اقتصاد دولي

قضايا الصراع العالمي تحت مجهر قمة مجموعة الـ20 في نيودلهي

سيتحمل رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي مهمة لا يحسد عليها، تتمثل في صياغة اتفاق بين أكبر الدول المتقدمة والنامية في العالم عندما يجتمع زعماء مجموعة الـ20 في دلهي لحضور قمتهم السنوية في وقت لاحق من هذا الأسبوع.

يمثل الصراع الدولي أحد محاور جلسات المجموعة إضافة إلى قضايا أخرى ستكون تحت مجهر البحث والمناقشة، فيما لن يغادر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين موسكو، ولن يأتي الرئيس الصيني شي جينبينغ جواً من بكين.

ستنعقد قمة مجموعة الـ20 في نيودلهي تحت عنوان “أرض واحدة، عائلة واحدة، مستقبل واحد”، فيما تمزق مجموعة الـ20 الصراعات وتكافح من أجل البقاء، ولكن الأمر لم يكن دائماً على هذا النحو، وبخاصة أن تاريخ المجموعة يعود إلى أواخر التسعينيات، لكنها بلغت مرحلة النضج بعد عقد من الزمن خلال الأزمة المالية العالمية، عندما عملت البلدان الغنية والفقيرة معاً للتخفيف من تأثير الركود الذي أعقب الانهيار الوشيك للنظام المصرفي العالمي.

من الناحية النظرية، كانت مجموعة الـ20 منطقية لأنها أدركت أن الصفائح الرئيسة للاقتصاد العالمي قد تحولت، وأنه لم يعد من المنطقي بالنسبة إلى الأعضاء الأثرياء في مجموعة السبع: الولايات المتحدة واليابان وألمانيا، وفرنسا وكندا وإيطاليا والمملكة المتحدة ــ أن يحاولوا حل المشكلات بمفردهم عندما بدأت الصين والهند والبرازيل في الظهور كقوى جادة.

ناتج محلي عالمي ضخم

وتمثل مجموعة الـ20 نحو 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وينبغي أن تكون في وضع جيد للتوصل إلى اتفاق في شأن قضايا مثل أزمة المناخ والاستقرار المالي وتخفيف عبء الديون عن أفقر دول العالم، وفي الواقع، كان سجلها متواضعاً، ومنذ ذروة التعاون التي تم التوصل إليها في لندن عام 2009، أصبح من الصعب على نحو متزايد التوصل إلى اتفاق ذي معنى، وهناك عديد من الأسباب لذلك، الأول، يتعلق بهيكل مجموعة الـ20، التي تضم عضوية متنوعة ورئاسة تتناوب كل عام، ولكنها تفتقر إلى أمانة دائمة، وهذا يفسح المجال لمؤتمرات القمة التي توفر فرصاً لالتقاط الصور والمحادثات الثنائية بدلاً من اتخاذ القرارات، في حين يريد مودي توسيع عضوية مجموعة الـ20 لتشمل الاتحاد الأفريقي، الأمر الذي من شأنه أن يجعل المجموعة أكثر تمثيلاً ولكن أكثر صعوبة.

أما المشكلة الثانية، فتتلخص في خطوط الصدع العميقة التي تمر عبر مجموعة الـ20، فمن الواضح أن إحدى القضايا الكبرى المثيرة للانقسام هي الحرب في أوكرانيا، إذ تم إحباط محاولات الدول الغربية لفرض حصار اقتصادي كامل على روسيا بسبب رغبة الصين والهند في استيراد النفط الروسي، لكن العلاقات بين الصين والهند أبعد ما تكون عن الودية، إذ يشهد البلدان نزاعاً حدودياً طويل الأمد، كما أنهما متنافسان اقتصادياً.

يسعى مودي بنشاط إلى بناء علاقات اقتصادية أقوى مع الولايات المتحدة، وهو حريص على عدم الانحياز إلى أي طرف في الحرب الباردة الجديدة التي تطورت بين واشنطن وبكين، في حين أن المشكلة الثالثة هي أن مجموعة الـ20 أنشئت لإدارة العولمة، ولكن العولمة في تراجع، وعلى حد تعبير محلل شركة “تي أس لومبارد” داريو بيركنز، فإن “التراجع عن العولمة أمر حقيقي ويكتسب مزيداً من الثقل، على الرغم من مرونة التجارة العالمية على مدى السنوات الثلاث الماضية”.

ويضيف بيركنز لصحيفة “الغارديان”، “مع بدء تحول أنماط التجارة الثنائية، واستخدام كل من الولايات المتحدة والصين للسياسة الصناعية الاستراتيجية بقدر لا بأس به من النجاح، فليس هناك طريق للعودة إلى الليبرالية الجديدة التي سادت خلال الـ40 سنة الماضية”.

قضايا يمكن تحقيق اختراق فيها 

لا تزال هناك قضايا يمكن تحقيق اختراقات فيها، إذ يمكن لمجموعة الـ20 أن تتخذ الإجراءات اللازمة لتجنب أزمة ديون تلوح في الأفق في أفقر دول العالم، لكن هذا سيتطلب من الولايات المتحدة والصين أن تضعا خلافاتهما جانباً، وتقول وحدة الاستخبارات الاقتصادية في مجموعة “الإيكونوميست”، إن الاتفاق الاقتصادي سيكون صعباً على نحو متزايد بالنسبة لمجموعة الـ20، بسبب الاختلافات الجيوسياسية، وتعتقد أنه من المحتمل أن يصدر إعلان مشترك بين القادة من القمة، لكن “الخلافات المستمرة بين الأعضاء حول النص المتعلق بالحرب بين روسيا وأوكرانيا تشير إلى أن المفاوضات ستستمر حتى اللحظة الأخيرة”، كما تضيف “الفشل في إصدار إعلان يشير إلى أن مجموعة الـ20 تفقد قدرتها على البقاء كمنظمة”، وعلى الأرجح ضلت مجموعة الـ20 طريقها بشكل خطر، وإن أصدر بياناً لطيفاً ينظر إليه على أنه إنجاز يروي قصته الخاصة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى