اقتصاد كويتي

الشال: العالم في حالة صدام اقتصادي بين جبهتين وفي ظرف اقتصادي غاية في الصعوبة

قال الشال انه وفيما أطلق عليه بالتوافق الطوعي – أي من دون اجتماع رسمي – خفضت معظم الدول المنتجة للنفط ضمن منظومة أوبك+ إنتاجها بنحو 1.7 مليون برميل يومياً، تخفيضاً يسري حتى نهاية العام الجاري، وقد سبقه تخفيض رسمي بـ 2 مليون برميل يومياً في شهر نوفمبر 2022.

الغرض من خفض الإنتاج هو دعم سعر برميل النفط – خام برنت – الذي فقد نحو 20.6% ما بين 5 أبريل 2022 ويوم الأربعاء الفائت 5 أبريل 2023، رغم ارتفاعه بنحو 5.4 دولار أمريكي بعد الخفض الثاني،والخفض المفاجئ كان فيما يبدو دفاع مشروع عن المصدر الرئيسي للعملة الصعبة لتلك الدول.

على الجبهة الأخرى، رفع بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة على الدولار الأمريكي 9 مرات في سنة واحدة، وبحدود 4.75%-5.00% من أجل تحقيق هدف وحيد، وهو كبح التضخم حتى لو تسبب الرفع في كبح النمو الاقتصادي، وأكبر مساهم سلعي في التجارة الدولية ومصدر رئيسي للتضخم هو النفط، وانخفاض سعره مستهدف رئيسي لسياسات كبح التضخم الأمريكية.

ذلك يضع العالم في حالة صدام اقتصادي بين جبهتين، وفي ظرف اقتصادي عالمي غاية في الصعوبة، حيث يحاول كلاً منهما تحقيق هدف مناقض للآخر، وتلك حالة غير مريحة تنذر بتداعيات كبيرة على بيئة الاقتصاد العالمي، وتداعياتها قد تصيب الطرفين، خصوصاً وهو عالم يعيش حرباً على الأرض الأوروبية، أحد طرفيها عضو رئيسي ضمن مجموعة أوبك+، ويعيش حالة استنساخ للحرب الباردة القديمة، هذه المرة، طرفها الأول الولايات المتحدة الأمريكية، والطرف الخصم هو الصين التي دخلت مؤخراً إلى ساحة التنافس على النفوذ السياسي.

تلك الحالة من الانقسام أقرب إلى وضع ما بعد أزمة عام 1929، عندما كان البلاشفة يحكمون روسيا، وألمانيا المدمرة بعد الحرب العظمى الأولى تعيش بداية نشوء الرايخ الثالث – جمهورية هتلر –، وموسيليني في إيطاليا، واليابان تحت حكم العسكر، لذلك لم يكن هناك تعاون جماعي لمعالجة تلك الأزمة التي استمرت تداعياتها نحو 17 عاماً، وختامها كان حرب عظمى.

العكس تماماً حدث بعد أزمة عام 2008، الصين كانت أكبر داعمي الولايات المتحدة الأمريكية، ومجموعة العشرين كانت على تواصل منتظم لتنسيق السياسات من أجل خفض تكاليفها إلى أدنى حدودها، لذلك خرج العالم منها بأقل التكاليف وبحدود عام واحد.

ما يعنينا من كل ما تقدم هو وضعنا في الكويت الأكثر انكشافاً على العالم، والأكثر اعتماداً على النفط، والنفط هبطت أسعاره ما بين بداية السنة المالية الفائتة والحالية بنحو 20.9%، وهبط إنتاجه خلال نفس الفترة بنحو 9.4%، بينما ارتفعت النفقات العامة للسنة المالية الحالية بنسبة 11.7%، و90% منها ممول من إيرادات النفط الذي يتآكل سعره وانتاجه، وزاد الشق الجاري ضمن النفقات إلى نحو 90.5%.

والكويت تدار حالياً بحكومة مؤقتة مستقيلة منذ 26 يناير 2023، وقبلها كانت مشلولة، وستكون مؤقتة حتى بعد تشكيلها، إضافة إلى مجلس أمة مبطل، والبديل مؤقت، ذلك ينسحب على هيئات حساسة بمجالس إدارات منتهية مدتها أي مؤقتة، ومعظم المناصب القيادية في القطاع العام المهيمن بشكل مباشر على 70% من الاقتصاد بالتكليف، أي مؤقتة.

العالم حولنا يمر بحالة من المخاض العسير مما سوف يغير جوهرياً من أوضاعه الذي نعرف، والكويت، خيمة العمود الواحد، أو النفط ومدخراته، والاثنان هبطا سعراً وقيمة، ومهددان بالمزيد من الهبوط في المستقبل، إدارتها العامة كلها مؤقتة وعاجزة عن التفكير بالتحوط، أي عاجزة عن التفكير والعمل على زيادة عدد أعمدة خيمتها لحمايتها من تداعيات عواصف الخارج عليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى