مقالات اقتصادية

لماذا تخلت شركات اتصالات خليجية عن أبراج الشبكات

كتب أسامة صالح

– شركات الاتصالات الخليجية تسعى للتركيز على استثمارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
– عملت شركات الاتصالات على فصل استثمارات أبراج الهاتف عن أصولها
– تخطط شركات خليجية لبيع أبراجها وإعادة استئجارها بدلاً من الإبقاء عليها كأصول مجمدة

ما الجديد؟ ضمن أحدث التطورات في هذا الإطار أعلنت شركة الاتصالات القطرية “أوريدو” ومجموعة “زين” الكويتية، وشركة “تاسك تاورز” القابضة الإماراتية، في 25 يوليو الجاري، أنها بدأت مفاوضات لإنشاء أكبر شركة أبراج في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك بهدف فصل استثماراتها بالتكنولوجيا والاتصالات عن الأبراج.
وقالت هذه الشركات، في بيان مشترك، إن المفاوضات تهدف إلى دمج 30 ألفاً من أبراج الاتصالات في قطر والكويت والجزائر وتونس والعراق والأردن في شركة أبراج مستقلة مملوكة بحصص نقدية وأسهم بين الأطراف الثلاثة.
وأشار البيان إلى أن الأطراف ستواصل إجراء المفاوضات على أساس حصري بهدف توقيع اتفاقيات نهائية في الربع الثالث من عام 2023.
ووفق البيان لا تزال الصفقة المحتملة خاضعة للاتفاق على الشروط النهائية، وتوقيع الاتفاقيات النهائية، والحصول على جميع الموافقات المؤسسية والتنظيمية المطلوبة، إلى جانب عوامل أخرى.

ومن المتوقع أن يتم تنفيذ هذه الصفقة وفق جدول زمني مخصص لكل سوق، مع مراعاة البيئة التنظيمية وضمان انتقال العمليات بشكل انسيابي.
والهدف وراء هذه الفكرة هو فصل الأبراج عن بقية استثمارات وأصول هذه الشركات، إضافة إلى استثمار هذه الأبراج وتأجيرها من شركات اتصالات أخرى؛ ومن ثم تحقق أرباحاً بدلاً من كونها أصولاً مجمدة.
تفكير سابق.. هذا المخطط سبقه في فبراير الماضي، إعلان شركة الاتصالات القطرية “أوريدو” توقعها فصل محفظتها من شبكات الأبراج هذا العام، في صفقة قال مراقبون إنها جذبت اهتماماً من مستثمرين وضمن ذلك الصندوق السيادي السعودي وشركة “أميركان تاورز كورب” (American Tower Corp).
وقال عزيز العثمان فخرو الرئيس التنفيذي لشركة “أوريدو”، لتلفزيون “بلومبيرغ” الأمريكي، في مقابلة، إن الشركة تلقت اهتماماً من أكثر من 50 مُتقدماً إقليمياً ودولياً.
وفي سبتمبر من العام الماضي، قالت “أوريدو” إنها ستفصل محفظتها التي تضم ما يقرب من 20 ألف برج كجزء من التحوّل إلى نموذج الأصول الخفيفة.
وكانت وكالة بلومبيرغ الاقتصادية الأمريكية قد نشرت في نوفمبر الماضي، أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وشركات “أمريكان تاورز”، و”آي إتش إس هولدينغ” (IHS Holding)، و”هيليوس تاورز” (Helios Towers) كانت من بين المهتمين بتقديم عروض لاقتناص أصول “أوريدو” بأبراج الهاتف، والتي قد يتم تقديرها بما يتراوح بين 3 و5 مليارات دولار.
وهذه العملية يقابلها، حسب الرئيس التنفيذي للشركة، مساعيها لاستثمار ما يصل إلى مليار دولار في مراكز البيانات التابعة لها على مدى السنوات الخمس المقبلة، لزيادة سعتها.
ومراكز البيانات عادةً ما تجذب اهتماماً قوياً من المستثمرين، حيث يُنظر إليها على أنها تحقق عوائد ونمواً مستقراً وسط زيادة الاعتماد على التكنولوجيا.

البعض نفذ بالفعل.. توقعات “أوريدو” سبقتها في يناير الماضي، خطوة عملية من شركة “زين” السعودية تمثلت بإتمام بيع البنية التحتية لأبراجها لشركة لتيس الذهبية للاستثمار “لتيس الذهبية” المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، و”زين” نفسها، والأمير سعود بن فهد بن عبد العزيز، وشركة سلطان القابضة، وبقيمة 3.02 مليارات ريال (نحو 800 مليون دولار).
وقالت الشركة في بيان لها، إنها بموجب الصفقة التزمت بنقل ما لا يقل عن 3000 برج من أصل 8069 برجاً.
وأشارت إلى أنه سيتم نقل ملكية الأبراج المتبقية على دفعات خلال مدة لا تزيد على 18 شهراً.
وأوضحت أن الصفقة تتضمن هياكل الأبراج فقط، أما المعدات الأخرى  كاملة من هوائيات الاتصالات اللاسلكية والبرامج والتقنيات والملكيات الفكرية، فتبقى ملكاً لـ”زين السعودية”.
وبينت “زين” أن أسباب بيع الأبراج تتلخص في تعظيم العائد على مساهمي الشركة، عبر تقليل الاعتماد على النفقات الرأسمالية، والفصل ما بين ملكية وتشغيل وصيانة الأبراج، مما سيؤدي إلى تعزيز المكانة المالية لـ”زين” السعودية، والتركيز على الاستثمار في الأسواق الموازية وعلى خلق قيمة لعملاء الشركة.
وتوقعت أن يصل صافي الربح لهذه الصفقة لغاية 1.1 مليار ريال سعودي (نحو 290 مليون دولار).
وبينت الشركة السعودية، أنها ستستخدم المتحصلات الناتجة عن الصفقة لتعظيم العائد على مساهميها، وذلك من خلال مزيج من تخفيض الأعباء التمويلية عليها وتمويل استثماراتها وأعمالها الأساسية.

ما السبب؟ حول هذا التوجه لشركات الاتصالات الخليجية، قال الخبير المتخصص والمستثمر في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، عبد الرحمن بن عبد العزيز مازي، إن قيام شركات الاتصالات بفصل أصولها من الأبراج، له أسباب اقتصادية وأخرى فنية تشغيلية.
وأضاف مازي، في مقابلة مع قناة “العربية” السعودية، أن “شركات الاتصالات التي صرفت المليارات في البنية التحتية ومن أهمها الأبراج، كانت مضطرة إلى بناء تلك الأبراج في وقت من الأوقات، لأنها كانت تريد استيفاء الشروط المطلوبة لمنحها رخص الاتصالات، ومنها الانتشار والجودة وتغطية أكبر عدد من السكان وغيرها، وهذا الأمر تحقق وأصبحت مهمتها التركيز على تقديم خدمات فنية أفضل وتنافس بشكل آخر”.
وتابع أن الشركات ستحقق عوائد مالية مجزية من بيع وحدات الأبراج، ويلاحظ عند تقييم أصول شركات الاتصالات الخاصة بالأبراج فإنها تقيّم بمعامل أكبر بكثير من معامل تقييم شركات الاتصالات نفسها.
واعتبر الخبير بقطاع الاتصالات، أن أول سبب لتأسيس شركات لأبراج الاتصالات هو تحقيق عائد مالي مُجزٍ من البيع، والسبب الثاني برأيه هو أنه لمّا تسند هذه الأبراج إلى شركات متخصصة ينتج عنها فاعلية أكبر وتقليل في التكاليف.
وأضاف أن الفاعلية تأتي من ملكية شركة الأبراج لشركة محايدة وتقدم الخدمة لأكثر من شركة اتصالات.
وكانت في السابق المشاركة في الأبراج تكون في ما يسمى بالأجزاء التي ليست لها علاقة فنية بالشبكة ونوعيتها، لكن حالياً مع التقدم الفني التقني أصبح بالإمكان أن يشارك في البرج الواحد أكثر من شركة وتقديم أكثر من نوع من الخدمات.

وأشار إلى أن عمليات فصل نشاط الأبراج عن شركات الاتصالات بدأت تتضح خلال السنوات الثلاث الماضية.
وقال مازي: إن “الشركة المتخصصة- أي بعيداً عن الاهتمام بالأبراج- تقدم الخدمة بفاعلية وتركيز أكبر”.
وأضاف: “شركات الاتصالات تحصل على عوائد مالية ضخمة من بيع الأبراج للاستثمار في التقنيات الرقمية المختلفة، ما يعود عليها بعوائد أعلى من الاستثمارات المجمدة في أبراج الاتصالات”.
ولفت إلى أن شركات الاتصالات تبيع الأبراج وتعاود استئجارها مجدداً، ما يحقق عوائد مالية للملاك الجدد للأبراج سواء صناديق سيادية أو صناديق الملكية الخاصة أو التأمينات أو صناديق التقاعد أو شركات متخصصة بما يحقق لها عوائد مجزية ومستمرة، وهو أقرب إلى الاستثمارات طويلة المدى وتحقق عوائد أعلى من معدلات الفائدة السائدة.
وأوضح أن شركات الاتصالات في الغالب لا تبيع جميع مساهماتها في شركات الأبراج، بل تحرص على استمرار وجودها في مجالس إدارات تلك الشركات؛ لتضمن استمرار تقديم خدماتها دون أية مشكلات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى