اقتصاد دولي

الاقتصاد المصري يتصدر قائمة الرابحين من تعويم الجنيه

على رغم امتداد التداعيات الإيجابية لتعويم الجنيه المصري مقابل الدولار إلى أكثر من قطاع، يظل الاقتصاد المصري هو أبرز المستفيدين من تحرير سوق الصرف، إضافة إلى قطاع التجزئة مع ظهور مؤشرات إلى بدء تراجع الأسعار، وأيضاً المصريين العاملين بالخارج الذين بدأوا الاستفادة من فروق أسعار الصرف.

وفي ما يتعلق بالاقتصاد المصري وفي مذكرة بحثية حديثة، أعلنت وكالة “ستاندرد أند بورز”، تعديل نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية، بفضل برنامج الدعم الخارجي القوي وتخفيض قيمة العملة، كما أكدت التصنيف الائتماني السيادي لمصر بالعملة الأجنبية والمحلية الطويل والقصير الأجل عند مستوى “B-/B”.

وقالت إن التوقعات الإيجابية لمصر تعكس احتمال زيادة التحسن في وضعها الخارجي وتراجع نقص العملة الصعبة، مشيرة إلى أن تعويم الجنيه سيساعد في دفع نمو الناتج المحلي الإجمالي وبمرور الوقت دعم خطة الحكومة لضبط أوضاع المالية العامة. وأشارت إلى أن التوقعات الإيجابية تعكس وجهة النظر بأن تحديد قوى السوق لسعر الصرف سيعمل على تعزيز الناتج المحلي الإجمالي لمصر. كما حذرت الوكالة من أن الارتفاع الشديد لخدمة ديون الحكومة المصرية عامل ضعف رئيس بالنسبة إلى تصنيفها.

وقبل أيام، أعلن البنك المركزي المصري تحرير صرف العملة ورفع أسعار الفائدة بأعلى وتيرة لمرة واحدة على الإطلاق حيث تمت زيادتها بنحو 600 نقطة أساس. كما أعلن عن التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي وهو ما جاء عقب الإعلان عن توقيع عقد صفقة مشروع رأس الحكمة الذي من المقرر أن تحصل مصر بموجبه على نحو 35 مليار دولار.

وكتب محللون من وكالة “ستاندرد أند بورز”: “نرى أن تحرير سعر الصرف، إلى جانب التزام مصر المعلن أهداف ضبط الموازنة الطموحة، يمثل خطوة رئيسة في تعزيز الثقة والنمو في الاقتصاد المصري والقدرة على تحمل الديون”. وتمنح وكالة “فيتش” تصنيف مصر عند “B-” مع نظرة مستقبلية مستقرة، في حين تمنح وكالة “موديز” الاقتصاد المصري تصنيف “Caa1” مع نظرة مستقبلية إيجابية.

تحسين التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري

في السياق ذاته، وقبل أيام، أعلنت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني، تعديل نظرتها المستقبلية لتصنيف مصر إلى “إيجابية”. وقالت الوكالة في بيان إنها أبقت على التصنيف الائتماني لمصر عند “Caa1”. وأرجعت هذا إلى “الدعم الرسمي والثنائي الكبير” والخطوات التي تم اتخاذها في شأن السياسة خلال الأيام الماضية.

في تعليقه، قال وزير المالية المصري محمد معيط إن إعلان مؤسسة “موديز” للتصنيف الائتماني تغيير نظرتها لمستقبل الاقتصاد المصري من سلبية إلى إيجابية، يمهد الطريق لتحسين تصنيف مصر الائتماني من جانب هذه المؤسسة. وأشار إلى أن تغيير النظرة المستقبلية لمستقبل الاقتصاد إلى إيجابية وأيضاً إشادة مؤسسة “موديز” بالإصلاحات التي تتم بمصر حالياً يعد شهادة ثقة في إدارة الاقتصاد الكلي في مصر خلال هذه المرحلة الصعبة والمليئة بالتحديات.

وفي مذكرة بحثية حديثة، قال رئيس الصناديق السيادية لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لدى وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، توبي إيلز، إن الضخ الدولاري الكبير لمصر وخفض قيمة العملة ورفع أسعار الفائدة ليست كافية بالنسبة إلى وكالة “فيتش” لتعديل التصنيف الائتماني، مضيفاً أن الوكالة تراقب في الوقت الحالي دوام الإصلاحات قبل اتخاذ قرار في شأن رفع التصنيف الائتماني.

جاء ذلك على خلفية عقد مصر صفقة لتطوير مدينة رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار، والسماح للجنيه بالانخفاض إلى نحو 50 جنيهاً مقابل الدولار ورفع أسعار الفائدة بمقدار ستة في المئة، مما ضمن صفقة بقيمة 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وأوضح إيلز وفق وكالة “رويترز”، أن التطورات لفتت نظر الوكالة، بعد خفض التصنيف إلى “B-” في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، مع نظرة مستقبلية مستقرة.

وأضاف “للتفكير في إجراء تصنيف إيجابي، فإن الحد من نقاط الضعف الخارجية أحد الأشياء التي نراعيها، وأعتقد أن الإصلاحات تفعل ذلك على المدى القريب، لكننا نراعي مسألة ما إذا كانت نقاط الضعف ستعود للظهور مرة أخرى”. وستقوم “فيتش” بمراجعة التصنيف الائتماني لمصر في مايو (أيار) المقبل، لافتاً إلى أنه من المرجح أن يكون من السابق لأوانه التعرف على مسار المالية العامة، خلال تلك الفترة.

وقال إن تخفيض قيمة الجنيه سيكون له تأثير قوي للغاية في التحويلات من الخارج، وهي المصدر الأكثر أهمية للنقد الأجنبي محلياً، والتي بلغ متوسطها 30 مليار دولار سنوياً بين عامي 2020 و2022. وقد يساعد ذلك في تعويض خسائر الدخل الناجمة عن صراع الشرق الأوسط.

وتابع إذا لم يتم السماح لسعر الصرف بالتقلب وفقاً لآليات السوق، وإذا ظل التضخم مرتفعاً، فإن المكاسب الأخيرة يمكن أن تتآكل بسرعة على غرار ما حدث بعد تخفيض قيمة العملة في عام 2016. ولفت إلى أن تهدئة التضخم، الذي تجاوز 35 في المئة خلال فبراير (شباط)، قد يتيح خفض أسعار الفائدة ما من شأنه خفض كلف الديون.

توقعات بقفزة كبيرة باحتياط النقد الأجنبي

وتوقع تقرير حديث، ارتفاع احتياط مصر من النقد الأجنبي ليصل إلى 50 مليار دولار تقريباً بنهاية العام الحالي، قبل أن يرتفع إلى 61 مليار دولار في عام 2027. وكان صافي الاحتياطات الأجنبية في مصر قد ارتفع إلى 35.311 مليار دولار في فبراير من 35.25 مليار دولار في يناير (كانون الثاني) الماضي، وفق ما أفاد البنك المركزي المصري.

كذلك توقع بنك “غولدمان ساكس” في مذكرة بحثية تحقيق فائض في التمويلات الخارجية لمصر بقيمة 26.5 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة، وذلك مقابل توقعات سابقة بعجز قدره 13 مليار دولار. وعزا البنك ذلك إلى التمويلات المرتقبة من صندوق النقد الدولي وشركاء آخرين بخلاف قيمة الاستثمار المحقق من صفقة رأس الحكمة.

يأتي ذلك في ظل ارتفاع الحصيلة الدولارية التي ملأت خزائن البنك المركزي المصري وتوفير الدولار للمستوردين في البنوك. وخلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة المصرية، قبل أيام، كشف رئيس الحكومة المصرية، مصطفى مدبولي، عن مؤشرات إيجابية في شأن حجم التدفقات الدولارية حالياً، سواء من تحويلات المصريين بالخارج، أو التنازل عن الدولار في فروع البنوك ومكاتب الصرافة. وأشار إلى أن الطلب على الدولار بدأ في الخفض في ظل الإتاحة الواسعة التي أتاحها البنك، والإسراع في الإفراج عن البضائع من الجمارك في الأيام الأخيرة.

وفي ما يتعلق بتحويلات المصريين في الخارج، تشير تقديرات بنك “غولدمان ساكس” إلى عودة تدرجية للتحويلات لتصل إلى ما نحو 30 مليار دولار بحلول نهاية 2027. ويشار إلى أن التحويلات الدولارية من جانب المصريين في الخارج كانت قد سجلت نحو 22.1 مليار دولار في عام 2022/2023.

وبحسب تقديرات البنك الأميركي، فمن المرجح أن تقفز قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر خلال العام الحالي إلى 33 مليار دولار من 9.3 مليار دولار في العام الماضي، كما توقع ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 12.9 مليار دولار العام المقبل، و15.7 مليار دولار في 2026، و23.6 مليار دولار عام 2027.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى