اقتصاد خليجي

دراسة: واقع التجارب الدولية في تطبيق وإلزام (ESG) وإلزام العضوية النسائية في مجالس الإدارة وأثرها على أهداف التنمية المستدامة

كشفت دراسة حديثة عن الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الش

ركات “ESG “Environmental, Social and Governance عن التجارب الدولية وواقع الممارسات العالمية في تطبيق تلك الممارسات.

ورصدت الدراسة التي أعدها الباحث محمد الغملاس عدد من الدول منها أستراليا، الولايات المتحدة الأمريكية، المانيا، النرويج، هونغ كونغ، الهند، ماليزيا، الفلبين و الامارات العربية المتحدة، حيث يزيد عدد الدول التي وصلت إلى الإلزام وإصدار الأنظمة التشريعية للإفصاح عن الاستدامة الثلاثية ما يزيد عن 60 دولة حتى الآن ولازالت الكثير من الدول الأخرى تتوجه نحو عملية الإلزام التام او التدرج في الإلزام مما أدى زيادة شعبية الشركات في الإفصاح عن الاستدامة الثلاثية ليرتفع حجم الاستثمارات اكثر من عشرة اضعاف من عام 2002 إلى 2020م ليصل 40.5 تريليون دولار أمريكي على مستوى العالم مع نسبة 75% منها تملكها فئة المؤسسات من المستثمرين مع سيطرة أوربية على نسبة 50% من حجم هذا الاستثمار، كما أن حجم الأصول العالمية في “ESG” في طريقها للوصول إلى 53 تريليون دولار امريكي بحلول عام 2025م وهو ما يمثل أكثر من ثلث الإجمالي المتوقع البالغ 140 تريليون دولار امريكي وفق تقرير (Bloomberg Intelligence,2021).

 

وأشارت الدراسة إلى تجربة دولة ماليزيا في حوكمة الاستدامة الثلاثية “ESG” حيث أن الحوكمة بدأت في عام 2006م وذلك من خلال تنفيذ أول إطار عمل لأعداد التقارير الاجتماعية للشركات Corporate Social Reporting (CSR)، وقد قدمت الشركات في ماليزيا التقرير الأول في منتصف الثمانينات وكانت تلك التقارير تفتقد إلى المسؤولية الاجتماعية والبيئية وحوكمة الشركات، حيث كان التركيز على الربحية وعرض منتجات الشركة دون التطرق إلى أي دور او تأثيرات في جوانب الاستدامة الثلاثية، وكانت الانطلاقة لتعزيز هذه الجوانب في عام 2006م والذي كان إلزامياً على جميع الشركات في ماليزيا بقضايا المسؤولية الاجتماعية، وحدث التطور الأكبر في الإطار التنظيمي في عام 2015 مع إطلاق أهداف التنمية المستدامة والتي تطلبت في أهدافها الإفصاح والالتزام بجوانب الاستدامة الثلاثية، وعملت ماليزيا على عكس هذه الجوانب ودمجها في خطتها العاشرة، وفرض قانون الشركات الماليزي في عام 2016م إلزامية الإفصاح عن المسؤولية الاجتماعية للشركات مما أدى إلى درجات عالية من الالتزام للشركات في ماليزيا بشكل تدريجي على مدى ثلاث سنوات باستخدام إطار عمل GRI للممارسات البيئية والاجتماعية والمؤسسية، بالإضافة إلى إدخال مؤشر FTSE4Good Bursa Malaysia Index واعتماد أهداف التنمية المستدامة (SDGs) والتي دخلت حيز التنفيذ في عام 2016م وقد نتج عن هذه التوجهات إلى زيادة واضحة في عمليات الإفصاح والشفافية عن “ESG” البيانات غير المالية والوصول إلى تحسين الإفصاح والحد من عدم التناسق في المعلومات المفصح عنها للمستثمرين.

 

وقد شدد القانون الماليزي على الشركات المدرجة بالتركيز على الاستراتيجيات ذات العلاقة بالاستدامة بالجوانب البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في رؤيتها وتعزيز العنصر النسائي في التمثيل في مجالس الإدارة، ووفق دراسة(Zahid, et al,2019) وجدت أن التنوع في مجالس الإدارة التمثيل النسائي له تأثير إيجابي كبير على مستوى ممارسات ESG” وقد صٌنفت ماليزيا مؤخراً كأفضل جهة رائدة في مجال إعداد تقارير المسؤولية الاجتماعية للشركات على مستوى العالم كما تعد ماليزيا من الدول القليلة التي قدمت قانون ماليزي للمستثمرين ذو الطابع المؤسسي في عام 2014م يدمج ويطور قضايا الاستدامة في محافظ تحليل الاستثمار الخاصة بهم.

 

كما أشار الغملاس في دراسته الي تلخيص تجارب العديد من الدول الأخرى بشكل مبسط لواقع تلك الممارسات وطرق الزامها وجهة إصدارها وتاريخ بدايتها وفق الجدول التالي:

الولايات المتحدة الأمريكية

أصدرت هيئة الأوراق المالية والأسواق في عام 2021م قرارها بتعديل القسم الفرعي من قانون الأوراق المالية لعام 1934م ليتضمن الإفصاح عن متطلبات معايير حوكمة الاستدامة الثلاثية “ESG” عن طريق الإلزام التام، وللشركة أن تضمن تلك الإفصاحات التي تدمج متطلبات الاستدامة الثلاثية في التقرير السنوي لمجلس الإدارة، مع وصف واضح للشركة حول الارتباطات بين معايير الاستدامة الثلاثية والاستراتيجية طويلة المدى للشركة. حيث كانت هناك ممارسات طوعية كبيرة من قبل الشركات للإفصاح البيئي والمجتمعي، وفي أكتوبر 2018م قدم ائتلاف كبير من صناديق التقاعد العامة، مدراء الأصول، استاذة القانون، المنظمات غير هادفة الربح الي هيئة الأوراق المالية والأسواق من أجل وضع قواعد بشأن إفصاحات الاستدامة. كما تنص اللوائح على وجود امرأة واحده على الأقل كحد أدنى للعضوية النسائية في مجالس الإدارة.

المانيا

أصدرت وزارة العدل وشؤون المستهلك في عام 2016م، قرارها بالإلزام التام لمتطلبات معايير حوكمة الاستدامة الثلاثية “ESG”، للشركات الكبيرة التي لديها أكثر من 500 موظف، الإفصاح من خلال التقرير السنوي لمجلس الإدارة، من خلال منهجية الالتزام او الشرح

(Comply or explain approaches) كما نصت اللوائح على التنوع في مجالس الإدارة بوجود نسبة 30% على الأقل من العضوية النسائية في المجالس.

هونغ كونغ

أصدرت بورصة هونغ كونغ في عام 2015 قرارها بالإلزام التام لمتطلبات معايير حوكمة الاستدامة الثلاثية “ESG”، في لوائح الإدراج والافصاح، الإفصاح من خلال تقرير الاستدامة.

من خلال منهجية الالتزام او الشرح (Comply or explain approaches) كما سنت التنظيمات في هونغ كونغ وفق الميثاق يجب أن يكون للمجلس سياسة معتمدة تنص على التنوع في مجالس الإدارة.

الفلبين

أصدرت هيئة الأوراق المالية والأسواق في عام 2019م قرارها بالإلزام من خلال منهجية الالتزام او الشرح

(Comply or explain approaches) لأول ثلاث سنوات بشكل سنوي، يخضع للعقوبة في حال عدم الالتزام او الشرح. يدمج التقرير مع التقرير السنوي لمجلس الإدارة، ويجب أن تتوفر لدى مجلس الإدارة سياسة واضحة بشأن الإفصاح عن المعلومات غير المالية “ESG”. وفي ميثاق الحوكمة يجب أن يكون للمجلس سياسة معتمدة تنص على التنوع في مجالس الإدارة.

 

الامارات العربية المتحدة

 

فقد أصدرت هيئة الأوراق المالية والسلع في عام 2021 قرارها بالإلزام التام بمتطلبات الافصاح عن معايير الاستدامة الثلاثية “ESG” لجميع الشركات، كما تشترط التشريعات مُنذ عام 2016م ألا تقل نسبة تمثيل المرأة عن 20 %من المرشحين لعضوية مجالس إدارة الشركات المدرجة، وأن يكون بين المرشحين لعضوية مجلس الإدارة مرشح واحد من العنصر النسائي على الأقل.

ووصلت الدراسة إلى نتيجة مدى الطلب المتزايد للإفصاح عن الاستدامة الثلاثية للمستثمرين وأصحاب المصلحة بين الدول والتوجه الصريح نحو تشريع الأنظمة واللوائح التي تلزم الإبلاغ عن “ESG” في كثير من دول العالم وتختلف اللوائح بين الدول باختلاف السلطة التنظيمية، حيث أشارت الدارسات السابقة والتجارب الدولية أن عدد كبير من الدول التي نفذت عملية الإفصاح الإلزامي عن الاستدامة الثلاثية إما نفذته في آن واحد لكافة الأبعاد الثلاثة في عملية الإلزام او نفذت عملية الإلزام بشكل تدريجي لكل بعد من الأبعاد الثلاثة، ولم تتوحد الدول في منهجية التدرج في التطبيق بآلية واحده، ولكن كانت البداية دائماً لحوكمة الشركات للدول التي تدرجت في التطبيق.

 

كما لوحظ أن الأثر يكون أقوى في حال تطبيق حوكمة الاستدامة الثلاثية بأبعادها الثلاثة دفعة واحدة وكانت سلطة الإلزام صادرة من حكومة. أن وجود أثر إيجابي اقتصادي واجتماعي وبيئي كبير في مختلف الدول التي تبنت تطبيق حوكمة الاستدامة الثلاثية والمساهمة في تحقيق الأهداف الاستراتيجية في كلا من القطاع العام والخاص وغير الربحي، مع أهمية الشراكة بين القطاعات في الجهود لتحقيق اهداف التنمية المستدامة. حيث يشهد الوضع الراهن توجه من قبل الجهات المنظمة الدولية بإصدار معيار للإفصاح عن الاستدامة الثلاثية مما يحتم ضرورة التوجه والموائمة مع تلك التوجهات للمملكة وذلك في مراحل مبكرة في ظل النمو السريع لطلب تقارير الاستدامة وتهيئة بيئة الأعمال لمثل تلك الالتزامات للانضمام للمؤشرات العالمية في الاستدامة الثلاثية وزيادة روح المنافسة وكفاءة الأداء فيما بين الشركات.

 

الجدير بالذكر أن الدراسة تطرقت الي الأطر التنظيمية والتشريعية وحوكمة الاستدامة الثالثية “الحوكمة البيئية، والاجتماعية وحوكمة الشركات” لواقع الممارسات في بيئة المملكة وربطها بأهداف التنمية المستدامة وخارطة الطريق لعملية التطبيق والالزام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى