غير مصنف

السعودية تعلن عن خفض إنتاجها في اجتماع أوبك وحلفائها لدعم الأسعار في ظل ضعف الطلب

·  في الاجتماع الوزاري لمنظمة الأوبك وحلفائها الذي اختتم أعماله مؤخراً، وبعد يومين من المفاوضات المكثفة، فاجأت السعودية الأسواق باتخاذها قراراً احادياً يقضي بتطبيقها للمزيد من التخفيضات لإنتاجها من النفط وبمقدار مليون برميل يومياً بداية من الشهر المقبل. وتعتبر هذه خطوة إضافية إلى جانب اتفاق الأوبك وحلفائها الخاص بتمديد تخفيضات الإنتاج الحالية بنحو 3.6 مليون برميل يومياً، والتي تتضمن ما لا يقل عن 1.2 مليون برميل يومياً من التخفيضات الطوعية التي تمتد إلى ما بعد عام 2023 وحتى نهاية 2024. كما تجدر الإشارة أيضاً إلى أن الإمارات قامت بإضافة 200 ألف برميل يومياً إلى خط الأساس المرجعي لعام 2024 بما يعكس زيادة طاقتها الإنتاجية. ولم يكن هذا الأمر ممكناً إلا بعد موافقة العديد من أعضاء الأوبك وحلفائها بما في ذلك أنجولا ونيجيريا، على خفض سقف الإنتاج بمستوى يعادل تلك الزيادة. ومع احتمالات ثبات سياسة الأوبك وحلفائها خلال الفترة القادمة، لذا فإنه وفقاً للوضع الحالي، فإن المصدر الوحيد لزيادة الإمدادات في عام 2024 ضمن أعضاء الأوبك وحلفائها سيقتصر على دولة الإمارات.

·  وخلال الفترة التي سبقت اجتماع الأوبك وحلفائها، تزايدت التوقعات بطرح فكرة خفض حصص الانتاج مجدداً بعد تراجع الأسعار في مايو والتحذير الذي أصدره الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي للمضاربين حول تأثير عمليات البيع على المكشوف، مؤكداً أنه يجب على المراهنين على هبوط أسعار النفط “الحذر” وأخذت الأسواق هذا التحذير باعتباره إشارة مبطنة لتخفيضات وشيكة للإنتاج.

·  وتراجعت أسعار النفط في شهر مايو الماضي للشهر الخامس على التوالي، إذ تفاقمت المخاوف المتعلقة بتباطؤ اقتصاد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي خلال الأسابيع الأخيرة نظراً لمشكلة سقف الدين الأمريكي، إلى جانب تشديد السياسة النقدية على مستوى العالم وصدور بيانات اقتصادية عن الصين بمعدلات أضعف من المتوقع، مما ترك المجال مفتوحاً أمام تراجع الأسعار. وساهمت مرونة التدفقات النفطية الروسية وتراكم مخزونات النفط في الولايات المتحدة في تعزيز وفرة الامدادات في سوق النفط. وبنهاية شهر مايو، انخفض سعر مزيج خام برنت بنسبة 8.6% إلى 72.7 دولار للبرميل (-15.4% على أساس سنوي)، أي انه بالكاد ارتفع من أدنى المستويات المسجلة خلال العام والتي بلغت 72.4 دولار للبرميل في وقت سابق من الشهر الحالي. وهي أدني مستوى منذ ديسمبر 2021 (الرسم البياني 1). من جهة أخرى، تراجع سعر خام التصدير الكويتي بمعدل مماثل في مايو لينهي تداولات الشهر مغلقاً عند مستوى 74.4 دولار للبرميل (-8.1% على أساس شهري، -9.3% على أساس سنوي).

· وانعكاساً للتوقعات في الفترة التي سبقت اجتماع الأوبك وحلفائها، ارتفع صافي الفروق بين عقود الشراء والبيع على المكشوف لمزيج خام برنت (الفرق بين المضاربات على زيادة الأسعار مقابل هبوطها) إلى أعلى المستويات المسجلة في شهر (160 ألف عقد)، بزيادة وصلت إلى ثلاثة أضعاف عدد “عمليات الشراء التي تتوقع ارتفاع الاسعار” مقابل تلك التي “تتوقع تراجع الأسعار” (الرسم البياني 2). ويعد هذا تحولاً طفيفاً، خاصة بعد أن انخفض عدد العقود التي تتوقع ارتفاع الأسعار في المستقبل إلى أدنى مستوياتها المسجلة في خمسة أشهر، وصولاً إلى 106 آلاف عقد بمنتصف شهر مايو.

·  وما يزال مشهد الاقتصاد الكلي العالمي والطلب على النفط تحيط به حالة ضبابية. وكان لابد من التحفظ على التوقعات المتفائلة التي صدرت سابقاً بشأن تزايد النشاط الاقتصادي الصيني بعد رفع تدابير الجائحة، والذي كان من المتوقع أن يساهم في تعويض ضعف مستويات الاستهلاك للدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ودعم ومساندة الاقتصاد العالمي، وسط موجة من المؤشرات الاقتصادية التي جاءت أضعف من المتوقع. كما ارتفعت مخزونات النفط التجارية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال الربع الأول من عام 2023 لتصل إلى 4.0 مليار برميل بنهاية مارس، على الرغم من أن الزيادة الفصلية البالغة 35 مليون برميل تعتبر طفيفة (الرسم البياني 3).

· وما تزال وكالة الطاقة الدولية وجهات أخرى تنظر لآفاق نمو الصين هذا العام على أنها إيجابية إذ ما زالت توقعات نمو الاقتصاد الصيني محورية بالنسبة للمراجعات التصاعدية المتكررة التي تصدر عن وكالة الطاقة الدولية لتقديرات نمو الطلب على النفط لعام 2023، من متوسط سنوي قدره 1.86 مليون برميل يوماً في يناير إلى 2.2 مليون برميل يومياً وفقاً لأحدث التوقعات الصادرة في مايو. إذ ترى وكالة الطاقة الدولية تشديد أوضاع السوق بصورة ملحوظة في النصف الثاني من عام 2023، مع وصول متوسط نمو الطلب على النفط إلى 2.5 مليون برميل يومياً على أساس سنوي، وتحول توازن السوق إلى تسجيل المزيد من العجز (زيادة الطلب عن العرض) بما يصل إلى 2 مليون برميل يومياً في الربع الرابع من عام 2023 (الرسم البياني 4).

· وعلى صعيد العرض، كشفت مصادر الأوبك الثانوية أن إجمالي إنتاج الأوبك بدأ في التراجع مرة أخرى في أبريل (-188 ألف برميل يومياً على أساس شهري) إلى 28.6 مليون برميل يومياً. وأدت الاضطرابات المستمرة التي تعرض لها خط الأنابيب العراقي الكردي الممتد إلى محطة جيهان التركية وإضراب العمال في نيجيريا إلى معادلة الزيادات المفاجئة إلى حد ما في إنتاج السعودية (+95 ألف برميل يومياً) وأنجولا (+79 ألف برميل يومياً) (الرسم البياني 5). وفي ذات الوقت، فإنه وفقاً لوكالة ستاندرد أند بورز جلوبال، شهد إنتاج الأوبك وحلفائها (باستثناء المكسيك)، تراجعاً هامشياً بقيادة روسيا، ووصل في شهر أبريل إلى 13.4 مليون برميل يومياً (-10 ألف برميل يومياً). وبالنظر إلى الأرقام مجتمعة، يتبين أن إجمالي إنتاج الأوبك وحلفائها (باستثناء ليبيا وإيران وفنزويلا والمكسيك) انخفض في أبريل إلى 37.5 مليون برميل يومياً (-246 ألف برميل يومياً)، مما أدى إلى تفاقم نقص الإمدادات (مقارنة بالمستويات المستهدفة من قبل الأوبك وحلفائها) إلى 2.6 مليون برميل يومياً، وعندما يتم نشر بيانات إنتاج الأوبك وحلفائها لشهر مايو في وقت لاحق من يونيو، من المتوقع أن ينخفض إجمالي إنتاج المجموعة بمقدار أضافي بنحو 1.1 مليون برميل يومياً نظراً لتطبيق السعودية والكويت ودول أخرى المزيد من التخفيضات الطوعية.

·   استقر الإنتاج الروسي عند 9.6 مليون برميل يومياً، في ظل تطبيق نحو نصف تخفيضات الإنتاج الطوعية البالغة 500 ألف برميل يومياً التي تعهدت روسيا بتنفيذها اعتباراً من مارس. وعلى الرغم من العقوبات ووضع سقف للأسعار، ارتفعت صادرات النفط الروسية (النفط الخام والمنتجات المكررة) لأعلى مستوياتها المسجلة بعد الغزو (8.3 مليون برميل يومياً)، كما أشارت وكالة الطاقة الدولية، مع احتمال تحويل روسيا للإمدادات المخصصة للاستهلاك المحلي إلى الأسواق الخارجية بدلاً من ذلك سعياً منها لزيادة الإيرادات. وأظهرت الصين والهند بصفة خاصة اقبالاً قوياً على الخام الروسي منخفض السعر، مما ضغط على الحصة السوقية لموردي النفط التقليديين في غرب إفريقيا وحتى الشرق الأوسط.

· في حين استقر انتاج الكويت من النفط الخام في ابريل عند 2.68 مليون برميل يومياً وفقاً لمصادر رسمية. ودخول التخفيضات الطوعية البالغة 128 ألف برميل يومياً حيز التنفيذ في مايو. وفي ظل انخفاض إنتاج النفط نتيجة لسياسة الأوبك وحلفائها وفي ظل تدشين مصفاة الزور التي دخلت مرحلة التشغيل مؤخراً بطاقة إنتاجية 615 ألف برميل يومياً،  فإن الكويت متعطشة لإمدادات إضافية نظراً لزيادة الطاقة الإنتاجية للمصفاة (من المقرر إنشاء وحدة التقطير الثالثة والأخيرة في أواخر الصيف)، وقد تتجه شركة البترول الكويتية، المشغل الحكومي للمصفاة، إعادة توجيه الخام المحلي المتجه إلى سوق التصدير إلى داخل البلاد. من جهة أخرى، ارتفعت صادرات المنتجات المكررة في الكويت، والتي تتكون من زيت الوقود منخفض الكبريت وزيت الغاز / الديزل، إلى 957 ألف برميل يومياً في فبراير، لتسجل بذلك الزيادة الشهرية الخامسة على التوالي (الرسم البياني 6). وتبلغ طاقة التكرير في الكويت 1.4 مليون برميل يومياً، محتلة بذلك المركز الثاني في المنطقة بعد السعودية.

· تحرك إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة ضمن نطاق محدود هذا العام، ويبدو أنه غير قادر على الارتفاع عن 12.3 مليون برميل يومياً (+200 ألف برميل يومياً)، وفقا للبيانات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية. وفي ظل النمو المحدود لإنتاجية آبار النفط الصخري، يبدو أن الانخفاض المستمر في عدد منصات الحفر الأمريكية، والذي انخفض بنسبة 10.6% إلى 555 منصة في عام 2023، يشير إلى أن نمو الإنتاج الأمريكي قد يكون أقل من المتوقع.

· ولم يتضح بعد ما إذا كان القرار الذي اتخذته السعودية بتقليص الإنتاج سيؤدي لارتفاع أسعار النفط فوق 80 دولار للبرميل واستقرارها عند مستوى جديد. ويكاد يكون من المؤكد أن أساسيات السوق سوف تتقيد بوتيرة أشد في النصف الثاني من عام 2023 نتيجة لذلك، مما سوف يتسبب في تسارع عمليات سحب المخزون. وباستثناء فرضية انخفاض الطلب على النفط بسبب حالة من الركود الاقتصادي على سبيل المثال، تشير التوقعات لاستقرار الأسعار في النصف الثاني من 2023.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى