مختارات اقتصادية

لا غذاء مجانيًّا في الاستثمار .. ما ثمن تلافي 100% من خسائر سوق الأسهم؟

بعد إطلاق صندوق متداول للحماية من كل الخسائر.. كيف تعمل استراتيجية النتائج المحددة؟

 

هل تضحي بجزء من المكاسب للحماية من كل الخسائر؟

 

شهد الأسبوع الماضي إطلاق أول صندوق أمريكي متداول في البورصة يسمح للمستثمرين بتلافي 100% من الخسائر.

 

ورغم أن الصندوق يعتبر امتدادًا لمنتجات الصناديق المتداولة ذات النتائج المحددة، فإنه شكل تطورًا جديدًا من خلال السماح بالحماية من كافة الخسائر للمرة الأولى.

 

لكن مع قدرة الصندوق على حماية المستثمرين من كل الخسائر، فإن الأمر لا يخلو من بعض السلبيات التي قد تجعل الأمر يبتعد عن هدف الاستثمار في حد ذاته.

استراتيجية النتائج المحددة

 

– الصناديق المتداولة ذات النتائج المحددة (defined-outcome) أو ما يطلق عليه (buffer ETFs) تعد المستثمرين بتجنب جزء من الخسائر عند الاستثمار في مؤشر محدد.

 

– تستخدم هذه الاستراتيجية درجة من الحماية مقابل التخلي عن بعض المكاسب المحتملة، ما يعني أن المستثمرين يمكنهم خفض خسائرهم خلال فترات هبوط المؤشر، لكنهم أيضًا سيفقدون جزءا من المكاسب في أوقات صعود الأسهم.

 

– تعمل هذه الاستراتيجية من خلال حيازة حزمة من المشتقات المالية المرنة، من خلال امتلاك خيارات للبيع (تمنح المشتري الحق وليس الالتزام بالبيع عند سعر محدد في نقطة زمنية مستقبلية) وخيارات الشراء (الحق وليس الالتزام بالشراء).

 

– اعتادت بعض الصناديق على تقديم حماية للمستثمرين من أول 15% من خسائر السوق على مدى ستة أشهر أو عام، بينما قدمت صناديق أخرى حماية تصل إلى 30%.

 

– مثلًا، إذا انخفض مؤشر لفئة من الأصول بنسبة 20%، لكن الصندوق يمنح حماية من الخسارة 15%، فإن المستثمرين سيفقدون 5% فحسب من أموالهم.

 

– لكن الحماية من الخسائر لا تأتي بدون ثمن، فمع التحوط من بعض الهبوط يقوم الصندوق بوضع حد أقصى للمكاسب المحتملة أيضًا من خلال ما يسمى “سقف العائد”.

 

 

– وإذا ارتفع مؤشر لأصل ما بنسبة 40%، لكن سقف الصعود المحدد في الصندوق المتداول يبلغ 20%، فإن المستثمرين سيفقدون نصف المكاسب المحتملة.

 

– منذ عام 2019، قدمت منتجات شركة “إنوفاتور Innovator” الخاصة بالصناديق المتداولة لمؤشر “إس آند بي 500” والتي تقدم حماية من أول 9% من الخسائر، متوسط حد أقصى للعائد بنحو 17.4% على مدى إثني عشر شهرًا.

 

– بينما تقدم منتجات الشركة التي تقدم حماية ضد 15% من الخسائر متوسط حد أقصى للربح 11.9%، وتمنح تلك التي تحمي حتى 35% من الخسائر سقفًا للعائد 9.7%.

 

– شهدت صناديق “النتائج المحددة” نموًا قوياً خلال السنوات القليلة الماضية، حيث ارتفعت الأصول لأكثر من 22 مليار دولار من نحو 200 مليون دولار فحسب في عام 2018.

 

– تزايد الاهتمام بصناديق “النتائج المحددة” في العام الماضي، بالتزامن مع الاضطرابات في الأسواق المالية.

 

– تلقت هذه الصناديق المتداولة في البورصة تدفقات بقيمة 10.9 مليار دولار في أمريكا الشمالية، مقابل 4.1 مليار دولار في 2021، بحسب بيانات “فاكتست”.

 

– رغم الأداء الجيد للأسواق المالية هذا العام، جذبت صناديق “النتائج المحددة” نحو 4.6 مليار دولار إضافية في أول ستة أشهر من 2023، وحتى قبل إطلاق “بلاك روك” أول صندوق متداول خاص بها للحماية من الخسائر في وقت سابق من هذا الشهر.

 

 

حماية كاملة من الخسارة؟

 

– شهدت الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي إطلاق أول صندوق متداول في البورصة (ETF) يقدم حماية للمستثمرين بنسبة 100% من الخسائر.

 

– صندوق “The Innovator US Equity Principal Protected” يركز على مؤشر “إس آند بي 500” للأسهم الأمريكية، وسيستخدم سلسلة من عقود خيارات البيع والشراء لمحاولة حماية المستثمرين من أي خسائر سوقية على مدى عامين.

 

– الصندوق الجديد يوسع استراتيجية الصناديق المتداولة “محددة النتائج” أو “المخففة للصدمة”، والتي تستهدف حماية المستثمرين من بعض الخسائر في الأسواق المالية.

 

– تحدد ظروف السوق، خاصة مستويات التقلب ومعدلات الفائدة السائدة، الحد الأقصى للعائد الذي يمكن أن يحققه صندوق الاستثمار المتداول.

 

– قالت شركة “إنوفاتور كابيتال مانجمنت” إن الصندوق الجديد يأتي بحد أقصى للربح يبلغ 16.6% على مدى العامين، ما يعادل 8.3% سنوياً.

 

– تدعي الشركة أن هيكل صندوق الاستثمار المتداول في البورصة يقدم العديد من المزايا، مثل التسعير اليومي والسيولة، والقدرة على الشراء والبيع خلال فترة عمر المنتج، وعدم وجود حد أدنى للشراء أو رسوم للسحب أو التنازل.

 

– ترسم شركة “إنوفاتور Innovator” التي تبلغ أصولها 13.5 مليار دولار 5 سيناريوهات في دليلها للمستثمرين بشأن الصندوق المتداول الجديد.

 

 

– السيناريو الأول وهو سلبي للغاية يتمثل في هبوط مؤشر الأسهم بنسبة 100%، وحينها لن يتعرض المستثمر لأي هبوط بالنظر إلى أن الصندوق يحمي بشكل كامل من الخسائر.

 

– تتمثل الاحتماليتان الثانية والثالثة في هبوط بنسبة 30% و15% لمؤشر “إس آند بي 500″، وهو ما لن يعرض المستثمر لأي خسارة أيضًا، حيث إن هذه الخسائر تقع ضمن حد الحماية.

 

– بينما يتمثل السيناريو الرابع في تحقيق “إس آند بي 500” صعودًا بنسبة 10%، وهو ما سينعكس على تحقيق المستثمر في الصندوق المتداول نفس نسبة الربح.

 

– بينما يشير السيناريو الخامس إلى ارتفاع المؤشر بنسبة 20%، ما سيضمن للمستثمر في الصندوق تحقيق الحد الأقصى للربح المعلن والبالغ 16.6%.

 

– لكن “إنوفاتور” شددت على أنه لا يوجد ضمانة بأن الصندوق سينجح في توفير الحماية، مشيرة إلى إنه إذا زادت قيمة الصندوق بعد الإطلاق، فلن يتم حماية المكاسب، وقد يتكبد المستثمر خسائر حتى يعود الصندوق إلى سعر الإطلاق الأصلي.

 

انتقادات وسلبيات

 

– رغم أن الصناديق المتداولة “محددة النتائج” تقدم للمستثمرين تعرضًا لسوق الأسهم مع حماية جزئية أو كلية من الخسائر، فإنه في الاستثمار “لا يوجد غذاء مجاني”.

 

– لا يزال من الممكن ترك المستثمرين خالي الوفاض، بالنظر إلى أن “حائط الصد من الخسائر” يتم حسابه قبل خصم رسوم الإدارة السنوية ورسوم المعاملات وأي مصروفات استثنائية يتكبدها الصندوق.

 

– رسوم الإدارة السنوية تعتبر أعلى من مثيلتها بالنسبة للاستثمار السلبي، حيث إنها تبلغ 0.8%.

 

 

– كما أنه على غرار المنتجات الأخرى التي تقدمها شركة “إنوفاتور” ومنافسوها، يتخلى المستثمرون عن نصيبهم من مدفوعات أرباح الأسهم.

 

– من شأن التخلي عن جزء من المكاسب في هذه الاستراتيجية أن يضر بالعوائد من الاستثمار على المدى الطويل.

 

– وبالرغم من الحديث عن المزايا التي تقدمها صناديق “النتائج المحددة”، فإن هناك بعض المشككين في جدوى الاستراتيجية.

 

– يرى “نيت جيراتشي” رئيس “إي تي إف ستور” للاستشارات، أن المستثمرين الذين يسعون لتجنب مخاطر السوق تمامًا ربما لا ينبغي عليهم المشاركة في الأسهم بأي شكل، ناهيك عن التعامل مع استراتيجة تحمل رسوم مرتفعة نسبياً ولا تقدم أي توزيعات للأرباح على المستثمرين.

 

– أشار “جيراتشي” إلى أن العوائد المحتملة قد تقل كثيرًا عن الحد الأقصى للصعود، في حين يمكن للمستثمرين حالياً تحقيق أرباح تتراوح بين 5% و6% مع أقل مخاطرة ممكنة عبر الصناديق المتداولة في السندات قصيرة الأجل.

 

– كما حذر “بريان أرمور” مدير أبحاث الاستراتيجيات السلبية في “مورنينج ستار” من أن الخطط المتعلقة بالمشتقات يمكن أن تعمل بشكل معاكس خلال الأسواق غير المنطقية، كما كان الوضع في عامي 2008 و2020 حينما كان الطلب على خيارات البيع كبيرًا.

 

– يعتقد “أرمور” أن الأفضل هو الاحتفاظ بسندات الخزانة الأمريكية لأجل عامين، والتي تقدم عائداً حالياً عند 4.9%.

 

– لكن “جيراتشي” لا يزال يرى أن الصناديق المتداولة في البورصة ذات النتائج المحددة سوف تستمر في رفع حصتها في السوق من المعاشات وغيرها من المنتجات الهيكلية التقليدية، والتي قد تكون أكثر تكلفة وتعقيدًا مع عدم تمتعها بالسيولة.

 

المصادر: أرقام – Innovator Capital Management – فاينانشال تايمز – سي إن بي سي – مورنينج ستار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى