مختارات اقتصادية

لماذا تتراجع أسعار الغذاء حول العالم؟

تواصل أسعار الغذاء تراجعها حول العالم خلال الأشهر الماضية، في تطور إيجابي للمستهلكين الذين تضرروا من الارتفاعات الكبيرة في تكاليف المعيشة خلال السنوات الأخيرة.

ونجحت أسعار الغذاء في الانخفاض من مستوياتها القياسية المسجلة في عام 2022، وسط شكوك حول مدى احتمالية استمرار هذا الاتجاه في الفترة المقبلة.

تراجع متواصل للأسعار

– انخفض مؤشر الغذاء العالمي الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في شهر فبراير الماضي، ليسجل هبوطاً للشهر السابع على التوالي.

– بلغ مؤشر أسعار الغذاء العالمي نحو 117.3 نقطة في فبراير من 118.2 نقطة في يناير السابق له، ليسجل أدنى مستوياته منذ فبراير 2021.

– يعتبر المؤشر أقل بنحو 10.5% في الشهر الماضي مقارنة بمستوياته المسجلة في نفس الفترة من عام 2023.

– جاء هبوط المؤشر مع انخفاض أسعار جميع الحبوب الرئيسية، ما عوض ارتفاع أسعار السكر واللحوم.

– سجل مؤشر الحبوب تراجعًا بنحو 5% في فبراير على أساس شهري، كما يعتبر أقل بحوالي 22.3% من مستوياته قبل عام واحد، وذلك بفضل التوقعات بارتفاع محصول الذرة من أمريكا الجنوبية وانخفاض الأسعار من أوكرانيا.

– في تقرير منفصل، رفعت الفاو تقديراتها لإنتاج الحبوب لعام 2023 بنسبة 1.1% ليصل إلى 2840 مليون طن متري، مع زيادة إمدادات الذرة في البرازيل والصين والولايات المتحدة.

– كما تراجعت أسعار الزيوت النباتية 1.3% في الشهر الماضي مقارنة بيناير، لتصبح أقل من مستوياتها قبل عام بنسبة 11%، وسط وفرة الإمدادات من أمريكا الجنوبية.

– على جانب موازٍ، انخفضت أسعار زيت عباد الشمس بفضل وفرة الصادرات.

– لكن على النقيض، ارتفع مؤشر أسعار السكر بنسبة 3.2% في فبراير على أساس شهري، ما يعكس استمرار المخاوف بشأن الإمدادات من البرازيل والتي تعتبر أكبر منتج في العالم، بالإضافة إلى توقعات انخفاض الإنتاج في تايلاند والهند.

– كما زادت أسعار اللحوم بنحو 1.8% في فبراير مقارنة بالشهر السابق له، بعد سبعة أشهر متتالية من الهبوط.

– جاء صعود أسعار اللحوم مع تراجع المعروض من أستراليا بأكثر من المتوقع بفعل الأمطار الغزيرة التي تسببت في تعطل نقل الماشية من مناطق الإنتاج الرئيسية، بالإضافة إلى ارتفاع الطلب من الصين وأوروبا الغربية.

هل يستفيد المستهلك؟

– في حين يتتبع مؤشر الفاو تكاليف السلع الخام وليس أسعار البيع بالتجزئة، فإن الهبوط القوي يمكن أن يشير إلى تراجع محتمل للتكاليف بالنسبة للمستهلكين.

– بالفعل، شهدت أسعار الغذاء في بعض الدول تراجعًا من مستوياتها المرتفعة بشكل حاد بعد بداية الحرب الروسية الأوكرانية.

– في الولايات المتحدة، استقر مؤشر أسعار الغذاء دون تغيير في شهر فبراير الماضي، بعد صعود بنسبة 0.4% في يناير.

– كما شهدت بريطانيا تباطؤ صعود أسعار الغذاء إلى 5% في شهر فبراير الماضي من 6.1% في يناير، لتسجل أدنى وتيرة ارتفاع منذ مايو 2022.

– لكن أسعار الغذاء في العديد من الدول الأخرى استمرت في الصعود، بفعل تأثير عوامل أخرى.

– شدد الخبير في صناعة الأغذية “برونو بارمينتييه” على أن حقيقة تراجع أسعار السلع الزراعية لا تعني انخفاض أسعار المواد الغذائية.

– يقيس مؤشر الفاو أسعار أسواق السلع الأساسية، وهي ما تحتاج بعض الوقت حتى تنعكس على أسعار بيع المواد الغذائية في متاجر التجزئة للمستهلكين.

– كما لا تمثل أسعار السلع الغذائية الأساسية سوى جزء صغير من تكلفة المنتجات النهائية المصنعة.

– ذكر “بارمينتييه” أن الدقيق لا يمثل سوى بين 4 و8% من سعر رغيف الخبز الفرنسي، مشيرًا إلى أن سعر الأخير يأتي معظمه من تكلفة العمالة وتكاليف الإنتاج مثل الطاقة والمياه والإيجار.

تحسن المعروض وهبوط التكاليف

– شهدت أسعار الغذاء العالمية ارتفاعات قياسية في عام 2022، بفعل تداعيات وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.

– لكن أسعار الغذاء شهدت حالة من التراجع المستمر في الأشهر الأخيرة من العام الماضي، مع التحسن في اضطرابات سلاسل التوريد وسط ارتفاع المعروض وتراجع تكاليف مدخلات الإنتاج.

– في إجمالي عام 2023، شهد متوسط أسعار الغذاء عالمياً تراجعًا بنحو 13.7% مقارنة بعام 2022، في أكبر هبوط سنوي منذ عام 2015.

– في بريطانيا، قال اتحاد التجزئة إن تباطؤ أسعار الغذاء في البلاد لأدنى مستوى في عامين جاء مدفوعًا بانخفاض تكاليف الطاقة والأسمدة، بالإضافة إلى المنافسة القوية بين تجار التجزئة لإبقاء الأسعار منخفضة.

– ذكرت “هيلين ديكنسون” الرئيسة التنفيذية للاتحاد أن تراجُع الضغوط على سلاسل التوريد ألقى بظلاله على أسعار المواد الغذائية.

– كما أشار “رابوبنك” المصرف المتخصص في الأغذية والزراعة إلى أن انخفاض أسعار القمح جاء بدعم المحصول الروسي الوفير من السلعة الزراعية الأساسية.

– توقعت الفاو ارتفاع إنتاج القمح عالمياً بنسبة 1% عن العام الماضي ليصل إلى 797 مليون طن، بفضل الطقس المواتي في أمريكا الشمالية وروسيا، بالإضافة إلى تقديرات بزيادة الإمدادات في الصين والهند وإيران وباكستان وتركيا.

هل يستمر هبوط الأسعار؟

– قال “رابوبنك” إن التضخم الإجمالي لأسعار المواد الغذائية سوف يتباطأ بشكل أكبر في عام 2024 بسبب انخفاض أسعار المواد الغذائية الأساسية.

– برر البنك توقعاته بقيام المزارعين بزيادة الإنتاج، في الوقت الذي قد يشهد فيه الطلب حالة من التراجع، مع معاناة المستهلكين من تداعيات ارتفاع معدلات الفائدة والتضخم.

– قال “كارلوس ميرا” رئيس وحدة السلع الزراعية في “رابوبنك” إن البنك يتوقع تراجع أسعار السلع الزراعية، ما سيخفف من معاناة المستهلكين في مواجهة تضخم تكاليف الغذاء.

– لكن البنك حذر من أن أسعار القمح بشكل خاص قد تشهد حالة من التقلبات، مع دخول العالم العام الخامس على التوالي من عدم قدرة المعروض العالمي من الوفاء بالطلب.

– كما حذر اتحاد التجزئة البريطاني من أنه رغم تباطؤ أسعار الغذاء، فإن حالة عدم اليقين الكبيرة تستمر.

– ترى “ديكنسون” رئيسة الاتحاد أنه رغم هبوط أسعار الغذاء، فإنه لا تزال هناك شكوك كبيرة مع تصاعد التوترات الجيوسياسية.

– أوضحت أن أسعار السلع غير الغذائية ستكون أكثر عرضة لتكاليف الشحن، والتي ارتفعت بسبب تغيير مسار الواردات إلى طرق أطول بسبب التوترات في البحر الأحمر.

– كما تظل التأثيرات المناخية مثل الطقس الجاف والفيضانات من أبرز العوامل التي تهدد المعروض العالمي من الغذاء.

– يواجه أكثر من 333 مليون شخص حول العالم مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي بنهاية العام الماضي، بحسب برنامج الغذاء العالمي.

المصادر: أرقام – منظمة الأغذية والزراعة – رويترز – بي بي سي – بلومبرج – فاينانشال تايمز – إيه إف بي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى