مقالات اقتصادية

أزمة «نات ويست» تتجاوز القطاع المصرفي

كتب أسامة صالح

رغم استقالة رئيسة بنك “ناشيونال ويستمنستر” (نات ويست) إليسون روز من منصبها إثر الكشف عن أنها كانت مصدر المعلومات التي جاءت في تقرير لـ”بي بي سي” عن أزمة إغلاق حساب السياسي اليميني المتشدد نايجل فاراج، فإن القضية لم تنتهِ. وما زالت تلك الأزمة تثير الجدل، ليس فقط في حي المال والأعمال (سيتي أوف لندن) والقطاع المالي والمصرفي بل في ساحات السياسة والإعلام في بريطانيا.

بدأت المشكلة بإغلاق بنك “كاوتس”، ذراع الثروات الخاصة في مجموعة “رويال بنك أوف سكوتلاند” التي أصبح اسمها نات ويست، حساب السياسي البريطاني نايجل فاراج الرئيس السابق لحزب الاستقلال البريطاني اليميني المتشدد ثم حزب البريكست.

بعدها أثار فاراج، وهو إذاعي سابق، ضجة حول الموضوع، وأشار إلى أن البنك أغلق حسابه بسبب آرائه السياسية خصوصاً بعد تأييده خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

بدأت المجموعة المصرفية تحقيقاً داخلياً للوقوف على أسباب غلق الحساب، وما إذا كانت تتسق مع المعايير المصرفية والمالية أو لاعتبارات تتعلق بآراء العميل مهما كانت لا تروق للبنك. وبثت “بي بي سي” تقريراً حول الأزمة مثلها مثل كل وسائل الإعلام البريطانية خلال الأيام الماضية، وتضمن التقرير معلومات مصرفية حول نايجل فاراج.

انتقد السياسيون من كافة الأطياف، بمن فيهم حزب المحافظين اليميني الحاكم وحزب العمال المعارض، تصرف بنك “نات ويست” وذراعه المصرفية بنك “كاوتس”. لكن رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، الذي يعتبر نفسه عراب بريكست، طالب باستقالة رئيسة البنك لمسؤوليتها عن التصرف غير اللائق مع عميل على أساس آرائه السياسية.

غلطة بألف 

يقول المثل “غلطة الشاطر بألف”، وهذا تقريباً ما حدث مع أليسون روز التي تتولى رئاسة البنك منذ عام 2019، واعتبر وصولها للمنصب خطوة مهمة كأول امرأة تترأس واحداً من أكبر أربعة بنوك في بريطانيا، وهو مجال في الإدارة العليا يكاد يقتصر على الرجال. وهي مصرفية مشهود لها بالكفاءة، بدأت عملها في البنك بعد تخرجها كمتدربة وترقت في المناصب حتى وصلت إلى أعلى منصب فيه بعد نحو ثلاثة عقود من الخبرة. وكانت مسؤولة عن جهود إنقاذ البنك في الأزمة المالية العالمية عام 2008 حين تلقى دعماً مالياً بعشرات المليارات من الحكومة البريطانية.

يرى بعض المحللين أنه لو لم تخرج السيدة أليسون روز وتقول علناً، إنها مصدر معلومات تقرير “بي بي سي”، ربما ما كانت اضطرت للاستقالة. وكتب كثيرون في الصحف البريطانية أن رؤساء بنوك سربوا من قبل للصحافة والإعلام ما هو أهم وأكثر مما فعلت روز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى