مقالات اقتصادية

الثورة الصناعية الرابعة.. ما أهمية “المصانع الذكية” بالخليج؟

كتب أسامة صالح

يتواصل الاهتمام الخليجي بامتلاك أفضل التقنيات وأكثرها تطوراً في المجالات الصناعية لمواكبة التطور العالمي؛ بما يلبي التطلع لعمل أكثر دقة ومهارة وأمان وبأقل الكلف، وهو ما يؤكده التوسع في التحول الذكي للمصانع الخليجية؛ في خضم التوجه العالمي نحو تبني الثورة الصناعية الرابعة.
تبرز خليجياً في هذا المجال السعودية والإمارات، وأخيراً انضمت البحرين للركب الخليجي، حيث دشنت وزارة الصناعة والتجارة البحرينية، الأحد (28 أغسطس 2023) مبادرة المصانع الذكية.
بحسب وكالة أنباء البحرين (بنا)، قال وزير الصناعة والتجارة عبد الله فخرو، إن المبادرة تستهدف تحويل 300 مصنع بحريني إلى “مصنع ذكي” بحلول العام 2026.
فخرو أوضح أنه سيتعين على المصانع الراغبة في الدخول للبرنامج “إجراء عملية تقييم أولي لوضع خطة لرفع جهوزيتها للثورة الصناعية الرابعة”.
وسيكون على هذه المصانع استخدام مؤشر “سيري” لقياس جهوزية المصانع، المستخدم من قبل الدول المجاورة.
بناء على تقييم المصنع ستحصل المصانع على دعم من صندوق العمل “تمكين” يصل إلى 50% من النفقات الرأسمالية التشغيلية لعملية التحول، إلى جانب برامج التمويل والتدريب والتأهيل التي يوفرها الصندوق عبر برامجه المختلفة.
عملية تحويل المصانع، بحسب الوزير، ستتم عبر “تبني أفضل الممارسات الإقليمية والعالمية في إدارة خطوط الإنتاج؛ لضمان استدامة موارد القطاع الصناعي، ورفع الإنتاجية وزيادة الكفاءة”.
من جانبه أكد المدير التنفيذي لإدارة تطوير الأعمال في صندوق العمل خالد البيات، أنه من خلال تطبيق الحلول المتقدمة لأتمتة العمليات في المصانع المحلية من المتوقع أن تزيد الفرص الوظيفية عالية الجودة في القطاع الصناعي.
ما هو التصنيع الذكي؟
وفقاً لاتحاد قادة التصنيع الذكي (SMLC)، فإنه يمثل القدرة على حل المشاكل الحالية والمستقبلية من خلال بنية تحتية مفتوحة تسمح بتنفيذ الحلول بسرعة الأعمال مع خلق قيمة متميزة.
وعليه أصبح التصنيع الذكي محور التصنيع على مستوى العالم، حيث تعمل المصانع الذكية على تحويل التصنيع التقليدي إلى الأفضل، بدفع من التطور السريع للتكنولوجيا الذي يقود الثورة الصناعية الجديدة.
بحسب “معهد ماساتشوستس لتكنولوجيا التعليم المهني” في الولايات المتحدة، فإن “هذه الثورة تقوم على أساس أنظمة الإنتاج السيبراني الفيزيائي، التي تتحدى الطرق التقليدية لإكمال العمليات في قطاع التصنيع، ما يجعلها ديناميكية بشكل متزايد”.
ويتألف التصنيع الذكي من التقارب بين التقنيات المستخدمة في علوم البيانات الحديثة والذكاء الاصطناعي؛ لإنشاء عمليات يمكن استخدامها في مصنع المستقبل.

مصانع المستقبل
السعودية التي تشهد طفرة كبيرة في مجال توطين الصناعة، دخلت بقوة في التحول إلى التصنيع الذكي.
حيث كانت وزارة الصناعة والثروة المعدنية، والهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية (مدن)، أبرمتا في ديسمبر 2022، مذكرة تفاهم مع مدينة نيوم الصناعية “أوكساجون”، للتعاون في تنفيذ برنامج “مصانع المستقبل”.
يهدف برنامج مصانع المستقبل إلى تقييم الجاهزية التشغيلية للمصانع الوطنية من خلال منهجية “مؤشر جاهزية الصناعة الذكية” (سيري) التصنيعية، وتحويل أكثر من 4 آلاف مصنع إلى مصانع متقدمة بجودة أعلى من خلال الأتمتة والكفاءة المعززة.
سيعمل خبراء من الجهات الثلاث على دراسة وتقييم جاهزية القطاع الصناعي وإمكاناته، بالتوازي مع استكشاف أفضل الوسائل والآليات لدمج تقنيات التصنيع المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، والطباعة الثلاثية الأبعاد وإنترنت الأشياء، في الصناعات التحويلية.

الإمارات التي تعدّ صاحبة سبق بين دول المنطقة في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، تسعى كذلك لتكون في مصاف الدول المتقدمة في اعتماد المصانع الذكية.
في يونيو الماضي، أعلنت مجموعة “دوكاب”، أحد أكبر مزودي حلول الطاقة المتكاملة وشركات التصنيع في دولة الإمارات، تسريع أعمالها عبر إطلاق مصنعها الجديد والمبتكر “Blade”.
يعتمد هذا المصنع في مكوناته الرئيسية على الاتصال الرقمي والذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات وإدارة سلسلة التوريد الذكية، ويقدم حلولاً متخصصة تحسن من جودة وموثوقية المنتجات، بما يعزز نمو الناتج المحلي للقطاع الصناعي في الإمارات.

تبني التكنولوجيا المتقدمة
يقول عبد الله الشامسي، الوكيل المساعد لقطاع التنمية الصناعية في وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة بالإمارات، حول تبني التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، بأنه يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وخفض الانبعاثات، ويعزز الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار.
ويرى الشامسي أن تسريع التحول الرقمي يعزز تنافسية القطاع الصناعي ونمو الشركات والاستدامة الصناعية، بحسب صحيفة “البيان” الإماراتية.
من جهته يرى عبد الله بن صادق دحلان، رئيس مجلس الأمناء في جامعة جدة للعلوم والتكنولوجيا، أن الثورة الصناعية الرابعة وما يرافقها من التغييرات الرقمية تسهم في تغير المشهد الجيوسياسي للدول.
ويوضح في مقال بموقع “آراء حول الخليج”، أن القوة الاقتصادية والعسكرية التي تتبنى التكنولوجيا الناشئة، وتسير في ركابها، “تصبح هي صاحبة الميزة والقدرة التنافسية، ومن يتأخر فسيبقى في ذيول قافلة المستقبل”.
يقول دحلان إن الثورة الصناعية الرابعة تتطلب من دول الخليج “أدوات وآليات مغايرة للأدوات التقليدية للنهوض بالقطاعات المختلفة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي”.

أهمية الصناعة الذكية
التوجه الخليجي الحثيث نحو التحول إلى الصناعة الذكية يشير إلى أن لهذا التحول مزايا عديدة مهمة، وهو ما يؤكده خبراء وتقارير جهات متخصصة.
يفيد موقع “إنفنيتي ريسيرج” بأن أهمية المصانع المصانع تتمثل في عدة نقاط؛ أبرزها “زيادة الجودة”، حيث تقلل رقمنة العمليات من فرصة الخطأ البشري والفشل.
ثاني النقاط المهمة هي “انخفاض تكاليف التشغيل مع الصيانة التنبؤية”؛ إذ يمكن للمصانع الذكية التنبؤ بمشكلات الصيانة وحلها بشكل أفضل وأسرع، مما يساعد على تقليل عمليات إصلاح المعدات.
ثالثاً يأتي “ارتفاع مستوى رضا العملاء”؛ فالتصنيع الذكي يوفر للمديرين إمكانية الوصول إلى بيانات أكثر دقة، مما يمنحهم القدرة على قياس مؤشرات الأداء الرئيسية بكفاءة أكبر وخدمة العملاء بشكل أفضل.
النقطة الرابعة هي “الإنتاجية المحسنة”؛ حيث تتواصل الأجهزة الذاتية مع بعضها البعض، مما ينتج دقة في التحليلات تساعد المديرين على ضبط تخطيط الكفاءة وتحسين الإنتاجية.
خامس النقاط “تعزيز رضا الموظفين”؛ إذ تقلل التكنولوجيا الحديثة من الخطأ البشري، ما يعني أن الموظفين يجب عليهم التعامل مع عدد أقل من القضايا المتعلقة بالعملاء غير الراضين.
النقطة الأخيرة “كفاءة الطاقة”؛ حيث يمكن لجميع الشركات المصنعة تقليل انبعاثات الكربون من خلال تقليل النفايات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى