اقتصاد دولي

التضخم السنوي يقفز إلى مستويات قياسية جديدة في مصر

واصل معدل التضخم السنوي في المدن المصرية ارتفاعه في يوليو (تموز) الماضي، مسجلاً مستوى قياسياً جديداً تحت ضغط ارتفاع أسعار الغذاء والتبغ والدخان في ظل ضعف الجنيه ونقص العملة الصعبة.

وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية ارتفع في يوليو الماضي إلى مستوى 38.2 في المئة على أساس سنوي مقارنة بنحو 36.2 في المئة خلال يونيو (حزيران) الماضي. وعلى أساس شهري تباطأ معدل التضخم في يوليو الماضي إلى 1.9 في المئة مقابل 2.1 في المئة خلال يونيو2023.

وبحسب بيانات جهاز الإحصاء، فقد ارتفعت مجموعة الطعام والمشروبات بنسبة 68.4 في المئة على أساس سنوي في يوليو الماضي، واثنين في المئة على أساس شهري.

وارتفعت أسعار مجموعة المشروبات الكحولية والدخان بنسبة 52.3 في المئة على أساس سنوي، و7.5 في المئة على أساس شهري، إذ شهدت البلاد ارتفاعات كبيرة في أسعار السجائر.

البنك المركزي يواصل رفع أسعار الفائدة

وتشهد مصر تحديات اقتصادية كبيرة في ظل شح العملة الصعبة وضغوط ارتفاع أسعار الواردات. وتراجع الجنيه بنحو 50 في المئة منذ مارس (آذار) 2022 منذ تدخل البنك المركزي المصري في سوق الصرف بعد هرب أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة.

ولجأت الحكومة المصرية إلى العديد من الإجراءات لاحتواء الأزمة، كان أهمها اللجوء إلى صندوق النقد الدولي لطلب تمويل جديد وهو ما تم الإعلان عنه في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إذ وافق المجلس التنفيذي للصندوق على تمويل بقيمة 3 مليارات دولار وصرفت القاهرة الشريحة الأولى منه بالفعل.

وفي سعيه لاحتواء الضغوط التضخمية وتوقعات التضخم، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة الأساسية لليلة واحدة 100 نقطة أساس خلال اجتماعه الأخير قبل أيام.

إذ قررت لجنة السياسة النقدية، رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسة للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 19.25 في المئة، و20.25 في المئة و19.75 في المئة، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 19.75 في المئة.

وأوضحت، اللجنة أنه على الصعيد العالمي، استمرت توقعات الأسعار العالمية للسلع في التراجع مقارنة بالتوقعات التي تم عرضها على لجنة السياسة النقدية خلال اجتماعها في يونيو 2023.

وتابع أنه في المقابل ارتفعت الأسعار الفعلية للبترول خلال الشهر الماضي، كما تراجعت توقعات معدلات التضخم لدى بعض الاقتصادات الرئيسة على رغم استمرارها عند مستويات تفوق المعدلات المستهدفة.

وفي الوقت ذاته، ارتفعت التوقعات الخاصة بالنشاط الاقتصادي العالمي مقارنة بما تم عرضه على لجنة السياسة النقدية في اجتماعها السابق. ومن المتوقع أن تظل أسعار العائد الرئيسة عند مستوياتها المرتفعة نتيجة استمرار المعدلات العالمية للتضخم عند مستويات أعلى من تلك المستهدفة، وهو ما يتسق مع تقييد الأوضاع المالية العالمية بشكل عام.

التضخم يواصل الصعود

على الصعيد المحلي، ظل معدل نمو النشاط الاقتصادي الحقيقي من دون تغيير مسجلاً مستوى 3.9 في المئة خلال الربع الأول من عام 2023 مقارنة بالربع الرابع من عام 2022.

وأشارت اللجنة، إلى أن البيانات المبدئية للربع الأول من عام 2023 توضح أن النشاط الاقتصادي جاء مدفوعاً بالمساهمة الموجبة لقطاعات السياحة والزراعة والتشييد والبناء.

ومن المتوقع أن يتباطأ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2022/2023 مقارنة بالعام المالي السابق له، بما يتسق مع المؤشرات الأولية للربع الثاني من عام 2023، على أن يعاود الارتفاع تدريجاً بعد ذلك على المدى المتوسط. وأشارت، إلى أنه في ما يتعلق بسوق العمل، انخفض معدل البطالة إلى 7.1 في المئة خلال الربع الأول من عام 2023 مقارنة بمعدل بلغ نحو 7.2 في المئة خلال الربع السابق له، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى زيادة أعداد المشتغلين.

وارتفع المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر إلى مستوى 35.7 في المئة خلال يونيو 2023 من مستوى 32.7 في المئة خلال مايو (أيار) 2023، كما ارتفع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى مستوى 41.0 في المئة خلال يونيو 2023 من معدل بلغ 40.3 في المئة خلال مايو 2023. وقد جاء ذلك مدفوعاً بارتفاع واسع النطاق في أسعار معظم بنود الرقم القياسي لأسعار المستهلكين نتيجة لاستمرار صدمات العرض.

وقالت اللجنة، إنه في ضوء ما سبق، وأخذاً في الاعتبار توازنات الأخطار المحيطة بالتضخم، قررت لجنة السياسة النقدية رفع أسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزي بمقدار 100 نقطة أساس لتفادي الضغوط التضخمية والسيطرة على توقعات التضخم. وترى اللجنة أنه من المتوقع أن تصل معدلات التضخم إلى ذروتها في النصف الثاني من عام 2023 وذلك قبل أن تعاود الانخفاض نحو معدلات التضخم المستهدفة والمعلنة مسبقاً، مدعومة بالسياسات النقدية التقييدية حتى الآن.

وتؤكد اللجنة على أن مسار أسعار العائد الأساسية يعتمد على معدلات التضخم المتوقعة وليس معدلات التضخم السائدة. وأشارت إلى أنها ستستمر اللجنة في متابعة التطورات والتوقعات الاقتصادية خلال المرحلة المقبلة، ولن تتردد في استخدام جميع أدوات السياسة النقدية المتاحة، بهدف الحفاظ على الأوضاع النقدية التقييدية لتحقيق معدلات التضخم المستهدفة والبالغة 7 في المئة (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024 و5 في المئة (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.

كانت إدارة البحوث بشركة “أتش سي” للأوراق المالية والاستثمار قد رجحت أن يستمر التضخم في مصر في الارتفاع بنسبة 2.0 في المئة على أساس شهري ليسجل مستوى 36.6 في المئة على أساس سنوي لشهر يوليو 2023، تزامناً مع نقص بعض السلع والمدخلات نتيجة تشديد عمليات الاستيراد وضعف توافر العملة الصعبة.

وأشارت في مذكرة بحثية حديثة، إلى أن ضبط الاستيراد، تزامناً مع تحسن عائدات السياحة، دفع إلى تسجيل فائض في صافي ميزان المدفوعات في مصر خلال الربعين الأول والثاني من العام المالي 2022/2023 بقيمة 523 مليون دولار و75.6 مليون دولار على التوالي، إلا أنه تحول ليسجل عجزاً بمقدار 317 مليون دولار في الربع الثالث من العام نفسه بسبب تراجع الصادرات بنسبة 17 في المئة تقريباً على أساس ربع سنوي متأثراً بانخفاض أسعار الغاز الطبيعي والمنتجات البترولية، وكذلك انخفاض فائض صافي ميزان الخدمات بنسبة 46 في المئة مقارنة بالربع السابق له”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى