اقتصاد خليجي

سوق المشاريع بدول مجلس التعاون الخليجي أبريل 2024

أنشطة ترسية المشاريع تشهد نمواً ملحوظاً على الرغم من التحديات المستمرة

نجحت أنشطة ترسية المشاريع في الدول الخليجية في تخطي المخاوف حيال التوترات الجيوسياسية على المستويين الإقليمي والعالمي وتمكنت من الارتفاع بنسبة 20.3 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من العام 2024 لتصل قيمتها إلى 45.0 مليار دولار أمريكي مقابل 37.4 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2023. كما تمكن هذا الاتجاه من مواجهة التحديات الناجمة عن خفض حصص إنتاج النفط التي أثرت على النمو الاقتصادي في المنطقة كما يتضح من أحدث التوقعات الصادرة عن صندوق النقد الدولي الذي خفض توقعات النمو الاقتصادي للدول الخليجية للعام 2024 إلى 2.4 في المائة مقارنة بتوقعاته السابقة البالغة 3.7 في المائة. ويؤكد نمو عقود ترسية المشاريع في الدول الخليجية على عزم حكومات المنطقة على متابعة تنفيذ مشاريع التنويع الاقتصادي، فضلا عن الدعم التمويلي الذي تقدمه الحكومة.

المصدر: ميد وبحوث كامكو إنفست
وانقسم نمو ترسية عقود المشاريع في الدول الخليجية بالتساوي عبر مختلف الدول في الربع الأول من العام 2024، حيث سجلت ثلاث من أصل ست دول خليجية نمواً على أساس سنوي في قيمة المشاريع التي تمت ترسيتها، بما في ذلك اثنان من أكبر المشاريع في السعودية وقطر، في حين شهدت الدول الثلاث المتبقية انخفاضاً. وجاءت السعودية في الصدارة باستحواذها منفردة على أكثر من نصف قيمة العقود المسندة في المنطقة الخليجية خلال الربع الأول من العام 2024 بقيمة إجمالية بلغت 23.5 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2024 مقابل 19.1 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2023 متجاهلة بذلك توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي المخيبة للآمال التي أصدرها صندوق النقد الدولي ومواصلة مسار النمو غير النفطي بوتيرة قوية. وبالمقارنة، شهدت القيمة الإجمالية للعقود المسندة في الإمارات انخفاضاً هامشياً بنسبة 1 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى 11.5 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2024 مقابل 11.6 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2023. من جهة أخرى، قفزت القيمة الإجمالية للعقود المسندة في قطر بنسبة 68.5 في المائة على أساس سنوي خلال الربع الأول من العام 2024 لتصل إلى 6.1 مليار دولار أمريكي مقابل 3.6 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2023.
وعلى الصعيد القطاعي، شهد الربع الأول من العام قفزة هائلة في قيمة المشاريع المسندة ضمن قطاعي الغاز والنفط. إذ قفزت قيمة عقود قطاع الغاز في الدول الخليجية بأكثر من 19 ضعف في الربع الأول من العام 2024 لتصل إلى 7.4 مليار دولار أمريكي مقابل 382 مليون دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2023. من جهة أخرى، ارتفعت القيمة الإجمالية للعقود المسندة ضمن قطاع النفط الخليجي بنحو سبعة أضعاف لتصل إلى 9.0 مليار دولار أمريكي خلال هذا الربع، مما يجعله المساهم الأكبر من حيث النمو المطلق في قيمة العقود المسندة في المنطقة الخليجية خلال هذا الربع.

 

السعودية
بعد التحركات القوية على كافة اصعدة تطوير المشاريع، كشفت بعض التقارير الصادرة مؤخراً قيام السعودية بتغيير استراتيجيتها، حيث من المتوقع أن تتبع المملكة نهجاً أكثر تركيزاً. وأوضح احد التقارير أن السعودية ستركز على إعطاء الأولوية للمشاريع بدلا من فكرة التطوير الشامل بدءاً من الانتهاء من وحدات المرسى الخاص بمشروع ذا لاين في نيوم. وعلى صعيد التمويل، سيكون هناك أيضا تمويل خارجي بما في ذلك إصدار أدوات الدين من قبل مختلف الأطراف المشاركة في المشروع. ويشمل ذلك الحملة الترويجية الأخيرة التي قامت بها نيوم للمستثمرين الصينيين والتي توضح بالتفصيل الخطط الخاصة بمنتجع تزلج مستقبلي وناطحات سحاب بطول 170 كيلومترا. كما كشف تقرير صادر عن وكالة بلومبرج خطط تقليص مشروع “ذا لاين” بحلول العام 2030، على الرغم من تحقيق الأهداف العامة للمشروع حتى الآن. وأظهرت البيانات الشهرية ان ترسية المشاريع العملاقة السعودية شهدت انخفاضاً خلال شهر مارس، وفقا لمجلة ميد. إذ انخفضت القيمة الإجمالية للعقود المسندة إلى 271.0 مليون دولار أمريكي في مارس 2024 مقابل 509.0 مليون دولار أمريكي في فبراير 2024 و5.6 مليار دولار أمريكي في يناير 2024. وبلغت القيمة الإجمالية للمشاريع التي تمت ترسيتها منذ إطلاقها 57.0 مليار دولار أمريكي، وفقاً لمجلة ميد.

واستحوذت السعودية على أكثر من نسبة 52.2 في المائة من إجمالي المشاريع التي تمت ترسيتها خلال الربع الأول من العام 2024 بقيمة بلغت 23.5 مليار دولار أمريكي. وحققت المملكة هذا الإنجاز على الرغم من انخفاض إجمالي قيمة المشاريع المسندة على أساس سنوي ضمن قطاعات الانشاءات والنقل والكيماويات. ويعزى هذا النمو بصفة رئيسية إلى قطاع الغاز الذي شهد قفزة في القيمة الإجمالية للعقود المسندة من 40 مليون دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2023 إلى 6.2 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2024. وبالمثل، تحسنت القيمة الإجمالية للمشاريع التي تم ترسيتها ضمن قطاع المياه في الربع الأول من العام 2024 بنسبة 170.1 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى 6.3 مليار دولار أمريكي مما ساهم في تعزيز إجمالي قيمة العقود المسندة في المملكة خلال الربع. ومن أبرز العناصر الجوهرية التي ساهمت في تعزيز نمو القيمة الإجمالية للمشاريع المسندة في المملكة خلال هذا الربع تسريع وتيرة رؤية 2030 من حيث ترسية عقود المشاريع التنموية في ظل تسريع المملكة وتيرة تنفيذ مبادراتها المختلفة.
وكان هناك عدداً من المشاريع البارزة التي تمت ترسيتها في السعودية خلال الربع الأول من العام 2024. ومن أكبر العقود التي تم ترسيتها في المملكة خلال هذا الربع مشروع بقيمة 1.8 مليار دولار أمريكي لبناء استاد جدة المركزي الذي قامت بطرحه شركة وسط جدة للتطوير، وحصلت على عقد بنائه شركة السكك الحديدية الصينية التي تتخذ من بكين مقراً لها. وحتى الآن، قامت شركة وسط جدة للتطوير بترسية أربعة مشاريع خلال هذا الربع تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 3.2 مليار دولار أمريكي.

الامارات
انخفضت القيمة الإجمالية للمشاريع المسندة في الإمارات هامشياً بنسبة 1 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من العام 2024 لتصل إلى 11.5 مليار دولار أمريكي مقابل 11.6 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2023. ونجح سوق المشاريع في الإمارات في الحفاظ على مكانته كثاني أكبر أسواق المشاريع على مستوى الدول الخليجية خلال هذا الربع على الرغم من انخفاض حصته من إجمالي المشاريع الخليجية المسندة من نسبة 30.9 في المائة في الربع الأول من العام 2023 إلى نسبة 25.5 في المائة في الربع الأول من العام 2024. وتمتاز الإمارات حالياً بثاني أعلى معدل نمو اقتصادي متوقع بين الدول الخليجية للعام 2024 بنسبة 3.5 في المائة، هذا إلى جانب التوقعات التي تشير إلى حفاظها على مسارها الحالي متجاهلة حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي وتأثير الصراعات المستمرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ومن المتوقع أن يشهد القطاع الاقتصادي غير النفطي في الإمارات، والذي ساهم بنحو 70 في المائة من النمو المسجل في العام 2023، المزيد من التحسن في العام 2024. من جهة أخرى، أقر المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي إطلاق 144 مشروعاً في كافة أنحاء الإمارة بقيمة تقدر بنحو 18 مليار دولار أمريكي. وتمت الموافقة على الجزء الأكبر من التمويل أو أكثر من 16 مليار دولار أمريكي من المبلغ الإجمالي البالغ 18 مليار دولار أمريكي وتخصيصها لتطوير مشاريع الإسكان والمرافق العامة، في حين تم تخصيص 1.9 مليار دولار أمريكي للمشاريع المتعلقة بالتعليم ورأس المال البشري.
وعلى الصعيد القطاعي، استحوذ قطاع الإنشاءات مرة أخرى على نصيب الأسد، وجاء في صدارة القطاعات التي شهدت أعلى قيمة لترسية المشاريع الجديدة في الإمارات، مستحوذاً على نسبة 52.2 في المائة من إجمالي قيمة المشاريع المسندة في الدولة خلال الربع الأول من العام 2024 بقيمة بلغت 6.0 مليار دولار أمريكي مقابل 8.4 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2023، ومسجلاً انخفاضاً بنسبة 28.9 في المائة على أساس سنوي. في المقابل، كان القطاعين الصناعي والنفطي من أكبر القطاعات التي شهدت نمو قيمة العقود المسندة خلال الربع الأول من العام 2024. إذ قفزت القيمة الإجمالية للمشاريع المسندة في القطاع النفطي بأكثر من سبعة عشر ضعفاً لتصل إلى 3.2 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2024 مقابل 190 مليون دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2023. وبالمثل، قفزت القيمة الإجمالية للمشاريع التي تمت ترسيتها ضمن قطاع الطاقة بأكثر من 12 ضعف لتصل إلى 1.1 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2024 مقابل 86 مليون دولار أمريكي.

قطر
ارتفعت القيمة الإجمالية للعقود المسندة في قطر بنسبة 68.5 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى 6.1 مليار دولار أمريكي خلال الربع الأول من العام 2024 مقابل 3.6 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2023، وفقاً للبيانات التي جمعتها مجلة ميد. ويعزى نمو قيمة العقود التي تمت ترسيتها في المقام الأول إلى القفزة الهائلة التي شهدتها عقود قطاع النفط خلال الربع الأول من العام 2024 والتي مثلت نسبة 80.5 في المائة من إجمالي قيمة العقود المسندة في قطر خلال العام. وقفزت القيمة الإجمالية لمشاريع القطاع النفطي التي تمت ترسيتها من عدم ترسية أي عقود في الربع الأول من العام 2023 إلى 4.9 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2024 مما يعكس ترسية عقود الهندسة والمشتريات والبناء بقيمة 6 مليار دولار أمريكي لزيادة إنتاج النفط من حقل الشاهين البحري بنحو 100 ألف برميل يومياً. ويعد هذا المشروع ثالث توسعة للطاقة الاستيعابية لحقل الشاهين النفطي. ويخضع حقل الشاهين النفطي، الذي يقدر أن تبلغ طاقته الإنتاجية 300 ألف برميل يومياً، لأعمال توسعة لزيادة طاقته الانتاجية لأكثر من ستة أعوام. وارتفعت القيمة الإجمالية للعقود المسندة ضمن قطاع الإنشاءات في قطر بنسبة 347.4 في المائة لتصل إلى 519 مليون دولار أمريكي مقابل 116 مليون دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2023. وبالمثل، تحسنت القيمة الإجمالية للعقود المسندة ضمن قطاع الطاقة بنسبة 49.1 في المائة لتصل إلى 489 مليون دولار أمريكي خلال نفس الفترة.

الكويت
كانت قيمة العقود المسندة في الكويت خلال الربع الأول من العام الحالي مخيبة للآمال. ووفقا لمجلة ميد، بلغت القيمة الإجمالية للمشاريع المسندة 327 مليون دولار أمريكي خلال الربع الأول من العام 2024 مقابل 1.8 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2023. وعلى الرغم من الأداء الضعيف الذي شهده سوق المشاريع خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام، يستعد المقاولون حاليا لتقديم عطاءات لمشاريع كبيرة، خاصة ضمن قطاع النفط. ووفقاً لمجلة ميد، اشترت سبع شركات وثائق مناقصة مشروع مستودع الوقود المخطط له في منطقة المطلاع في الكويت. وتبلغ قيمة المشروع الذي طرحته شركة البترول الوطنية الكويتية المملوكة للدولة 850 مليون دولار أمريكي.
ومن أبرز العقود التي تمت ترسيتها خلال الربع الأول من العام 2024 عقد تصميم بقيمة 100 مليون دولار أمريكي لتحديث مصفاة ميناء الأحمدي. ويتضمن العقد مشروع إصلاح محطة إزالة الغاز الحمضي في مصفاة ميناء الأحمدي ويشمل نطاق المشروع أيضاً الأعمال الاستشارية. وفي الوقت الحالي، تقدر مجلة ميد قيمة المشاريع المستقبلية بنحو 105.5 مليار دولار أمريكي، منها ما نسبته 58.1 في المائة في مرحلة الدراسة ونسبة 11.2 في المائة في مرحلة التصميم. ومن حيث نسبة المشاريع المستقبلية، من المتوقع أن يحصل قطاع الكهرباء على 27.2 في المائة أو 28.7 مليار دولار أمريكي ليتصدر القائمة كأكبر قطاع من حيث العقود المتوقعة في البلاد، يليه قطاع النقل بعقود مستقبلية بقيمة 27.6 مليار دولار أمريكي.

آفاق سوق المشاريع الخليجي
وفقا لمجلة ميد، بلغ مؤشر سوق المشاريع في الدول الخليجية للعقود المتوقع طرحها خلال الفترة القادمة 1.4 تريليون دولار أمريكي كما في أبريل 2024. واستحوذت السعودية على نصيب الأسد من المشاريع المستقبلية في الدول الخليجية (50.2 في المائة أو 709 مليار دولار أمريكي) تليها الإمارات بنحو 316.1 مليار دولار أمريكي وعمان بمشاريع مستقبلية تقدر قيمتها بنحو 172.1 مليار دولار أمريكي. أما على الصعيد القطاعي، استحوذ قطاع الإنشاءات على النصيب الأكبر، بنسبة 33.5 في المائة أو 462.4 مليار دولار أمريكي، من المشاريع المستقبلية في الدول الخليجية، يليه قطاع النقل الذي شكل نسبة 20.5 في المائة أو ما يعادل نحو 283 مليار دولار أمريكي.
وبالمقارنة، بلغت القيمة الإجمالية لمؤشر سوق المشاريع في دول مجلس التعاون الخليجي للمشاريع الجارية كما في أبريل 2024 1.3 تريليون دولار أمريكي، شكلت السعودية منها نسبة 54.4 في المائة (683.3 مليار دولار أمريكي) تليها الإمارات والكويت بنسبة 30.9 في المائة ونسبة 5.9 في المائة، على التوالي. ووفقاً لمجلة ميد، بلغت القيمة الإجمالية للمشاريع قيد التنفيذ حالياً في الكويت 49.2 مليار دولار أمريكي كما في أبريل 2024، من ضمنها نسبة 65 في المائة ضمن قطاع الانشاءات ونسبة 13.9 في المائة ضمن قطاع النقل ونسبة 13.1 في المائة ضمن قطاع الطاقة. ومن حيث التمثيل القطاعي، تم تصنيف نسبة 68.6 في المائة أو 479.4 مليار دولار أمريكي من مشاريع الدول الخليجية قيد التنفيذ حاليا كعقود قطاع إنشاءات، يليه قطاع النقل الذي حصل على نسبة 11.8 في المائة أو ما يعادل نحو 82.7 مليار دولار أمريكي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى