مقالات اقتصادية

الدين العام في بريطانيا يتجاوز 100% من الناتج المحلي لأول مرة منذ 62 عاماً

كتب اسامة صالح

أدى صعود أسعار الفائدة والتضخم، إلى دفع ديون حكومة المملكة المتحدة، لأن تتجاوز 100% من الناتج المحلي الإجمالي للمرة الأولى منذ عام 1961، مما وجه ضربة لتعهد رئيس الوزراء ريشي سوناك بخفضه وتقليص الآمال لخفض الضرائب في الفترة التي تسبق إجراء انتخابات عامة مرتقبة في 2024.

فقد تجاوز الدين العام هذا المستوى، بعدما زاد الإنفاق عن الإيرادات بمقدار 20 مليار جنيه إسترليني (25.5 مليار دولار) في مايو، بما يفوق توقعات خبراء الاقتصاد في القطاع الخاص ومكتب مسؤولية الميزانية.

أدى ارتفاع الإنفاق عن الإيرادات، لأن يبلغ عجز الميزانية في الشهرين الأولين من السنة المالية 42.9 مليار جنيه إسترليني، ما يزيد بمقدار 2.1 مليار جنيه إسترليني عن توقعات مكتب مسؤولية الميزانية وتقريباً ضعف قيمة العجز في نفس الفترة من العام الماضي.

تبدأ السنة المالية في المملكة المتحدة يوم 6 أبريل حتى 5 أبريل من العام التالي.

تجعل الأرقام من الصعب على سوناك خفض الضرائب بصورة كبيرة، يقول العديد من المحافظين إنه أمر ضروري إذا تفادى الحزب الهزيمة في الانتخابات العامة المقبلة. تظهر استطلاعات الرأي أن حزب المحافظين يتخلف باستمرار عن حزب العمال المعارض بأرقام في خانة العشرات.

أظهرت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية أن ارتفاع الإنفاق جاء مدفوعاً بشكل حصري تقريباً بعوامل متعلقة بأزمة التضخم، مما دفع بنك إنجلترا إلى رفع أسعار الفائدة من 0.1% منذ نهاية عام 2021 إلى 4.5%.
بلغت تكلفة دعم فواتير طاقة المنازل في مايو 3.6 مليار جنيه إسترليني، كما أضافت مدفوعات المنافع التي تواكب معدل التضخم 2.9 مليار جنيه إسترليني إلى الإنفاق على الرعاية الاجتماعية.

تكاليف الاقتراض تفاقم الدين
توصل عمال القطاع العام الذين أضربوا عن العمل إلى اتفاقات بشأن أجور مرتفعة أكبر مما كان متوقعاً، مع زيادة تكاليف الأجور خلال مايو بمقدار 3.4 مليار جنيه إسترليني عن العام الماضي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التسوية بشأن الأجور لدى هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة.
تكاليف خدمة الديون، أدت إلى زيادة الإنفاق، إذ ساهم التضخم المتسارع في زيادة قيمة مدفوعات السندات المرتبطة في مؤشر أسعار التجزئة، التي شهدت انخفاضاً طفيفاً عن العام السابق عند 7.7 مليار جنيه إسترليني.
تزيد تكاليف خدمة الديون بمقدار 700 مليون جنيه إسترليني عن توقعات مكتب مسؤولية الميزانية في وقت إعداد ميزانية مارس.
جاء الإنفاق الإجمالي أعلى من المتوقع خلال مايو، في إشارة مقلقة لتوقعات النمو، جاءت الإيرادات أقل قليلاً من التوقعات.

ارتفاع الاقتراض السنوي
رجحت مجموعة “إي واي أي تي إي إم” (EY ITEM) أن يرتفع الاقتراض العام المالي الجاري بمقدار 20 مليار جنيه إسترليني إلى 132 مليار جنيه إسترليني، وفق توقعات مكتب مسؤولية الميزانية.
أوضحت المجموعة التي تقدم توقعات أنه لم ينعكس مسار الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة السائدة بالسوق، فمن المرجح أن تخالف الحكومة قواعدها بشأن الميزانية.

يزيد الدين الحكومي بمقدار 6.5 مليار جنيه إسترليني عن القاعدة التي تنص على وجوب خفضه كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام الخامس من التوقعات في ميزانيتها لشهر مارس.
تضيف كل زيادة بنقطة مئوية في تكاليف الاقتراض حوالي 20 مليار جنيه إسترليني وتوقعات سعر الفائدة بالسوق حالياً أعلى بحوالي 1% مما كانت عليه في مارس.

قرارات صعبة ولكنها ضرورية
قال وزير الخزانة جيريمي هانت: “سيكون من الإجحاف بشكل واضح ترك الأجيال القادمة تواجه حساباً مفتوحاً من الديون لا يمكنهم سداده. لهذا السبب اتخذنا قرارات صعبة ولكنها ضرورية لتسوية الحسابات لخفض التضخم بمقدار النصف هذا العام، وتنمية الاقتصاد وتقليل الديون”.

قالت روث غريغوري، نائبة كبير خبراء الاقتصاد المعنيين بشؤون المملكة المتحدة لدى “كابيتال إيكونوميكس”، إن الأرقام تلقي بظلال من الشك على قدرة وزير الخزانة على إجراء خفض كبير للضرائب قبل الانتخابات مع الالتزام بقواعده المالية، وإن أي خفض قد يكون متواضعاً أو يتم التراجع عنه بسرعة.

قال مارتن بيك، كبير المستشارين الاقتصاديين لدى مجموعة “”إي واي أي تي إي إم” إن حكومة المحافظين من المرجح أن تركز على تدابير التقشف في السنوات التالية للانتخابات، والمرتقبة بحلول يناير 2025 على أقصى تقدير.

وأضاف:”من المرجح أن يرد وزير الخزانة بخفض مزيد من الإنفاق بعد إجراء الانتخابات علاوة على ضغط الإنفاق الذي يبدو صعباً بالفعل. لذا من غير المرجح أن يتضح المسار الحقيقي متوسط الأجل للسياسة المالية حتى وضع أول ميزانية بعد الانتخابات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى