أخبار عاجلةمنوعات اقتصادية

عام للنسيان للعملات المشفرة بعد خسائر حادة للمستثمرين .. ماذا ينتظرها في 2023؟

قبل نحو 12 شهرا من الآن كانت أسواق العملات المشفرة تشهد فورة من تدافع المستثمرين الجدد الباحثين عن تحقيق عائد جيد على استثماراتهم في وقت كان فيه نجم البيتكوين سيدة العملات المشفرة يسطع في السماء كأحد الأصول التي ينتظر أن تواصل صعودها في بيئة مرتفعة للتضخم. واليوم وعلى بعد ساعات من بدء العام الجديد، انقلبت الأحوال رأسا على عقب إذ فقدت أسواق العملات المشفرة جزءا كبيرا من قيمتها السوقية تجاوز التريليون دولار مع خفوت نجم البيتكوين والذي فقد وحده نحو ثلاثة أرباع قيمته في مشهد عزز من وجهة النظر حول التقلبات السعرية الشديدة التي تتصف بها تلك الفئة من الأصول «الافتراضية».
ويقول محللون إن مستقبل الأصول المشفرة يبقى على المحك خلال العام الجديد في انتظار ما ستسفر عنه نتائج تحقيقات انهيار «إف.تي.إكس» وخسارة المستثمرين لمليارات الدولارات، في وقت أشار فيه عدد من المتعاملين إلى أنهم يفضلون البقاء بأموالهم داخل تلك الأصول على أمل أن تشهد فورة جديدة للأسعار.
بداية استثنائية:- كانت الأمور تسير على نحو جيد للأصول المشفرة في مطلع العام، إذ أنفقت الشركات بسخاء على الدعاية للعملات المشفرة المختلفة والترويج لها وهو ما نجح في جذب فئة جديدة من الأفراد الباحثين عن تحقيق الثراء في وقت كانت المكاسب تدفع الجميع نحو مزيد من المخاطرة. ويقول أستاذ العملات المشفرة لدى جامعة ديوك الأميركية «لي لينرز» لـ»أرقام» إن الحملات الإعلانية التي قامت بها شركات البيتكوين لعبت دورا كبيرا في جذب فئات جديدة من المستثمرين الباحثين ليس فقط عن الثراء ولكن أيضا عن أصول تحمي مدخراتهم من التآكل بفعل موجة التضخم القياسية حول العالم.
ويتابع لينرز «كانت التوقعات أن الصعود سيتواصل لكن الجميع يعلم أيضا أن هناك فقاعة سعرية ولكنها ليست بهذا الحجم، إذ إن التراجع الذي منيت به كل الأصول المشفرة كان مريعا على مدار العام، نتحدث عن خسائر لعشرات العملات المشفرة وبتراجعات شديدة».
وتراجع أداء مؤشر «كريبتو انديكس» الذي يقيس أداء أكبر 100 عملة مشفرة بنحو 70% على مدار العام ما يؤشر إلى موجة تراجع جماعية لكل الأصول المشفرة وفي مقدمتها البيتكوين المحرك الرئيسي للسوق والتي تتعقب غالبية العملات المشفرة أداءها. وانخفضت القيمة السوقية للعملات المشفرة من مستوى تخطى نحو 2.2 تريليون دولار في مطلع العام إلى نحو 810 مليارات دولار ومن قمة تاريخية بلغت نحو 3 تريليونات دولار في نوفمبر من عام 2021، بحسب بيانات «كوين ديسك». الحيتان في الواجهة:- ويعزي «لينرز» الانهيار المتسارع إلى موجة لتسييل الأصول قام بها حيتان العملات المشفرة الذين يستحوذون على حصة لا بأس بها من البيتكوين على وجه التحديد. ويقول: «ما حدث على الجانب الفني للانهيار السريع لتلك الأصول هو موجات البيع التي بدأت من قبل كبار المستثمرين على نحو غير مسبوق فطالت الخسارة الجميع».
ويطلق لقب «حوت» في عالم البيتكوين على المستثمر الذي تتراوح حجم محفظته ما بين 10 آلاف إلى 100 ألف بيتكوين ما يجعل ثروات هؤلاء الأشخاص تقدر بملايين الدولارات رغم التراجعات القياسية الحالية التي تكبدتها العملات المشفرة بوجه عام.
ويمتلك «الحيتان» السواد الأعظم من أصول البيتكوين، إذ يشير بحث أجرته شركة «فيليب سايد كريبتو» إلى أن نحو 2% من المالكين المجهولين والذين يمكن تعقبهم في السلاسل الخاصة بالعملات المشفرة يمتلكون نحو 95% من إجمالي أصول البيتكوين.
ويضيف لينرز: «متداول من تلك الفئة قد يكون له أثر كبير على تحرك السوق مع الوضع في الاعتبار قلة السيولة إلى حد كبير. عملية واحدة من الممكن أن ترفع سعر البيتكوين بصورة بارزة.. وسيترك هذا الأمر صغار المستثمرين في نهاية المطاف فريسة للتقلبات السعرية الحادة». ويتابع: «يظل الحيتان قوة بارزة في سوق العملات المشفرة ويمكن أن تتسب كميات كبيرة من أصولهم في اضطرابات جمة في سوق هشة بالأساس».
مخزن القيمة؟:- في أحد أيام الصيف من العام 2021، وصف الملياردير الأميركي الشهير مايكل نوفوغراتز، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ Galaxy Digita والتي تعمل بمجال العملات المشفرة، البيتكوين بالذهب الرقمي في إشارة إلى إمكانية الاعتماد عليه كأصل يمكن التحوط به من الأزمات. «لا أعتقد أن البيتكوين ستكون بمثابة عملة تقليدية في أي وقت خلال السنوات الخمس المقبلة، ولكن عوضا عن ذلك سيتم استخدام العملة المشفرة على نطاق واسع كمخزن للقيمة»، هكذا تحدث نوفوغراتز عن توقعاته لمستقبل العملات المشفرة كمخزن للقيمة بوجه عام في مقابلة بثت على تليفزيون «بلومبرغ».
دفعت تلك الأحاديث بعض الأفراد العاديين نحو استكشاف السوق من خلال تحويل مدخراتهم من الوسائل التقليدية إلى العملات المشفرة.
ومن بين الأفراد الذين تكبدوا خسائر فادحة بسبب العملات المشفرة، آلان سميث، وهو مهندس للصوت فرنسي الجنسية يعمل في دبي، حيث خسر آلان نحو ثلثي قيمة مدخراته بسبب الحديث الذي استمع إليه مرارا حول إمكانية الاعتماد على الأصول المشفرة كمخزن للقيمة. ويقول سميث لـ»أرقام»: «لقد كانت مغامرة محفوفة بالمخاطرة لقد قمت بتحويل جانب كبير من مدخراتي نحو الأصول المشفرة من خلال محفظة للاستثمار في عدة عملات واعدة وفقدت الغالبية العظمى من تلك المدخرات».
الاحتيال في قفص الاتهام:- ومنذ مطلع العام، شهدت أسواق العملات المشفرة خبطات متتالية ربما كان أقواها على الإطلاق السقوط المروع لشركة «إف.تي.إكس» المملوكة للملياردير الشاب سام بانكمان والذي قبض عليه مؤخرا بتهمة الاحتيال بعد الإعلان عن ضياع مليارات الدولارات من أموال المستثمرين.
ويقول محلل أسواق العملات المشفرة لدى «كريبتو كارنسيز كونسلتنغ»، جوش ماولدنج لـ»أرقام»: «لا أحد كان يعتقد أن الأمور ستسير على هذا النحو السيئ لقد كانت عوامل الأمان أحد الأسباب التي أدت إلى هذا الانهيار المتسارع».
ويضيف: كان انهيار «إف.تي.إكس» بكل تأكيد بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير بعد عام مليء بعمليات الاحتيال التي تسببت في تأكل مليارات الدولارات من محافظ المستثمرين.
ويشير تقرير أمني صادر عنSolidus Labs إلى أن هناك نحو 15 عملية احتيال بمجال العملات المشفرة تحدث كل ساعة ما تسبب في خسائر المستثمرين تقدر بنحو 3.4 مليار دولار منذ مطلع العام وحتى أواخر نوفمبر الماضي.
ويستطرد ماولدنج: «هذا جزء هام من القصة، فحينما يغيب عامل الأمان عن استثماراتك من الطبيعي أن تكون التقلبات هي المتحكمة بالمشهد».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى