اقتصاد دولي

تدفق صادرات النفط الروسي إلى أفريقيا يتجاوز عتبة العقوبات

تضاعفت الصادرات النفطية الروسية للقارة الأفريقية، بخاصة من المشتقات البترولية المكررة، 14 مرة منذ بداية حرب أوكرانيا مطلع العام الماضي وحتى نهاية الربع الأول من هذا العام. وبحسب أرقام أصدرتها “غلوبال كوموديتيز إنسايتس” هذا الأسبوع ارتفعت صادرات المشتقات البترولية من روسيا إلى أفريقيا إلى 420 ألف برميل يومياً في مارس (آذار) الماضي من 33 ألف برميل يومياً قبل بداية الحرب في أوكرانيا.

وتسعى روسيا منذ فرض الغرب عقوبات قاسية عليها بسبب الحرب إلى إيجاد أسواق جديدة لصادراتها من النفط الخام والمشتقات. وزاد ذلك الجهد عقب الحظر الذي فرضته أوروبا على استيراد النفط والمشتقات الروسية، إضافة إلى فرض مجموعة الدول السبع بقيادة أميركا سقف سعر لصادرات النفط الروسية. واستهدفت موسكو مستوردين في آسيا مثل الهند والصين وتركيا وبعض دول أفريقيا لبيع الخام والمشتقات التي توقفت أوروبا عن استيرادها بسبب الحظر.

بدأت الزيادة في صادرات المشتقات البترولية المكررة، بخاصة البنزين، إلى دول أفريقيا بمعدل شهري منذ يونيو (حزيران) 2022 بحسب بيانات وأرقام تقرير “غلوبال كوموديتيز إنسايتس”، لكن تلك الصادرات زادت بقوة منذ شهر سبتمبر (أيلول) العام الماضي لترتفع بأضعاف مضاعفة منذ الشهر الأخير من العام الماضي مع بدء تطبيق الحظر الأوروبي على صادرات الطاقة الروسية وتطبيق سقف السعر للنفط الروسي. وأكثر الدول الأفريقية استيراداً لمشتقات البترول المكررة من موسكو هي نيجيريا وتونس وليبيا ومصر.

تنافس على أفريقيا

يرى المحللون أن هناك تنافساً على النفوذ في القارة الأفريقية يتصاعد بقوة في الفترة الأخيرة ولا يقتصر على روسيا. فهناك الصين التي ترغب في توسيع نفوذها القوي أصلاً في القارة السمراء، إضافة إلى الولايات المتحدة وتركيا وحتى القوى الاستعمارية السابقة في أوروبا مثل بريطانيا وفرنسا.

في العام الماضي، زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سبع دول أفريقية في غضون شهر واحد. وكان غرض الزيارات تعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية الرئيسة، وأيضاً فتح أسواق جديدة لصادرات الطاقة الروسية بعيداً من أوروبا والغرب، كما يقول المعلق الروسي تيمور كولاخميتوف.

“كما أن مجموعة فاغنر الروسية قدمت خدمات الأمن والحماية لبعض القادة الأفارقة وبلادهم في مقابل عقود تعدين مغرية، وتطلعت شركات الطاقة الروسية إلى مزيد من الاستثمارات في القارة. وهكذا رفضت 22 دولة أفريقية، خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في مارس إدانة حرب روسيا في أوكرانيا”، بحسب تقرير الشركة الاستشارية في مجال الطاقة والمعادن والمصادر الطبيعية الأخرى.

تضاعف الصادرات الروسية

ربما كان أوضح مثال على تعزيز العلاقات الأفريقية الروسية هو الزيادة في صادرات المنتجات المكررة بعد موعد تطبيق حظر استيراد أوروبا للمشتقات من موسكو الذي دخل حيز التنفيذ في 5 فبراير (شباط) الماضي. وفي الوقت نفسه تم تطبيق عقوبات مجموعة الدول السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا التي تفرض سقف سعر على الخام الروسي، وفي الوقت نفسه تم تطبيق سقف سعر عند 45 دولاراً للبرميل من المشتقات البترولية المكررة.

وتراجعت صادرات موسكو من المشتقات البترولية قليلاً مع بدء الحرب في نهاية فبراير 2022، لكنها ارتفعت لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ سبع سنوات في مارس الماضي عند 1.9 مليون برميل يومياً. ومع شبه توقف لشحنات المشتقات البترولية إلى دول أوروبية مثل فرنسا وبلجيكا في الأشهر الأخيرة، إلا أن الشحنات إلى الدول الأفريقية بخاصة في شمال القارة ارتفعت بشكل هائل وتحديداً بعد بدء تنفيذ الحظر الأوروبي على استيراد المشتقات من روسيا.

ويرى المحللون أن قدراً من زيادة الصادرات الروسية لدول أفريقيا سببه أن بعض تلك الدول تعمل بمثابة “طرف ثالث” لإعادة التصدير إلى أوروبا. يبدو ذلك واضحاً مع تراجع صادرات المشتقات البترولية من هولندا إلى دول أفريقيا بشكل كبير إلى حد التوقف، إثر تطبيق هولندا قواعد تنظيمية جديدة تتعلق بمكونات المشتقات المكررة. في المقابل زادت صادرات المشتقات البترولية من المغرب للدول الأوروبية وبريطانيا، ويعتقد أن قدراً كبيراً من الصادرات المغربية أصلها من النفط الروسي ومشتقاته.

مثال آخر هو تونس التي كان معدل استيرادها للمشتقات الروسية في الربع الأول من العام الماضي 2022 عند 2700 برميل يومياً فقط. وفي الربع الأول من هذا العام 2023 ارتفعت واردات تونس من المشتقات البترولية الروسية إلى 66 ألفاً و300 برميل يومياً، أي تضاعفت أكثر من 30 مرة.

ويلاحظ أيضاً زيادة نشاط الشركات التي تتاجر في النفط الروسي، سواء تلك التي مقرها أوروبا أو هونغ كونغ. ولعل أفريقيا أيضاً من أنسب الوجهات التي تسهل إعادة تصدير النفط الروسي ومشتقاته كطرف ثالث. وكان تحقيق لشركة “غلوبال ماركت إنتلجينس” رصد زيادة بنسبة 225 في المئة في حركة السفن والناقلات التي تخفي هويتها ووجهتها وتبدأ من روسيا حتى قبل بدء تطبيق العقوبات الأخيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى