه الشركات بتشغيل 60 في المئة من مصانع التجميع في البلاد، وفقاً لمجلس سياسات السيارات الأميركي، الذي يمثل الشركات.

مخاوف من توسع الإضرابات

ويتخوف المحللون من أن يستمر الإضراب لفترات طويلة، ويؤدي إلى تدهور سلسلة التوريد والوضع المالي لموردي قطع الغيار والمعدات، إذ إن “إضراباً كاملاً ممكن أن يقلل إنتاج السيارات بنسبة تزيد على 30 في المئة”، بحسب مذكرة لـ”أكسفورد إيكونوميكس”.

ويستمر إضراب النقابة الأميركية للعاملين في قطاع السيارات منذ الجمعة الماضي، وجاء بعد أن أصدرت النقابة أوامر بوقف العمل بشكل متزامن في منشآت تابعة لـ”الثلاثة الكبار”، وكان التحرك بدأ بعد فشل إدارات الشركات في التوصل إلى اتفاق مع النقابة قبل انقضاء مهلة حددتها مساء الخميس الماضي.

وانضم حتى الآن نحو 1207 آلاف موظف للإضراب من بين  150ألف عامل في القطاع تمثلهم النقابة، ومع ذلك، فإن قرار التنسيق الذي اتخذه موظفو الشركات المتنافسة وجه رسالة قوية في إطار معركتهم من أجل زيادة الأجور بنسبة 40 في المئة.

دعم البيت الأبيض

ومن المفارقة أن الرئيس جو بايدن دعم الإضراب وقدم نفسه مؤيداً رئيساً للنقابات العمالية، إذ أعلن تأييده للمضربين، قائلاً إنه يتفهم “شعورهم بالإحباط”، وفي حديثه على الهواء مباشرة من البيت الأبيض، قال بايدن إن “العمال لم يتمكنوا من الاستفادة من أرباح الشركات الهائلة، ولم يتم تقاسم هذه الأرباح القياسية بشكل عادل. لقد قدمت الشركات بعض العروض المهمة، ولكن أعتقد أنه ينبغي عليها الذهاب إلى أبعد من ذلك لضمان أن أرباح الشركات القياسية تعني عقوداً قياسية لنقابة عمال السيارات المتحدين”.

وحققت الشركات الثلاثة مداخيل ضخمة في العام الماضي، فقد ارتفعت إيرادات “جنرال موتورز” بنسبة 23 في المئة إلى 157 مليار دولار، في حين بلغ صافي دخلها 9.9 مليار دولار، بينما حققت شركة السيارات الأميركية الأوروبية العملاقة “ستيلانتس” أرباحاً بقيمة 16.8 مليار يورو (17.93 مليار دولار).

وظائف تخلقها الشركات

لكن في المقابل، تخلق هذه الشركات فرصاً هائلة بالاقتصاد ولديها إنتاج ضخم، إذ توظف “جنرال موتورز” أكثر من 92 ألف شخص في الولايات المتحدة، بحسب موقعها على الإنترنت، وتوظف شركة “فورد”، التي تأسست قبل 120 عاماً، نحو 177 ألف شخص، من بينهم نحو 86 ألفاً في الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه يعمل لدى شركة السيارات الأميركية الأوروبية العملاقة “ستيلانتس”، التي تشمل علاماتها التجارية “جيب” و”كرايسلر” و”بيجو”، 264 ألف موظف على مستوى العالم.

لدى هذه الشركات إنتاج ضخم، إذ سلمت 2.3 مليون سيارة في الولايات المتحدة العام الماضي تحت العلامات التجارية “شيفروليه” و”بويك” و”جي أم سي” و”كاديلاك”، وتقوم بتصنيع علامة “فورد” التجارية بما في ذلك شاحنة “البيك أب F-150″، التي تطلق عليها الشركة اسم “شاحنة أميركا” لأنه يتم تجميعها بالكامل في الولايات المتحدة، وكانت السيارة الأكثر شعبية في البلاد لأكثر من أربعة عقود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى