مختارات اقتصادية

ما وقود الطائرات المستدام؟

يمكن لرحلة واحدة لمسافات طويلة أن توّلد انبعاثات كربونية في غضون ساعات قليلة أكثر مما سيولده استهلاك الشخص العادي في 56 دولة مختلفة في عام كامل.

فهل من الممكن أن يصبح الطيران متوافقًا مع عالم خالٍ من الانبعاثات الكربونية؟

تتمثل إحدى الطرق التي يمكن لشركات الطيران من خلالها خفض انبعاثاتها في الانتقال من استخدام الوقود القائم على النفط إلى استخدام بديل منخفض الكربون يُعرف باسم وقود الطيران المستدام (SAF).

وقد صرحت الحكومة البريطانية في الآونة الأخيرة أنها تريد زيادة إنتاج واستخدام الوقود المستدام من خلال انتهاج قاعدة مفادها أن 10% على الأقل من وقود الطائرات يتم تصنيعه باستخدام مواد مستدامة بحلول عام 2030.

ما وقود الطيران المستدام؟ ولماذا لا يتم استخدامه على نطاق أوسع؟

ما هو وقود الطائرات المستدام؟

التزمت شركات الطيران الأعضاء في الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) بتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية من عملياتها بحلول عام 2050.

مؤكدة على أن وقود الطيران المستدام يمكن أن يساعدها على خفض انبعاثاتها بنسبة %65.

السبب في أن وقود الطيران المستدام يمكنه القيام بذلك هو أنه نوع من الوقود الحيوي، مما يعني أنه مصنوع من مواد نباتية أو حيوانية، بدلاً من الوقود الأحفوري.

ويستخدم وقود الطيران المستدام زيت الطهي والدهون الحيوانية. وتشمل الخيارات الأخرى استخدام النفايات الزراعية والمخلفات الحرجية.

ومع ذلك، لا يزال يتعين مزج وقود الطيران المستدام مع وقود الطيران التقليدي، المصنوع من الوقود الأحفوري.

تنص القواعد الحالية على أن وقود الطيران المستدام يمكن أن يشكل 50 % من الخليط بحد أقصى.

ولكن هناك أمل في أن شركات الطيران ستكون قادرة على استخدام 100% من وقود الطيران المستدام بحلول عام 2030.

ويتمثل التركيز الرئيسي لهذه الصناعة في ضمان إمكانية استخدام وقود الطيران المستدام كبديل “مُكافئ” لوقود الطائرات التقليدي. وهذا يعني أن محركات الطائرات لا تحتاج إلى تعديل لاستخدامها.

ما كم الانبعاثات الذي يمكن أن يخفضه وقود الطيران المستدام؟

هناك معايير استدامة صارمة حول الوقود المستدام. لتأهل الوقود واعتباره مستداماً، يجب أن يتم تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 50 %  على الأقل مقارنة بوقود الطائرات التقليدي اليوم.

وتظهر الأبحاث أنه يمكن أن يحقق أكثر من ذلك بكثير، حيث يصل إلى تخفيضات في الانبعاثات تصل إلى 80 % مقارنة بوقود الطائرات التقليدي.

ويمكن للجيل القادم من وقود الطيران المستدام تخفيض ثاني أكسيد الكربون بنسبة 85-95 %.

وسيتم تصنيعه من الكتلة الحيوية – التي تشمل الطحالب ومخلفات المحاصيل والنفايات الحيوانية ومخلفات الغابات – والقمامة اليومية، مثل مواد تغليف المنتجات وبقايا الطعام.

وهكذا يكاد وقود الطيران المستدام المصنوع من الكتلة الحيوية أن يكون محايد الكربون.

في حالة الوقود المستدام المصنوع من الكتلة الحيوية، فإن ثاني أكسيد الكربون الذي تمتصه هذه النباتات خلال مرحلة نموها يعادل تقريبًا الكمية المنتجة عند استخدام الوقود.

وهذا من شأنه أن يجعل وقود الطيران المستدام محايدًا للكربون، ولكن هناك بعض الانبعاثات التي تصدر أثناء عملية إنتاج وقود الطيران المستدام بسبب الطاقة اللازمة لنقل المواد الخام وتنقية الوقود.

يشكل الوقود الحيوي حوالي 0.1% من إجمالي استهلاك وقود الطائرات، فلماذا لا يتم استخدامه على نطاق أوسع؟

تشمل أولى هذه العقبات ارتفاع التكاليف المرتبطة بالتكنولوجيات الجديدة وأساليب الإنتاج.

وقد أكّد البرلمان الأوروبي أنه لا يوجد وقود طيران مستدام قادر على المنافسة من حيث التكلفة حتى الآن مع وقود الطائرات التقليدي.

ووفقًا للتقديرات، يواجه الطيران الأوروبي فاتورة تزيد عن 440 مليار يورو (485 مليار دولار) للانتقال إلى استخدام الوقود النظيف.

وهناك عقبة أخرى وهي ندرة المواد الخام القائمة على النفايات.

ووفقًا لمعهد دراسات البيئة والطاقة (EESI)، فإن هذا هو السبب في الحاجة إلى مجموعة أوسع من المواد الأولية لاستخدامها في إنتاج وقود الطيران المستدام.

أما العقبة الأخرى في استخدام وقود الطيران المستدام فتتمثل في انخفاض كثافة الطاقة مقارنةً بوقود الطائرات التقليدية.

وهذا يعني أن 1 لتر من وقود الطائرات يحتوي على طاقة أكثر من 1 لتر من وقود الطيران المستدام، لذلك يمكن أن تطير طائرة أبعد بكثير باستخدام وقود الطائرات التقليدي من استخدام نفس الكمية من وقود الطيران المستدام.

لذلك ستحتاج الطائرات إلى حمل كميات كبيرة من وقود الطيران المستدام للقيام برحلات طويلة المدى، وبالتالي، فإن مثل هذه الأحجام الكبيرة يمكن أن تصبح غير عملية.

 وقد شدّد البرلمان الأوروبي على أهمية لجوء الحكومات إلى صياغة سياسة تساعد على تشجيع زيادة إنتاج وقود الطيران المستدام، مع المساعدة في خفض التكلفة.

 

– أيضًا فإن طمأنة الشركات وإضفاء حالة من اليقين بشأن السياسات طويلة الأجل يمكن أن يقلل من مخاطر الاستثمار.

 

 سيساعد بذلك بدوره على تعزيز البحث والتطوير والتسويق لتكنولوجيات الإنتاج والمواد الأولية المبتكرة.

 

 وهنا يجدر الإشارة إلى أن “ائتلاف سماء نظيفة من أجل الغد” التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي يجمع قادة صناعة الطيران والوزراء الحكوميين للمساعدة في تطوير التدخلات والأطر التي يمكن أن تجعل وقود الطيران المستدام أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية.

 

المصدر: المنتدى الاقتصادي العالمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى