مقالات اقتصادية

بئر نفط المستقبل”.. ما أسباب نجاح صندوق قطر في الاستثمار

كتب أسامة صالح

الثقة العالية التي تحدث بها رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، عن الصندوق الاستثماري لبلاده، تؤكد اعتماد الدوحة خططاً مدروسة وقراءة واعية تمكن الصندوق من أن يكون بئر النفط للمستقبل.
الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قال في حوار مع تلفزيون قطر، يوم (13 أبريل 2023)، إن الصندوق الاستثماري لبلاده سيكون “بئر النفط” في حال انتهى عصر النفط والغاز، مبيناً أنه لا تسحَب أي مبالغ مالية من جهاز قطر للاستثمار إلا بقرارات عليا، لأنه للأجيال القادمة.
وأشار إلى أن الصندوق السيادي لبلاده هو أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، وأن قراراته تُتخذ بشكل مدروس، موضحاً أن الدوحة تخطط لأن يكون صندوقها السيادي من بين أكبر 5 صناديق في العالم.
ووصف المسؤول القطري الصناديق السيادية بأنها “بوليصة تأمين الأجيال القادمة”، وقال إن الدوحة ستطلق خلال شهرين “خطة التنمية الثالثة” ضمن رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد.

استثمارات متواصلة
الصندوق السيادي لقطر، الذي أُسس عام 2005، ويختص بالاستثمار المحلي والخارجي، وإدارة فوائض النفط والغاز الطبيعي، حقق قفزات كبيرة في الاستثمارات الخارجية وبأحجام كبيرة شملت عشرات الدول.
ويمتلك الصندوق السيادي القطري استثمارات في أكثر من 60 دولة حول العالم، أبرزها شركة “فولكس فاغن” الألمانية للسيارات، وشركة النفط الروسية “روسنفت” للاستثمار،  ومتاجر “هارودز” الشهيرة في بريطانيا، والبنك الزراعي الصيني، ونادي باريس سان جيرمان الفرنسي.
وواصل الصندوق القطري نشاطه في الاستحواذات العام الماضي، حتى مع انخفاض أحجام الصفقات العالمية وخفض البنوك إقراض عمليات الاستحواذ.
وشارك الصندوق في قيادة جولة استثمار تُقدر بـ260 مليون دولار في شركة الأدوية البيولوجية “BioXcel Therapeutic”، واستثمر أيضاً في “Rebel Foods” الهندية الناشئة المتخصصة في المطابخ السحابية

وأنجز صفقة استحواذ من مجموعة سوفت بنك اليابانية القابضة متعددة الجنسيات، عبر شراء حصة تبلغ 84%، واستثمر بقيمة 2.38 مليار دولار في شركة المرافق الألمانية “RWE”.
واشترى الصندوق 4.99% من الطرح العام لعملاق السيارات الرياضية العالمية “بورشه”، وحصة في شركة نفق أوراسيا بإسطنبول، لم يُكشف عن قيمتها حتى الآن.
واستثمر 250 مليون يورو في شركة “إينوفا فيد” الفرنسية، الناشطة بقطاع التكنولوجيا الحيوية، وأعلن الصندوق عن تطلعه إلى الاستثمار بمبلغ ثلاثة مليارات دولار في القطاعات التجارية والاستثمارية المختلفة في باكستان.
واستحوذ الصندوق على فندق”كراون بلازا” في العاصمة الكينية نيروبي، ونفذ مع مجموعة “بروكفيلد” الأمريكية للاستثمار المالي صفقة بقيمة 2.85 مليار دولار، عبر بيع 49% من مبنى “ون مانهاتن” بنيويورك.
ومنذ 2022 يجري الصندوق مباحثات لشراء حصة تبلغ 20% من شركة “فودافون مصر”، في صفقة تقدر قيمتها بنحو 2.5 مليار دولار.

الاستثمار في الرياضة
وفقاً لتصريحات الرئيس التنفيذي لصندوق قطر للاستثمار، منصور بن إبراهيم آل محمود، في مقابلة مع تلفزيون “بلومبيرغ” مطلع 2023، يتطلع الصندوق إلى الاستفادة من الاضطرابات الاقتصادية الحالية كفرصة لإعادة التوازن إلى محفظته البالغة قيمتها 450 مليار دولار.
وقال “آل محمود” إن الصندوق يبحث عن فرص في أوروبا وآسيا والولايات المتحدة بقطاعات مثل رأس المال الاستثماري والتكنولوجيا المالية والرياضة.
وأضاف: “تظل المؤسسات المالية ركيزة مهمة للغاية في محفظتها الاستثمارية، وسيكون الاستثمار فيها دائماً محوراً لنا. كما أننا ننتقل إلى التكنولوجيا المالية”.
وأوضح أن “الرياضة موضوع مهم للغاية أيضاً؛ ينخرط الأشخاص بشكل أكبر في الرياضة، كما أن الرقمنة تجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين”.

نظرة رشيدة
يقول المحلل الاقتصادي أحمد عقل، في حديث لـ”الخليج أونلاين”، إن أهم أسباب النجاحات التي حققها الصندوق القطري هي “النظرة الرشيدة للمسؤولين”.
وأضاف: “إن أردنا أن نلخص الموضوع بشكل سريع، نقول إن أهم أسباب نجاح الصندوق القطري في الاستثمار هو اختيار الوقت المناسب، وتنويع الاستثمارات من الناحية الجغرافية، ومن حيث قطاع الأعمال، وأيضاً الدخول بقطاعات واعدة متوقع لها نمو جيد”.
وأوضح: “رأينا الصندوق القطري يستثمر مع وجود أزمة كورونا، واستثمر في الأزمة المالية عام 2008 و2009″، مبيناً أن الصندوق القطري اختار توقيتات ناجحة للاستثمار، وذلك “عندما تكون الأصول أو بعض الشركات متدنية بالسعر”.
وأشار، حول حسن اختيار الأماكن، إلى أن لدى قطر استثمارات مختلفة في أوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
وحول حسن اختيار القطاعات، يقول عقل: “رأينا استثمارات في بنوك وشركة سيارات وشركات علامات فاخرة وملابس وغيرها”

وتبقى دائماً هناك تحديات وتهديدات، يقول عقل إنها تواجه جميع المستثمرين وصناديق الاستثمار، تتمثل بانخفاض أصول المُستثمر والركود، أو انخفاض الإيرادات المتوقعة.
ويرى أن هذه المخاطر لها علاقة بالتشكيل والاستثمار عموماً وليست خاصة بصندوق سيادي دون غيره، مبيناً: “رأينا هذا بعد أزمة كورونا، حيث انخفضت أسهم شركات كبرى”.
لكن عقل يرى أنه لتفادي هذه المخاطر أو لتقليلها يجب على أي صندوقٍ إعادة تقييم كل أصل من الأصول والشركات التي يمتلكها، موضحاً أن بعض هذه الأصول أو الشركات حققت أرباحاً في أوقات سابقة ولن تحقق المزيد، لذلك يكون من الأفضل بيعها، وأخرى أمامها طريق طويل من النمو فيكون الاحتفاظ بها هو الأفضل.
ويضيف موضحاً: “رأينا ذلك في شركات التكنولوجيا التي كانت في سنوات سابقة في عز نموها، وكانت أكثر إغراء، وكان الاحتفاظ بها هو القرار السليم، وحالياً نرى أن الشركات الخاصة بالسيارات الكهربائية وغيرها هي التي تكون أكثر نمواً”.
وبناءً عليه يرى أن “التحصين يكون بإعادة دراسة وتقييم كل الأصول والقرارات الاستثمارية الموجودة، والبحث عن فرص جديدة”.
وعن صندوق قطر يقول عقل: “هناك ميزة مهمة للغاية تحدث عنها رئيس الوزراء مؤخراً، حيث أكد أن الأموال الموجودة في الصندوق لا تمس، وهذا يجعل الصندوق قادراً على إعادة استثمار هذه الأرباح، ومن ثم البحث عن استثمارات جديدة؛ ما يزيد من قيمة الصندوق وربحيته وقدرته على التأقلم والتكيف مع المتغيرات التي نراها حالياً”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى