مختارات اقتصادية

لماذا تعتبر قيم الشركة القوية ضرورية لجذب الجيل القادم من الموظفين؟

شهد عالم الأعمال والتجارة اضطرابًا كبيرًا في السنوات القليلة المنصرمة؛ بدءًا من الاضطراب الناجم عن تفشي جائحة كوفيد-19 إلى استمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي التي تواجه الشركات اليوم.
في ظل حالة التغيّر هذه، بدأ الكثيرون في إعادة تقييم علاقتهم بالعمل، وبدلًا من مجرد التفكير في كيفية أداء وظائفهم، أصبح جلّ تركيزهم منصبًا على الهدف من وراء هذا العمل. وانعكس ذلك في اتجاهات مثل «الامتناع عن العمل الصامت»؛ وهي ظاهرة قيام الموظفين بما يدفع لهم للقيام به وليس أكثر، إلى «الاستقالة السريعة»؛ حيث يغادر الموظفون الشركة في غضون عام من الانضمام بسبب مجموعة متنوعة من الأسباب مثل الأدوار الوظيفية التي لا تتناسب مع توقعاتهم أو الإرهاق. وقد كشف بحث أجُري مؤخرًا في موقع لينكد لما يقرب من 10 آلاف من المهنيين في شتى أنحاء العالم أن (68%) من العمال في المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وأيرلندا يعتبرون الآن أنه من المهم العمل مع الشركات التي تتماشى مع قيمهم.
وترتفع هذه النسبة إلى 87% للعمال في الولايات المتحدة، و85% في البرازيل. حيث يعول الناس كثيرًا على أهمية قيمٍ مثل التوازن بين العمل والحياة، والنمو الوظيفي والتعلّم، والتنّوع والشمول.
وما يثير الدهشة هو أنه على الرغم من المناخ الاقتصادي الصعب؛ حيث تؤثر تكلفة المعيشة المرتفعة وإمكانات تسريح العمال على الكثير من الناس، إلا أن أكثر من (59 %) من المهنيين في أوروبا أكدوا أنهم لن يعملوا في شركة لا تشاركهم قيمهم، ولا حتى مقابل زيادة أجورهم.
الأجيال الشابة تقود الحملة
– وهنا تجدر الإشارة إلى أن الجيل زد (الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا) وجيل الألفية (الذين تتراوح أعمارهم بين 26 و41 عامًا) هما من يقودان هذا التحوّل.
– حيث أكّد ما يقرب من 9 من كل 10 في أوروبا أنهم سيتركون وظائفهم للعمل في مكان يتناسب بشكل أفضل مع قيمهم. وذلك مقارنة بـ 7 في 10 الجيل إكس (الذين تتراوح أعمارهم بين 42-57).
– ورغم التوقعات بأن يصبح الجيل زد أكبر مكوّن ديموغرافي في مكان العمل بحلول نهاية العقد، إلا أن الكثير من الشركات تتجاهل هذه الحقيقة. – وبطبيعة الحال سيظل الراتب عاملا مهما للباحثين عن عمل، ولكن من الواضح أن قيم الشركة أصبحت العامل الأهم على نحو متزايد. – يرغب الناس في العمل لدى الشركات التي تشاركهم نفس القيم التي يهتمون بها، وغير مستعدين لتقديم أي تنازلات بشأن ذلك.
– وقد لوحظ أن هناك طفرة في نسب إعلانات الوظائف على لينكد إن التي تشير إلى قيم الشركة وثقافتها بنسبة 154 % خلال العامين الماضيين، مما يعكس الأهمية المتزايدة لقيم الشركة للأجيال الشابة.
– على وجه الخصوص، زادت إعلانات الوظائف التي تشير إلى التوازن بين العمل والحياة بنسبة 65 % خلال تلك الفترة.
– تتلقى إعلانات الوظائف التي تذكر قيمًا مثل الثقافة والمرونة والرفاهية ما يقرب من ثلاثة أضعاف المشاهدات ومضاعفة عدد الطلبات اليوم مقارنة بالعامين الماضيين.
ترجمة الأقوال إلى أفعال:- – كشف أحد الأبحاث الذي نُشر مؤخرًا، أن بعض رجال الأعمال قد حولوا هذه الإحصائيات إلى فرصة من خلال السعي لبناء شركات تتميز بالشجاعة والشفافية وموجهة نحو المهمة والتي ستجذب وتحفز أفضل الكفاءات، وتزدهر نتيجة لذلك.
– تتخذ العديد من الشركات بالفعل خطوات لتضمين القيم في مكان عملها.
– فهناك على سبيل المثال شركة التأمين زيورخ المملكة المتحدة (Zurich UK) والتي توفر مجموعة من «مزايا رحلة الحياة» لدعم موظفيها. حيث تقدم 16 أسبوعا إجازة مدفوعة الأجر للآباء الجدد، إلى جانب تقديم الدعم المعنوي والمادي خلال فترات الفقدان والفجيعة. – وبالمثل، تضع شركة ميرسك (Maersk)؛ وهي شركة الخدمات اللوجستية المتكاملة؛ الاستدامة على رأس جدول أعمالها.
– وتتضافر جهود الموظفين من خلال إيمانهم المشترك بأن مستقبلًا أكثر أمانًا وعدلاً وخضرة للخدمات اللوجستية المتكاملة أمر ممكن، كما يتضح من العمل الذي يقومون به لإزالة الكربون من سلاسل التوريد.
– ووفقًا لأحد الأبحاث، أصبح المهنيون في أوروبا يطرحون بشكل متزايد أسئلة على أصحاب العمل المحتملين حول قيم شركتهم في عملية المقابلة، وتحديدًا حول المرونة (65 %)، والتعبير عن الذات بما في ذلك قواعد الزي (58 %)، والمسائل الدينية (47 %).
– يتم ذلك في محاولة لتحديد ما إذا كانت المنظمة مناسبة حقًا لهم. وهم يناقشون الأمر بكل أريحية بل وقد يطلبون من الشركة تقديم الأدلة على صدق وعودهم.
تعزيز قيم الشركة :- بطبيعة الحال؛ فإن الشركات التي تعزز الثقافة والقيم في كل شيء بدءًا من العلامات التجارية وإعلانات الوظائف، إلى عملية المقابلة والإعداد، وتجربة الموظف الشاملة، ستنجح في جذب المواهب والكفاءات النادرة والاحتفاظ بها. فيما يلي ثلاثة مؤشرات للمساعدة: – بناء استراتيجية موحدة للعلامة التجارية: في عالمنا اليوم، تلاشت الفواصل بين أصحاب المصلحة في الشركة – مثل العملاء والموظفين والشركاء والمستثمرين، وجميعهم يتوقع تجربة متسقة للعلامة التجارية. ستشهد الشركات التي تتبنى قيما موحدة تأثيرًا إيجابيًا على سمعتها.
– التمثيل مهم: تقول العديد من الشركات إن التنوع والشمول مهمان، لكن يجب عليهم إظهاره. تأكد من أن الأدوار الوظيفية شاملة، وأن القوى العاملة لديك ممثلة في العلامة التجارية لصاحب العمل، وأن هناك مسارات واضحة للتنقل الداخلي والتقدم الوظيفي.
– قم بإضفاء الحيوية على قيمك على موقع لينكد إن: يقوم الباحثون عن عمل بتقييم أصحاب العمل المحتملين بشكل متزايد بناءً على قيم شركتهم. يمكن للمؤسسات إضافة وإثبات دليل على التزاماتها على موقع لينكد إن الخاص بها، والذي سيظهر في إعلانات الوظائف، مما يساعد الشركات على جذب المواهب. وختامًا؛ من المهم أكثر من أي وقت مضى أن تكون الشركة مثالًا يحتذى به عندما يتعلق الأمر بالقيم. وهذا يعني أن تتسم بالوضوح والشفافية بشأن قيمها.
المصدر: المنتدى الاقتصادي العالمي (World Economic Forum)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى