اقتصاد كويتي

الشال: عجز في التعليم والتربية وفائضاً في التفوق والمكافأة

ذكر التقرير الاسبوعي لمركز الشال الاقتصادي انه ورد في برنامج الحكومة الصادر في شهر أبريل 2021 النص التاليوننقله حرفياً، “تدني جودة التعليم تسببت في فجوة تعلم تبلغ 4.8 عاماً، حيث أن مستوى خريج الصف الثاني عشر يكافئ مستوى خريج الصف السابع في دول متقاربة الدخل مع دولة الكويت”، وانتهى الاقتباس. والصف الثاني عشر في نظام التعليم الكويتي هو شهادة الثانوية العامة، والصف السابع هو الثاني متوسط، ذلك فشل تعليمي مؤلم. ولكن الأسوأ هو أن تأتي نتائج الطلبة في امتحانات الثانوية العامة ومستواهم التعليمي لا يتعدى الصف الثاني متوسط بحصد درجات لا يحصدها طلبة الدول المتفوقة تعليماً. وتشير نتائج امتحانات الثانوية العامة للسنة الدراسية 2021/2022 في صيف العام الفائت، وقدم امتحاناتها نحو 44.6 ألف طالب وطالبة، أنهم حققوا نتائج باهرة، فقد نجح منهم نحو 82%، وحصل 34%على نسبة 90% وما فوق. ولم تكن تلك النتائج المبهرة خاصة بالعام الدراسي الفائت فقط، وإنما تكررت لأكثر من عقد من الزمن، ولم نقرأ أو نسمع لمسئول تربوي أو مسئول حكومي تفسيراً لهذا التناقض الصارخ، حول طلبة يتفوقون في امتحانات الثانوية العامة وفجوة تخلف تعليمهم تمتد إلى 4.8 سنة، وزمن المعجزات ولى منذ زمن بعيد.

ويظل ذلك أيضاً ليس الأسوأ، فالأسوأ يكمن في مبررات استمرار ذلك التناقض ونتائجه، التفسير الأول هو تحول الغش إلى جائحة، وما كُشف عنه مؤخراً من تسرب أو شراء أسئلة الامتحانات والذي شارك فيه ألوف الطلبة وأولياء أمورهم ومسئولي امتحانات، هو الظاهر فقط من قمة جبل جليد الغش. والتفسير الثاني، هو أن التعليم بات من ضمن أدوات الرشوة لشراء الولاءات السياسية، فلا بأس من تجهيل جيل كامل من أجل إسعاد أولياء الأمور الذين تظاهروا في يومٍ ما احتجاجاً على تغيير مراقبي امتحانات متساهلين مع الغش. ذلك إجتهادنا في تفسير التناقض، أما نتائجه الوخيمة فهي تولي مسئولين من خريجي نفس النظام مسئولية إدارته أو مسئولية إدارة أعلى مراكز العمل في الدولة، وضمنهم أيضاً من يحمل شهادة مضروبة أو مزورة. ذلك يعني أن فجوة التعليم ليست المرض الوحيد، وربما ليست الأخطر، الأخطر هي فجوة التربية والقيم، والأخطر هو أن جيل حالي وجيل قادم من إفرازات تلك الحقبة، ربما تكون له الغلبة في إدارة شئون البلد.

ورغم كل ما تقدم من تناقض، تشكل في وزارة التربية مع كل نهاية عام دراسي ثلاث لجان وظيفتها إقرار ومنح مكافأة الأعمال الممتازة للعاملين في الوزارة، ولا نعرف معايير للأعمال الممتازة في وزارة للتربية والتعليم سوى سلامة قيم التربية وجودة التعليم، وليس نسبة ومواعيد الحضور، ولكنها تمنح رغم تدهوره، مستوى وقيم. ويتزامن معها اقتراحات شعبوية لزيادة مخصصات الطلبة، ليس وفقاً لتخصص نادر أو تفوق علمي أو الانتماء إلى جامعة مميزة، وإنما رشوة تضاف إلى مكافأة الأعمال الممتازة والتسامح لتأصيل المضي في النهج التعليمي والتربوي الخائب. ولا تحتاج أي دولة إلى أعداء لحصاد الأسوأ، يكفيها أن يخرب التعليم وقيم التربية لتحقيق ما يريده له أعدائها، والكويت على شفا تشكيل حكومة جديدة، ونأمل، ولو لمرة واحدة من باب التجربة، تشكيل حكومة مهمات، إصلاح التعليم والتربية من أولى أولوياتها، فخراب رأس المال البشري ضرره قد يستحيل جبره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى