اقتصاد كويتي

الشال: ما يحدث في الكويت هو الغياب التام للعمل المؤسسي

ذكر التقرير الاسبوعي لمركز الشال انه وفي لقاء صحفي مع جريدة الرأي، ذكر نائب رئيس الوزراء وزير الاقتصاد ووزير المالية بالوكالة بأن رؤية كويت 2035 لم تحقق شيء ملموس من أهدافها، ذلك نقد صحيح ومستحق، ولكنه دون الواقع، فالمستهدفات الخمسة للرؤية هبطت اليوم إلى ما دون مستواها في بداية عام 2017.

المستهدفات التي تم استعراضها في مركز جابر الثقافي في يناير عام 2017، لم تأتي عن قناعة، وإنما جاءت نتيجة خوف من تداعيات هبوط متصل في أسعار النفط منذ خريف عام 2014، اضطرت معه الكويت إلى الذهاب إلى أسواق المال العالمية من أجل الاقتراض مقابل تقديمها خطة إصلاح مالي واقتصادي، بعدها لم يتم الالتزام بأي من تلك المستهدفات على الإطلاق.

أولى المستهدفات هي ” إدارة حكومية فاعلة”، ومنذ ذلك التاريخ تشكلت في الكويت 10 حكومات، والوزراء التسعة زائداً رئيس الوزراء ونوابه الذين استعرضوا تلك المستهدفات في يناير 2017، لم يعودوا ضمن الحكومات الأخيرة، أي أنه حتى استقرار الحكومات وليس فعاليتها، لم يتحقق.

ثاني المستهدفات “اقتصاد متنوع مستدام وبيئة معيشية مستدامة”، والاقتصاد لازال يولد بنسبة 70% من قطاع عام ضعيف الإنتاجية عالي التكلفة، وزادت نسبة العمالة المواطنة فيه لتبلغ 84% من إجماليها، وهبطت لدى القطاع الخاص، ولا زال النفط يمول 90% من النفقات العامة، وارتفع الإنفاق العام من مستوى 20 مليار دينار كويتي إلى 26.3 مليار دينار كويتي ما بين موازنة ذلك العام والموازنة الحالية، وارتفعت النفقات الجارية ضمنه إلى نحو 90%، وزادت طوابير الباحثين عن عمل، وأصبحت بيئة الأعمال طاردة للاستثمار المباشر المحلي والأجنبي، وكلها مضادات للاستدامة.

المستهدف الثالث هو “تحقيق رعاية صحية عالية الجودة”، والإنفاق على الخدمات الصحية من أعلى مستويات الإنفاق في العالم، ولا زال الهروب من تلك الخدمات إلى العلاج في الخارج الفاسد في معظمه، قائم، ولا زال الهروب من الخدمات المجانية لمثل مشروع عافية وإضافاته قائم، ولا زال الاختلال كبير بين نسبة المحسوبين من التقنيين على تلك الخدمات إلى غيرهم من الإداريين لصالح الفئة الأخيرة.

والمستهدف الرابع “تأسيس بنية تحتية متطورة”، ومجرد عقد مقارنة بين المستوى والكلفة والمدى الزمني لإنجاز تلك البنى مقارنة بدول الجوار كاف للحكم على مدى تخلفها ومدى فسادها، حتى أننا استدعينا سفراء دول لإعانتنا على إصلاح طرقنا، ولا زلنا عاجزين عن ردم حفرها.

وخامسها “تعزيز رأس المال البشري الإبداعي”، وفي برامج الحكومات منذ ذلك الحين بند يقر بأن التعليم العام متخلف 4.8 سنة، والجامعة العامة الوحيدة خرجت من التصنيف، وهناك تهم غش طالت نحو 40 ألف متورط، والمخفي أعظم، ومعظم فرص العمل لمخرجات ذلك النظام اصطناعية وليست سوى بطالة مقنعة غير مستدامة.

وما حدث قد حدث، والإقرار به أمر طيب، ولكن، الإقرار بالفشل حدث سابقاً مع كل خطط التنمية التي سبقت تلك الرؤية، وقد يكون مصير رؤية 2024 – 2040 هو نفس المصير.

فما يحدث في الكويت هو الغياب التام للعمل المؤسسي، أي العمل المرتبط بمشروع الدولة المستدامة، صحيح أن استقرار الإدارة العامة أو الحكومات أمر مهم، ولكنها رؤى لا تزول بزوال الأشخاص الذين قدموها، وإنما بتسليمها لمن هم أكثر كفاءة وحرص من أجل استكمالها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى