مختارات اقتصادية

بحث جديد يؤكد: الخصوصية في الميتافيرس أمر مستحيل

– كشفت ورقة بحثية جديدة من جامعة بيركلي في كاليفورنيا أن الخصوصية قد تكون مستحيلة في الميتافيرس من دون ضمانات وقائية جديدة مبتكرة لحماية المستخدمين.

– وقد أجرى الدراسة الباحث فيفيك ناير، وتم إصدارها مؤخرا من مركز الذكاء اللامركزي المسؤول (RDI)، حيث تضمنت أكبر مجموعة بيانات لتفاعلات المستخدم في الواقع الافتراضي (VR) تم تحليلها على الإطلاق لمخاطر الخصوصية.

– ما يجعل النتائج مفاجئة هو قلة البيانات لتحديد هوية المستخدم بشكل فريد في الميتافيرس، مما قد يؤدي إلى القضاء على أي فرصة لإخفاء الهوية الحقيقية في العوالم الافتراضية.

بيانات الحركة البسيطة ليست “مبسطة للغاية”

– يُركز معظم الباحثين وصانعي السياسات الذين يدرسون الخصوصية على العديد من الكاميرات والميكروفونات في سماعات رأس الواقع الافتراضي الحديثة التي تلتقط معلومات مفصلة حول ملامح وجه المستخدم والصفات الصوتية وحركات العين، إلى جانب المعلومات المحيطة حول منزل المستخدم أو مكتبه.

– إلى حد أن بعض الباحثين يساورهم القلق بشأن التقنيات الناشئة مثل مستشعرات EEG التي يمكنها اكتشاف نشاط فريد للدماغ من خلال فروة الرأس.

– وفي حين أن تدفقات البيانات الثرية هذه تشكل مخاطر خصوصية جدية في الميتافيرس، فإن إيقاف تشغيلها قد لا يوفر خاصية إخفاء الهوية.

– ويعزى السبب في ذلك إلى أن تدفق البيانات الأساسي اللازم للتفاعل مع عالم افتراضي، أي بيانات الحركة البسيطة، هو المطلوب لتحديد هوية مستخدم بشكل فريد ضمن مجموعة كبيرة من السكان.

– أما عبارة “بيانات الحركة البسيطة” فيُقصد بها نقاط البيانات الأساسية الثلاث التي يتم تتبعها بواسطة أنظمة الواقع الافتراضي، وهي نقطة واحدة على رأس المستخدم وواحدة في كل جهة.

– وغالبا ما يشير الباحثون إلى هذه البيانات باسم “بيانات القياس عن بُعد” وهي تمثل الحد الأدنى من مجموعة البيانات المطلوبة للسماح للمستخدم بالتفاعل بشكل طبيعي في بيئة افتراضية.

تحديد الهوية بشكل فريد في ثوانٍ

– وهنا سنعود إلى دراسة بيركلي الجديدة، التعريف الفريد لمستخدمي الواقع الافتراضي الذين يزيد عددهم على 50 ألفا من بيانات حركة الرأس واليد.

– حيث حلل البحث أكثر من 2.5 مليون تسجيل لبيانات الواقع الافتراضي (مجهول الهوية بالكامل) من أكثر من 50 ألف لاعب في تطبيق بيت سابر (Beat Saber) الشهير.

– وهو تطبيق لعبة الفيديو الإيقاعية، وتبين أنه يمكن التعرف على المستخدمين الفرديين بدقة تفوق 94″ باستخدام 100 ثانية فقط من بيانات الحركة.

– والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أنه يمكن التعرف على نصف المستخدمين بشكل فريد من خلال ثانيتين فقط من بيانات الحركة.

– ويتطلب تحقيق هذا المستوى من الدقة تقنيات ذكاء اصطناعي مبتكرة، ولكن مرة أخرى، كانت البيانات المستخدمة متناثرة للغاية، فقط ثلاث نقاط مكانية لكل مستخدم يتم تتبعها بمرور الوقت.

– وبعبارة أخرى، في أي وقت يضع فيه المستخدم سماعة رأس للواقع المختلط، ويمسك بجهازيّ التحكم القياسيين ويبدأ في التفاعل في عالم افتراضي أو معزز، فإنه يترك وراءه مجموعة من البصمات الرقمية التي يمكنها التعرف عليه بشكل فريد.

عدم القدرة على إخفاء الهوية

– من ناحية أخرى، تؤكد دراسة بيركلي أنه عندما يحرك مستخدم الواقع الافتراضي سلاحه الافتراضي في مواجهة جسم يطير باتجاهه، فإن بيانات الحركة التي يتركها وراءه قد تكون أكثر تحديدا بشكل فريد من بصماته الحقيقية في العالم الحقيقي.

– وهذا يشكل خطرا شديدا على الخصوصية، لأنه يعيق خاصية إخفاء الهوية في الميتافيرس. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام نفس بيانات الحركة هذه لاستنتاج عدد من الخصائص الشخصية المحددة حول المستخدمين بدقة، بما في ذلك الطول واليدان والجنس.

– وعند دمجها مع البيانات الأخرى التي يتم تتبعها بشكل شائع في البيئات الافتراضية والمعززة، فمن المرجح أن تسفر طريقة البصمة القائمة على الحركة عن تحديدات أكثر دقة.

بيانات الحركة الأساسية للميتافيرس

– وحول المقارنة بين دقة بصمات الأصابع التقليدية واستخدام بيانات الحركة كبصمات رقمية في البيئات الافتراضية والمعززة.

– يوضح ناير خطورة الأمر بأن التنقل في عالم افتراضي أثناء تدفق بيانات الحركة الأساسية سيكون مثل تصفح الإنترنت أثناء مشاركة بصمات أصابعك مع كل موقع ويب تزوره.

– ومع ذلك، على عكس تصفح الويب، الذي لا يتطلب من أي شخص مشاركة بصمات أصابعه، فإن تدفق بيانات الحركة يُعد جزءا أساسيا من كيفية عمل بيئة الميتافيرس حاليا.

– ولتوضيح مدى دهاء البصمات المستندة إلى الحركة، فلنفكر في الميتافيرس خلال المستقبل القريب، حيث الوقت الذي يذهب فيه المستخدمون بشكل روتيني للتسوق في العوالم الافتراضية والمعززة.

– فسواء كنت تتصفح المنتجات في متجر افتراضي أو تتخيل كيف يمكن أن يبدو الأثاث الجديد في شقتهم الحقيقية باستخدام نظارات الواقع المختلط.

– فمن المرجح أن يقوم المستخدمون بحركات مادية شائعة مثل انتزاع الأشياء الافتراضية من الرفوف الافتراضية أو الرجوع بضع خطوات للخلف للحصول على مظهر جيد في قطعة أثاث افتراضية.

– تقترح دراسة بيركلي أن هذه الحركات الشائعة يمكن أن تكون فريدة لكل منا مثل بصمات الأصابع.

– وإذا كان الأمر كذلك، فإن “مطبوعات الحركة” هذه كما قد نسميها، ستعني أن المتسوقين لن يتمكنوا من زيارة متجر افتراضي دون أن يتم التعرف عليهم بشكل فريد.

كيف يمكن حل مشكلة الخصوصية المتأصلة؟

– تتمثل إحدى الطرق في حجب بيانات الحركة قبل أن يتم تدفقها من أجهزة المستخدم إلى أي خوادم خارجية.

– إلا أن ذلك قد يعني الدخول في الضوضاء. حيث يمكن أن يحمي هذا خصوصية المستخدمين ولكنه سيقلل أيضا من دقة الحركات الجسدية الدقيقة.

– الحل البديل الآخر هو سن تشريع من شأنه أن يمنع منصات الميتافيرس من تخزين وتحليل بيانات الحركة البشرية بمرور الوقت.

– وهو ما من شأنه أن يساعد في حماية الجمهور، ولكن سيكون من الصعب تطبيقه وقد يواجه معارضة من الصناعة.

– لهذه الأسباب، يستكشف الباحثون في بيركلي تقنيات دفاعية متطورة في محاولة لحجب الخصائص الفريدة للحركات الجسدية دون إضعاف الدقة في العوالم الافتراضية والمعززة.

– إن حماية الخصوصية الشخصية ليست مهمة فقط للمستخدمين، بل هي مهمة للصناعة ككل.

– ففي النهاية، ما لم يشعر المستخدمون بالأمان في الميتافيرس، فقد يحجمون عن جعل البيئات الافتراضية والمعززة جزءا مهما من حياتهم الرقمية.

المصدر: موقع فنشر بيت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى