مقالات اقتصادية

كيف حققت عُمان فوائض مالية ومؤشرات إيجابية

كتب أسامة صالح

يشهد الاقتصاد العُماني مرحلة من النمو والتعافي، والتي برزت ملامحها بشكل جَليّ في الآونة الأخيرة بارتفاع الناتج الإجمالي وتراجع الدين العام وتحقيق فوائض مالية لأول مرة بعد نحو 10 أعوام من العجز المالي.

ونجحت الإصلاحات الهيكلية والمبادرات التي قامت بها السلطنة على الجانبين الاقتصادي والمالي في تحقيق الفائض المالي وتعديل النظرة المستقبلية لاقتصادها لتصبح إيجابية.

وفي مؤشر جديد على تحسن الواقع الاقتصادي في عُمان توقعت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني وخدمات المستثمرين أن تحقق ميزانية سلطنة عمان لعام 2023 فائضاً مالياً جديداً؛ في حال بقيت أسعار النفط مرتفعة، في متوسط يتراوح بين 90-95 دولاراً للبرميل الواحد خلال العام الجاري.

ورجّحت الوكالة في تقرير نشرته، يوم 13 يناير 2023، أن تستمر مقاييس الدين الحكومي للسلطنة في التحسن، خاصة حال عدم خفض إيرادات الغاز الطبيعي المحولة لميزانية الحكومة، من شركة الغاز المتكاملة التي أنشئت حديثاً.

ونوّهت “موديز” بأنه وفق هذه التقديرات فإن عُمان حققت، العام الماضي، أول فائض مالي بلغ 2.98 مليار دولار في نحو عشر سنوات، وهو ما يعد إيجابياً من حيث الائتمان.

وأشار التقرير إلى أن الزيادة المفاجئة في أسعار النفط، بدعم من الإصلاحات المالية التي نفذت خلال العامين الماضيين، مكنت الحكومة العمانية من خفض عبء الدين المباشر إلى ما دون مستوى ما قبل جائحة كورونا.

وبيّن التقرير أنه بالإضافة إلى الاستفادة من التأثير الإيجابي القوي على نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة الدين إلى الإيرادات، استخدمت الحكومة جزءاً من فائضها لعام 2022 لسحب بعض ديونها المستحقة في وقت مبكر.

وأسهم الإجراء الحكومي في انخفاض عبء الدين الحكومي إلى نحو 44% من الناتج المحلي الإجمالي في 2022، مدعوماً بارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الإسمي، وزيادة الإيرادات بسبب ارتفاع أسعار النفط.

وكانت سلطنة عمان قد اعتمدت الميزانية المالية لعام 2023، في الأول من يناير الجاري، بعجز متوقع قدره 1.3 مليار ريال عماني (3.38 مليارات دولار).

وتبلغ الإيرادات المعتمدة في ميزانية 2023 نحو 10.05 مليارات ريال عماني (26.14 مليار دولار)، فيما يبلغ الإنفاق المتوقع 11.35 مليار ريال (29.5 مليار دولار).

وبحسب وكالة “رويترز”، فإن النتائج الأولية تشير إلى تحقيق فائض يبلغ 1.146 مليار ريال (2.98 مليار دولار) في ميزانية 2022.

وتأتي النتائج الاقتصادية التي حققتها السلطنة لتؤكد دقة تقديرات وكالة موديز للتصنيف الائتماني، والتي عدلت النظرة المستقبلية للبلد الخليجي من مستقرة إلى إيجابية، مع تثبيت التصنيف عند “Ba3”.

وذكرت وكالة الأنباء العُمانية، في أكتوبر الماضي، أن تعديل النظرة المستقبلية يعكس مدى التزام الحكومة في تنفيذ الإجراءات الحكومية لضبط الأوضاع المالية بجانب الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط في استيفاء التزاماتها نحو الدين العام خلال عام 2022 وخفض حجمه.

وأضافت أن هذه الإجراءات نتج عنها استعادة بعض المرونة المالية تجاه صدمات المخاطر الخارجية؛ كالمتغيرات الجيوسياسية، وانخفاض أسعار النفط.
وكانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أعلنت، في أغسطس الماضي، رفع تصنيف عُمان طويل الأجل لمصدر العملات الأجنبية من “BB-” إلى “BB”، وذكرت حينها أن عائدات النفط المرتفعة سوف تدعم تحقيق فائض تجاري في موازنة 2022 و2023.

تشير تقارير دولية إلى جهود الحكومة للاستفادة بشكل أكثر كفاءة من ارتفاع أسعار النفط والغاز وفائض الميزانية ساعدت في تخفيف حدة القلق بشأن استقرار الدولة الخليجية التي تتمتع بموقع استراتيجي حيوي.

ويلفت تقرير نشره معهد “واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، في أغسطس الماضي، إلى أن عهد السلطان الحالي شهد اعتماد عددٍ من القوانين حول استثمار رأس المال الأجنبي، والإفلاس، والشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي كان يماطل بها لفترة طويلة سابقاً.

كما عمل سلطان عُمان على تعزيز مساءلة المسؤولين العُمانيين حول الجهود التي يبذلونها والنتائج التي يحققونها عند تنفيذ هذه المبادرات، ويشير هذا الأسلوب إلى جانب الأدوات الدستورية الإضافية التي منحها لنفسه لتحسين الرقابة الإدارية إلى أنه عازم على ضمان التزام المسؤولين التنفيذيين بالخطة وتحقيق المستهدفات ذات الصلة، وفق التقرير.

ومن العوامل الإيجابية الأخرى التي ساهمت في تحسين نظرة المستثمرين الأجانب -بحسب المعهد الأمريكي– القرار العماني بتحسين “النظام الأساسي” للدولة، وهذا أدى لتعزيز سيادة القانون وحقوق المواطنين في المشاركة بالشؤون العامة.

وقد تبنت سلطنة عُمان استراتيجية لخفض الدين الحكومي، ومن ثم خفض الديون المتراكمة، وقد نجحت الحكومة في تقليل الدين العام بمقدار تجاوز 3 مليارات ريال عماني.

و أن الحكومة العُمانية نجحت في سداد مبكر لقروض عالية التكلفة، واستبدال أخرى بقروض أقل، ويعود سبب الوفورات المالية لارتفاع أسعار النفط والغاز، كما أن تطبيق الحكومة العمانية لضريبة الدخل وزيادة الرقابة على الشركات ساهم في ارتفاع عوائد الحكومة.

وتسعى سلطنة عمان لحصر واستثمار أصول الدولة لتعزيز موقعها الائتماني في التصنيفات المختلفة، ومنها تصنيف موديز، و أن رفع التصنيف الائتماني سيساعد على جذب الاستثمارات، والتقليل من نسبة الفوائد للديون الحكومية والبنكية.

ويبين أن سنة 2023 تعتبر هامة في مسيرة سلطنة عُمان والصعوبات التي واجهتها، مبيناً أنه سيكون لها أثر إيجابي في جميع جوانبها.
وتحاول السلطنة الوصول إلى وفرة مالية تقيها تقلبات أسعار الطاقة في المستقبل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى