اقتصاد كويتي

دور التحكيم في تحقيق التوازن بين المصالح والأهداف التي ينشدها المستثمر الأجنبي

والأهداف التي تسـعى الدولـة المضـيفة لتحقيقهـا

أقام مركز الكويت للتحكيم التجاري التابع لغرفة تجارة وصناعة الكويت بالتعاون مع إدارة الفتوى والتشريع ندوة بعنوان: “التحكيم والاستثمار” يوم الأثنين الموافق 06/ 02/2023. تحت إشراف السيد/ عبدالله عبداللطيف الشايع – رئيس مجلس الإدارة وبحضور السيد/ أسامة محمد النصف – نائب رئيس مجلس الإدارة ورئيس اللجنة التنفيذية بالمركز والذي بدأ الندوة بإلقاء كلمة الإفتتاحية أعقبها كلمة للمستشار/ سعود القملاس وكيل إدارة القضايا الخارجية والتحكيم الدولي بإدارة الفتوى والتشريع.

وصرح السيد/ أسامة محمد النصف – نائب رئيس مجلس الإدارة ورئيس اللجنة التنفيذية بالمركز أن الاستثمار يتطلب فهماً أعمق في ظل ما يسمى بعصر العولمة، حيث تتعدد نشــاطات الاســتثمار الدوليــة المتعلقــة بحركــة رؤوس الأمــوال والبضائع والخدمات والأشخاص عبر الحدود الوطنية لدول مختلفـة، وهذا على خلاف الاستثمار الوطني حيث يكون المستثمر علـى معرفـة بالقوانين، فإن المستثمر الأجنبي لا يكون مطلعاً بشـكل كامـل علـى هذه القوانين، وكثيـراً مـا تثـور نزاعــات الاسـتثمار بـين الـدول المضــيفة والمستثمرين الأجانب مما يقتضي الالتجاء إلى التحكـيم بوصـفه وسـيلة ودية لفض النزاعات، وخاصةً أن وجود الدولة في العقد يجعل المستثمر فـي حاجـة إلـى ضـمانات قضائية لحماية استثماراته، وعادة مـا يطمئن المسـتثمر إلـى قضـاء التحكيم الذي أصبح القضاء الطبيعي في هذا المجال، إذ أن التحكـيم في منازعات الاستثمار يتسـم بخصوصـية تميـزه عـن التحكـيم فـي المنازعات الأخرى، وذلك لما يمتاز به من سرعة الإجراءات، والسرية التامة في التعامل مع موضوع النزاع مما يحقق رغبة طرفي النزاع في الحفاظ على تلك الخصوصية، وهكذا أصبحت الدول تلجأ إلى إدراج شرط التحكـيم فـي مجـال عقـود الاسـتثمار.

أكد النصف أن هذه الندوة تؤصل لنمو المعاملات الدولية والمحلية وتعاصر تزايد الطلب المطرد للجوء إلى التحكيم كطريقة لحل المنازعات وتسوية الخلافات، حيث تتسم فترة التحكيم بالقِصر وحسم النزاع في أسرع وقت، مضيفاً أن هذه الندوة هي واحدة من مجموعة من الندوات والفعاليات التي يعقدها المركز في إطار برنامج ثقافي موسمي حرصاً على الالتزام بدور المركز في التوعية وسعياً إلى التعرف على المزيد عن الوسائل البديلة لحل المنازعات، وتأكيداً على مبدأ العدالة والنزاهة بوضع النظم الصحيحة في مجال فض المنازعات الناشئة عن الاستثمار في دولة الكويت وخارجها وتوفير بيئة استثمارية، تتسم بالشفافية والاستقرار للوصول إلى تكامل الأسواق التجارية والمالية، وتوحيد السياسات والأنظمة المتعلقة بها، كما أنه ونتيجة للانتشار الواسع لمراكز التحكيم فقد خفف ذلك العبء على محاكم الدولة بشكل كبير.

يذكر أنه قد حاضر بالندوة الدكتور/ محمد سامي عبدالصادق – نائب رئيس جامعة القاهرة وأستاذ القانون المدني، والذي تطرق للعديد من الموضوعات المتعلقة بالتحكيم شارحاً بانه يعد من الوسائل المهمة التي يلجأ إليها المتعاقدون في كافة العقود وعلى الأخص في عقود الاستثمارات الأجنبية لحل المنازعات التي يمكن أن تثار بين طرفي العقد، ويعود ذلك إلى المزايا العديدة التي يتسم  بها والتي تتناسب مع طبيعة عقود الاستثمار الأجنبي، فمن جهة يقلل من مخاوف المستثمرين من القضاء وما يترتب على ذلك من ضمان حيادية القرار المتخذ لحسم النزاع من خلال ضمان عدم الانحياز الى مصلحة الدولة المضيفة للاستثمار على حساب مصلحة المستثمر الاجنبي.

ومن جهة أخرى، أوضح المحاضر أن المستثمر الاجنبي يفضل التحكيم عن القضاء العادي نظراً لخصوصية عقود الاستثمار من حيث الاطراف، فعلى الرغم من أن الدولة المضيفة للاستثمار مجرد طرف متعاقد مع المستثمر الاجنبي، إلا أنها مع ذلك طرف غير عادي نظراً للمزايا السيادية التي تتمتع بما لها من استقلال وسيادة تجعلها على قدم المساواة مع الدولة الأخرى بالحصانة القضائية، فضلاً عن إمكانية الإخلال بالتوازن الاقتصادي للعقد والاخلال أيضاً بالحياد الذي يجب أن يتوفر للسلطة القضائية الوطنية التي يمكن عرض النزاع عليها في حالة نشأته، هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى يتمسك المستثمر الأجنبي بشرط التحكيم بسبب تخوفه من تمسك الدولة بالحصانة القضائية التي تغل يد القضاء الوطني لأي دولة اخرى عن نظر المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيه، فضلا عن أهمية التحكيم في مجالات المعاملات التجارية لكونة يوفر السرية لهذه المعاملات والتي تتضمن أسراراً يحرص الخصوم في عقد الاستثمار الأجنبي على بقائها طي الكتمان، وأمام هذا كله فإنه كان لابد من إيجاد وسائل محايـدة وفعالـة لتسوية المنازعات التي تنشأ عن هذه العقود بما يتلاءم مـع طبيعتهـا وقد تعددت الوسائل التي من الممكن أن يلجأ إليها الأطراف في عقـود الاستثمار لتسوية منازعاتهم الناشئة عنها فقـد ظلـت هنـاك خاصـية ثابتة لهذه العقود وهي تتعلق على وجـه الدقـة بـالتحكيم كطريقـة مقبولة لحـل المنازعـات، والذي يعتبر هو الأسـلوب الأمثـل لحـل المنازعات التي تثيرها العلاقات التي تدخل الدولة طرفاً فيها.

اختتمت الندوة أعمالها بتوصيات بضرورة تعزيز دور التحكيم وذلك لاحتياج المستثمرين إلى مناخ ملائم يطمئن من خلاله المستثمر الأجنبي على أن استثماراته التجارية ستحظى بالحماية المأمولة في الدولة المضيفة ضد ما اصطلح على تسميتها بالأخطار السياسية أو غير التجارية، ولحماية التعاملات التجارية المحلية أو الوطنية والاستثمارات التجارية وإزالة العقبات التي يضعها قانون كل دولة في وجه تدفق الاستثمارات والحركة التجارية عموماً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى