اقتصاد دولي

حكاية صفقة الهيدروجين في «نيوم»… بين الصحاري والعواصم

تمضي السعودية في خططها الرامية لإنتاج الطاقة النظيفة والمتجددة، ضمن برنامجها للوصول إلى الحياد الصفري والحد من الانبعاثات الكربونية، إذ أعلنت شركة «نيوم للهيدروجين الأخضر»، الإثنين الماضي، عن إتمام مرحلة الإغلاق المالي لمشروع إنشاء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم باستثمار إجمالي قدره 8.4 مليار دولار، وذلك بعد توقيعها مستندات مالية مع 23 مصرفاً وشركة استثمار محلية وإقليمية ودولية. ويجري بناء المصنع في مدينة «أوكساجون» ضمن منطقة «نيوم» الواقعة شمال البلاد، وأبرمت الشركة كذلك اتفاقية تنفيذ أعمال الهندسة والمشتريات والبناء مع شركة «إير برودكتس»، بصفتها شركة المقاولات المسؤولة عن تنفيذ هذه الأعمال وضمان تكامل الأنظمة على مستوى المصنع بشكل عام.
يرى مدير المركز العالمي للدراسات التنموية في المملكة المتحدة صادق الركابي أن «الرياض تدرك أن الأسواق العالمية ستبقى معتمدة على النفط لسنوات مقبلة، ولكنها وضمن استراتيجيتها للتحول إلى الطاقة النظيفة وللوصول إلى الحياد الكربوني عام 2060 إضافة إلى تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل ولخلق مزيد من فرص العمل ودخول أسواق جديدة تقوم بالاستثمار في سوق الهيدروجين الأخضر الخالي من الكربون».
وأضاف «تمتلك السعودية كل الإمكانات المادية والتقنية لتحقيق ذلك إضافة لعملها الحالي مع عدد من المستثمرين الدوليين لتوسيع نطاق البنية التحتية اللازمة للدخول في هذه السوق التي تصل حجمها إلى 700 مليون دولار خلال العامين القادمين، لذلك فإن الاستثمار في سوق الهيدروجين الأخضر سيكون فرصة تنافسية لها، بخاصة مع وجود المساحات الشاسعة والظروف البيئية المناسبة من شمس ورياح ومياه بحر، بالتالي سوق الهيدروجين الأخضر ليست منافسة للنفط، وإنما ستكون رديفاً يدعم الطلب العالمي المتنامي على الطاقة». كلفة أقل:- يتابع الركابي «أما بالنسبة إلى الكلفة في إنتاج كيلوغرام واحد من الهيدروجين الأخضر فهي في حدود خمسة دولارات، في حين أن السعودية قادرة على إنتاج ذات الكمية بكلفة تصل إلى 1.5 دولار لكل كيلوغرام مما يعطيها ميزة وقدرة تنافسية عاليتين قد تجعلاها من أكبر الدول المصدرة للهيدروجين الأخضر». واختتم حديثه بالقول، إن «الاستثمار في الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر هو استعداد مبكر من قبل القيادة السعودية لإعطاء البلاد المرونة الكافية للتحولات الكبيرة في سوق الطاقة العالمية».
التمويل الأكبر:- وبالعودة لإتمام عملية تمويل إنشاء مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر، قالت شركة «نيو» للهيدروجين الأخضر، إنها اعتمدت شركة «أس أند بي غلوبال» للتصنيفات الائتمانية، باعتبارها طرفاً ثانياً مستقلاً يقدم رأياً موضوعياً، لهيكلية التمويل من دون حق الرجوع، تأكيداً على التزام المشروع شروط القروض الخضراء، علماً أن هذا التمويل هو الأكبر من نوعه في إطار التمويل الأخضر، وقامت شركة «إير برودكتس» بدورها بمنح عقود رئيسة لعدد من الشركاء في مجالي التكنولوجيا والبناء.
كما أبرمت شركة «نيوم» للهيدروجين الأخضر، اتفاقية حصرية لمدة 30 عاماً مع شركة «إير برودكتس» التي ستقوم بشراء كامل الأمونيا الخضراء التي سينتجها المصنع، في خطوة تهدف إلى اغتنام الفرص الاقتصادية المرتبطة بالطاقة المتجددة ضمن مختلف مراحل سلسلة القيمة.
وسينتج مصنع الهيدروجين التابع لشركة «نيوم» للهيدروجين الأخضر، الذي هو عبارة عن شراكة متكافئة لتنفيذ مشروع مشترك بين «أكوا باور» و»إير برودكتس» و»نيوم»، ما يصل إلى أربعة غيغاواط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي ستستخدم بدورها لإنتاج ما يصل إلى 600 طن متري يومياً من الهيدروجين الخالي من الكربون مع نهاية عام 2026، وذلك على شكل أمونيا خضراء كحل فعال من ناحية الكلفة لقطاعي النقل والصناعة على المستوى العالمي.
موارد طبيعية:- وقال رئيس مجلس إدارة شركة «نيوم للهيدروجين الأخضر»، المهندس نظمي النصر «يعد هذا المشروع الأول من نوعه في العالم لإنتاج الهيدروجين على نطاق واسع، في خطوة رائدة نحو قيادة المساعي العالمية الرامية إلى التحول نحو الهيدروجين كمصدر للطاقة المتجددة، ومع بلوغنا مرحلة الإغلاق المالي لهذا المشروع، ستتسارع بشكل ملحوظ وتيرة الأعمال التي يجري تنفيذها على الأرض لترجمتها إلى واقع ملموس». وأضاف «يستفيد مشروع من الشركة من الموارد الطبيعية الوفيرة التي تزخر بها ’نيوم’، لدعم الجهود العالمية الرامية إلى إنتاج واستخدام الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع، بما يسهم بالتالي في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية ضمن رؤية 2030».
من جانبه، وصف الرئيس التنفيذي للشركة، ديفيد إدموندسون، إتمام مرحلة الإغلاق المالي للمشروع كإنجاز في مسيرة الشركة نحو تبني الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع كحل نظيف لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة حول العالم. أضاف «أتاح لنا ذلك إبرام اتفاقيات تنفيذ أعمال الهندسة والمشتريات والبناء مع شركة ’إير برودكتس’ بقيمة 6.7 مليار دولار، ونعمل حالياً بوتيرة متسارعة لإنشاء أكبر مصنع في العالم لإنتاج الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع، علماً أنه من المقرر البدء بعمليات الإنتاج في نهاية عام 2026».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى