لا صوت يعلو في “وول ستريت” على الصعود المستمر للأسهم الأمريكية خلال الفترة الأخيرة، وسط حالة من التفاؤل بين أوساط المستثمرين.
السوق الأمريكي تلقى الكثير من الدعم من استمرار تباطؤ التضخم والتكهنات بشأن قرب نهاية دورة التشديد النقدي، بالإضافة إلى قدرة الاقتصاد على تفادي سيناريو الركود حتى الآن.
استمرار رحلة المكاسب
– حققت مؤشرات الأسهم الأمريكية مكاسب ملحوظة خلال الفترة الأخيرة، مع تصاعد التفاؤل حيال الوضع الاقتصادي وآفاق السياسة النقدية.
– مؤشر “داو جونز” الصناعي حقق صعودًا متواصلًا لثلاث عشرة جلسة متتالية، في أطول موجة مكاسب يومية منذ عام 1987، لكنه أنهى هذه السلسلة لاحقًا.
– المؤشر ارتفع للأسبوع الثالث على التوالي، ليحقق مكاسب بنسبة 3.4% في شهر يوليو.
– كما ارتفع مؤشر “إس آند بي 500” أيضًا بنسبة 3.1% في يوليو، ليحقق خامس مكاسب شهرية على التوالي.
– مؤشر “ناسداك” المركب الذي يغلب عليه أسهم التكنولوجيا حقق صعودًا يتجاوز 4% في يوليو، وهي خامس مكاسبه الشهرية على التوالي.
– أنهى مؤشر “إس آند بي 500” جلسة الإثنين عند أعلى مستوى منذ أبريل 2022، مرتفعًا بنحو 19% منذ بداية العام الجاري، ليصبح على بعد 4% فحسب من الوصول لمستواه القياسي السابق المسجل في يناير من العام الماضي.
– كما رفع مؤشرا “داو جونز” و”ناسداك” مكاسبهما منذ بداية العام الجاري إلى نحو 7% و37% على الترتيب.
“التفاؤل الثلاثي” يقود الأسواق
– استفاد سوق الأسهم الأمريكي في الفترة الأخيرة من حالة التفاؤل التي تسود بين أوساط المستثمرين حيال الاقتصاد والسياسة النقدية، بالإضافة إلى الانطلاق الإيجابي لموسم نتائج الأعمال.
– أصبح سيناريو “الهبوط السلس” – السيطرة على التضخم دون إدخال الاقتصاد في حالة ركود – أكثر احتمالية مؤخرًا في الولايات المتحدة.
– واصل الاقتصاد الأمريكي المدعوم من قوة إنفاق المستهلكين وسوق العمل تحدي التكهنات السابقة بشأن حتمية وقوعه في براثن الركود، رغم استمرار رفع الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي.
– نما الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنسبة 2.4% في القراءة الأولية للربع الثاني من العام الجاري، بعد رفع التقديرات النهائية للنمو في الربع الأول إلى 2%.
– دفع الأداء الاقتصادي الأمريكي القوي بنك “جولدمان ساكس” لخفض رؤيته لاحتمالية الركود في غضون اثني عشر شهرًا إلى 20% من 25% سابقًا ومقارنة بـ55% في شهر مارس الماضي.
– قال “جيروم باول” رئيس الاحتياطي الفيدرالي إن الاقتصاديين في البنك المركزي لم يعودوا يتوقعون حدوث ركود اقتصادي.
– كما تلقى سوق الأسهم الأمريكي الكثير من الدعم من إشارات الفيدرالي حول قرب نهاية رفع معدلات الفائدة.
– الفيدرالي رفع الفائدة الأمريكية 11 مرة منذ مارس 2022، لكنه أوضح أن استمرار تباطؤ التضخم قد يعني التوقف عن زيادتها مجددًا هذا العام.
– تشير أداة “فيد واتش” من مشغل البورصات “سي إم إي” إلى أن الأسواق تتوقع عدم رفع الفائدة الأمريكية مجددًا، مع احتمالية لبدء خفضها بحلول مارس 2024.
– قال اقتصاديون في “جولدمان ساكس ريسيرش” إنه من المحتمل أن يكون رفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في الأسبوع الماضي هو آخر عملية تشديد في هذه الدورة من جانب الاحتياطي الفيدرالي.
– أوضح محللو البنك الاستثماري الأمريكي أنه في حال صدقت هذه التوقعات، فإن الأمر سيكون إيجابياً لسوق الأسهم.
– نتائج أعمال الشركات كانت بمثابة العامل الثالث الذي عزز الاتجاه الصاعد للسوق، حيث صعد مؤشر “إس آند بي 500” بنحو 4% منذ بدء موسم نتائج الأعمال قبل أسبوعين تقريبًا.
– تحسنت التوقعات بشأن نتائج أعمال الشركات الأمريكية مقارنة بالأسبوع الماضي، رغم أنها لا تزال ضعيفة بشكل عام.
– تشير توقعات “ريفينيتيف” إلى أن متوسط أرباح شركات “إس آند بي 500″ سيتراجع بنسبة 6.4% في الربع الثاني على أساس سنوي، مقارنة بتقديرات صادرة قبل أسبوع واحد كانت تشير إلى هبوط 7.9%.
– بحسب بيانات ” ريفينيتيف”، أعلنت 254 شركة في مؤشر “إس آند بي 500” نتائج أعمالها الفصلية، 78.7% منها كشفت تحقيق أرباح أفضل من توقعات المحللين، مقارنة بمتوسط 66% منذ عام 1994.
– قال “بن سنايدر” كبير محللي الأسهم الأمريكية في “جولدمان ساكس ريسيرش” إن فكرة أن الاقتصاد يمكن أن يستمر في النمو وأن معدلات الفائدة لن تشكل ضغطاً على مضاعفات الربحية يعد أمرًا جيدًا للأسهم.
– أضاف أن موسم نتائج أعمال الشركات حتى الآن يؤكد ثقة المستثمرين في سوق الأسهم الأمريكي، مع صعود الأرباح أعلى من التوقعات.
توقعات باستمرار الصعود
– يبدو الطريق ممهدًا لمواصلة سوق الأسهم الأمريكي رحلة المكاسب خلال ما تبقى من العام الجاري، مع استمرار العوامل الداعمة للسوق.
– اعترف “مايكل ويلسون” المحلل في “مورجان ستانلي” بخطأ توقعاته المتشائمة السابقة بشأن سوق الأسهم الأمريكي، ليرى الآن أن الصعود المستمر منذ بداية العام سيتواصل.
– أشار “ويلسون” إلى أن الأسهم الأمريكية تتبع نفس المسار الذي اتبعته في عام 2019، في إشارة إلى واحدة من أفضل السنوات لمؤشر “إس آند بي 500” على مدى العقد الماضي، حيث شهد السوق مكاسب بنسبة 29%.
– كما يرى “جيرمي سيجل” الأستاذ في كلية “وارتون” أن الأسهم الأمريكية تتجه لتسجل مستويات قياسية جديدة، مع استمرار قوة الاقتصاد ونتائج أعمال الشركات.
– على جانب مواز، رفع “سيتي جروب” مستهدفه لمؤشر “إس آند بي 500” بحلول نهاية العام الجاري إلى 4600 نقطة من التقديرات السابقة عند 4000 نقطة، ومقارنة بإغلاق يوم الإثنين عند 4588 نقطة.
– البنك الاستثماري الأمريكي برر رفع تقديراته لسوق الأسهم الأمريكي بزيادة فرص “الهبوط السلس” للاقتصاد الأكبر في العالم.
– “سيتي جروب” رفع أيضًا توقعاته لأداء المؤشر الأوسع للأسهم الأمريكية بحلول منتصف عام 2024 إلى 5000 نقطة من 4000 نقطة سابقًا.
– بحسب “بيسبوك إنفيسمنت جروب”، فإنه في الـ37 مرة التي شهدت تحقيق “إس آند بي 500” مكاسب لمدة 5 أشهر متتالية منذ عام 1928، نجح المؤشر في مواصلة الصعود للشهر السادس في 80% في الحالات.
مخاطر على الطريق
– رغم حالة التفاؤل في “وول ستريت” بشأن استمرار صعود سوق الأسهم، فإن الأمر لا يخلو من بعض المخاطر التي تهدد المسار الصاعد.
– عادت مخاوف التقييمات المرتفعة إلى الظهور مجددًا، مع تداول سوق الأسهم بالقرب من مستويات ذروة الشراء.
– يدعو “مات مالي” المحلل في “ميلر تاباك+” المستثمرين إلى توخي الحذر، معتبرًا أن الصعود الحالي يأتي مدعومًا بفكرة “الخوف من فقدان فرصة تحقيق الربح” والتي أصبحت تسيطر على المستثمرين.
– يعتبر “مات” أن تجنب الركود الاقتصادي وحده لا يبرر دفع سوق الأسهم لمستويات أعلى من المسجل حالياً، مشيرًا إلى أن العديد من الأسهم الكبرى مقومة بسعر مبالغ فيه.
– على جانب آخر، تشكل تطورات التضخم وما قد تعنيه بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي أبرز العوامل التي قد تشكل أداء سوق الأسهم في الفترة المقبلة.
– يهدد أي تسارع مفاجئ للتضخم بعودة الفيدرالي لتشديد السياسة النقدية بوتيرة تتجاوز توقعات الأسواق، وهو ما قد يُنهي موجة الصعود في “وول ستريت”.
المصادر: أرقام – جولدمان ساكس – رويترز – سي إن بي سي – بلومبرج
