اقتصاد دولي

على رغم التعويم وتحريك الفائدة توقعات تراجع النمو تحاصر اقتصاد مصر

خفضت مؤسسة “فيتش سوليوشنز” للأبحاث توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر خلال العام المالي الحالي 2023/2024 من 4.4 في المئة إلى 4.2 في المئة، تأثراً بالتداعيات الاقتصادية للعدوان الإسرائيلي على غزة، التي تعتقد المؤسسة أنها ستؤثر في الاستثمار والاستهلاك وصافي الصادرات.

وقالت الوكالة في تقرير حديث إنه من شأن زيادة الاستثمار الأجنبي أن يعوض التباطؤ في الطلب المحلي والصادرات، مع ترجيح تحسن صورة الاستثمار خلال السنة المالية المقبلة مقارنة بالسنة الحالية، التي انخفض بها الإنفاق الرأسمالي نتيجة لثلاثة أسباب رئيسة تتمثل في استمرار معاناة القطاع الخاص مع الشكوك المتعلقة بالسياسات مما يقيد الوصول إلى العملات الأجنبية، مع ارتفاع كلفة الاقتراض وضعف الطلب في السوق.

وأشارت إلى أن هناك تأثيراً أيضاً للحرب الإسرائيلية على غزة في ما يتعلق بحالة عدم اليقين التي تحيط بمناخ ممارسة الأعمال التجارية في مصر، فضلاً عن محاولة مصر لإيجاد سياسات للتعامل مع ما يتعلق بالحرب وتحت وطأة الضغوط.

وكانت الحكومة المصرية أعلنت تعليق الأشغال العامة التي بها مكون كبير من السلع المستوردة، في سبيل تخفيف الضغط على ميزان المدفوعات.

مخاوف من استمرار ارتفاع كلفة التمويل

وفي السادس من مارس (آذار) الجاري أعلن البنك المركزي المصري تحريك أسعار الفائدة بأكبر وتيرة زيادة لمرة واحدة، إذ رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض بنحو 600 نقطة أساس، كما أعلن تحريك أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه المصري ليصل في البنوك إلى مستوى 50 جنيهاً قبل أن يتراجع في الوقت الحالي إلى 46 جنيهاً، في إطار تضييق الفجوة السعرية بين أسعار صرف الورقة الأميركية الخضراء في البنوك والسوق السوداء.

وعلى خلفية هذه الإجراءات أعلنت وكالات دولية تعديل التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري مع منحه نظرة مستقبلية إيجابية. وكانت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أعلنت خفض توقعاتها لنمو الاقتصاد المصري خلال العام الحالي إلى 3.2 في المئة خلال العام المالي الحالي، مقابل 3.9 في المئة في توقعات صدرت للمنظمة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ورجحت المنظمة خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2023/2024، مقابل 3.8 في المئة خلال العام المالي 2022، لكنه سيتعافى تدريجاً بعد ذلك. وعلى رغم خفض توقعات النمو للعام المالي الحالي فإن تقديرات المنظمة الأخيرة جاءت أعلى من توقعات الحكومة وصندوق النقد الدولي للنمو في 2023/2024 عند مستوى ثلاثة في المئة.

وعلى رغم توقعات المنظمة بعودة نمو اقتصاد مصر إلى الارتفاع مجدداً في العام المالي المقبل، فإنها خفضت توقعاتها أيضاً لمعدل النمو خلال السنة إلى 4.4 في المئة مقابل 4.8 في المئة كانت تتوقعه المنظمة في نوفمبر 2023، على أن يصل معدل النمو في 2025/2026 إلى 5.1 في المئة. وذكر التقرير أن الاستهلاك سيتعافى على رغم التوقف التدريجي للدعم المالي شريطة تراجع مستويات التضخم.

وشهد معدل التضخم تراجعاً متتالياً خلال الأشهر الأخيرة على أساس سنوي، بعد أن سجل مستويات قياسية، وصلت إلى 40.3 في المئة لإجمالي الجمهورية، و38 في المئة للمدن المصرية، ليصل في يناير (كانون الثاني) الماضي إلى 31.2 في المئة، و29.8 في المئة على التوالي، مع انعكاس تأثير فترة الأساس التي شهدت معدلات تضخم مرتفعة.

وعلى رغم صفقة “رأس الحكمة” الضخمة التي أعلنت الحكومة تفاصيلها يتوقع التقرير أن يكون انتعاش الاستثمار بطيئاً، إذ ستظل كلفة التمويل مرتفعة لبعض الوقت، مشيراً إلى التوقعات بعودة ارتفاع الصادرات في حالة توقف تأثير عدم الاستقرار الإقليمي على السياحة والملاحة في قناة السويس.

ويشن الحوثيون هجمات على سفن أميركية وبريطانية وإسرائيلية أو متجهة لإسرائيل على خلفية ما يقولون إنه بسبب حرب إسرائيل على غزة، وهو مما أدى في المقابل إلى ضربات عسكرية أميركية بريطانية على مواقع للجماعة في اليمن. وأوضح تقرير الوكالة أن الأخطار المحيطة بهذه التوقعات تبدو كبيرة، وتشمل فقدان ثقة المستثمرين بصورة أكبر، الذي قيد ينجم عنه مزيد من الخفض في قيمة العملة ونقص أكبر في العملة الأجنبية، مما يؤدي إلى مزيد من التدهور في ظروف التمويل، وقد يؤدي استمرار التوترات الجغرافية السياسية في المنطقة إلى تأثر عائدات السياحة وقناة السويس سلباً بصورة أكبر.

ماذا يتوقع صندوق النقد للاقتصاد المصري؟

خلال الشهر الماضي توقع صندوق النقد نمو الاقتصاد المصري بنسبة ثلاثة في المئة خلال عام 2024، و4.7 في المئة في عام 2025، وذلك بتخفيض بنسبة 0.6 في المئة و0.3 في المئة على الترتيب عن توقعاته السابقة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وعزا الصندوق في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي توقعات النمو الأكثر تفاؤلاً إلى الصلابة التي فاقت التوقعات في الولايات المتحدة وعديد من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، فضلاً عن الدعم من المالية العامة في الصين. وأوضح التقرير أنه على رغم تحسين التوقعات للعام المالي 2024/2025، فإنها تبقى دون مستوى المتوسط التاريخي البالغ 3.8 في المئة للفترة 2000/2019، في ظل ارتفاع أسعار الفائدة الأساس التي حددتها البنوك المركزية لمكافحة التضخم، وسحب الدعم المالي في سياق ارتفاع الديون الذي يؤثر سلباً في النشاط الاقتصادي، وانخفاض نمو الإنتاجية الأساس.

وعلى صعيد التضخم، قال صندوق النقد إن التضخم العالمي آخذ في الهبوط بوتيرة أسرع من المتوقعة في معظم المناطق، مع تراجع حدة المشكلات على جانب العرض وتشديد السياسة النقدية، إذ تشير التوقعات إلى خفض التضخم الكلي العالمي إلى 5.8 في المئة في 2024 و4.4 في المئة خلال عام 2025، مع تخفيض التنبؤات للعام المقبل. ولفت إلى أن احتمالات الهبوط العنيف تراجعت، فضلاً عن توازن الأخطار على النمو العالمي إلى حد كبير في ظل تباطؤ معدل التضخم والنمو المطرد.

وعلى صعيد التطورات الإيجابية أشار الصندوق إلى أن تباطؤ معدل التضخم بوتيرة أسرع من المتوقعة يمكن أن يؤدي إلى مزيد من تيسير الأوضاع المالية، إلا أنه أوضح أن السياسة المالية الأيسر من اللازم ومما تفترضه التوقعات قد تنطوي على ارتفاع موقت في النمو، ولكنها تنطوي كذلك على أخطار جراء تعديل أكثر كلفة لاحقاً.

وعلى الجانب السلبي قال الصندوق إن أمد تشديد الأوضاع النقدية قد يطول إذا ارتفعت أسعار السلع الأولية ارتفاعاً حاداً مجدداً نتيجة الصدمات الجغرافية السياسية – بما فيها استمرار الهجمات في البحر الأحمر – واضطرابات العرض أو استمرار التضخم الأساس لفترة أطول، وكذلك يمكن أن يؤدي تعمق المحن في قطاع العقارات في الصين، أو زيادة الضرائب وتخفيض النفقات على نحو مربك في أي بلد آخر، إلى تحقيق نمو دون المستوى المأمول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى