اقتصاد دولي

خفض مرتقب لمتوسط فواتير الطاقة في بريطانيا

من المتوقع أن يشهد متوسط فواتير الطاقة المنزلية في المملكة المتحدة تراجعاً إلى أقل من ألفي جنيه استرليني (2520 دولاراً أميركياً) للمرة الأولى منذ أكثر من عام، بعدما أعلنت الهيئة المنظمة للقطاع وهي “مكتب أسواق الغاز والكهرباء” (أوفغام) Office of Gas and Electricity Markets (Ofgem) خفض الحد الأقصى للسعر بنحو 7 في المئة.

لكن ناشطين نبهوا إلى أن ملايين الأسر في بريطانيا، ستواصل مواجهة صعوباتٍ في تسديد فواتيرها، التي ستظل أعلى بمئات الجنيهات عما كانت عليه في شتاء العام 2021، قبل أن تقفز تكاليف الطاقة صعوداً بشكل كبير.

ويُعد سقف أسعار فواتير الطاقة الحد الأقصى للمبلغ الذي يدفعه العميل لقاء وحدات الغاز والكهرباء، إضافةً إلى الرسوم اليومية الدائمة. وتتم مراجعة هذا السقف 4 مراتٍ في السنة في الشتاء والربيع والصيف والخريف.

وقد أعلنت الهيئة المنظمة للطاقة “أوفغام” يوم الجمعة، أنها خفضت السعر الذي يمكن لمزود أن يتقاضاه لقاء الغاز من 6.9 بنساً (8.70 سنت) عن كل كيلووات ساعة kWh في اليوم، إلى 6.89 بنس (8.68 سنت) اعتباراً من مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وسينخفض في الوقت نفسه سعر الكهرباء من 30.1 بنس (37.93 سنت) لكل كيلووات ساعة، إلى 27.35 بنس (34.46 سنت). وهذا يعني أن متوسط فواتير الأسر في كل من إنجلترا وويلز واسكتلندا سينخفض من 2074 جنيهاً (2613.24 دولار) في السنة إلى 1923 جنيهاً (2423 دولاراً).

يُذكر أن حكومة المملكة المتحدة كانت قد قدمت في العام الماضي عدداً من حزم الإعانات المالية، لمساعدة الأسر على دفع فواتير الوقود.

لكن هذه المساعدة نفدت، ويتخوف الناشطون من أن يكون الشتاء المقبل أسوأ بالنسبة إلى الأسر في مختلف أنحاء البلاد، التي تعاني أساساً من ارتفاع تكاليف الرهن العقاري والغذاء والاقتراض.

وقد نبه “مكتب أسواق الغاز والكهرباء” نفسه إلى أن عدداً من الأسر لن يشعر بمنفعةٍ ملحوظة من تخفيض الحد الأقصى لسعر الطاقة الذي أعلن عنه يوم الجمعة.

وفيما رحب جوناثان برييرلي الرئيس التنفيذي لـ “مكتب أسواق الغاز والكهرباء،” بقرار خفض الحد الأقصى للأسعار معتبراً أنه “خبرٌ سار” للأسر في البلاد، أبدى تحفظاً لجهة أنه لا يستطيع تقديم “أي تأكيدات” بأن هذا الشتاء سيكون أسهل من الشتاء السابق.

وأضاف برييرلي في مقابلةٍ أجرتها معه قناة “سكاي نيوز”: “طبعاً سيكون (هذا الخفض) مفيداً إذا عاودت الحكومة تقديم الدعم المالي للأسر لمساعدتها مباشرةً في سداد فواتيرها”.

الدايم كلير موريارتي الرئيسة التنفيذية لمنظمة “سيتيزنز أدفايس” Citizens Advice (الخيرية المتخصصة في تقديم المشورة ومساعدة الأفراد في مشكلاتهم القانونية والديون)، دعت الحكومة إلى “النظر بجدية” في تقديم دعمٍ إضافي لإعانة الأفراد الأكثر تضرراً من آثار ارتفاع كلفة فواتير الطاقة.

وفي وقتٍ سابق من هذا الأسبوع، لفتت المنظمة إلى أن عدداً قياسياً من الأشخاص يتقدمون بطلبات للحصول على مساعدة في تسديد فواتير الطاقة.

يُشار هنا إلى أن نحو 7 ملايين و800 ألف شخص في المملكة المتحدة لجأوا إلى اقتراض المال لدفع فواتيرهم في الأشهر الستة الأولى من السنة الحالية 2023. وقال فردٌ من كل أربعة إن تكاليف الغاز والكهرباء هي من الأساسيات التي يشعرون بقلق في شأن تأمين مدفوعاتها.

وأوضحت منظمة “سيتيزنز أدفايس” أن أبحاثها دلت على أن فئات الأشخاص ذوي الإعاقة والآباء الوحيدين والأسر ذات الدخل المنخفض التي يقل دخلها عن 29 ألف جنيه في السنة (36540 دولاراً)، ستكون الأكثر تضرراً هذا الشتاء.

وجاء في تقديراتها أن أسرةً متوسطة يمكن أن تتوقع أن تدفع “أكثر بقليل” في الشتاء المقبل، عما كانت تدفعه في الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) من عام 2023 – إذا ما استمرت التوقعات الراهنة – بسبب إيقاف الدعم الحكومي، وإعادة النظر في الحد الأقصى للسعر مرة أخرى في فصل الشتاء المقبل.

مؤسسة “ناشيونال إنيرجي أكشن” National Energy Action (منظمة خيرية لمكافحة فقر الوقود) أكدت أن 6.36 مليون و300 ألف شخص سيظلون يعانون من فقر الوقود، على رغم الخفض الطفيف في تكاليف الطاقة.

أما ريتشارد نيوديغ المدير التنظيمي في موقع Uswitch.com، وهو منصة تساعد المستهلكين في تحديد أسعار الغاز والكهرباء الأكثر ملاءمة (من خلال تقديم خدمة مقارنة الأسعار لدعم المستهلكين في الحصول على عروض جيدة في مجالاتٍ عدة)، فرأى أن أي منافع من إعلان هيئة “أوفغام” يوم الجمعة، قد تكون عابرة وقصيرة الأجل مع اقتراب فصل الشتاء، وهو الموسم الذي تستهلك فيه الأسر بشكل عام المزيد من الطاقة.

وأضاف نيوديغ أن أسرةً نموذجية قد تتمكن من ادخار فقط ما يقرب من 47 جنيهاً (59.22 دولار) في الربع الآتي من السنة، مقارنةً بالمعدلات الراهنة. وحذر من أنه من المتوقع أن تظل نفقات الطاقة مرتفعةً لفترة طويلة، قائلاً: “إننا نجد أنفسنا في وضعٍ يُتوقع معه منا أن نقبل ببساطة دفع تكاليف طاقة باهظة الثمن”.

“حزب الخضر” البريطاني كرر نداءه للحكومة لتنفيذ مبادرة العزل الحراري للمنازل، لمساعدة الأسر على خفض كلفة فواتيرها، والتقليل من استهلاك الطاقة.

أما حزب “العمال” المعارض فتعهد بوضع خططٍ “لسد الثغرات” القائمة، وفرض ضريبة “كبيرة” غير متوقعة على أرباح شركات النفط والغاز العملاقة، للمساعدة في تمويل الدعم لفواتير الطاقة.

وزير الدولة البريطاني لشؤون الطاقة أندرو باوي، أعرب عن وجهة نظر إيجابية حيال تخفيض سقف الأسعار، واصفاً الخطوة بأنها “مشجعة للغاية”.

وقال رداً على سؤال طُرح عليه في برنامج “بي بي سي بريكفست” BBC Breakfast  عما إذا كان متوسط فاتورة الطاقة المنزلية السنوية النموذجية يُعتبر “سعراً عادلاً ومعقولاً”: “أعتقد أنه أمرٌ مشجع للغاية. إنه لخبرٌ مفرح أن سقف أسعار الطاقة يتخذ منحى تنازلياً”.

وفي مقابلةٍ منفصلة أجرتها معه قناة “سكاي نيوز”، أكد أن الحكومة البريطانية ستنظر بعناية في “أي طرح وخيارات محتملة”، في ما يتعلق بفواتير الطاقة في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى