اقتصاد دولي

لماذا عدلت “كابيتال إنتليجنس” تصنيف ديون مصر من “سلبية” إلى “مستقرة”؟

أعلنت وكالة “كابيتال إنتليجنس”، تعديل النظرة المستقبلية للديون المصرية طويلة الأجل بالعملة المحلية والأجنبية من سلبية إلى مستقرة، وفي المقابل خفضت الوكالة تصنيف الديون من مستوى B+ إلى B بالتوازي مع الحفاظ على تصنيف الديون قصيرة الأجل عند درجة B. في مذكرة بحثية حديثة، أرجعت الوكالة، خفض التصنيف إلى عدم اليقين مع زيادة أخطار التمويل الخارجي لمصر، بسبب ارتفاع حاجات التمويل الخارجي للبلاد، وتحديات الوصول إلى أسواق رأس المال مع ارتفاع الكلفة.

وفسرت الوكالة النظرة المستقبلية بأن الديون الخارجية معتدلة عند 43 في المئة من الناتج الإجمالي، مع احتمال الحصول على دعم من دول مجلس التعاون الخليجي وصندوق النقد الدولي، ومع ذلك، يخضع الدعم الخارجي لدرجة من المشروطية، ومع ربط مساعدات مجلس التعاون الخليجي الآن ببرنامج الخصخصة في البلاد، فإن مستوى وتوقيت التدفقات من دول الخليج غير مؤكد إلى حد ما، ويعتمد على جاذبية أصول الدولة المعروضة للبيع.

وترى الوكالة أن وتيرة تنفيذ الإصلاح في مصر “متواضعة”، فضلاً عن التأخير الإضافي في تسريع الجهود الرامية إلى تعزيز صدقية سعر الصرف وخصخصة الأصول، وهو ما يؤثر بشكل أكبر على ثقة المستثمرين، بالتالي سيؤثر سلباً على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والمدفوعات من المقرضين متعددي الأطراف والثنائيين، مما يضعف قدرة الحكومة على خدمة التزاماتها الخارجية في الوقت المناسب، مشيرة إلى الضعف المستمر في المالية العامة، بما في ذلك المديونية المرتفعة للغاية وهيكل الميزانية الضعيف، فضلاً عن خدمة الديون المرتفعة للغاية.

خفض قريب للجنيه مقابل الدولار

وفي سياق متصل، توقع بنك “ميتسوبيشي يو أف جيه” الياباني خفض قيمة الجنيه المصري قريباً، في ظل تزايد شح العملات الأجنبية والرغبة في الحفاظ على التحسن الذي سجله الحساب الجاري، أخيراً، معتبراً أن سياسة البنك المركزي في إدارة سعر الصرف بتقييد الوصول للعملات الأجنبية بدأت في الإضرار بالأنشطة الاقتصادية، بينما سيعزز التخفيض المتوقع من تدفقات الاستثمار الأجنبي ويعيد تفعيل اتفاق مصر مع صندوق النقد.

وأكد البنك الياباني أن الضغوط التضخمية تترسخ بشكل يفوق تقديرات السوق، وتوقع استمرار مستويات التضخم القياسية في ظل الشكوك في شأن انخفاض قيمة الجنيه وتحديات إمدادات الغذاء، مرجحاً تثبيت الفائدة خلال الفترة المقبلة في ظل سعي البنك المركزي المصري لتحقيق استقرار في الأسعار وسط ضعف قيمة العملة المحلية.

وتعاني مصر منذ فترة من شح في العملات الأجنبية بسبب التداعيات العالمية للحرب الروسية – الأوكرانية وارتفاع أسعار الفائدة، وخسر الجنيه ما يقرب من نصف قيمته مقابل الدولار منذ مارس (آذار) 2022، مما أدى إلى عودة السوق الموازية التي يتداول الجنيه فيها في الوقت الحالي بانخفاض قدره 18 في المئة، مما يزيد من الضغوط على سيولة العملات الأجنبية في النظام المصرفي.

وتخطط الحكومة لجذب استثمارات بقيمة خمسة مليارات دولار من خلال بيع أصول مملوكة للدولة، بعد أن تراجعت عن هدفها السابق في مارس (آذار) السابق، وجرى توسيع القائمة الأصلية التي كانت تضم 32 شركة مملوكة للدولة لتشمل الشركة المصرية للاتصالات و”الشرقية للدخان” و”العز الدخيلة للصلب”.

تأتي التقارير الرسمية بين عدد من المؤشرات بأن هناك مزيداً من الزخم في برنامج بيع الأصول، في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة تقديم حوافز الاستثمار، كما شهدت، أخيراً، اهتماماً من المستثمرين الأجانب في القطاع الصناعي، وعديداً من أخبار الاستثمار في قطاعات المدفوعات الإلكترونية، والطاقة الخضراء، والأسمدة.

تحسن صافي عجز الأصول الأجنبية

على صعيد المؤشرات الإيجابية، تراجع عجز صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي بنحو 805 ملايين دولار، خلال يوليو (تموز) الماضي، وهو أكبر تحسن منذ بداية الأزمة الاقتصادية التي شهدتها مصر عقب الحرب الروسية -الأوكرانية، بحسب بيانات البنك المركزي المصري، وسجل متوسط سعر صرف الدولار أمام الجنيه بنهاية أغسطس (آب) الماضي نحو 30.95 جنيه ليستقر عند مستويات نهاية يوليو نفسها.

وانخفض الفارق بين الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي والتزاماته بالعملة الأجنبية تجاه غير المقيمين، إلى 26.2 مليار دولار مقابل 27.1 مليار دولار في يونيو (حزيران) الماضي، وجاء التراجع رغم اتساع عجز صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي بنحو 149 ملايين دولار، بدعم من تحسن صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية، لينخفض العجز لديها بنحو 954 مليون دولار في يوليو الماضي.

وتراجع عجز صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك بدعم من ارتفاع الأصول الأجنبية إلى 13.8 مليار دولار مقابل 12.8 مليار دولار في يونيو الماضي، وفي الوقت نفسه ارتفعت الالتزامات هامشياً فقط إلى 29.98 مليار دولار مقابل 29.86 مليار دولار

وبحسب البيانات، ارتفعت التزامات البنك المركزي المصري خلال يوليو الماضي بنحو 263 مليون دولار، وهي وتيرة أسرع بكثير من زيادة الأصول بنحو 114 مليون دولار، كما جاء التحسن الطفيف مدفوعاً بتراجع صافي الالتزامات الأجنبية بالبنوك العاملة بالقطاع المصرفي، الذي تقلص بنحو خمسة في المئة إلى 16.17 مليار دولار في يوليو الماضي، من 17.13 مليار دولار في الشهر السابق، وارتفعت التزامات البنك المركزي بشكل طفيف إلى 10.13 مليار دولار في يوليو الماضي، من 9.98 مليار دولار في يونيو السابق له.

تنويع الهيكل الإنتاجي لدول “بريكس”

وبخلاف المبادرات والإجراءات التي أعلنتها الحكومة المصرية، ربما كان الإعلان عن انضمام مصر إلى مجموعة “بريكس” دور كبير في تحسن التوقعات، وكشفت وزارة المالية في الحكومة المصرية، أن تجمع “بريكس” شكل نحو 20 في المئة من تجارة العالم، و31.5 في المئة من الاقتصاد العالمي في 2022، وتم تأسيس بنك التنمية الجديد التابع له برأسمال 50 مليار دولار.

وأوضحت وزارة المالية المصرية، أنه بانضمام مصر للتجمع فإنه سيتم التعامل بالعملات الوطنية بين الدول الأعضاء، ويعني أن تتعامل مع بعضها تجارياً بالعملة المحلية بما يخفف الضغط على النقد الأجنبي (مثل الدولار) في مصر، وأيضاً سيساعد في تأمين السلع الاستراتيجية مثل القمح والرز من دون ضغوط إضافية على الموازنة العامة للدولة.

وتعمل المجموعة على تنويع الهيكل الإنتاجي للدول الأعضاء، وسوف يساعد ذلك في تلبية معظم حاجات مصر الاستيرادية من الدول الأعضاء، وحل جزء كبير من مشكلة سلاسل التوريد، كما يعمل على تعزيز التجارة الإلكترونية بين الدول الأعضاء، ويعني ذلك خلق فرص عمل جديدة ومساعدة الشركات على تقليل التكاليف وزيادة الكفاءة، كما تقول الوزارة، إضافة إلى الاستفادة من الاتفاقيات التجارية، ومن بين هذه الاتفاقيات اتفاقية السوق المشتركة للجنوب “ميركوسور” لتصبح مصر مركزاً يربط بين أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية، وأوضحت وزارة المالية أن وجود مصر عضواً ببنك التنمية التابع للتكتل سيساعدها في الحصول على تمويلات ميسرة لمشروعاتها التنموية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى