مقالات اقتصادية

تقود خططاً طموحة.. هل تتحول المملكة العربية السعودية لمركز أعمال دولي

كتب أسامة صالح 

تواصل المملكة العربية السعودية مساعيها الجادة منذ العام 2016 للتحول إلى مركز أعمال دولي من خلال جذب استثمارات متنوعة من جميع أنحاء العالم، وإدخال إصلاحات اقتصادية محورية ربما تجعلها حلقة جيدة ومهمة من حلقات سلاسل الإمداد الدولية، خاصة بظل تراجع دور دول كبيرة بهذا المجال.

وتتطلع المملكة لرفع مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي.

وخلال السنوات السبع الماضية، نفذت السعودية خططها الطموحة عبر افتتاح مناطق اقتصادية، وتقوية قطاعها اللوجستي، وتعزيز موانئها بإمكانيات عملاقة، علاوة عن تنمية اقتصادها غير النفطي بصورة غير مسبوقة.

خطط طموحة
وعززت هذه الخطوات -إضافة لارتفاع أسعار النفط الخام- من زيادة معدلات النمو في المملكة مع الحفاظ على الاستقرار والاستدامة المالية.

ويظهر هذا في تحسن بيئة الأعمال لدى أكبر اقتصاد عربي، وتمكين القطاع الخاص من دعم التنويع الاقتصادي عبر تحسين بيئة الأعمال وتذليل المعوقات لجعلها بيئة أكثر جاذبية للمستثمرين المحليين والأجانب.

وقفز صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية بنسبة 257% في العام 2021، إلى 72.32 مليار ريال (19.29 مليار دولار)، مقارنة بنحو 20.25 مليار ريال (5.4 مليارات دولار) في 2020، حسب البيانات المعلنة في ديسمبر الماضي.

وبينما يواصل صافي الاستثمار الأجنبي المباشر الارتفاع للعام الثالث توالياً، فإنه خلال العام 2021 سجل أعلى قيمة له منذ عام 2010.

وكان سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قد أطلق العام الماضي، الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، لتستهدف زيادة صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر للمملكة إلى 388 مليار ريال (103.5 مليارات دولار) سنوياً بحلول 2030.

وهذه الخطة ضمن مستهدفات لزيادة صافي الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق إلى البلاد بنسبة 1816% خلال 10 أعوام من 2021 حتى 2030، أي مضاعفته بأكثر من 19 مرة.

أحدث خطوة
وضمن أحدث الخطوات لتحقيق هذه الاستراتيجية وتعزيز مكانة المملكة كوجهة استثمارية عالمية، وأطلق سمو ولي عهد السعودية، في 13 أبريل 2023، 4 مناطق اقتصادية خاصة سيكون بإمكان الأجانب التملك فيها بنسبة 100%.

وأكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان أن المناطق الاقتصادية الخاصة ستفتح آفاقاً جديدة للتنمية، معتمدة على المزايا التنافسية لكل منطقة لدعم القطاعات الحيوية والواعدة، ومنها اللوجستية والصناعية والتقنية.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (واس)، عن صاحب السمو الملكي ولي العهد أن هذه المناطق تتميز بمواقع استراتيجية في الرياض وجازان ورأس الخير ومدينة الملك عبد الله الاقتصادية شمالي مدينة جدة.

وستتمتع هذه المناطق بنظم تشريعية ولوائح خاصة للنشاطات الاقتصادية لجعلها من بين الأكثر تنافسية في العالم لاستقطاب أهم الاستثمارات النوعية.

وأشار إلى أن المناطق الاقتصادية الخاصة تشكل منصات لوجستية وصناعية متكاملة، تتمحور حول المستثمر، لتوفير تجربة استثمارية استثنائية.

وأضاف صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان”: “إطلاق هذه المناطق يواصل مبادرات تحويل المملكة إلى وجهة عالمية للاستثمار، ومركز حيوي يدعم سلاسل الإمداد العالمية، لا سيما بعد إطلاق المنطقة الخاصة اللوجستية المتكاملة، التي تقع ضمن مطار الملك سلمان الدولي في الرياض”.

وتُمثل هذه المناطق مرحلة أولى من برنامج طويل المدى يستهدف جذب الشركات الدولية، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، وتعزيز نمو القطاعات النوعية المستقبلية، من خلال إيجاد بنية تحتية عالمية المستوى، وفق الوكالة السعودية.

وتشمل الحوافز المقدمة للشركات معدلات ضرائب تنافسية، وإعفاءاتٍ للواردات ومدخلات الإنتاج والآلات والمواد الخام من الرسوم الجمركية، والسماح بالملكية الأجنبية بنسبة 100%، والقدرة على استقطاب أفضل الموارد البشرية العالمية.

قادرون على المنافسة”

وعلى هذا الصعيد أكد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم، قدرة المملكة على جذب استثمارات واسعة النطاق.

وقال خلال منتدى دافوس الاقتصادي بسويسرا، في يناير الماضي: إن “الحكومة تعتقد أن لديها العديد من المقوّمات التي يمكنها جذب الكثير من الشركاء”.

وأشار إلى توافر الموارد الطبيعية، والتغييرات التنظيمية بالمملكة، فضلاً عن أن أغلب سكانها في عمر الشباب.
وأضاف: “لدينا النوع الملائم من هياكل الحوافز والحوكمة والعمليات من أجل جذب النوع المناسب من المستثمرين، لحصولهم على العوائد المواتية كشركاء”.

ولفت الإبراهيم إلى أن الحكومة السعودية أجرت أكثر من 700 تعديل قانوني سعياً لجذب المستثمرين.

وذكر: “نحن جادّون للغاية بشأن جهود التنويع الاقتصادي التي نبذلها، ومنفتحون، ونجري محادثات مع كافة شركائنا المهتمين بالقصة السعودية”.

وبذلك ترفع المملكة العربية السعودية وتيرة منافستها لدول المنطقة في جذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة دولة الإمارات العربية المتحدة التي لطالما تصدرت المراكز الأولى في هذا الجانب في ظل المميزات التي توفرها مدينة دبي.

ونشرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، في سبتمبر الماضي، تقريراً عن إن السعودية تفتح منطقة اقتصادية لدفع الاستثمار الأجنبي.

وتأمل المملكة أن تساعد حوافزها التنظيمية، إضافة إلى موقع المنطقة في العاصمة السياسية والتجارية الرياض، في جذب المستثمرين، حسب الصحيفة.

وأوضح التقرير أن السعودية استفادت من مكاسب غير متوقعة من ارتفاع أسعار النفط الذي أحدثه الغزو الروسي لأوكرانيا، ومن المتوقع أن تحقق أعلى معدل للنمو الاقتصادي في مجموعة العشرين، وفقاً لصندوق النقد الدولي.

وتستخدم المملكة العربية السعودية فائض ميزانيتها للمضي قدماً في برنامج التنويع وعدد من المشاريع الكبيرة التي يديرها صندوق الاستثمارات العامة السيادي.

مركز استثماري دولي

و قال احد الخبراء الاقتصاديين إن المملكة العربية السعودية تقود تحولاً اقتصادياً مهماً منذ نحو 7 سنوات لوقف الاعتماد على عائدات النفط الخام، والتحول إلى مركز استثمارات إقليمي ودولي”.

وأن “المملكة العربية السعودية يتوفر لديها الاستثمار الآمن، وهناك بنية تحتية متطورة، كما أن البنية القانونية والتشريعية في المملكة دخلت إليها إصلاحات كثيرة جعلتها أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب والمحللين حتى، وبذلك باتت ضمن أفضل الخيارات لرجال ورواد الأعمال”.

ولفت إلى أن المملكة طورت، خلال السنوات الماضية، العديد من القطاعات الاقتصادية المهمة؛ مثل السياحة والتعدين وتكنولوجيا المعلومات والترفيه، وهذا ساهم بشكل كبير في تعزيز جاذبيتها الاستثمارية.

ونوه بأن هناك ميزة في المملكة لا تتوفر في كثير من دول العالم؛ وهي ثبات عملتها المحلية أمام العملات العالمية، فهي مرتبطة بالدولار الأمريكي الذي يرتبط بأكثر من 80% من التجارة الدولية بالعالم.

و أن هذه النقطة مهمة لجذب الاستثمارات فمخاوف هبوط العملة بشكل كبير عامل مهم باتخاذ قرار الاستثمار من عدمه.

وإن اقتصاد المملكة العربية السعودية أوجد عدة مميزات لجذب الاستثمارات الأجنبية.

وأن “من أهم تلك الميزات المؤشرات الاقتصادية العالية، سواء على مستوى الاستثمار المباشر أو غير المباشر”.

وأن المملكة العربية السعودية تضم أكبر سوق للأوراق المالية من حيث القيمة السوقية إقليمياً، والذي يتميز بالتنوع في قطاعاته المختلفة؛ مثل قطاع البنوك والبتروكيماويات، إضافة لوجود سهم لشركة “أرامكو” عملاق النفط على مستوى العالم.

و أن انفتاح الاقتصاد السعودي ليس عفوياً، ولكنه يندرج في إطار تنفيذ “رؤية 2030″، وهناك مستهدفات في محاور هذه الاستراتيجية أهمها ما يتعلق بالاستثمار الأجنبي.

وتعمل المملكة العربية السعودية بمنهجية واضحة لزيادة الاستثمار الأجنبي الذي يتطلب جملة متطلبات؛ أهمها البنية التحتية والتشريعية والقانونية المرنة، ووجود مشاريع جاذبة للاستثمارات، إضافة إلى سهولة ممارسة الأعمال.

وومن المتوقع أن تحقق المملكة العربية السعودية رقماً ضخماً في ما يتعلق بالاستثمار الأجنبي بنهاية العام الحالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى