أخبار عاجلةمقالات اقتصادية

أكبر مصنع للحديد الأخضر في عُمان.. ماذا سيضيف للسلطنة

كتب أسامة صالح 

تستعد سلطنة عمان لإقامة أكبر مصنع من نوعه لإنتاج الحديد الأخضر عبر استخدام مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر في عمليات التصنيع.

ويعد هذا المشروع الاستراتيجي الذي يقام على مساحة تقدر بنحو 2 كيلومتر مربع في المخطط التابع لميناء الدقم، جزءاً من خطط عمان ودول خليجية أخرى والهادفة إلى خفض انبعاثات الكربون في القطاع الصناعي والإيفاء بالتزاماتها في مكافحة التغير المناخي.

وحول تدشين المشروع الصناعي الجديد، أعلنت مجموعة “جندال شديد” اختيارها المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم لإقامة المصنع بقيمة تقدر بـ3 مليارات دولار.

جاء ذلك الإعلان في 4 ديسمبر الجاري، خلال حفل توقيع مذكرات التفاهم واتفاقية حجز الأرض، بحضور علي بن مسعود السنيدي رئيس الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة بالدقم، وعددٍ من المسؤولين في القطاعين العام والخاص.

وقام بتوقيع الاتفاقية من جانب الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة المهندس (أحمد بن حسن الذيب) نائب رئيس الهيئة، ومن جانب مجموعة جندال شديد (هارشا شيتي) الرئيس التنفيذي للمجموعة.

كما وقعت المجموعة اتفاقية حجز الأرض الخاصة بالمصنع مع ميناء الدقم، وقعها نيابةً عن شركة ميناء الدقم ريجي فيرمولين الرئيس التنفيذي للميناء.

ووقعت المجموعة أيضاً مذكرة تفاهم مع شركة الخدمات المركزية “مرافق”؛ بهدف توفير عددٍ من الاحتياجات اللازمة للمشروع مثل المياه وخدمة سحب مياه البحر لأغراض التبريد وغيرها من الخدمات، حيث وقع المذكرة نيابةً عن شركة “مرافق” طلال بن محمد اللواتي نائب رئيس العمليات التجارية.

ويعد مصنع إنتاج الحديد النظيف باستخدام طاقة الهيدروجين الأخضر من المشاريع الكبرى والمهمة التي تعول عليها السلطنة ضمن رؤيتها الصناعية.

وقال السنيدي في تصريح للصحفيين، إن إنتاج الحديد الأخضر يعد أول مشروع كبير يتوقع أن ينتج 5 ملايين طنٍّ عند اكتمال البنية الأساسية؛ لغرض التصدير لمصانع السيارات في العالم، والمصانع التي تنتج طواحين الهواء، أو التي تنتج الأدوات المنزلية.

وأضاف أن ما يميز هذا المشروع في الدقم استخدامه للطاقة المتجددة؛ وهو ما يلبي توجهات السلطنة لتصبح دولةً ضمن الدول المنظمة للحياد الكربوني في 2050، ما يعني أن منتجات السلطنة في السنوات القادمة ستستخدم الطاقة المتجددة، ما يجعل هذا المشروع باكورة المشاريع المستفيدة من تلك الطاقة.

وأشار السنيدي إلى أن المشروع يتميز بموقعه بمحاذاة ميناء الدقم، وقربه من شركة “مرافق” التي ستقدم خدمات سحب مياه البحر لأغراض التبريد، إضافة إلى قربه من محطة الغاز التي وصلت للدقم ليستفيد منها في مراحل البناء.

ورجح البدء في تنفيذ الأعمال الإنشائية للمشروع مع نهاية العام القادم، بانتهاء دراسة الجدوى الاقتصادية، مستفيداً من تخصيص وزارة الطاقة والمعادن أراضي كبيرة جداً ضمن حدود المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.

ومن المؤمل أن يسهم المشروع بحال إتمامه في دعم قطاع الصناعة التحويلية بالسلطنة وزيادة القيمة المضافة لتنمية اقتصاد البلاد.

وبيّن نائب رئيس الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، المهندس أحمد بن حسن الذيب، أن إنشاء المشروع يعد قيمة مضافة للصناعات الثقيلة في المنطقة.

ولفت إلى أن توقيع الاتفاقية ومذكرات التفاهم يعد دليلاً على أهمية المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم كوجهة رائدة وجاذبة للمشاريع الاستراتيجية الكبيرة التي ستستفيد من الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر؛ نظراً إلى توافر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على مدار العام، الأمر الذي سيشجع على جذب مزيد من الاستثمارات في الصناعات الخضراء، ومشاريع الطاقة المتجددة إلى عمان بشكل عام والدقم بشكل خاص.

من جانبه، قال المدير العام للموارد البشرية بشركة “جندال شديد”، المهندس سيف بن علي البوسعيدي: إن “أهمية المشروع تكمن في كونه صديقاً للبيئة، يسعى إلى إنتاج الحديد الأخضر عن طريق الهيدروجين الأخضر في منطقة الدقم، ويعتبر من أكبر المشاريع المتكاملة على مستوى دول الخليج، حيث من المتوقع أن يبدأ تنفيذه في عام 2024”.

وكشف البوسعيدي أن إنتاج 5 ملايين طنٍّ متري من الحديد الأخضر سنوياً؛ يكسب عُمان قيمة مضافة تفوق 800 مليون دولار سنوياً.

من جهته، يرى الباحث حبيب الهادي، أن منتجات المصنع تستخدم للتصدير سواء الداخلي في عمان، أو خارجها على المستوى الخليجي، خاصة لقطر في الصناعات الثقيلة.
ويعد ذا بعد استراتيجي، خاصةً أن هذا المصنع يقع في منطقة مفتوحة على المحيط الهندي، فهي تقع على الطرق التجارية العالمية.

ويلفت الهادي، إلى أن المنطقة تحظى بمكانة جغرافية متميزة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومن ثم فهي تستفيد من الطاقة المتجددة بشكل كبير، في بناء هذا المصنع الضخم، وهو الأول من نوعه على مستوى الخليج من حيث الحجم ويكاد يكون كذلك على المستوى العالمي.

ويستدرك: “تتجه عمان اليوم نحو الطاقة المتجددة والمشاريع الاستراتيجية للتنمية المستدامة، وهذا يختلف عن المصانع التقليدية مع النهضة العمانية في 1970 والتي كانت تعتمد فقط على المواد البترولية والغاز، ولكن الآن اختلف الوضع، فقد أصبح هنالك تطور لافت في جانب الصناعات، حيث بدأت تأخذ منحى تكنولوجياً وبيئياً مهماً.

ويؤكد أن المنطقة الاقتصادية بالدقم تعد منطقة واعدة جداً، وهي أكبر منطقة اقتصادية في الشرق الأوسط، إضافة إلى كونها في منأى عن المخاطر الموجهة نحو الخليج العربي، فهي بعيدة كل البعد عن كل المخاطر السياسية والأمنية التي ربما تحصل في أي وقت نتيجة الظروف والعلاقات المتوترة مع إيران ” أو الولايات المتحدة الأمريكية.

ويضيف الباحث بنهاية حديثه، أن الموقع يستقطب كبرى الشركات والمستثمرين لواحة من الأمن والاستقرار، وهو ما يتماشى مع رؤية عمان 2040 حول جلب مزيد من الاستثمارات العالمية المتميزة والاستثنائية، وعلى مستوى عالٍ من التكنولوجيا، لتكون رافداً كبيراً من روافد الاقتصاد العماني، خاصةً أنه يوفر عدداً كبيراً من فرص العمل للعمانيين.

وبفضل خبراتها في هذا المجال، من المتوقع أن تصبح شركة “جندال شديد” رائدة توظيف تقنيات مبتكرة بدون انبعاثات كربونية، واستبدال الغاز الطبيعي بالهيدروجين الأخضر في عملية تصنيع الحديد؛ مما سيجعلها أحد أكبر المنتجين في السوق العالمي المتنامي للصلب الأخضر.

ونقلت صحيفة “عُمان”، في 5 أبريل الماضي، عن سانجاي آناند، رئيس العمليات ورئيس “جندال شديد” في عمان، قوله: “نفتخر باتباع أسلوب صديق للبيئة أثناء تصنيع الحديد، مما يجعل بَصمتنا الكربونية ضمن الأقل في العالم، كما أن هذا الأسلوب سيتيح أمامنا أسواقاً جديدة، وتضمن حصول الزبائن على الجودة الفائقة والمعتادة لمنتجاتنا، ووضع الاستدامة وصحة وسلامة المجتمع في مقدمة أولوياتنا”.

وقال الرئيس التنفيذي لميناء صحار والمنطقة الحرة، مارك مارك جيلينكيرشن: إن “ميناء صحار والمنطقة الحرة نجح في تعزيز مكانته ليصبح أحد أكبر مصدّري الحديد الأخضر في العالم”.

يذكر أن وكالة الطاقة الدولية قامت باعتماد الهيدروجين الأخضر كأحد أفضل بدائل الغاز التي يمكن استخدامها في الصناعة ومساعدة الدول حول العالم لتلبية متطلباتهم البيئية، ويسهم مصنع إنتاج الصلب الأخضر في تعزيز الاقتصاد العماني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى