اقتصاد دولي

تحذيرات جديدة من خسائر وشيكة للجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي

في الوقت الذي تمكنت فيه الحكومة المصرية من تجاوز أزمة تكدس البضائع في الموانئ المصرية وتوفير نحو 18 مليار دولار لإنهاء الأزمة، رجح تقرير حديث، أن تعلن مصر خفضاً جديداً في قيمة الجنيه المصري في المستقبل القريب.

وفي مذكرة بحثية حديثة، توقع بنك “سوسيتيه جنرال”، أن “يكون الخفض المحتمل بواقع 10 في المئة”، إذ قال محللون استراتيجيون بالبنك، إن “مصر ستحتاج إلى عملة أرخص نظراً إلى كبر حجم عجز الحساب الجاري ونقص الدولار”. أضافوا أنه “على رغم فقدان الجنيه نحو 50 في المئة من قيمته مقابل الدولار الأميركي خلال العام الماضي، بعد خفض قيمته ثلاث مرات، فإن العملة لم تصل بعد إلى سعر صرف متوازن قصير الأجل”.

أسعار فائدة سالبة

وأشاروا، إلى أن “الافتقار إلى إجراءات تشديد السياسة النقدية الحاسمة من قبل البنك المركزي المصري يثير تساؤلات حول صدقية التزامه بتنفيذ تعهده باستهداف التضخم”، ،لافتين إلى أن “أسعار الفائدة الحقيقية تظل سالبة بناء على القرارات التي جرى اتخاذها أو تلك التي تخطط لتنفيذها”.

في تلك الأثناء تواجه مصر محنة اقتصادية وأسوأ أزمة سيولة أجنبية منذ سنوات، في ظل خفض تصنيفها الائتماني إلى ما دون الدرجة الاستثمارية وسط ارتفاع تضخم أسعار المواد الغذائية في أعقاب الوباء وحرب روسيا في أوكرانيا.

في غضون ذلك تعمل الحكومة المصرية على تنفيذ خطة إنقاذ بقيمة ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي مع وصول فجوتها التمويلية إلى 17 مليار دولار، مما أدى إلى الضغط على الجنيه المصري، الذي كان خامس أسوأ العملات أداء في العالم خلال العام الماضي وفقاً لتقارير دولية.

ورجح المحللون بـ”سوسيتيه جنرال”، أن “ينهي الجنيه الربع الحالي عند 34 مقابل الدولار الأميركي، مقارنة بسعره الجمعة الماضي عندما سجل 30.62 للدولار”، وأشاروا إلى أنه “مع عودة تدفقات المحافظ الاستثمارية الأجنبية سيحتاج البنك المركزي إلى إعطاء الأولوية لإعادة بناء احتياطاته من العملات الأجنبية، وهو ما سيضع ضغوطاً إضافية على الجنيه”.

وتابع المحللون أنه “نتيجة لذلك، فإننا نتمسك بتوقعاتنا للدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري التي تعبر عن الاحتمالية المتزايدة لحدوث خفض حاد آخر في قيمة العملة في المدى القريب”.

السوق السوداء للصرف تقترب من الانهيار

وكانت الفجوة بين أسعار الصرف في السوق الرسمي والسوداء، قد بلغت ذروتها خلال الأسبوع الأخير من العام الماضي، حينما سجل سعر صرف الدولار خارج السوق الرسمية مستوى 38 جنيهاً، لكن مع تحركات البنك المركزي لإنهاء أزمة البضائع المكدسة، انهار سعر صرف الدولار في السوق الموازية إلى مستوى لا يتجاوز 31 جنيهاً في الوقت الحالي، مقابل نحو 30.62 جنيه في السوق الرسمية.

وبسبب انهيار الطلب من قبل المستوردين وشركات الاستيراد على دولار السوق السوداء، فقد توقف عدد كبير من كبار التجار والمضاربين في سوق الصرف عن العمل، كما تفاقم حجم المعروض من الدولار، وهو مما أدى إلى تضييق الفجوة السعرية بين السوقين الرسمية والموازية.

في السوق الرسمية، جاء أعلى سعر لصرف الدولار لدى مصرف أبوظبي الإسلامي عند مستوى 30.57 جنيه للشراء، مقابل 30.62 جنيه للبيع. ولدى البنك المركزي المصري، استقر سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء، عند مستوى 30.53 جنيه للشراء، مقارنة بنحو 30.62 جنيه للبيع.

وفي 22 بنكاً بقيادة البنك التجاري الدولي مصر، وبنك الكويت الوطني، استقر سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء عند مستوى 30.52 جنيه للشراء، مقابل 30.62 جنيه للبيع. وكان أقل سعر لصرف الدولار في أربعة بنوك بقيادة البنك الأهلي المصري وبنك مصر، عند مستوى 30.42 جنيه للشراء، مقابل 30.52 جنيه للبيع.

ومنذ مارس (آذار) من العام الماضي، تشهد سوق الصرف في مصر تحركات مكثفة من قبل الحكومة المصرية والبنك المركزي المصري، للسيطرة على أكبر أزمة في سوق الصرف منذ إطلاق برامج الإصلاح الاقتصادي في بداية نوفمبر من عام 2016، لكن منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما تمكنت الحكومة من الإفراج عن بضائع تتراوح قيمتها الإجمالية بين 17 و18 مليار دولار، مما تسبب في القضاء على المضاربات العنيفة التي كانت تحدث في السوق السوداء.

أول صكوك سيادية بقيمة 1.5 مليار دولار

وقبل أيام، أعلنت الحكومة المصرية عن بيع أول صكوك سيادية في تاريخها بقيمة 1.5 مليار دولار لأجل ثلاث سنوات وجذب الطرح الدولي طلبات قيمتها 6.2 مليار دولار، لتتجاوز نسبة التغطية أربع مرات وهبط العائد عقب ذلك بأكثر من 0.6 نقطة مئوية من 11.625 في المئة إلى 11 في المئة.

وتعد مصر إحدى أكثر دول الشرق الأوسط مديونية وتعرض اقتصادها البالغ حجمه 400 مليار دولار لصدمات الغزو الروسي لأوكرانيا، باعتبارها من أكبر مستوردي القمح في العالم، إضافة لكون البلدين المتنازعين من أهم مصادر السياحة إلى مصر، كما تواجه البلاد نقصاً في العملات الأجنبية.

لكن من المرجح أن يساعد هذا الإصدار الجديد، الحكومة المصرية، على سداد سندات دولية لأجل خمس سنوات قيمتها 1.25 مليار دولار، مستحقة بتاريخ 21 فبراير (شباط) الحالي، وتولى كل من “سيتي غروب”، و”كريدي أغريكول أس أي”، و”الإمارات دبي الوطني كابيتال”، و”بنك أبوظبي الأول”، و”أتش أس بي سي”، و”بنك أبوظبي الإسلامي” دور المديرين المشتركين للصفقة ومديري الاكتتاب.

وفي إطار إصلاح اقتصادها، بما يعزز فرص حصولها على دعم مالي من مؤسسات التمويل الدولية وحلفاء إقليميين، أعادت السلطات المصرية إحياء برنامج الطروحات الحكومية وستكون البداية بـ32 شركة. ويتضمن البرنامج الأخير الذي أبرمته مصر بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي، ويستمر46 شهراً، التزاماً بتقليص السيطرة على الشركات التي تديرها الدولة.

تترقب القاهرة الحصول على 14 مليار دولار من الشركاء

ومن المتوقع أن يفتح البرنامج سبيلاً لحصول مصر على نحو 14 مليار دولار إضافية من شركاء دوليين وإقليميين، في الوقت الذي يقدر صندوق النقد فجوة التمويل الخارجي لدى مصر بنحو 17 مليار دولار.

 وبحسب بيانات البنك المركزي المصري، يبلغ حجم الدين الخارجي للبلاد نحو 155 مليار دولار ولدى مصر ديون مستحقة بنحو 39 مليار دولار بعملتي الدولار واليورو، منها 1.75 مليار دولار مستحقة هذا العام، و3.3 مليار دولار مستحقة خلال العام المقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى