اقتصاد كويتي

استيراد الكويت للغاز من دول بعيدة.. فرص اقتصادية ضائعة على جيرانها!

قالت تقرير حديث إن الكويت هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تحصل على نسبة كبيرة من وارداتها من الغاز، وبواقع 46% من مصادر غير خليجية، مثل أفريقيا وأوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية، معتبرة أن استيراد الكويت 4 مليارات متر مكعب غاز طبيعي سنويا من دول بعيدة بمنزلة فرصة اقتصادية ضائعة على دول المنطقة، بما في ذلك إيران وقطر.

وأشار التقرير الصادر عن مؤسسة «Bourse & Bazaar Foundation» البريطانية، إلى أنه من شأن توسيع قطاع الغاز في الخليج أن يلعب دورا رئيسيا في تحول الطاقة في المنطقة، حيث إن وجود شبكة خطوط أنابيب مشتركة قادرة على نقل منتجات الهيدروجين يمكن أن يمهد الطريق أيضا للمنطقة لتصبح مركزا عالميا في إنتاج وتصدير الهيدروجين المحايد للكربون بنوعيه الأزرق والأخضر.

وذكر أن توسيع قطاع الغاز عبر منطقة الخليج سيؤدي إلى خلق الحلول لبعض هذه المشاكل، وبالتالي تمهيد الطريق لبناء شبكة خطوط أنابيب غاز مشتركة قد تسهل نقل الهيدروجين – وهو أمر أساسي لتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية. وقال التقرير ان العديد من دول الخليج إما أنها لم تطور بعد قطاعات إنتاج الغاز لديها بشكل كامل أو انها لا تملك الموارد الكافية من هذه المادة.

وأضاف أن العراق والكويت والإمارات على سبيل المثال تعتبر دولا مستوردة صافية للغاز، حيث بلغ إجمالي ما استوردته هذه الدول الثلاث في عام 2022 نحوا من 50% و40% و20% من احتياجاتها المحلية من الغاز على التوالي.

وعلى سبيل المثال، يستورد العراق معظم احتياجاته من الغاز من إيران، وتستورد الإمارات معظم احتياجاتها من الغاز من قطر، بينما تستورد الكويت من مصادر بعيدة كما سلف.

التعاون بنقل الطاقة

واستعرضت المؤسسة البريطانية آفاق التعاون بين دول الخليج في مضمار نقل الطاقة والأمن المائي، حيث قالت إنه يمكن للأمن الإقليمي والتنمية الاقتصادية بين دول التعاون أن تتحسن إذا تم تعزيز التعاون بين هذه الدول في صناعات الطاقة والمعادن والمياه، وذلك من خلال تشجيع الاستغلال المشترك للموارد، وإنشاء مناطق إقليمية محايدة، وإيجاد مصادر طاقة مترابطة.

وأضافت المؤسسة أن تحسن العلاقات والمناخ الديبلوماسي الإيجابي لعام 2023، خاصة بعد التقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية يمثل مدخلا لفتح حقبة جديدة من التعاون في المنطقة عبر مزيج الموارد الطبيعية.

ولفتت إلى أن الموقع الجغرافي للمنطقة يمكنها من استقبال قدر كبير جدا من معدلات السطوع السنوية من الطاقة الشمسية في العالم، اي ما يتجاوز 2100 كيلوواط/ساعة بالإضافة إلى سرعة رياح قد تصل إلى حوالي 10 أمتار في الثانية.

ويمكن استغلال هذه الموارد من الطاقة الطبيعية النظيفة على المستوى الإقليمي، كما يمكن تصديرها إلى الخارج ليعود بالنفع على الاقتصادات بشكل مباشر وغير مباشر، ويشمل العديد من قطاعات الصناعة، بما فيها الطاقة والتصنيع وتكنولوجيا المعلومات.

الربط الكهربائي

وعلى صعيد متصل، قالت المؤسسة إن هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي تسعى إلى إنشاء شبكة كهرباء قوية ومترابطة، ما من شأنه تسخير موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الوفيرة في المنطقة وتعزيز مكانتها لتصبح مركزا لإنتاج وتصدير الطاقة النظيفة.

ففي أوائل عام 2024، أصبح جزء من المنطقة مترابطا بالفعل من خلال هذه الشبكة – من سلطنة عمان في الجنوب عبر الإمارات العربية المتحدة ومرورا بالمملكة العربية السعودية وقطر والبحرين، ثم إلى الكويت في الشمال.

وبالإضافة إلى ذلك، وقع العراق مؤخرا اتفاقية مع هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي للانضمام إلى الشبكة. ولدى هيئة التعاون الخليجي خطة طموحة للتوسع في أوراسيا وشرق أفريقيا. وتعتبر إيران أيضا جزءا من هذه الشبكة المخطط لها، وكذلك تركيا. ومن شأن هذا الربط البيني أن يمنح شبكات الطاقة المحلية مزيدا من الموثوقية والاستقرار في مواجهة التحديات المتزايدة، كالارتفاع غير المتوقع في الأحمال الكهربائية، فضلا عن انقطاع التيار الكهربائي بسبب الكوارث الطبيعية أو تعطل المعدات.

الثروة المعدنية في الخليج

وذكــرت المؤسســـــــة البريطانية أن الثروة المعدنية في منطقة الخليج أصبحت تتصدر الواجهة، حيث تمثل الاكتشافات الأخيرة لليثيوم والكوبالت والنيكل والنحاس والمعادن الأخرى نقطة تحول في السباق العالمي لتأمين سلاسل توريد المعادن. وهذه المعادن هي مكونات أساسية لتقنيات الطاقة المتجددة وأنظمة تخزين الطاقة.

فقد أعلنت المملكة العربية السعودية مؤخرا عن اكتشاف احتياطيات معدنية تقدر قيمتها السوقية بنحو 64 مليار دولار منها النحاس والحديد والنيكل. وأعلنت عمان أيضا عن مشروع مستمر لتحديث قاعدة بياناتها الوطنية الجغرافية والجيولوجية للمعادن بمزيد من الاكتشافات لاحتياطيات النحاس والحديد.

وأعلنت إيران مؤخرا عن اكتشاف مخزون ضخم من الليثيوم – يقدر بنحو 8.5 ملايين طن متري. وسيشمل التعاون الإقليمي المأمول استثمارات مشتركة في تطوير البنية التحتية اللازمة في المنطقة للاستخراج والمعالجة الأولية للمعادن ولوجستيات التصدير.

إن الجهود المشتركة للاستثمار في إدارة الموارد المعدنية يمكن أن تضع منطقة الخليج كمؤثر رئيسي في التحول العالمي إلى الطاقة النظيفة ويمكن متابعة ذلك من خلال إنشاء شركات مشتركة، حيث يشمل المستثمرون القطاعين العام والخاص في دول الخليج. ومن خلال العمل معا، يمكن لدول الخليج تجميع الموارد وتقاسم التكاليف، ما سيمكن المنطقة بشكل جماعي من إدارة وتخفيف المخاطر المرتبطة بأسعار السلع الأساسية المتقلبة، والتحديات البيئية، والشكوك الجيوسياسية. ونتيجة لذلك، فإن مثل هذه المشاريع التعاونية من شأنها أن تسهم في الاستقرار السياسي في المنطقة، وستكون دول الخليج اقدر على الوصول إلى الأسواق وتأكيد دورها كلاعبة رئيسية في أجندة تحول الطاقة. وتكمن القوة الجماعية لدول الخليج في مواردها الطبيعية الهائلة، التي تمثل حوالي 48% و40% على التوالي من احتياطيات العالم المؤكدة من النفط والغاز الطبيعي. إن حقول النفط والغاز المشتركة مهيأة للتطوير النشط، مما يوفر حلولا محتملة لتحديات الطاقة الإقليمية.

إنشاء شبكة مياه إقليمية لمواجهة الفقر المائي

قال التقرير إن منطقة الخليج تعتبر احدى مناطق العالم التي تعاني من ندرة المياه، ما يعني أن جميع دول الخليج، باستثناء إيران، تقع تحت خط الفقر المائي الطبيعي. ونتيجة لذلك، تعتمد هذه البلدان على تحلية مياه البحر، وهي عملية كثيفة الاستهلاك للطاقة لتلبية الطلب على المياه الصالحة للشرب.

وتعتبر معالجة ندرة المياه أمرا بالغ الأهمية بالنسبة لدول الخليج، وخاصة تلك التي تعتمد بشكل كبير على تحلية المياه. وعلى الرغم من التحديات بما في ذلك التوترات الجيوسياسية، فإن الضرورة الاستراتيجية تتمثل في إنشاء شبكة إقليمية للربط البيني للمياه، ومن هذا المنطلق، قرر قادة دول مجلس التعاون إجراء دراسة للربط المائي في عام 2000. وكان مقررا أن تعمل الشبكة المقترحة على توفير المياه العذبة لجميع دول مجلس التعاون الخليجي من محطات تحلية المياه التي سيتم بناؤها على شواطئ بعض الدول والتي تم اقتراح إنشاء ثلاث محطات منها لتحلية المياه في سلطنة عُمان والإمارات والخفجي السعودية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى