اقتصاد دولي

ركود عنيف يدفع أشهر متاجر سان فرانسيسكو نحو الإفلاس

في رسالة مفتوحة حذر “جامبز”، بائع التجزئة الفاخر الذي يحتفل حالياً بعامه الـ 166 في سان فرانسيسكو، من أن العام المقبل ربما يكون العام الأخير لنشاط سلسلة المتاجر الفاخرة، إذ كتب مالك المتجر جون تشاتاس إلى مسؤولي المدينة والمشرفين عليها يطلب منهم التصرف، وفقاً لما وصفه بظروف وسط المدينة المتدهورة.

وفي رسالته التي نشرت كإعلان مدفوع في طبعة الأحد الماضي من “سان فرانسيسكو كرونيكل” قال مالك المتجر “اليوم بينما نستعد لموسم العطلات رقم 166 في تاريخ المتجر، ونخشى أن يكون هذا هو الأخير”.

وتم شراء “جامبز” الذي يبيع المفروشات والمجوهرات الفاخرة من قبل “تشاتاس” بعد أن أعلن بائع التجزئة إفلاس الفصل 11 في عام 2018.

ومتجر التجزئة الراقي الذي تأسس في سان فرانسيسكو عام 1861 واستفاد من قفزات الذهب الشهيرة في كاليفورنيا لديه موقع مادي واحد فقط، وهو على بعد مبنى واحد من “يونيون سكوير” أشهر الميادين العامة في سان فرانسيسكو.

وأوضح تشاتاس في رسالته أننا “بدأنا نفهم في الوقت الحالي فقط تداعيات سياسات ’كوفيد‘ التي تنصح الناس بالتخلي عن مكاتبهم، ولقد كان من المدمر بالمثل سلسلة من الاستراتيجيات التي انتهجتها السلطات في سان فرانسيسكو، بما في ذلك السماح للمشردين باحتلال الأرصفة وتوزيع المخدرات غير المشروعة واستخدامها علانية، ومضايقة الجمهور وتشويه شوارع المدينة”.

وجادل تشاتاس الذي ترشح لمقعد مجلس الشيوخ الأميركي في نيفادا بصفته جمهورياً عام 2010، بأن الظروف الحالية تجعل سان فرانسيسكو “غير صالحة للعيش لسكانها وغير آمنة لموظفينا، وغير مرحب بها للزوار من جميع أنحاء العالم”، فيما لم يستجب رئيس بلدية سان فرانسيسكو لندن برييد وحاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم ومجلس إدارة مكاتب المشرفين في سان فرانسيسكو لطلبات للتعليق.

إغلاق متاجر وسط المدينة

وفي الوقت نفسه سيكون “جامبز” واحداً من بائعي التجزئة في حي “يونيون سكوير” وسط مدينة سان فرانسيسكو الذين سيغلقون أبوابهم خلال الأعوام الأخيرة، إذ أوقفت سلسلة متاجر معروفة مثل “وول فودز” و”أنثر بولوغي” و”أوفيس ديبت” و”سي بي تو” عملياتها وأنشطتها وسط المدينة منذ بداية الوباء.

وإجمالاً تم إغلاق أكثر من 39 متجراً للبيع بالتجزئة في منطقة ميدان “يونيون سكوير” في سان فرانسيسكو منذ عام 2020، وذلك وفقاً لإحصاء من “كور سايت” وهي شركة أبحاث سوق.

وتعكس الشكاوى التي أثيرت في مذكرة تشاتاس أيضاً تلك التي قدمها كثير من تجار التجزئة الذين أشاروا أخيراً إلى خطط للخروج من المدينة.

وفي يونيو (حزيران) الماضي أعلنت شركة “ويستفيلد” المشغلة لمراكز التسوق أنها ستتخلى عن السيطرة على مركزها التجاري في سان فرانسيسكو، مشيرة إلى ظروف التشغيل الصعبة في وسط المدينة والتي أدت إلى انخفاض المبيعات والإشغال وحركة السير على الأقدام.

وقبل شهر واحد من الآن قال “نوردستروم”، أحد أكبر بائعي التجزئة في ذلك المركز، إنه سيغلق كل متاجره في سان فرانسيسكو، وعزا قراره إلى التغيرات الدراماتيكية في ديناميكيات وسط المدينة.

وفي الوقت نفسه كشفت فنادق ومنتجعات “بارك”، الشركة الاستثمارية التي تمتلك “هيلتون سان فرانسيسكو يونيون سكوير” وفندق “بارك 55″، أنها ستغادر المدينة، ووفق بيان قال الرئيس التنفيذي للشركة توماس بالتيمور جونيور إن “طريق سان فرانسيسكو إلى الانتعاش لا يزال غائماً وممتداً بسبب التحديات الرئيسة”.

ماذا وراء ركود المدينة؟

قد تكون عوامل عدة أسهمت في الصراعات الاقتصادية التي تسببت في خسائر عنيفة لتجارة التجزئة في سان فرانسيسكو، فقد تبنت القوة العاملة المليئة بالتكنولوجيا في المدينة سياسة العمل من بعد عام 2020 ولم تعد بعد للمكتب على المستويات نفسها مثل المدن الأميركية الكبرى الأخرى.

وبلغ عدد الوظائف الشاغرة في المدينة أعلى مستوى له منذ 30 عاماً وغادر كثير من الأشخاص بصورة دائمة، كما انخفض عدد سكان مقاطعة سان فرانسيسكو لأكثر من 60 ألف شخص من عام 2020 إلى عام 2022، وفقاً لتقديرات تعداد الولايات المتحدة.

وأدى تراجع العمل الشخصي إلى جانب تراجع السياحة إلى سان فرانسيسكو أثناء فترة الوباء إلى تقلص حركة السير على الأقدام في مركز البيع بالتجزئة في وسط المدينة الذي كان يعج بالنشاط في السابق.

وإضافة إلى ذلك حظيت كثير من مقاطع الفيديو التي تلفت الانتباه عن عمليات السطو على المتاجر في سان فرانسيسكو باهتمام وطني ودعوات إلى تشديد إجراءات الشرطة في المدينة، في حين أن إحصاءات الجرائم العنيفة في سان فرانسيسكو ظلت منخفضة نسبياً خلال الأعوام الأخيرة مقارنة بالمدن الكبرى الأخرى، فقد ارتفعت جرائم الممتلكات منذ عام 2020 وفقاً لبيانات إدارة شرطة سان فرانسيسكو.

وفي غضون ذلك تصارع سان فرانسيسكو أزمة القدرة على تحمل كلفة الإسكان منذ ما قبل الوباء، مما أسهم في زيادة عدد السكان غير المسكنين في وسط المدينة، ووفقاً لنتائج استطلاع أجرته جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو خلال يونيو الماضي، أرجع معظم المشاركين مواقفهم إلى الكلفة غير المستدامة للإسكان في المدينة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى