اقتصاد كويتي

باسل الهارون: الإصلاحات والتشريعات.. أولوية لاقتصاد مزدهر ومتنوع

تحدث محافظ بنك الكويت المركزي باسل الهارون إلى مجلة ذا بانكر حول تأثير تباطؤ النمو الاقتصادي على القطاع المصرفي الكويتي، والعملات الرقمية للبنك المركزي والمبادرات الرقمية الأخرى، ومبادرات التمويل الأخضر الناشئة في البلاد.

وعن الأولويات الاستراتيجية الرئيسية للبنك لعامي 2023 /2024، قال الهارون إن البنك يواصل صياغة استراتيجيته للفترة بين 2023 و2024، والتي تهدف إلى دعم محركات التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال تنفيذ السياسات النقدية والائتمانية المناسبة لتشجيع الاستثمار، فضلا عن تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي.

ولفت إلى أن إحدى الأولويات الرئيسية لبنك الكويت المركزي تتمثل في تعزيز ودعم الابتكار لمواصلة تطوير البنية التحتية المالية للبلاد وتنفيذ ذلك على أساس مستدام، مع الحفاظ على مستويات مناسبة لحماية العملاء.

وتابع بأن البنك يحرص في هذا الصدد بشكل خاص على تعزيز عملية الرقمنة بالقطاع المصرفي، ومن المقرر أن نبدأ العام المقبل بتعزيز البنية التحتية التنظيمية من خلال إصدار توجيهات تشمل تعليمات حول الحوسبة السحابية والإعداد الرقمي.

وردا على سؤال حول توقعات البنك المركزي للنمو الاقتصادي في 2023-2024، قال الهارون انه انسجاما مع توقعات صندوق النقد الدولي، فمن المتوقع أن ينخفض النمو العالمي من 3.4% في عام 2022 وإلى 2.9% في عام 2023، مع الأخذ بالاعتبار التحديات الرئيسية التي تشمل الظروف الجيوسياسية، وارتفاع التضخم العالمي، وتشديد السياسات النقدية في جميع أنحاء العالم، وانخفاض أسعار النفط العالمية.

أما على مستوى الكويت، فقد يكون النمو أبطأ في عام 2023، نتيجة انخفاض الطلب العالمي على النفط وتراجع الإنتاج الكويتي تنفيذا لبنود اتفاقية «أوپيك+» اعتبارا من أكتوبر الماضي، مشيرا إلى أن الكويت لم تتأثر بشكل كبير بتداعيات النزاع الروسي- الأوكراني بسبب العلاقات التجارية والمالية المحدودة مع هاتين الدولتين.

ولكن الهارون أشار الى أنه رغم ذلك هناك حالة من عدم اليقين بشأن البيئة الخارجية، لاسيما التأثير المحتمل للسياسة النقدية المتشددة في الاقتصادات الكبرى والمزيد من التباطؤ في النشاط الاقتصادي العالمي. وعلاوة على ذلك، فإن التقلبات في أسعار النفط وإنتاجه نتيجة عوامل خارجية من شأنها أن تؤثر سلبا على النشاط الاقتصادي والتوازنات الاقتصادية الكلية في البلاد.

وقال إنه من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الكويتي بنسبة تتراوح بين 2% و3% خلال 2023-2024، مشيرا إلى أن تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتنظيم المالية العامة والمصادقة على التشريعات القانونية ذات الصلة تبقى عوامل مهمة في الحفاظ على النمو لتعزيز خطة رؤية الكويت 2035، والتي تعطي الأولوية لتطوير اقتصاد كويتي مزدهر ومتنوع.

القطاع المصرفي الكويتي

وعن رأيه في النظرة المستقبلية للقطاع المصرفي الكويتي بوجه عام في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي مقارنة بالعام السابق، وأهم التحديات والفرص التي يواجهها القطاع، قال الهارون إن هذا القطاع يلعب دورا حيويا في دعم الاقتصاد من خلال تمويل المشاريع التنموية بما يتماشى مع رؤية 2035 لتحويل البلاد إلى مركز مالي وتجاري عالمي، والمساهمة في تنويع الاقتصاد غير النفطي ونموه.

وأضاف انه يمكن للبنوك المساهمة في هذه الجهود بعدة طرق، بما في ذلك توفير التمويل لقطاعات المعرفة والتكنولوجيا العالية والقطاعات ذات النمو القوي، ودعم المشاريع والصناعات ذات الأثر البيئي والاجتماعي الإيجابي من خلال طرق التمويل الأخضر، ومن خلال دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في البلاد، قطاعات السياحة والإنشاءات والتجزئة.

الاندماجات بين البنوك

وردا على سؤال حول ما إذا كانت ثمة خطط للمزيد من عمليات الاندماج والاستحواذ في السنوات المقبلة بعد استكمال استحواذ بيت التمويل الكويتي «بيتك» على بنك الأهلي المتحد البحرين، قال الهارون إن جميع المقترحات في هذا الشأن تخضع لدراسة شاملة من جميع النواحي لتحديد قيمتها المضافة لكل من البنوك المعنية والقطاع المصرفي الأوسع، إلى جانب الاستقرار المالي العام والكفاءة التشغيلية للاقتصاد.

وأكد الهارون أن البنك المركزي حريص على وجوب تحقيق أي عملية اندماج أو استحواذ، مساهمة في تحقيق أهداف البنوك المعنية من حيث النمو المستدام وتحسين المؤشرات المالية الرئيسية، دون تعريض النظام المصرفي والقطاع المالي الأوسع نطاقا لمخاطر إضافية.

العملة الرقمية

وفي معرض رده حول إمكانية إطلاق عملة رقمية للبنك المركزي الكويتي (CBDC)، قال الهارون إننا نتابع عن كثب تجارب الدول الأخرى التي أصدرت بنوكها المركزية عملات رقمية، ناهيك عن المناقشات التي تدور بين الأطراف المعنية في مختلف الدول بشأن الإيجابيات والسلبيات المختلفة.

وبناء عليه، تم تشكيل فريق خبراء من مختلف المجالات داخل بنك الكويت المركزي لدراسة الموضوع، علما ان أي إصدار من هذا القبيل يجب أن يتم بطريقة تحافظ على الاستقرار النقدي والمالي، مع الحفاظ على الثقة في نظام الدفع في الكويت.

وبعد مراجعة كاملة لمشهد المدفوعات في الكويت، استبدل بنك الكويت المركزي في عام 2022 التسوية الإجمالية في الوقت الفعلي باستخدام حل متقدم قادر بشكل أفضل على دمج خدمات الدفع المبتكرة، مع الحفاظ على الأمن والكفاءة.

ومع الاهتمام العالمي المتزايد في الآونة الأخيرة بالتمويل الأخضر ومبادئ البيئة والمجتمع والحوكمة، قال محافظ بنك الكويت المركزي إن البنك اصدر في نوفمبر 2022 إرشادات حول التمويل المستدام ومعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية بما يتماشى مع مبادئ بنك التسويات الدولية للإدارة الفعالة والإشراف على المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ.

وتتضمن هذه التوجيهات شرح أهمية التمويل المستدام وتحديد معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية. وتضمن البيان المنشور مبادئ وتوجيهات أساسية يجب على البنوك مراعاتها فيما يتعلق بالاستدامة.

تغيرات المناخ

وتشمل الجهود الإضافية التي يبذلها بنك الكويت المركزي بناء القدرات والمشاركة مع أصحاب المصلحة، بالإضافة إلى تشكيل فريق داخلي يركز على تغير المناخ لتؤدي في نهاية المطاف إلى دفع أجندة البنك المركزي المتعلقة بتغير المناخ.

وكانت هناك بعض الجهود الملحوظة من قبل عدد من البنوك المحلية في دعم معايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية وتغير المناخ من خلال المبادرات والإفصاحات والتقارير. ويشيد بنك الكويت المركزي بهذه الجهود ويشجع البنوك الأخرى على أن تحذو حذوها.

وعن التحديثات التي يمكن للبنك المركزي المشاركة فيها بشأن الشركات التي تختبر المنتجات في بيئة الحماية التنظيمية لبنك الكويت المركزي، أشار الهارون إلى إطلاق بنك الكويت المركزي إطار عمل الحماية التنظيمي في عام 2018 لدعم التقنيات الناشئة وتمكينها، ويواصل تعزيز إطار التكنولوجيا المالية، وتحديدا في مجالات المدفوعات والإقراض. ويشجع نظام الحماية والاختبار أولئك الذين يتطلعون إلى تقديم منتجات وخدمات مبتكرة لاختبار خدماتهم أو منتجاتهم في نطاق يضمن سلامة وأمن القطاع المالي والمصرفي. وتم اختبار العديد من التقنيات خلال مرحلة التجريب الخاصة بوضع الحماية التنظيمي.

ومن ثمار من وضع الحماية آنف الذكر، تم استحداث نظام آلي للتحقق من معرفة عميلك [KYC] استنادا إلى تقنية بلوكتشين وواجهات برمجة التطبيقات. وبعد اجتيازهما نظام الحماية والاختبار، حصل مصرفان محليان على موافقة بنك الكويت المركزي لإطلاق حلول «اعرف عميلك» الإلكترونية، بالتعاون مع المنتج المستحدث.

كما اجتاز منتج آخر نظام الحماية والاختبار، هو تطبيق ومنصة إلكترونية قائمة على الويب تخدم العملاء وشركات الصرافة. وتتيح لمجموعة من شركات الصرافة تقديم خدماتها إلكترونيا للعملاء. وقد حصلت أربع شركات صرافة على موافقة البنك المركزي لطرح المنتج في السوق المحلي.

وفي ختام حديثه مع مجلة ذا بانكر، قال الهارون إن عددا من المتقدمين يخضعون حاليا للتقييم بالنسبة لوضع الحماية للتقييم بما في ذلك المحفظة الإلكترونية ومنتجات الشراء الآن والدفع لاحقا. وتعتمد المنتجات التي يتم اختبارها بشكل أساسي على التطبيقات والأنظمة الإلكترونية القائمة على الويب وواجهات برمجة التطبيقات.

مواصلة النمو القوي للائتمان الكويتي

عن النظرة المستقبلية لنمو الائتمان في عامي 2023 و2024 ومصادر النمو الرئيسية المتوقعة، قال الهارون إن القطاع المصرفي حقق نموا قويا في الإقراض بنسبة 7.7% في 2022، مواكبا للنمو في 2021 رغم ارتفاعات أسعار الفائدة في 2022، وقد تضافرت عوامل منها ارتفاع أسعار النفط وزيادة تعداد السكان من الشباب واستمرار نمو الوظائف في القطاع العام في تعزيز الإقراض الاستهلاكي والعقاري.

وأضاف انه في عام 2023-2024 نتوقع أن تستمر الكويت في تحقيق نمو ائتماني قوي تماشيا مع متوسط اتجاه النمو لمدة 5 سنوات، حيث تستمر أسعار النفط في دعم الإنفاق الحكومي.

اعتدال التضخم.. يعكس فعالية سياسات «المركزي»

تحدث باسل الهارون عن مدى قلق بنك الكويت المركزي من التضخم في ظل الارتفاعات الأخيرة، حيث قال ان ارتفاع أسعار الطاقة والسلع، إلى جانب عدم استقرار سلاسل التوريد العالمية، هما المصدران الرئيسيان للتضخم المستورد في الكويت، بسبب الطبيعة المفتوحة للاقتصاد واعتماده على الواردات.

وفي إطار جهوده للسيطرة على التضخم المتزايد، رفع البنك سعر الخصم 8 مرات منذ مارس 2022، وقام بتغيير معدلات الأسعار الخاصة بأدوات السياسة النقدية بنسب متفاوتة في سياق هيكلة أسعار الفائدة بالكامل.

وأشار إلى تراجع التضخم السنوي مؤخرا إلى 3.2% في فبراير 2023 من متوسط 4% في عام 2022، واصفا هذا الأداء بالاعتدال والاستقرار النسبي، وأنه يعكس فعالية السياسات النقدية والمالية، وسياسات دعم الغذاء والطاقة الحكومية التي تهدف إلى الحد من نقل ارتفاع الأسعار العالمية إلى السوق المحلي.

منح موافقات مبدئية لبنوك رقمية.. قريباً

سألت مجلة ذا بانكر محافظ بنك الكويت المركزي عما إذا كانت ثمة خطط في المستقبل القريب لإصدار أي تراخيص بنكية تقتصر على الخدمات الرقمية بعد نشر اللوائح الخاصة بتراخيص الخدمات المصرفية الرقمية في العام الماضي، فأجاب بأن البنوك الرقمية، وطبقا للتوجيهات الصادرة في عام 2022، يمكنها العمل ضمن 3 نماذج رئيسية، هي:

٭ النموذج الأول: ان تعمل كوحدة داخل بنك تقليدي.

٭ النموذج الثاني: الدخول في شراكة بين مثل هذا البنك ومؤسسة رقمية بحيث يضطلع البنك بالعمليات المصرفية الأساسية، بينما يتولى الطرف الثاني العلاقات مع العملاء والعلامات التجارية ومجالات التشغيل والخدمات الأخرى.

٭ النموذج الثالث: إنشاء بنك رقمي مستقل.

وكشف الهارون عن تلقى بنك الكويت المركزي العديد من الطلبات ومن المتوقع منح الموافقات المبدئية قريبا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى